اللهم استجب

سبحان الله وبحمده لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ولا حول ولا قوة الا بالله وأنت ربي لا إله الا انت خلقتني وأنا عبدك وأنا علي عهدك ووعدك ما إستطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي فا غفرلي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفره اللهم اعفوَ عني وعافني وارحمني اللهم واكفني كل همي وفرج كل كربي واكشف البأساء والضراء عني وأعتقني من كل سوء أو شرٍ في الدارين واغفرلي ذنبي وتولني وتول أمري واغفر لوالدي ولأهلي جميعا أبدا ما دامت السماوات والأرضين يا ربي اللهم آمين. 

رابط تحميل المصحف

 تحميل المصحف الشريف

وعن أَبي هريرة ، عن النبيِّ قَالَ: 1.مَنْ نَفَّس عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبةً منْ كُرب الدُّنْيا نفَّس اللَّه عنْه كُرْبةً منْ كُرَب يومِ الْقِيامَةِ، 2.ومَنْ يسَّرَ عَلَى مُعْسرٍ يسَّرَ اللَّه عليْهِ في الدُّنْيَا والآخِرةِ، 3.ومَنْ سَتَر مُسْلِمًا سَترهُ اللَّه فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، 4.واللَّه فِي عَوْنِ العبْدِ مَا كانَ العبْدُ في عَوْن أَخيهِ، 5.ومَنْ سَلَكَ طَريقًا يلْتَمسُ فيهِ عِلْمًا سهَّل اللَّه لهُ به طَريقًا إِلَى الجنَّة. 6.وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بيْتٍ منْ بُيُوتِ اللَّه تعالَى، يتْلُون كِتَابَ اللَّه، ويَتَدارسُونهُ بيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمةُ، وحفَّتْهُمُ الملائكَةُ، وذكَرهُمُ اللَّه فيمَنْ عِندَهُ. 7.ومَنْ بَطَّأَ بِهِ عَملُهُ لَمْ يُسرعْ به نَسَبُهُ رواه مسلم.

Translate

الأحد، 1 سبتمبر 2024

1.​الكامل في اللغة والأدب​ المؤلف المبرد .{الجزء الاول والثاني والثالث}

ج1.
الكامل في اللغة/الجزء الأول 
الكامل في اللغة والأدب المبرد كتاب يظهر موضوعه من عنوانه، فهو يبحث في علوم اللغة وآدابها. وهذا الكتاب هو أحد أصول علم الأدب واركانه، وهو بمثابة ديوان تخير فيه مصنفه نصوصا من أقوال العرب القدامى شعرا ونثرا، وشرح هذه النصوص واستخرج ما فيها من فوائد ونكت تخص اللغة والأدب العربي الجزء الأول باب وصف رسول الله للأنصار قال رسول الله ﷺ للأنصار في كلام جرى: " إنكم لتكثرون عند الفزع، وتقلون عند الطمع ". الفزع في كلام العرب على وجهين: أحدهما ما تستعمله العامة تريد به الذعر، و الآخر الاستنجاد والاستصراخ، من ذلك قول سلامة بن جندل : كنا إذا ما أتانا صـارخٌ فـزعٌ كان الصراخ له قرع الظنابيب يقول: إذا أتانا مستغيثٌ كانت إغاثته الجد في نصرته،يقال: قرع لذلك الأمر ظنبوبه إذا جد فيه ولم يفتر، ويشتق من هذا المعنى أن يقع "فزع" في معنى "أغاث" كما قال الكلحبة اليربوعي: "قال أبو الحسن: الكلحبة لقبه، واسمه هبيرة، وهو من بني عرين بن يربوع، والنسب إليه عريني، وكثير من الناس يقول: عرني ولا يدري، وعرينة من اليمن: قال جرير يهجو عرين بن يربوع: عرين من عرينة لـيس مـنـا برئت إلى عرينة من عـرين فقلت لكأسٍ ألجميها فـإنـمـا حللت الكثيب من زرود لأفزعا يقول: لأغيث. وكأس: اسم جارية، وإنما أمرها بإلجام فرسه ليغيث. والظنبوب: مقدم الساق. حديث "ألا أخبركم بأحبكم إلي" وقال رسول الله ﷺ: "ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطأون أكنافاً،الذين يألفون و يؤلفون،ألا أخبركم بأبغضكم إلي و أبعدكم مني مجالس يوم القيامة" الثرثارون المتفيهقون". قوله ﷺ" الموطأون أكنافاً " مثل، وحقيقته أن التوطئة هي التذليل و التمهيد، يقال: دابة وطيء، يا فتى، وهو الذي لا يحرك راكبه في مسيره، وفراش وطيء إذا كان وثيراً لا يؤذي جنب النائم عليه، فأراد القائل بقوله: "موطأ" الأكناف" أن ناحيته يتمكن فيها صاحبها غير مؤذى، ولا ناب به موضعه. قال أبو العباس: حدثني العباس بن الفرج الرياشي قال: حدثني الأصمعي قال: قيل لأعرابي وهو المنتجع بن نبهان ما السميدع فقال" السيد الموطأ الأكناف. وتأويل الأكناف الجوانب، يقال: في المثل: فلان في كنف فلان، كما فلان في ظل فلان، و في ذرى فلان، وفي ناحية فلان، وفي حيز فلان. وقوله صلى الله عليه و سلم: "الثرثارون" يعني الذين يكثرون الكلام تكلفاً و تجاوزاً، و خروجاً عن الحق. وأصل هذه اللفظة من العين الواسعة من عيون الماء، يقال: عينٌ ثرثارةٌ. و كان يقال لنهرٍ بعينه: الثرثار، وإنما سمي به لكثرة مائه، قال الأخطل: لعمري لقد لاقت سليمٌ و عامـرٌ على جانب الثرثار راغية البكر قوله: " راغية البكر " أراد أن بكر ثمود رغا فيهم فأهلكوا،فضربته العرب مثلاً، و أكثرت فيه،قال علقمة بن عبدة الفحل: رغا فوقهم سقب السماء فداحضٌ بشكته لم يستـلـب و سـلـيب قال أبو الحسن: الداحض: الساقط والداحض أيضاٌ: الزا لق. وكذلك إذا لم تضعف الثاء فقلت: عينٌ ثرةٌ، فإنما معناها غزيرة واسعة، قال عنترة: جادت عليها كل عين ثـرةٍ فتركن كل حديقةٍ كالدرهم قال أبو العباس: وليست الثرة عند النحويين البصريين من لفظة الثرثارة، ولكنها في معناها. وقوله ﷺ" المتفيهقون" إنما هو بمنزلة قوله: "الثرثارون" توكيد له، ومتفيهق متفيعل، من قولهم: فهق الغدير يفهق إذا امتلأ ماءٌ فلم يكن فيه موضع مزيد، كما قال الأعشى: نفى الذم عن رهط المحلق جفنةٌ كجابية الشيخ العراقي تفهـق كذا ينشده أهل البصرة، و تأويله عندهم أن العراقي إذا تمكن من الماء ملأ جابيته لأنه حضري فلا يعرف مواقع الماء ولا محاله. قال أبو العباس: وسمعت أعرابية تنشد قال أبو الحسن: هي أم الهيثم الكلابية من ولد المحلق، وهي راوية أهل الكوفة: "كجابية السيح" تريد النهر الذي يجري على جانبية، فماؤها لا ينقطع، لأن النهر يمده.ومثل قول البصريين فيما ذكروا به "العراقي الشيخ " قول الشاعر قال أبو الحسن: هو ذو الرمة: لها ذنب ضاف وذفرى أسيلة وخد كمرآة الغريبة أسجـح يقول: إن الغريبة لا ناصح لها في وجهها، لبعدها عن أهلها، فمرآتها أبداً مجلوة، لفرط حاجتها إليها.

وتصديق ما فسرناه من قول رسول الله ﷺ أنه يريد الصدق في المنطق والقصد،وترك ما لا يحتاج إليه، قوله لجرير بن عبد الله البجلي: " يا جرير، إذا قلت فأوجز،وإذا بلغت حاجتك فلا تتكلف". كلمة أبو بكر في مرضه لعبد الرحمن بن عوف قال أبو العباس: ومما يؤثر من حكيم الأخبار، وبارع الآداب، ما حدثنا به عن عبد الرحمن بن عوف وهو أنه قال: دخلت يوماً على أبي بكر الصديق رحمة الله عليه في علته التي مات فيها، فقلت له: أراك بارئاً يا خليفة رسول الله، فقال: أما إني على ذلك لشديد الوجع، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي. إني وليت أموركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه، والله لتتخذن نضائد الديباج، وستور الحرير، ولتألمن النوم على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان، والذي نفسي بيده لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض غمرات الدنيا.يا هادي الطريق جرت، إنما هو والله الفجر، أو البحر. فقلت: خفض عليك يا خليفة رسول الله، فإن هذا يهيضك إلى ما بك، فوالله ما زلت صالحاً مصلحاً، لا تأس على شيء فاتك من أمر الدنيا، ولقد تخليت بالأمر وحدك فما رأيت إلاخيراً. قوله: "نضائد الديباج" واحدتها نضيدة، وهي الوسادة وما ينضد من المتاع، قال الراجز: وقربت خدامها الـوسـائدا حتى إذا ما علوا النضائدا سبحت ربي قائما ًو قاعداً وقد تسمي العرب جماعة ذلك النضد، والمعنى واحد، إنما هو ما نضد في البيت من متاع، قال النابغة: ورفعته إلى السجفين فالنضد ويقال: نضدت المتاع إذا ضممت بعضه إلى بعض،فهذا أصله، قال الله تبارك وتعالى:" لها طلعٌ نضيد" ق:10، وقال :" في سدر مخضود وطلح منضود" الواقعة: 28-29، ويقال: نضدت اللبن على الميت. وقوله:"على الصوف الأذربي" فهذا منسوب إلى اذربيجان، وكذلك تقول العرب، قال الشماخ: تذكرتها وهناً وقد حال دونهـا قرى أذربيجان المسالح والجال وقوله:" على حسك السعدان "، فالسعدان نبت كثير الحسك تأكله الإبل فتسمن عليه، ويغذوها غذاءً لايوجد في غيره، فمن أمثال العرب:" مرعى ولا كالسعدان " تفضيلاً له، قال النابغة: الواهب المائة الأبكار زينـهـا سعدان توضح في أو بارها اللبد ويروى في بعض الحديث" أنه يؤمر بالكافر يوم القيامة فيسحب على حسك السعدان"، والله أعلم بذلك. قال أبو الحسن: السعدان: نبت كثير الشوك- كما ذكر أبو العباس- ولا ساق له، إنما هو منفرش على وجه الأرض، حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني عن ابن الأعرابي، قال : قيل لرجل من أهل البادية- وخرج عنها : أترجع إلى البادية ? فقال: أما ما دام السعدان مستلقياً فلا. يريد أنه لا يرجع إلى البادية أبداً، كما أن السعدان لا يزول عن الاستلقاء أبداً. وقال أبو علي البصير واسمه الفضل بن جعفر، وإن لم يكن بحجة، ولكنه أجاد فذكرنا شعره هذا لجودته لا للاحتجاج به يمدح عبيد الله بن يحيى بن خاقان وآله فقال: يا وزراء السلطـان أنتـم وآل خـاقـان كبعض مـا روينـا في سالفات الأزمان ماء ولا كـصــدى مرعى ولا كالسعدان وهذه الأمثال ثلاثة، منها قولهم: " مرعى ولا كالسعدان"،و" فتى ولا كمالك"،و"ماء ولا كصدى"، تضرب هذه الأمثال للشيء الذي فيه فضل وغيره أفضل منه، كقولهم:"ما من طامة إلا فوقها طامة"، أي ما من داهية إلا وفوقها داهية، ويقال : طما الماء وطم إذا إرتفع وزاد. ومالك الذي ذكروا هو مالك بن نويرة، أخو متمم بن نويرة. " وصداء يمد، وبعضهم يقول: صدى، فيضم أوله ويقصر، فأما أبو العباس محمد بن يزيد، فإنه قال: لم أسمع من أصحابنا إلا صدءاء يا فتى، وهو اسم لماء، معرفة، وهما همزتان بينهما ألف، والألف لا تكون إلا ساكنة، كأنك قلت: صدعاع يا هذا. وقوله: إنما هو والله الفجر أو البجر يقول: انتظرت حتى يضيء لك الفجر الطريق أبصرت قصدك. وإن خبطت الظلماء، وركبت العشواء هجما بك على المكروه، وضرب ذلك مثلاً لغمرات الدنيا، وتحييرها أهلها.

وقوله:" يهيضك " مأخوذ من قولهم: هيض العظم إذا جبر ثم أصابه شيء يعنته فآذاه فكسره ثانية، أو لم يكسره، وأكثر ما يستعمل في كسره ثانية، ويقال:عظم مهيض، وجناح مهيض في هذا المعنى: ثم يشتق لغير ذلك، وأصله ما ذكرت لك، فمن ذلك قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما كسر يزيد بن المهلب سجنه وهرب، فكتب إليه: لو علمت أنك تبقى ما فعلت، ولكنك مسموم، ولم أكن لأضع يدي في يد ابن عاتكه. فقال عمر: اللهم إنه قد هاضني فهضه. فهذا معناه. وقوله:" فكلكم ورم أنفه"، يقول: امتلأ من ذلك غضباً، وذكر أنفه دون السائر كما بقال: فلان شامخ بأنفه، يريد رافع، وهذا يكون من الغضب كما قال الشاعر: ولا يهاج إذا ما أنفه ورما أي لايكلم عند الغضب، ويقال للمائل برأسه كبرا: متشاوس، وثاني عطفه، وثاني جيده، إنما هذا كله من الكبرياء. قال الله عز وجل :" ثاني عطفه. ليضل عن سبيل الله" الحج 9 : وقال الشامخ: نبئت أن ربيعاً أن رعى إبلاً يهدي إلي خناه ثاني الجيد وقوله:" أراك بارئاً يا خليفة رسول الله" يكون من برئت من المرض وبرأت، كلاهما يقال: فمن قال برئت يقول: أبرأ يافتى لا غير، ومن قال: برأت قال في المضارع: أبرأ وأبرؤ، يا فتى، مثل فرغ ويفرغ. والآية تقرأ على وجهين:" سنفرغ لكم أية الثقلان"، الرحمن: 31، وسنفرغ: والمصدر فيهما "البرء" يا فتى عهد أبي بكر بالخلافة إلى عمر ومما روي لنا عنه رضي الله عنه حيث عهد عند موته وهو: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر خليفة محمد رسول الله ﷺ: عند آخر عهده بالدنيا، وأول عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيها الكافر، ويتقي فيها الفاجر. إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فإن بر وعدل فذلك علمي به، ورأيي فيه، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت، ولكل امرىء ما اكتسب،"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" الشعراء: 227 . نصب "أي" بقوله: "ينقلبون"، ولا يكون نصبها ب" سيعلم" لأن حروف الاستفهام إذا كانت أسماء امتنعت مما قبلها كما يمتنع ما بعد الألف من أن يعمل فيه ما قبله،وذلك قولك:" علمت زيداً منطلقاً" فإن أدخلت الألف قلت: "علمت أزيد منطلق أم لا" فأي بمنزلة زيد الواقع بعد الألف، ألا ترى أن معناها: أذا أم ذا. وقال الله عز وجل:" لنعلم أى الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا " الكهف:12 لأن معناها: أهذا أم هذا? وقال تعالى :" فلينظر أيها أزكى طعاماً " الكهف:19 على ما فسرت لك، وتقول: أعلم أيهم ضرب زيداً، وأعلم أيهم ضرب زيد، تنصب أيا ب" ضرب" لأن "زيداٌ" فاعل،فإنما هذا لما بعده، وكذلك ما أضيف إلى اسم من هذه الأسماء المستفهم بها، نحو: قد علمت غلام أيهم في الدار، وقد عرفت غلام من في الدار، وقد علمت غلام من ضربت، فتنصبه ب"ضربت" فعلى هذا مجرى الباب. أول خطبة خطبها عمر بن الخطاب ومما يؤثر من هذه الآداب و يقدم قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في أول خطبة خطبها حدثنا العتبي قال: لم أر أقل منها في اللفظ، ولا أكثر في المعنى حمد الله و أثنى عليه وأهله، وصلى على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ثم قال: أيها الناس، إنه و الله ما فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له،ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه.ثم نزل. وإنما حسن هذا القول مع ما يستحقه من قبل الاختيار، بما عضده به من الفعل المشاكل له: "قال أبو الحسن: قد روينا هذه الخطبة التي عزاها إلى عمر بن الخطاب عن أبي بكر رضي الله عنهما، وهو الصحيح. رسالة عمر في القضاء إلى أبي موسى الأشعري قال أبو العباس: ومن ذلك رسالته في القضاء إلى أبي موسى الأشعري وهي التي جمع فيها جمل الأحكام، واختصرها بأجود الكلام،و جعل الناس بعده يتخذونها إماماً،ولا يجد محق عنها معدلاٌ، ولا ظالم عن حدودها محيصاٌ، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس. سلام عليك، أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، و سنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له. آس بين الناس بوجهك، و عدلك، و مجلسك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، و لا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى، و اليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاٌ أحل حراماٌ، أو حرم حلالاٌ. لا يمنعنك قضاءٌ قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك، أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديمٌ، و مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنةٍ،ثم اعرف الأشباه و الأمثال،فقس الأمور عند ذلك، و اعمد إلى أقربها إلى الله، و أشبهها بالحق، واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينة أمدا ينتهي إليها فإن أحضر بينته أخذت له بحقه وإلا استحللت عليه القضية، فإنه أنفى للشك، و أجلى للعمى، المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد، و مجرباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاء أو نسب، فإن الله تولى منكم السرائر، و درأ بالبينات و الإيمان. وإياك و الغلق و الضجر، و التأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات، فإن الحق في مواطن الحق ليعظم الله به الأجر، ويحسن به الذخر، فمن صحت نيته، وأقبل على نفسه كفاه الله بينه وبين الناس، ومن تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله عز وجل في عاجل رزقه و خزائن رحمته، و السلام. قال أبو العباس: قوله" آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك"، يقول: سو بينهم، وتقديره: اجعل بعضهم أسوة بعضٍ، والتأسي من ذا أن يرى ذو البلاء من به مثل بلائه فيكون قد ساواه فيه، فيسكن ذلك من وجده، قالت الخنساء: فلولا كثرة الباكين حـولـي على إخوانهم لقتلت نفسـي وما يبكون مثل أخي ولكـن أعزي النفس عنه بالتأسـي يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل غروب شمـس تقول: أذكره في أول النهار للغارة، وفي آخره للضيفان. وتمثل مصعب بن الزبير يوم قتل بهذا البيت: وإن الألى بالطف من آل هاشم تآسوا فسنوا للكرام التـآسـيا وقوله"حتى لا يطمع شريف في حيفك" يقول: في ميلك معه لشرفه. وقوله: " فيما تلجلج في صدرك" يقول: تردد،وأصل ذلك المضغة والأكلة يرددها الرجل في فيه فلا تزال تتردد إلى أن يسيغها أو يقذفها، والكلمة يرددها الرجل إلى أن يصلها بأخرى، يقال للعيي: لجلاج، وقد يكون من الآفة تعتري اللسان، قال زهير: تلجلج مضغة فـيهـا أنـيضٌ أصلت، فهي تحت الكشح داء وقوله:" أنيضٌ" أي لم تنضج. ومن أمثال العرب: الحق أبلج والباطل لجلج،أي يتردد فيه صاحبه فلا يصيب مخرجا. وقوله: " أو ظنيناٌ في ولاءٍ أو نسب، " فهو المتهم، وأصله "مظنون" وهي ظننت التي تتعدى إلى مفعول واحد، تقول: ظننت بزيد، وظننت زيداًٌ، أي اتهمت، ومن ذلك قول الشاعر، أحسبه عبد الرحمن بن حسان: فلا ويمين الله ما عن جنـاية هجرت، ولكن الظنين ظنين و في بعض المصاحف:"وما على الغيب بظنين" التوير 34 وإنما قال عمر رضي الله عنه ذلك لما جاء عن النبي ﷺ:" ملعون ملعون من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه"، فلما كانت معه الإقامة على هذا لم يرى للشهادة موضعاً.وقوله:" ودرأ بالبينات و الأيمان" إنما هو دفع، من ذلك قول رسول الله ﷺ:" إدرأوا الحدود بالشبهات"،وقال الله عز وجل:" قل فادرءواعن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين"آل عمران 168 وقال:"فادرء تم فيها" البقرة 72 وأما قوله: وإياك والغلق و الضجر"فإنه ضيق الصدر، وقلة الصبر، يقال في سوء الخلق:رجل غلق، وأصل ذلك من قولهم: غلق الرهن أي لم يوجد به تخلص و أغلقت الباب من هذا، قال زهير: وفارقتك برهنٍ لا فـكـاك لـه يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا

وقوله:" ومن تخلق للناس"، يقول: أظهر للناس في خلقه خلاف نيته. وقوله: " تخلق "يريد أظهر مثل تجمل يريد أظهر جمالاً وتصنع، وكذلك تجبر، إنما تأويله الإظهار، أي أظهر جبرية، وإن شئت جبروتاً،وإن شئت جبروتي " وإن شئت جبروة " . ومن كلام العرب على هذا الوزن: رهبوتى خير لك من رحموتى، أي" ترهب خير لك من أن ترحم". قال أبو العباس وأنشدونا عن أبي زيد: ياأيها المتحلي غير شـيمـتـه إن التخلق يأتي دونه الخـلـق ولا يؤاتيك في ما ناب من حدث إلا أخو ثقة فأنظر بمن تثـق قال: وأنشدتني أم الهيثم الكلابية: ومن يتخذ خيماُ سوى خيم نفسه يدعه ويغلبه على النفس خيمها وقال ذو الإصبع العدواني: كل إمرىء راجع يوماً لشيمته وإن تمتع أخلاقاًإلـى حـين وأما قوله:" ثواب"، فاشتاقه من ثاب يثوب إذا رجع، وتأويله ما يثوب إليك من مكافأة الله وفضله. كتاب عثمان إلى علي بن أبي طالب حين أحيط به وكتب عثمان بن عفان إلى علي رحمه الله حين أحيط به: أما بعد،فإنه قد جاوز الماء الزبى وبلغ الحزام الطبيين، وتجاوز الأمر بي قدره، وطمع في من لا يد فع عن نفسه: فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل وإلا فأدركني ولمـا أمـزق قوله:" قد جاوز الماء الزبى" فالزبية مصيدة الأسد، ولا تتخذ إلا في قلة أو رابية أو هضبة، قال الراجز: كاللذ تزبى زبية فاصطيدا وقال الطرماح: ياطييىء السهل والأجبال، موعدكم كمبتغى الصيد أعلى زبية الأسد وتقول العرب: "قد علا الماء الزبى"، و "قد بلغ السكين العظم " و" بلغ الحزام الطبيين" و" قد انقطع السلى في ا لبطن". فالسلى من المرأة والشاة ما يلتف فيه الولد في البطن، قال العجاج: فقد علا الماء الزبى فلا غير" أي: قد جل الأمر عن أن يغير و يصلح. وقوله" وبلغ الحزام الطبيين، فإن السباع و الخيل يقال لموضع الأخلاف منها: أطباء يا فتى، وأحدها طبي كما يقال في الظلف والخف: خلفٌ، هذا مكان هذا فإذا بلغ الحزام الطبيين فقد انتهى في المكروه، و مثل هذا من أمثالهم: " التقت حلقتا البطان": ويقولون:" التقت حلقتا البطان و الحقب" ويقال: حقب البعير إذا صار الحزام في الحقب، قال الشاعر: إذا ما حقب جال شددناه بتصدير وقال أوس بن حجر: وازدحمت حلقتا البطان بأق وام وطارت نفوسهم جزعا وتمثله بالبيت يشاكل قول القائل: فإن أك مقتولاً فكن أنت قاتـلـي فبعض منايا القوم أكرم من بعض عتاب عثمان علي بن أبي طالب ويروى عن قنبر مولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: دخلت مع علي بن أبي طالب على عثمان بن عفان رضي الله عنهما، فأحبا الخلوة، فأومأ إلي علي بالتنحي، فتنحيت غير بعيدٍ فجعل عثمان يعاتب عليا وعلي مطرق، فأقبل عليه عثمان فقال: ما بالك لا تقول: فقال: إن قلت لم أقل إلا ما تكره، وليس لك عندي إلاما تحب. تأويل ذلك: إن قلت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت به علي فلذعك عتابي، و عقدي ألا أفعل" وإن كنت عاتباً إلا ما تحب. خطبة علي بن أبي طالب حين بلغه قتل عامله حسان بن حسان وتحدث ابن عائشة في إسناد ذكره أن علياً رحمه الله انتهى إليه أن خيلاً لمعاوية وردت الأنبار، فقتلوا عاملاً له يقال له: حسان بن حسان، فخرج مغضباً يجر ثوبة حتى انتهى إلى النخيلة، واتبعه الناس، فرقي رباوة من الأرض، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه ﷺ ثم قال:

أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذل، وسيما الخسف، وديث بالصغار. وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً، وسراً وإعلاناً، وقلت لكم: اغزوهم من قبل أن يغزوكم، فو الذي نفسي بيده ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا. فتخاذلتم وتواكلتم، وثقل عليكم قولي، واتخذتموه وراءكم ظهرياً، حتى شنت عليكم الغارات. هذا أخوغامد، قد وردت خيله الأنبار، وقتلوا حسان بن حسان، ورجالاً منهمكثيراً ونساءً والذي نفسي بيده لقد بلغني أنه كان يدخل على المرأة المسلمة والمعاهدة، فتنتزع أحجالهما ورعثهما ثم إنصرفوا موفورين لم يكلم منهم أحد كلما. فلو أن امرأ مسلماً مات من دون هذا أسفاً ما كان عندي فيه ملوماً، بل كان عندي به جديراً. ياعجباً كل العجب " عجب يميت القلب، ويشغل الفهم، ويكثر الأحزان من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلكم عن حقكم، حتى أصبحتم غرضاً ترمون ولا ترمون، ويغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله عز وجل فيكم وترضون. إذا قلت لكم: اغزوهم في الشتاء قلتم: هذا أوان قر وصر، ةإن قلت لكم: إزوهم في الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ، إنظرنا ينصرم الحر عنا. فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون، فإنتم من السيف أفر، يا أشباه الرجال ولا رجال ولا طغام الأحلام، ويا عقول ربات الحجال، والله لقد أفسدتم علي رأيي بالعصيان، ولقد ملأتم جوفي غيظا، حتى قالت قريش: ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لارأي له في الحرب. لله درهم ومن ذا يكون أعلم بها مني، أو أشد لها مراساً فوالله لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، ولقد نيفت اليوم على الستين. ولكن لا رأي لمن لا يطاع يقولها ثلاثاً فقام إليه رجل ومعه أخوه، فقال : ياأمير المؤمنين، أنا وأخي هذا كما قال الله عز وجل: رب إنى لا أملك إلا نفسي وأخى المائدة: 25 فمرنا بأمرك، فوالله لننتهين إليه، ولو حال بيننا وبينه جمر الغضا، وشوك القتاد. فدعا لهما بخير، ثم قال: وأين تقعان مما أريد ثم نزل. قال أبو العباس: قوله: " سيما الخسف"، قال: هكذا حدثوناه، وأظنه"سيم الخسف" يا هذا، من قول الله عز وجل: يسومونكم سوء العذاب " البقرة 49 ومعنى قوله: سيما الخسف تأويله علامة، هذا أصل ذا، قال الله عز وجل:" سيماهم في وجوههم من أثر السجود " الفتح: 29، وقال عز وجل:" يعرف المجرمون بسيمهم" الرحمن: 41 وقال أبو عبيدة في قوله عز وجل:" مسومين" آل عمران: 125 "قال: معلمين واشتقاقه من السيما التي ذكرنا. ومن قال:مسؤمين " آل عمران 125، فإنما أراد مرسلين: من الإبل السائمة: أي المرسلة في مراعيها، وإنما أخذ هذا من التفسير. قال المفسرون في قوله تعالى: "والخيل المسومة"، آل عمران: 14 القولين جميعاً، مع العلامة و الإرسال، وأما في قوله عز وجل:" حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك" هود: 82-83 فلم يقولوا فيه إلا قولاً واحداً، قالوا:" معلمة"، وكان عليها أمثال الخواتيم، ومن قال:" سيما" قصر. ويقال في هذا المعنى: سيمياء، ممدود،قال الشاعر: غلام رماه الله بالحسن يافعـاً له سيمياء لا تشق على البصر وقوله رحمه الله:" وقتلو حسان بن حسان"، من أخذ حساناً من الحسن صرفه لأن وزنه فعال فالنون منه في موضع الدال من حماد، ومن أخذه من الحس لم يصرفه لأنه حينئذ فعلان فلا ينصرف في المعرفة، وينصرف في النكرة، لأنه ليست له" فعلى " فهو بمنزلة سعدان وسرحان. وقوله:" ديث بالصغار"، تأويله: ذلل، يقال للبعير إذا ذللته الرياضة: بعير مديث، أي مذلل. وقوله:" في عقر دارهم"، أي في أصل دارهم، والعقر: الأصل، ومن ثم قيل: لفلان عقار، أي أصل مال، ويروى عنه ﷺ قال: من باع داراً أو عقاراً فلم يردد ثمنه في مثله فذلك مال قمن ألا يبارك له فيه". وقوله: قمن يريد: خليق، ويقال أيضاً: قمين وقمن. قال أبو الحسن: من قال: قمن لم يثن ولم يجمع، ومن قال: قمن وقمين ثنى وجمع. ويقال للرجل إذا إتخذ ضيعة، أو داراً: تأثل فلان، أي إتخذ أصل مال. وقوله:" وتواكلتم": إنما هو مشتق من وكلت الأمر إليك ووكلته إلي أنت أي : لم يتوله واحد منا دون صاحبه، ولكن أحال به كل واحد منا على الأخر، ومن ذالك قول الحطيئة: فلأيا قصرت الطرف عنهم بجسرةٍ أمون إذا واكلتـهـا لا تـواكـل

وقوله:" واتخذتموه ورائكم ظهرياً"، أي رميتم به وراء ظهوركم، أي لم تلتفتوا إليه، يقال في المثل: " لا تجعل حاجتي منك بظهرٍ"، أي لا تطرحها غير ناظر إليها. وقوله:" حتى شنت عليكم الغارات"، يقول: صبت، يقال: شننت الماء على رأسه، أي صببته، وشننت الشراب في الإناء أي صببته، ومن كلام العرب: فلما لقي فلان فلانا شنه السيف، أي صبه عليه صبا. وقوله :" هذا أخو غامد، فهو رجل مشهور من أصحاب معاوية، من بني غامد بن نصر بن الأزد بن الغوث، وفي هذه القبيلة يقول القائل: ألا هل أتاها على نأيهـا بما فضحت قومها غامد تمنيتم مـائتـي فـارس فردكم فـارس واحـد فليت لنا بارتباط الخـيو ل ضأنا ًلها حالب قاعد وقوله:" فتنتزع أحجالهما"، يعنى الخلاخيل، واحدها حجل، ومن هذا قيل للدابة: محجل، ويقال للقيد: حجل، لأنه يقع في ذلك الموضع، قال جرير، يعير الفرزدق حين قيد فرسه، وأقسم ألايحلها حتى يحفظ القرآن، فلما هاجى جرير البعيث هجا الفرزدق جريراً معونةً للبعيث، وذبا عن عشيرته، فقال جرير: ولما اتقى القين العراقي باسـتـه فرغت إلى العبد المقيد في الحجل معنى فرغت عمدت، قال الله عز و جل:" سنفرغ لكم آية الثقلان" الرحمن 31 أي سنعمد . وقوله:" ورعثهما" الواحدة رعثة، و جمعها الجمع رعث و هي الشنوف. وقوله:" ثم انصرفوا موفورين" من الوفر، أي لم ينل أحد منهم بأن يرزأ في بدن و لا مال، يقال موفور، و فلان ذو وفر:أي ذو مال، ويكون موفوراً في بدنه إذا ذكر ما أصيب به غيره في بدنه، قال حاتم الطائي: وقد علم الأقوام لو أن حاتماً أراد المال أمسى له وفر ويروى:"كان له وفر". وقوله:" لم يكلم أحد منهم كلماً ". ويقول:لم يخدش أحد منهم خدشاً، وكل جرح صغر أو كبر فهو كلم، قال جرير: تواصلت الأقوام من تكرمها قريش برد الخـيل دامـية الـكـلـوم وقوله:" مات من دون هذا أسفاً"، يقول:تحسراً، فهذا موضع ذا و"قد" يكون الأسف الغضب، قال الله عز وجل"فلما ءاسفونا انتقمنا منهم" الزخرف55 والأسيف يكون الأجير ويكون الأسير فقد قيل في بيت الأعشى: أرى رجلا ًمنهم أسيفاً كأنمـا يضم إلى كشحيه كفاً مخضبا المشهور أنه من التأسف لقطع يده، وقيل: بل هو أسير قد كبلت يده،ويقال: قد جرحها الغل، والقول الأول هو المجتمع عليه، ويقال في معنى أسيف عسيف أيضاً. وقوله:"من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم"، يقول: من تعاونهم و تظاهرهم. وقوله:"و فشلكم عن حقكم"،يقال: فشل فلان عن كذا و"كذا" إذا هابه فنكل عنه وامتنع من المضي فيه. وقوله:"قلتم هذا أوان فر و صر"،فالصر شدة البرد قال الله " كمثل ريح فيها صر".آل عمران117 . وقوله: هذه حمارة القيظ"، فالقيظ الصيف، وحمارته : اشتداد حره واحتدامه، وحمارة مما لا يعوز أن يحتج عليه ببيت شعر، لأن"كل" ما كان فيه من الحروف التقاء ساكنين لا يقع في وزن إلا في ضرب "منه" يقال له المتقارب،"فإنه جوز فيه على بعد التقاء الساكنين "وهو قوله: فذاك القصاص و كان الـتـقـا ص فرضا و حتماً على المسلمينا ولو قال " وكان قصاص فرضاً وحتماً" كان أجود و أحسن، ولكن قد أجازوا هذا في هذه العروض، ولا نظير له في غيرها من الأعاريض . وقوله " ويا طغام الأحلام" فمجاز الطغام عند العرب من لا عقل له، ولا معرفة عنده،وكانوا يقولون: طغام أهل الشأم كما قال: فما فضل اللبيب على الطغام وقوله:" ويا عقول ربات الحجال" ينسبهم إلى ضعف النساء وهو السائر في كلام العرب. وقال الله تعالى يذكر البنات "أومن ينشؤا الحلية وهو في الخصام غير مبين". الزخرف18 0 باب وقال أبو العباس : من كلام العرب الاختصار المفهم، والإطناب المفخم وقد يقع الإيماء إلى الشيء فيغني عند ذوي الألباب عن كشفه، كما قيل: لمحة دالة. وقد يضطر الشاعر المفلق، والخطيب المصقع، والكاتب البليغ، فيقع في كلام أحدهم المعنى المستغلق، واللفظ المستكره، فإن انعطفت عليه جنبتا الكلام غطتا على عواره، وسترتا من شينه. وإن شاء قائل أن يقول: بل الكلام القبيح في الكلام الحسن أظهر، ومجاورته له أشهر، كان ذلك له، ولكن يغتفر السيىء للحسن، والبعيد للقريب. من ألفاظ العرب البينة القريبة المفهمة فمن ألفاظ العرب البينة القربية المفهمة، الحسنة الوصف، الجميلة الرصف قول الحطيئة: وذاك فتى إن تأته إن تأته في صنيعةٍ إلى مالـه لا تـأتـه بـشـفـيع وكذلك قول عنترة: يخبرك من شهد الوقيعة أنـنـي أغشى الوغى وأعف عند المغنم وكما قال زهير: على مكثريهم رزق من يعتريهم وعند المقلين السماحة والبـذل مما وقع من الكلام كالإيماء ومما وقع كالإيماء قول الفرزدق: ضربت عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل فتأويل هذا أن بيت جرير في العرب كالبيت الواهن الضعيف، فقال : وقضى عليك به الكتاب المنزل: يريد به قول الله تبارك وتعالى" وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت". 41 ومن كلامه المستحسن قوله لجرير: فهل ضربة الرومي جاعلة لكم أبا عن كليب أو أباً مثل دارم ومن أقبح الضرورة، وأهجن الألفاظ، وأبعد المعاني قوله: وما مثله في الناس إلا مملكاً أبو أمه حي أبوه يقـاربـه مدح بهذا الشعر إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله عمر بن عمر بن مخزوم،وهو خال هشام بن عبد الملك، فقال: وما مثله في الناس إلا مملكاً يعني بالمملك هشاماً، أبو أم ذلك المملك أبو هذا الممدوح، ولو كان هذا الكلام على وجهه لكان قبيحاً، وكان يكون إذا وضع الكلام في موضعه أن يقول: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أم هذا المملك أبو هذا الممدوح، فدل على أنه خاله بهذا اللفظ البعيد، وهجنه بما أوقع فيه من التقديم والتأخير: حتى كأن هذا الشعر لم يجتمع في صدر رجل واحد مع قوله حيث يقول: تصرم مني ود بكر بن وائلٍ وما كاد مني ودهم يتصرم قوارص تأتيني ويحتقرونها وقد يملأ القطر ألإناء فيفعم وكأنه لم يقع ذلك الكلام لمن يقول: والشيبينهض في السواد كأنه ليل يصيح بجانبيه نـهـار فهذا أوضح معنى، وأعرب لفظٍ، وأقرب مأخذٍ. وليس لقدم العهد يفضل القائل، ولا لحدثان عهد يهتضم المصيب، ولكن يعطى كل ما يستحق، ألا ترى كيف يفضل قول عمارة على قرب عهده: تبحثتم سخطي فغير بحـثـكـم نخيلة نفسٍ كان نصحاً ضميرها ولن يلبث التخشين نفساً كـريمة عريكتها أن يستمر مـريرهـا وما النفس إلا نطفة بـقـرارةٍ إذا لم تكدر كان صفواً غديرها فهذا كلام واضح، وقول عذبٌ، وكذلك قوله إيضاً: بني دارم إن يفن عمري فقد مضى حياتي لكم مني ثنـاءٌ مـخـلـد بدأتم فأحسنتم فأثـنـيت جـاهـداً وإن عدتم أثنيت، والعود أحـمـد ???????????????????????????????????????مما يفضل من أقوال الشعراء لتخلصه من التكلف ومما يفضل لتخلصه من التكلف، وسلامته من التزيد، وبعده من الاستعانة قول أبي حية النميري: رمتني وستر الله بيني و بينها عشية آرام الكنـاس رمـيم ألا رب يوم لو رمتني رميتها ولكن عهدي بالنضال قـديم يقول: رمتني بطرفها، وأصابتني بمحاسنها، ولو كنت شاباً لرميت كما رميت، وفتنت كما فتنت، ولكن قد تطاول عهدي بالشباب، فهذا كلام واضح. قا ل أبو الحسن: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب البيتين عن عبد الله بن شبيب وروى: ??عشية أحجار الكناس رميم وزاد فيه بيتا:ً رميم التي قالت لجارات بيتها ضمنت لكم ألا يزال يهـيم

الكناس و المكنس: الموضع الذي تأوي إليه الظباء، وجمع الكناس كنس وجمع المكنس مكانس. ورميم: اسم جارية، مأخوذ من العظام الرميم، وهي البالية، وكذلك الرمة، والرمة: القطعة البالية من الحبل، وكل ما اشتق من هذا فإليه يرجع." الاستعانة في الكلام قال أبو العباس: وأما ما ذكرناه من الاستعانة، فهو أن يدخل في الكلام ما لا حاجة بالمستمع إليه ليصحح به نظماً "او وزناً" إن كان في شعر، او ليتذكر به ما بعده إن كان في كلام منثور، كنحو ما تسمعه في كثير من كلام العامة قولهم: ألست تسمع أفهمت أين أنت وأشبه هذا، وربما تشاغل العيي بفتل إصبعه ومس لحيته، وغير ذلك من بدنه، وربما تنحنح. وقد قال الشاعر يعيب بعض الخطباء في شعر: مليءٌ ببهرٍ والتفاتٍ وسعـلةٍ ومسحةٍ عثنونٍ وفتل أصابعٍ وقال رجل من الخوارج يصف خطيباً منهم بالجبن، وأنه مجيدٌ لولا أن الرعب أذهله: نحنح زيدٌ وسـعـل لما رأى وقع الأسل ?ويلمه إذا ارتجل=ثم أطال واحتفل ومما يشاكل هذا المعنى ويجانس هذا المذهب ما كان من خالد بن عبد الله القسري، فإنه كان متقدماً في الخطابة ومتناهياً في البلاغة، فخرج عليه المغيرة بن سعيد بالكوفة في عشرين رجلاً، فعطعطوا به، فقال خالد: " اطعموني ماءً " وهو على المنبر، فغير بذلك، فكتب به هشام إليه في رسالة يوبخه فيها، سنذكرها في موضعها إن شاء الله. وغيره يحيى بن نوفل فقال: لأعلاجٍ ثـمـانـيةٍ وعـبـدٍ لئيم الأصل في عددٍ يسـير هتفت بكل صوتك: أطعموني شراباً، ثم بلت على السرير فهذا عارض. وقال آخر يعيره: بل المنابر من خوفٍ ومن وهـلٍ واستطعم الماء لما جد في الهرب وألحن الناس كل النس قـاطـبةٌ وكان يولع بالتشديق في الخطب لأعرابي من بني كلاب ومما يستحسن لفظه ويستغرب معناه، ويحمد اختصاره قول أعرابي من بني كلاب: فمن يك لم يغرض فإني ونلقتـي بحجرٍ إلى أهل الحمى غرضان تحن فتبدي ما بها من صـبـابة وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني يريد: لقضى علي، فأخرجه لفصاحة وعلمه بجوهر الكلام أحسن مخرج، قال الله عز وجل: " وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" المطففين 3 والمعنى إذا كالوا لهم أو وزنوا لهم، ألا ترى "أن" أول الآية " الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون" المطففين2: فهؤلاء أخذوا منهم ثم أعطوهم، وقال الله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلاً " اللأعراف: 155 أي من قومه، وقال الشاعر: أمرتك الخير فافعل ما امرت به فقد تركت ذا مال و ذا نشـب أي أمرتك بالخير، ومن ذلك قول الفرزدق: ومنا الذي اختير الرجال سماحةً وجوداً إذا هب الرياح الزعازع أي من الرجال. فهذا الكلام الفصيح. وتقول العرب: أقمت ثلاثاً ما أذوقهن طعاماً ولا شراباً، أي ما أذوق فيهن، وقال الشاعر: ويوماً شهدناه سليماً وعـامـراً قليلاً سوى الطعن النهال نوافذه قال أبو الحسن: قوله:" لم يغرض"، أي لم يشتق، يقال: غرضت إلى لقائك، وحننت إلى لقائك، وعطشت إلى لقائك، وجعت إلى لقائك أي إشتقت، أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي، وأنشدنا عنه: من ذا رسولٌ ناصحٌ فـمـبـلـغٌ عني علية غير قـول الـكـاذب أني غرضت إلى تناصف وجههـا غرض المحب إلى الحبيب الغائب التناصف: الحسن. وأما قوله:" لقضاني" فإنما يريد: لقضى علي الموت، كما قال الله عز وجل:" فلما قضينا عليه الموت"سبأ14، فالموت في النية، وهو معلوم بمنزلة ما نطقت به، فلهذا ناسب قوله عز وجل:"واختار موسى قومه"، الأعراف 155 وكذلك قوله:"كالوهم" فالشىء المكيل معلوم، فهو بمنزلة ما ذكر في اللفظ، ولا يجوز: مررت زيداً وأنت تريد: مررت بزيد، لأنه لا يعتدى إلا بحرف جر، وذلك أن فعل الفاعل في نفسه، وليس فيه د ليل على المفعول نفسه، وليس هذا بمنزلة ما يتعدى إلى مفعولين، فيتعدى إلى أحدهما بحرف جر، وإلى الآخر بنفسه، لأن قولك: اخترت الرجال زيداً، قد علم بذكرك "زيداً " أن حرف الجر محذوف من الأول. فأما قول الشاعر وهو جرير وإنشاد أهل الكوفة له، وهو قوله:

تمرون الديار ولم تعوجوا كلامكم علي إذاً حـرام ورواية بعضهم له:" أتمضون الديار" فليس بشىء لما ذكرت لك، و السماع الصحيح و القياس المطرد لا تعترض عليه الرواية الشاذة . أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد قال: قرأت على عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير: مررتم بالديار ولم تعوجوا " فهذا يدلك على أن الرواية مغيرةٌ. فأما قولهم: أقمت ثلاثاً ما أذوقهن طعاماً ولا شراباً، وقول الراجز: قد صبحت صبحها السلام بكبد خالطهـا سـنـام في ساعة يحبها الطعام يريد في ساعة يحب فيها الطعام، وكذلك الأول، معناه: ما أذوق فيهن، فليس هذا عندي من. باب قوله جل وعلا" واخيار موسى قومه" الأعراف: 155 إلا في الحذف فقط، وذلك أن ضمير الظرف تجعله العرب مفعولاً على السعه، كقولهم: يوم الجمعة سرته، ومكانكم قمته، وشهر رمضان صمته، فهذا يشبه في السعة في السعة بقوله: زيد ضربته وما أشبه، فهذا بينٌ. لأعرابي من بني سعد وقد نزل به أضياف قال أبو العباس: ومما يستحسن و يستجاد قول أعرابي من بني سعد بن زيد مناة تميم، وكان مملكاً، فنزل به أضياف، فقام إلى الرحى فطحن لهم، فمرت به زوجته في نسوة، فقالت لهن: أهذا بعلي فأعلم بذلك فقال، قال أبو الحسن: أخبرنا به عن أبي محلم له يعني السعدي: تقول وصكت صدرها بيمينهـا: أبعلي هذا بالرحى المتقاعـس فقلت لها لا تعجبي وتـبـينـي بلائي إذا التفت علي الفوارس ألست أرد القرن يركب ردعـه وفيه سنان ذو غرارين يابـس إذا هاب أقوام تجشمت هول ما يهاب حماياه الألد المـداعـس لعمر أبيك الخير إنـي لـخـادم لضيفي، وإني إن ركبت لفارس قوله:"المتقاعس" إنما هو الذي يخرج صدره ويدخل ظهره، ويقال:عزة قعساء، وإنما هذا مثل، أي لا تضع ظهرها إلى الأرض. وقوله:" بالرحى" من صلة الذي، والصلة تمام الوصول، فلو قدمها قبله لكان لحناً خطاً فاحشاً، وكان كمن جعل آخر الاسم قبل أوله، ولكنه جعل " المتقاعس" اسماً على وجهه، وجعل قوله:" بالرحى" تبييناً بمنزلة"لك" التي تقع بعد " سقياً"، وبمنزلة" بك" التي تقع بعد قولك:" مرحباً" فإن قدمتها فذلك جيد بالغ، تقول: بك مرحباً و أهلاً، وتقول: لك حمداً، ولزيد سقياً، فأما قول الله عز وجل:" وأنا على ذلكم من الشهدين" الأنبياء: 56 وكذلك" وقاسمهما إنى لكما لمن النصحين" الأعراف: 21 فيكون تفسيره على وجهين: أحدهما أن يكون: إنني ناصح لكما، وأنا شاهد على ذلكم، ثم جعل" من الشاهدين" و" لمن الناصحين" تفسيراً لشاهد وناصح، ويكون على ما فسرناه يراد به التبيين، فلا يدخل في الصلة، أو يكون على مذهب المازني. قال أبو العباس: وهو الذي أختار، على أن الألف واللام للتعريف لا على معنى الذي، ألا ترى أنك تقول: نعم الفائم زيد، ولا يجوز: نعم الذي قام زيد، وإنما هو بمنزلة قولك: نعم الرجل زيد، وهذا الذي شرحناه متصل في هذا الباب كله مطرد على القياس. وقوله: " ألست أرد القرن يركب ردعه" فإنما اشتقاقه من السهم يقال: ارتدع السهم إذا رجع متأخراً، ويقال: ركب البعير ردعه إذا سقط، فدخل عنقه في جوفه، والكلام مشتق بعضه من بعض، ومبين بعضه بعضاً، فيقال من هذا في المثل: ذهب فلان في حاجتي فارتدع عنها، أي رجع، وكذلك: فلان لا يرتدع عن قبيح، والأصل ما ذكرت أولاً. ومثل هذا قولهم: فلان على الدابة، وعلى الجبل، أي فوق كل واحد منهما ثم تقول: عليه دين تمثيلاً، وكذلك ركبه دين، وإنما يريد أن الدين علاه و قهره، وكذلك فلان على الكوفة إذا كان والياً عليها، وكذلك: علا فلان القوم، إذا علاهم بأمره وقهرهم، أو جعل هذا الموضوع. وقوله: " وفيه سنان ذو غرارين يابس" فالغرار هنا الحد، وللغرار مواضع. قال أبو العباس: وحدثني الرياشي في إسناد له قال: قال جبر بن حبيب وذكر الراعي: أخطأ الأعور قال: ولم يعلم الحاكي عنه أن الراعي كان أعور إلامن هذا الخبر في قوله: فصادف سهمه أحجار قف كسران العير منه والغرارا

وجبر بن حبيب هو المخطىء، لأن الغرار ههنا هو الحد، وذهب جبر إلى أنه المثال، وقد يكون المثال، وليس ذلك بمانعه من أن يحتمل معاني، يقال: بنوا بيوتهم على غرار واحد، أي على مثال واحد، كما قال عمرو بن أحمر" الباهلي": وضعن وكلهن على غـرار هجان اللون قد وسقت جنينا و يقال: لسوقنا درة وغرار، أي نفاق و كساد، فهذا معنى آخر، وإنما تأويل الغرار في هذا المعنى الأخير أنه شيء، ومن هذا: غار الطائر فرخه، لأنه إنما يعطيه شيئاً بعد شيء، وكذلك غارت الناقة في الحلب، ويقال من هذا: ما نمت إلا غرار، قال الشاعر: ما أذوق النوم إلا غـراراً مثل حسو الطير ماء الثماد فكشف في هذا البيت معنى الغرار وأوضحه. وقوله: " يهاب حمياه الألد المداعس" فأصل الحميا إنما هي صدمة الشيء، يقال: فلان حامي الحميا، ويقال صدمته حمياً الكأس، يراد بذلك سورتها. وقوله:" الألد" فأصله الشديد الخصومة، يقال: خصم ألد، أي لا ينثني عن خصمه. قال الله عز وجل:" وتنذر به قوماً لداً" مريم: 97 كما قال: "بل هم قوم خصمون"، الزخرف: 58، وقال مهلهل: إن تحت الأحجار حزماً وجوداً وخصيماً ألـد ذا مـعـلاق ويروي:" مغلاق" فمن روى ذلك فتأويله أنه يغلق الحجة الخصم،ومن قال،" ذا معلاق"، فإنما يريد أنه إذا علق خصماً لم يتخلص منه، وجعل السعدي الألد الذي لا ينثني عن الحرب تشبيهاً بذلك، و المداعس: المطاعن، يقال: دعسه بالرمح إذا طعنه، قال عمير بن الحباب السلمي: أنا عميرٌ وأبو المغلس وبالقناة مازني مدعس قال أبو الحسن: تأويل قول السعدي: "أبلعي هذا بالرحى المتقاعس" "بالرحى" تبيين ولم يوضحه، فإن تقدير ما كان من هذا الضرب أنه إذا قال: " أبعلي هذا بالرحى المتقاعس"، فإن المتقاعس يدل على أن تقاعساً وقع،فكأنه قال: وقع التقاعس بالرحى، ولم يرد أن يعمل " المتقاعس " في قوله:" بالرحى"، لأنه في صلة، والصلة من الموصول بمنزلة الدال من زيد أو الياء، فكما لا يجوز أن يتقدم حروف الاسم بعضها على بعض، لم يجز أن تتقدم الصلة على الموصول، فأما قول الله عز وجل: " وقاسمهما إنى لكما لمن النصحين"، الأعراف: 21، وكذلك:" وأنا على ذلكم من الشهدين" الأنبياء: 56، فإنه يكون على التبيين الذي قدمنا ذكره وهو قول البصريين أجمعين، إلا أن أبا عمر الجرمي أجاز أن يجعل"لكما"،و " على ذلكم" معلقين بشيئين محذوفين دل عليهما" من الناصحين"، و" من الشاهدين"، لأن "من" مبعضة، فكأنه قال والله أعلم: وقاسمهما إني ناصح لكما من الناصحين، وأنا شاهد على ذلكم من الشاهدين. وأما اختياره وذكره أنه قول المازني، وجعله الألف واللام للعهد مثلهما في الرجل وما أشبهه، فإن هذا القول غير مرضي عندي، لأنك إذا قلت: نعم القائم زيدٌ فجعلت الألف واللام كالألف واللام الداخلتين على ما يؤخذ من الفعل كالإنسان و الفرس وما أشبهه، فإنه إذا كان هكذا دخل في باب الأسماء الجامدة وهي التي لم تؤخذ من أمثلة الفعل، وامتنع من أن يعمل مؤخراً إلا على حيلة ووجهٍ بعيدٍ من التبيين الذي ذكرناه. وإذا كان التأخير لا يعمل بنفسه، فكيف يعمل إذا تقدم عليه الظرف وهذا مستحيل لا وجه له. وأما إنشاده: لا أذوق النوم إلا غراراً فإن هذه أبيات أربعة أنشدناها عن الزيادي، وذكر أنه كان يستحسنها وهي لأعرابي قال: ما لعيني كحلت بـالـسـهـاد ولجنبي نابـياً عـن وسـادي ما أذوق الـنـوم إلا غـراراً مثل حسو الطير ماء الثـمـاد أبتغي إصلاح سعدى بجهـدي وهي تسعى جهدها في فسادي فتتاركنا علـى غـير شـيءٍ ربما أفسد طول الـتـمـادي وأما إنشاده: وضعن وكلهن على غرارٍ فإن البيت لعمرو بن أحمر بن العمرد الباهلي لطيخم بن أبي الطمخاء الأسدي يمدح قوماً من الحيرة قال أبو العباس: ومن سهل الشعر وحسنه قول طخيم بن أبي الطخماء الأسدي يمدح قوماً من أهل الحيرة من بني امرىء القيس بن زيد مناة بن تميم، ثم من رهط عدي بن زيد العبادي، قال: كأن لم يكن يومٌ بزورة صالحٌ وبالقصر ظل دائمٌ وصديق

ولم أراد البطحاء يمزج مـاءهـا شراب من البروقتـين عـتـيق معي كل فضفاض القميص كأنه إذا ما سرت فيه المدام فـنـيق بنو السمط و الحداء، كل سمـيدع له في العروق الصالحات عروق وإني وإن كانوا نصارى أحبـهـم ويرتاح قلبي نحـوهـم ويتـوق قال أبو العباس: أنشدني هذا الشعر أبو محلم، ثم أنشدنيه رجل نصراني يكنى أبا يحيى، شاعر من هؤلاء القوم الذين مدحوا به، وذكر أنه يذكر طخيماً، وهو يتردد إليهم ويظل عندهم. فال هذا النصراني وهو رجل من بني الحداء قال: أذكره وأنا صغير جداً، والسلطان يطلبه لقوله: له في العروق الصالحات عروق يقول: أتقول هذا لقومٍ من النصارى وكان هذا النصراني قد قارب مائة سنة فيما ذكر. وقوله:" معي كل فضفاض القميص" يريد أن قميصه ذو فضولٍ، وإنما يقصد إلى ما فيه من الخيلاء، كما قال زهير: يجرون الذيول وقد تمشت حمياً الكأس فيهم والغناء ويقال: إن تأويل قول رسول الله حلى الله عليه وسلم: " فضل الإزار في النار "إنما أراد معنى الخيلاء، وقال الشاعر: ولا ينسيني الحدثان عرضـي ولا أرخي من المرح الإزارا وقد روي عن النبي ﷺ:أنه قال لأبي تميمة الهجيمي:" إياك و المخيلة" فقال: يا رسول الله، نحن قومً عربٌ، فما المخيلة فقال ﷺ " سبل الإزار" والحديث يعرض لما يجري في الحديث قبله، وإن لم يكن من بابه، ولكن يذكر به. قال أبو العباس: روى لنا أن رجلاً من الصالحين كان عند إبراهيم بن هشام، فأنشد إبراهيم قول الشاعر: إذ أنت فينا لمن ينهاك عاصية وإذا أجر إليكم سادراً رسني فقام ذلك الرجل فرمى بشق ردائه، وأقبل يسحبه حتى خرج من المجلس، ثم رجع على تلك الحال فجلس، فقال له إبراهيم بن هشام: ما بك فقال : إني كنت سمعت هذا الشعر فاستحسنته، فآليت ألا أسمعه إلا جررت ردائي كما ترى، كما سحب هذا الرجل رسنه.عأما الفنيق فإنه الفحل من الإبل، وإنما أراد خطراته بذنبه من الخيلاء، فشبه الرجل من هؤلاء إذا انتشى بالفحل، وهو إذا خطر ضرب بذنبه يمنة وشأمة،قال ذو الرمة: وقربن بالزرق الجمائل بعـدمـا تقوب عن غربان أوراكها الخطر قول مخيس بن أرطاة الأعرجي لرجل من بني حنيفة ومن حسن الشعر ومايقرب مأخذة قول مخيس بن أرطاة الأعرجى والأعرج الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، لرجل من بني حنيفة يقال له يحيى، وكان يصير إلى امرأة في قرية من قرى اليمامة يقال لها: بقعاء: قال أبو الحسن : أنشدته عن الرياشي : "نقعاء"، وسألت رجلاً من أهل اليمامة فصيحاً من بني حنيفة عن هذا، فقال : مانعرفة إلا "نقعاء" : عرضت نصيحة مني ليحيى فقال: غششتني والنصح مر وما بى أن أكون أعيب يحيى ويحيى طاهر الأثواب بـر ولكن قد أتانـي أن يحـيى يقال عليه في بقعـاء شـر فقلت له: تجنب كل شـىءٍ يعاب عليك، أن الحرحـر فهذا كلام ليس فية فضل عن معناه، وقوله :"إن الحرحر " انما تأويلة أن الحر على الأخلاق التى عهدت في الأحرار، ومثل ذلك: أنا أبو النجم وشعري شعري أي شعري كما بلغك، وكما كنت تعهد، وكذلك قولهم: الناس الناس، أي الناس كما كنت تعهدهم.قال أبو الحسن :ومنه قول الله عز وجل :" فغشيهم من اليم ما غشيهم" طه87 وقوله: فقلت له تجنب كل شىء يعـاب عــلـــيك كقول عمرو بن العاص لمعاوية حين وصف عبد الملك بن مران فقال : آخذ بثلاث، تاركٌ لثلاث، آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، وبحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسرالأمرين عليه إذا خولف،تارك للمراء،تارك لمقاربة اللئيم،تارك لما يعتذر منه،كقوله : تجـنـب كـل شــىءٍ يعاب عليك أن الحر حر قول ابن ميادة لرياح بن عثمان المري ومما يستحسن إنشاده من الشعر لصحة معناه،وجزالة لفظه،وكثرة تردد ضربه من المعاني بين الناس،قول ابن ميادة لرياح بن عثمان بن حيان المري،من مرة غطفان،يقوله في فتنة محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن،وكان أشار عليه بأن يعتزل القوم فلم يفعل فقتل،فقال ابن ميادة :

أمرتك يا رياح بأمـر حـزمٍ فقلت :هشيمةٌ من أهل نجد نهيتك عن رجال من قـريش على محبوكة الأصلاب جرد ووجداً ما وجدت علـى رياحٍ وما أغنيت شيئا غير وجدي وقوله: " فقلت هشيمة من أهل نجد تأويله ضعفة،وأصل الهشيم النبت إذا ولى وجف وتكسر، فذرته الرياح يميناً وشمالاً قال الله عز وجل :" فأصبح هشيماً تذروه الريح" والنجد :أعالي الأرض وقوله: "على محبوكة الأصلاب جرد" فالمحبوك الذي فيه طرائق، واحدها حباكٌ، والجماعة حبك، وكذلك الطرائق التي عاى جناح الطائر ؛ من ذلك قول الله عز وجل:" والسماء ذات الحبك" قال أ بو الحسن: ابن ميادة اسمه الرماح، وأمه ميادة، وأبوه أبرد، وكان عاقاً بأمه، ولها يقول: اعرنزمي مياد للقوافي وأصل الاعرنزام التجمع و التقبض، يقول: استعدي لها وتهيئي. وأنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد له : ونواعم قد قلنـا يوم تـرحـلـي قول المجد وهن كـالـمـزاح ياليتنا مـن غـير أمـر فـادح طلعت??? علينا العيس بالرماح في أبيات له، يعني نفسه. قال أبو الحسن: وتمام الأبيات : بينا كذاك رأيتني متعـصـبـاً بالخز فوق جـلالة سـرداح فيهن صفراء المعاصم طفـلة بيضاء مثل غريضة التـفـاح ريشن حين أردن أن يرميننـي نبلاً بـلا ريشٍ ولا بـقـداح ونظرن من خلل الستور بأعين مرضى مخالطها السقم صحاح نبذ من أقوال الحكماء قال أبو العباس: ثم نذكر من كلام الحكماء وأمثالهم وآدابهم صدراً، ونعود إلى المقطعات إن شاء الله. يروى عن ابن عمر أنه كان يقول: إنا معشر قريش، كنا نعد الجود و الحلم السودد، ونعد العفاف وإصلاح المال المروءة. قال الأحنف بن قيس: كثرة الضحك تذهب الهيبة، وكثرة المزح تذهب المروءة، ومن لزم شيئاً عرف به. وقيل لعبد الملك بن مروان: ما المروءة? فقال: موالاة الأكفاء، ومداجاة الأعداء. وتأويل المداجاة المداراة؛ أي لا تظهر لهم ما عندك من العداوة، وأصله من الدجى، وهو ما ألبسك الليل من ظلمته. وقيل لمعاوية: ما المروءة? فقال: احتمال الجريرة، وإصلاح أمر العشيرة. فقيل له: وما النبل? فقال: الحلم عند الغضب، والعفو عند القدرة. وكان أبو سفيان إذا نزل به جار قال له: يا هذا، إنك قد اخترتني جاراً، واخترت داري داراً، فجناية يدك علي دونك، وإن جنت عليك يدٌ فاحتكم علي حكم الصبي على أهله. وذلك أن الصبي قد يطلب ما لا يوجد إلا بعيداً، ويطلب ما لا يكون البتة، قال الشاعر: ولا تحكما حكم الصبـي فـإنـه كثيرٌ على ظهر الطريق مجاهله وروي أن معاوية بن سفيان لما نصب يزيد لولاية العهد أقعده في قبةٍ حمراء، فجعل الناس يسلمون على معاوية، ثم يميلون إلى يزيد، حتى جاء رجلٌ فعل ذلك، ثم رجع إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين، اعلم أنك لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها-والأحنف جالسٌ-فقال له معاوية: ما بالك لا تقول يا أبا بحر! فقال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، فقال: جزاك الله عن الطاعة خيراً! وأمر له بألوفٍ، فلما خرج الأحنف لقيه الرجل بالباب، فقال: يا أبا بحر، إني لأعلم أن شر من خلق الله هذا وابنه، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال، فلسنا نطمع باستخراجها إلا بما سمعت، فقال الأحنف: يا هذا أمسك عليك، فإن ذا الوجهين خليقٌ ألا يكون عند الله وجيهاً. لرجلٍ يهجو بلال بن البعير المحاربي وقال رجلٌ يهجو بلال بن البعير المحاربي: يقـولـون أبـنـاء الـبـعـــير ومـــا لـــه سنـامٌ ولا فـي ذروة الـمـــجـــد غـــارب أرادتوذاكم من سفاهة رأيهالأهجوهالما هجتني محارب معاذ إلهي إنني بعشيرتي ونـفـسـي عـن هـذا الـمـقـام لــراغـــب لأبي الطمحان القيني يفخر بقومه وقال أبو الطمحان القيني: وإني من القوم الـذين هـم هـم إذا مات منهم سيدٌ قام صاحبـه نجوم سماءٍ كلما غار كـوكـب بدا كوكبٌ تأوي إليه كواكـبـه أضاءت لهم أحسابهم ووجوههـم دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

وما زال منهم حيث كانوا مسودٌ تسير المنايا حيث سارت كتائب لإياس بن الوليد يمدح قومه وقال إياس بن الوليد يمدح قومه: إني وجدك من قومٍ إذا طلبـوا بعد النسيئة ديناً أحسنوا الطلبـا لا تحسبوا هجم أبياتي علانـيةً ولا استلاب سلاحي ذاهباً لعبا تبقى المعاير بعد القوم بـاقـيةً ويذهب المال فيما كان قد ذهبا لرجلٍ يهجو وقال آخر: ليسوا لعمرو غير تأشيب نسبةٍ ولكن عمراً غيبته المقابـر إذا عيروا قالوا مقادير قدرت وما العار إلا ما تجر المقادر لرجلٍ من بني نهشل بن دارم ينأى بنفسه وقال رجلٌ من بني نهشل بن دارم: إذا مولاك كان عليك عونـاً أتاك القوم بالعجب العجيب فلا تخنـع إلـيه ولا تـرده ورام برأسه عرض الجبوب فما لشآفةٍ من غـير ذنـبٍ إلا ولى صديقك من طبيب وقوله: ورام برأسه عرض الجبوب يريد الأرض-وهو اسم من أسمائها-أنشدني التوزي لرجلٍ من بني مرة يرثي ابنه: بني على عيني وقلبي مكانـه ثوى بين أحجارٍ ورهن جبوب وقوله: فما لشآفةٍ يقول: لبغض، يقال: شئفت الرحل أشأفه شآفةً وشأفاً، وقد يقال في هذا المعنى شنفته، قال الراجز: لما رأتني أم عمروٍ صدفت ومنعتني خيرها وشنفـت وقال آخر: ولم تداو غلة القلب الشنف لنبهان بن عكي في النسيب وقال نبهان بن عكي العبشمي: يقر بعيني أن أرى من مكـانـه ذرا عقدات الأبرق المـتـقـاود وأن أرد الماء الذي شربـت بـه سليمى، وقد مل السرى كل واجد وألصق أحشائي ببـرد تـرابـه وإن كان مخلوطاً بسم الأسـاود قوله: " ذرا عقدات" فالذروة من كل شيء أعلاه، فذروه السنام أعلاه، وذروة المجد أرفعه وأسناه، ويقال: فلان في ذروة قومه إذا كان في الموضع الرفيع منهم، وأما قول لبيد: مدمنٌ يجلو بأطـراف الـذرا دنس الأسؤق عن عضب أفل فإنما يقول: هذا رجل يعرقب الإبل لينحرها ثم يمسح ذرا أسنمتها بسيفه، ليجلو ما عليه من دم الأسؤق. وقوله:" عضب" أي قاطع، ومن ذلك رجل عضب اللسان، وجعله أفل لكثرة ما يقارع به الحروب، كما قال النابغة: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب وقوله: " عقدات " فهو ما انعقد وصلب من الرمل، والواحدة عقدة، وأعقاد أيضاً وعقدات، قال ذو الرمة لهلال بن أحوز المازني يمدحه: رفعت مجد تميم يا هلال لـهـا رفع الطراف على العلياء بالعمد حتى نساء تمـيم وهـي نـازحة بقلة الحزن فالصمان فالعـقـد لو يستطعن إذا ضافتك مجحـفة وقينك الموت بالآباء و الـولـد وقوله:" الأبرق" فالأبرق حجارة يخلطها رمل وطين، يقال لتلك: برقة، وأبرق، وبرقاء، يا فتى كما يقال: الأمعز والمعزاء، وهي الأرض الكثيرة الحصباء، ومثل ذلك الأبطح والبطحاء، وهو ما انبطح من الأرض، فمن قال: أبرق فإنما أراد المكان، ومن قال : برقاء فإنما أراد البقعة وقوله:" المتقاود" يريد المنقاد المستقيم، ومن ذلك قولهم: قدته أي جررته على استقامة، وكذلك طريق منقاد، وفلان قائد الجيش، قال حاتم بن عبد الله الطائي يضرب هذا مثلاً: إن الكريم من تلفت حولـه وإن اللئيم دائم الطرف أقود وقوله : ولو كان مخلوطاً بسم الأساود يريد جمع أسود سالخ، وجمعه على أساود، لأنه يجري مجرى الأسماء، وما كان من باب "أفعل" اسما فجمعه على أفاعل، نحو أفكل وأفاكل، والأكبر والأكابر، وكذلك كل ما سميت به

رجلاً، تقول :أحمد وأحامد وأسلم وأسالم، فإن كان نعتاً فجمعه "فعل" نحو أحمر وحمر وأصفر وصفر، ولكن أسود إذا عنيت به الحية، وأدهم إذا عنيت به القيد، وأبطح إذا عنيت المكان المنبطح، والأبرق إذا عنيت المكان، مضارعة للأسماء، لأنها تدل على ذات الشيء، وإذا كانت في الأصل نعتاً محضاً، تقول في جمعها: الأباطح والأبارق والأداهم والأساود، فإن أردت نعتاً محضاً يتبع المنعوت، قلت: مررت بثياب سود، وبخيل دهم، وكل ما أشبه هذا فهذا مجراه، قال جرير: هو القين وابن القين لا قين مثله لفطح المساحي أو لجدل الأداهم وقال الأشهب بن رميلة : قال أبو الحسن : رميلة اسم أمة : أسود شرى لاقت أسود خفـية تساقت على حرد دماء الأساود قوله:" على حرد" يقول: على قصد، فأما الله عز وجل: " وغدوا على حردٍ قدرين" فإن فيه قولين: أحدهما ما ذكرنا من القصد، قال الشاعر : قد جاء سيل جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المـغـلة وقالوا:" على حرد": أي على منع من حاردت السنة إذا منعت قطرها، وحاردت الناقة إذا منعت درها قال أبو الحسن: رواية أبي العباس :" يقر بعيني " يريد يقر عيني، ثم أتى بالباء توكيداً، وقال لنا: هكذا سمعته، ويقال: أقر الله عينه يقرها، وقرت عينه تقر، وقررت بالمكان أقر وقال الأصمعي: قرت عينه من القر وهو البرد، أي جمدت فلم تدمع، وهو بحذاء سخنت عينه وأجود مما روى عندي:" يقر بعيني "، وهو الأصل، والباء في موضعها غير مؤكدة وقال أبو العباس: الذي رويت:" وقد مل السرى كل واحد "، وهو المنفرد في السير المتوحد به، وروىغيره: " كل واجد"، أي عاشق وروي أيضاً :" كل واخد "، وهو من الوخد والوخدان، وهو السير الشديد والوخد المصدر، والوخدان الاسم للقتال الكلابي يفخر بنفسه وقومه وقال القتال الكلابي، واسمه عبيد بن مضرحي : أنا ابن أسماء أعمامي لها وأبـي إذا ترامى بنو الإموان بالـعـار لا أرضع الدهر إلا ثدي واضحةٍ لواضح الخد يحمي حوزة الجار من آل سفيان أو ورقاء يمنعهـا تحت العجاجة ضرب غير عوار يا ليتني والمنى ليست بـنـافـعةٍ لمالك أو لحصـن أو لـسـيار طوال أنضية الأعناق لم يجـدوا ريح الإماء إذا راحت بـأزفـار قوله إذا ترامى بنو الإموان بالعار فالإموان: جمع أمةٍ، وأصل أمةٍ"فعلة" متحركة العين، وليس شيء من الأسماء على حرفين إلا وقد سقط منه حرف يستدل عليه بجمعه، أو بتثنيته، او بفعل إن كان مشتقاً منه، لأن أقل الأصول ثلاثة أحرف، ولا يلحق التصغير ما كان أقل منها، فأمة قد علمنا أن الذاهب منها واو بقولهم: "إموان "، كما علمنا أن الذاهب من أب وأخ الواو بقولهم أبوان وأخوان، وعلمنا أن أمة "فعلةٌ " متحركة بقولهم في الجميع: آم، فوزن هذا أفعل، كما قالوا أكمة وآكم، ولا تكون فعلةٌ على أفعل، ثم قالوا إموان، كما قالوا في المذكر الذي هو منقوص مثله: إخوان، واستوى المذكر والمؤنث، لأن الهاء زائدة كما استويا في "فعل" الساكن العين، تقول: كلب وكلاب، وكعب كعاب، كما تقول في المؤنث: طلحة وطلاح، وجفنةٌ وجفان، وصفحة وصحاف. ونظير ذلك من غير المعتل ورل و ورلان، وبرق وبرقان وخرب وخربان، وهو ذكر الحبارى، والبرق الحمل، ومن أنشد: "أموان " فقد غلط، لأنه يحتج بقولهم، حمل حملان، وفلق وفلقان، وهذا إنما يحمل على ما كان معتلاً مثله، نحو أخٍ وإخوان، وقد روى أبو زيد: أخوان، فإلى هذا ذهبوا، والقياس المطرد لا تعترض عليه الرواية الضعيفة. وقوله: " لا أرضع الدهر " فهذا على لغته، لأن قيساً تقول: رضع يرضع، وأهل الحجاز يقولون: رضع يرضع، وينشدون بيت عبد الله بن همام "السلولي" على وجهين، وهو: إذا نصبوا للقول قالوا فإحسنوا ولكن حسن القول خالفه الفعل وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها إفاويق حتى ما يدر لها ثعـل وبعضم يقول "يرضعونها". وقوله لاأرضع الدهر إلا ثدي واضحة يقول إنما ترضعني أمي، وليست غير كريمة، كما قال الأغشى : يا خير من يركب المطي ولا يشرب كأساً مـن بـخـلا

يقول: إنما تشرب بكفك، ولست ببخيل، ومثل هذا قول التميمي لنجدة ابن عامر الحنفي الخارجي: متى تلق الحريش حريش سعد وعبادا ًيقـود الـدارعـينـا تبـين أن أمـك لـم تـورك ولم ترضع أمير المؤمنـينـا وقوله:"واضحة "أي خالصة في نسبها، وليست بأمة، وهذا توكيد لبيته الأول، وقد أنشد بعضهم:" لواضح الجد" والمعنى قريب . وقوله:"يحمي حوزة الجار "أي مايحوزه، يقال: فلان مانع لحوزته، أي لما صار في حيزه، ويروى عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: للأزد أربع ليست لحي، بذل لما ملكت أيديهم، ومنع لحوزتهم، وحي عمارة لايحتاجون إلى،غيرهم، وشجعان لايجبنون وقوله: لمالكٍ، أو لحصنٍ، أو لسيار فهؤلاء بيت فزازة، وبيوتات العرب في الجاهلية ثلاثة، فبيت تميم بنو عبد الله بن دارم، ومركزه، بنو زرارة، وبيت قيس بنو فزارة ومركزه بنو بدرٍ، وبيت بكر بن وائل بنو شيبان ومركزه ذي الجدين . وقوله:" طوال أنضية الأعناق " فالنضي مركب النصل في النسخ، وضربه مثلاً، وإنما أراد طوال الأعناق، كما قال الأعشى : الواطئين على صدور نعالهم يمشون في الدفئي والأبراد يريد السودد والنعمة ولم يخصص الصدور، وإنما أراد النعال كلها، وقال الشاعر: يشبهون ملوكاً في تجلـتـهـم وطول أنضية الأعناق واللمـم إذا بدا المسك يندى في مفارقهم راحوا كأنهم مرضى من الكرم قال أبو الحسن: وغيره يروي: يشبهون قريشاً في تجلتهم وقوله:"بأزفار" فالزفر الحمل، ويضرب مثلاً للرجل، فيقال، إنه لزفر. أي حمال للأثقال، ويقال: أتى حمله فأزدفره، قال أبو قحامة أعشى بأهلة : أخو رغائب يعطيها ويسألـهـا يأبى الظلامة منه النوافل الزفر وإنما يريده بعينه، كقولك: لئن لقيت فلاناً ليلقينك منه الأسد. وقوله " النوفل "من قولهم: إنه لذو فضل ونوافل. لرجل من بني عبس وكان عروة بن الورد قد شتمه وقال رجل من بني عبسٍ يقوله لعروة بن الورد: لا تشتمني يا ابن وردٍ فـإنـنـي تعود على مالي الحقوق العوائد ومن يؤثر الحق النؤوب تكن بـه خصاصة جسم، وهو طيان ماجد وإني امرؤٌ عافي إنائي شـركةٌ وأنت امرؤ عافي إنائك واحـد أقسم جسمي في جسوم كـثـيرةٍ وأحسو قراح الماء والماء بارد قوله :" النؤوب " يريد الذي ينوبه، وكل واو قراح لغير علةٍ فأنت فيهمزها وتركها بالخيار، تقول في جمع دارٍ: أدؤر وإن شئت لم تهمز، وكذلك النؤوب، والقؤول لانضمام الواو، فأما الواو الثانية فإنها ساكنة قبلها ضمة، وهي مدة فلا يعتد بها، ولو التقت واوان في أول كلمةٍ وليست إحداهما مدة لم يكن بد من همز الأولى، تقول في تصغير واصل وواقدٍ: أويصل وأويقد، لا بد من ذلك، فأما وجوه فأما وجوهٌ فإن شئت همزت فقلت: أجوه وإن شئت لم تهمز، قال الله عز وجل " وإذا الرسل أقتت" المرسلات والأصل وقتت، ولو كان في غير القرآن لجاز إظهار الواو إن شئت. وقوله . عز وجل :" ما ورى عنهما" الاعراف الواو الثانية مدة فلا يعتد بها، ولو كان في غير القرآن لجاز الهمز لانضمام الواو. وقولي :" إذا انضممت لغير علة"، فالعلة أن تكون ضمتها إعرباٌ، نحو هذا غزوٌ يا فتى، وذلو كما ترى، مما لا يجوز همزه، لأن الضمة للإعراب فليست بلازمة، أو تنضم لالتقاء الساكنين، فذلك أيضاً غير لازم، فلا يجوز همزة : نحو اخشوا الرجل" لتبلون في أموالكم وأنفسكم " آل عمران " 186 "ولترون الجحيم" التكاثر6 ومن همز من هذا شيئاً فقد أخطأ. لرجل من بني تميم يهجو تعلة بن مسافر وقال رجل من بني تميم: ألبان إبل تعلة بن مـسـافـرٍ ما دام يملكها علـي حـرام وطعام عمران بن أوفى مثلها ما دام يسلك في البطون طعام إن الذين يسوغ في إعناقـهـم زادٌ يمن عـلـيهـم لـلـئام لعن الإله تعلة بن مـسـافـر لعناً يشن علـيه مـن قـدام وهذا كلام فصيح جداً وقوله:" يسوغ في أعناقهم" يريد حلوقهم لأن العنق يحيط بالحلق، ويشبه هذا الاتساع في الفصاحة لا في المعنى قول القطامي:

لم تر قوماً هم شر لإخوتهـم منا عشية يجري بالدم الوادي نقريهم لهذميات نقـد بـهـا ما كان خاط عليهم كل زراد لأن الخياطة تضم خرق القميص، والسرد يضم حلق الدرع، فضربه مثلاً فجعله خياطة، قال أبو الحسن: روى أبو العباس: وطعام عمران بن أوفى مثلها رد الهاء والألف على الألبان، وهذا لا نظر فيه، وروى أيضاً مثله لأن الألبان تجري مجرى اللبن، فحمله على المعنى. وقد يجوز أن تجعل الألبان جمعاً فتذكر لتذكير الجمع. وروي أيضاً ما دام يسلك في الحلوق طعام وروى الفراء في هذا الشعر: إن الذين يسوغ في أحلاقهم وإنما كان ينبغي أن يكون: :"في أحلقهم " كقولك: فلس وأفلس، وما أشبهه ولكنه شبه باب "فعلٍ" بباب "فعل"، كما قالو: زند وأزناد، وفرخ وافراخ، قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ماذا تقول لأفراخ بـذي مـرخ حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ففعلوا هذا تشبيها ًبباب "فعل" كما شبهوا فعلاً بفعلٍ في الجمع، فقالوا: جبلٌ وأجبلٌ، وزمن وأزمن، كما قال: إني لأكني بأجبال عن أجبلها وباسم أودية حباً لـواديهـا فأتي به على الأصل، وتشبيهاً بغيره على ما أخبرتك، قال ذو الرمة: أمنزلتي مي سلام عـلـيكـمـا هل الأزمن الائي مضين رواجع! والباب "أزمان" كما قال رؤبة: أزمان لا أدري وإن سألت ما فرق بين جمعةٍ وسبت وروى أبو العباس البيت الأخير مقوى، وجعله نكرة، وهو قوله:" من قدام" كما تقول: جئتك من قبلٍ، ومن بعد، ومنعلٍ، وما أشبه، كما قرأ بعضهم:" لله الأمر من قبل ومن بعد" الروم4 كما تقول: أولاً وآخراً، ورواه الفراء:" من قدام" وجعله معرفة، وأجراه مجرىالغايات، نحو:" قبل وبعد" كما قال طرفة بن العبد: ثم تفري اللحم من تـعـدائهـا فهي من تحت مشيحات الحزم وكما قيل عتي بن مالك العقيلي، أنشده الفراء أيضاً: إذا أنا أومن عليك ولم يكن لقاؤك إلا من وراء وراء فهذا الضرب مما وقع على غير جهة التعريف، وجهة التعريف أن يكون معرفاً بنفسه، كزيد وعمرو، أو يكون معرفاً بالألف واللام أو بالإضافة، فهذه جهة التعريف، وهذا الضرب إنما هو معرف بالمعنى، فلذلك بني إذ خرج من الباب، ويروى :" لعناً يسن عليه" بالسين، ويسن ويشن واحد، أي يصب إلا أن بعضهم قال السن الصب على وجهه واحدة، وقالوا : يقال : شننت عليه الماء، وسننته، وسننت عليه الدرع لا غير، وقالوا: سننت عليه الغارة لا غير. للقاطمي يفتخر قال أبو العباس: وقال القاطمي: فمن تكن الحضارة أعجبتـه فأي رجال بـاديةٍ تـرانـا ! ومن ربط الجحاش فإن فينـا قناً سلبا وأفراساً حـسـانـا وكن إذا أغرن على قـبـيل فأعوزهن كوز حيث كـانـا أغرن من الضباب على حلال وضبة إنه من حان حـانـا وأحياناً على بـكـرٍ أخـينـا إذا ما لم نـجـد إلا أخـانـا وقوله: "الحضارة" يريد الأمصار، وتقول العرب: فلان بادٍ، وفلان حاضرٌ، وفي الحديث:" ولا يبيعن حاضرٌ لبادٍ" وتأويل ذلك أن البادي يقدم وقد عرف أسعار ما معه وما مقدار ربحه، فإذا جاءه الحاضر عرفه سنة البلد فأغلى على الناس. ومثل ذلك النهي عن تلقي الجلب، ومثله: دعوا عباد الله يصب بعضهم من عضٍ. حي حلال، إذا كانوا متجاورين مقيمين، وأنشد الأصمعي: أقوم يبغون العير تجـراً أحب إليك أم حي حلال باب نبذ من أقوال الحكماء قيل لمعاوية رحمة الله عليه: ما النبل? فقال: الحلم عند الغضب،والعفو عند القدرة.ويروى عن رسول الله ﷺ:" ألا أخبركم بشراركم ? :من أكل وحده، ومنع رفده، وضرب عبده، ألا أخبركم بشر بين ذلكم? : من لا يقيل عثرة ولا يقبل معذرة ولا يغفر ذنباً ألا أخبركم بشر من ذلكم من يبغض الناس ويبغضونه". ويروى عنه عليه السلام أنه قال :" المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدً على من سواهم، والمرء كثير بأخيه" قوله ﷺ "تتكافأ دماؤهم"، من قولك: فلان كفء لفلان، أي عديله، وموضوع بحذائه، قال الله عز وجل: )ولم يكن له كفواً أحد( الإخلاص4 ويقال: فلان كفاء فلان، وكفيء فلان، وكفء فلان. ويروى أن الفرزق بلغه أن رجلاً من الحبطات بن عمرو بن تميم خطب امرأة من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، فقال الفرزدق: بنو دارم أكفاؤهم آل مسمعٍ وتنكح في أكفائها الحبطات فآل مسمع بيت بكر بن وائل في الإسلام، وهم ممن بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل،والحبطات هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم فقوله:" أكفاؤهم" إنما هو جمع كفء يافتى، فقال رجل من الحبطات يجيبه: أما كان عباد كفيئاً لـدارم بلى ولأبيات بها الحجرات يعني بني هاشم من قول الله عز وجل :إن الذ ين ينادونك من وراء الحجرات وقال علي بن أبي طالب رحمه الله: من لانت كلمته، وجبت محبته وقال : قيمة كل امرىء ما يحسن وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يثبتن لك الود في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه وقال: كفى بالمرء غياً أن تكون فيه خلة من ثلاث :أن يعيب شيئاٌ ثم يأتي مثله،أو يبدو له من أخيه ما يخفى عليه من نفسه،أو يؤدي جليسه فيما لا يعنيه . وقال عبد الله بن العباس لبعض اليمانية:لكم من السماء نجمها، ومن الكعبة ركنها،ومن السيوف صميمها يعني سهيلا من النجوم، والركن اليماني، وصمصامة عمرو بن معديكرب .ويروى أن عمر بن الخطاب رحمه الله قال يوماٌ : من أجود العرب فقيل له : حاتم،قال : فمن شاعرها قيل : امرؤ القيس بن حجر، قال : فمن فارسها قيل : عمرو بن معديكرب، قال،: فأي سيوفها أمضى، قيل: الصمصامة.وقال معاوية بن أبي سفيان رحمة الله للأحنف بن قيس و جارية بن قدامة ورجال من بني سعد معهما كلاماً أحفظهم، فردوا عليه جواباً مقذعاً، وبنت قرظة في بيتٍ يقرب منه، فسمعت ذلك، فلما خرجوا قالت: يا أمير المؤمنين، لقد سمعت من هؤلاء الأجلاف كلاماً تلقوك به فلم تنكر، فكدت أخرج إليهم فأسطو بهم. فقال لها معاوية: إن مضركاهل العرب، وتميماً كاهل مضر، وسعداً كاهل تميمٍ، وهؤلاء كاهل سعدٍ. وكان معاوية يقول: إني لا أحمل السيف على من لا سيف معه، وإن لم تكن إلا كلمة يشتفي بها مشتفٍ جعلتها تحت قدمي، ودبر أذني باب لرجل من بني سعد يرثي رجلاً قال أبو العباس: قال رجل - أحسبه من بني سعد - يرثي رجلاً: ومختضر المنافع أريحـي نبيلٍ في معـاوزةٍ طـوال عزيزٍعزةً في غير فحـشٍ ذليلٍ للذ ليل من الموالـي جعلت وسـاده إحـدى يديه وتحت جمائه خشبات ضال ورثت سلاحه، وورثت ذوداً وحزناً دائماً أخرى الليالي قوله:"أريحي" هو الذي يرتاح للمعروف،أي يخف له، ويقال: أخذت فلاناً أريحية،أي خفة و حركة لفعل المعروف.و المعاوز: الثياب التي يتبذل فيها الرجل،وهي دون الثياب التي يتجمل بها،واحدها معوز،قال الشماخ في نعت القوس: إذا سقط الأنداء صينت و أشعرت حبيراً ولم تدرج عليها المغـاوز وقوله:"في معاوزة ":فزاد الهاء .،فإنما يفعل ذلك لتحقيق التأنيث، لأن كل جمع مؤنث،كما تقول في جمع صيقلٍ صياقل،و صياقلة، وكذلك جوارب وجواربة،إلاأن أكثر الأعجمي يختص بالهاء، وهو في الغربي جيد، وفي العجمي أكثر استعمالاً نحو الموازجة، فإن كان الباب فيه إثبات الهاء وتركها جائز.، نحو المهالبة و الأحامرة، وقالوا: السبابحة لأنه قد اجتمع فيه النسب و العجمة.

وقوله تحت جمائه يعني شخصه، والضال: السدر البري وما كان من السدر على الأنهار فليس بضال، ولكن يقال له : عبري. قال ذو الرمة:" عبرياً وضالاً ". ورثت سلاحه وورثت ذودا يصف قرب نسبه منه، والذود: القطعة من الإبل، وأكثر ما يستعمل ذلك في الأناث، ويجوز في السائر، ومنه قولهم: الذود إلى إبل، ثم قال : وحزناً دائماً أخرى الليالي كما قال وغبط بميراثٍ ورثه من أحد أهله: يقول جزءٌ ولم يقل جللاًإني تزوجت ناعماً جذلاً إن كنت أزنتني بها كذباً جزء فـلاقـت مـثـلـهـا عـــجـــلا أغــبـــط أن أرزأ الـــكـــرام وأن أورث ذوداً شـصـائصـــاً نـــبـــلا قوله :"ولم يقل جللا" أي صغيراً، والجلل يكون للصغير، ويكون للكبير، من ذلك قوله: كل شيء ما خلا الله جلل أي صغير، وقال لبيدٌ في الكبير: وأرى أربد قد فـارقـنـي ومن الأرزاء رزءٌ ذو جلل وقوله:" شصائصاً "، يعني حقيرة دميمة. وزعم التوزي أن النبل من الأضداد، يكون للجليل والحقير، واححتج بهذا البيت الذي ذكرناه، قال : يريد ههنا الحقيرة. وقوله:" أزنتني"، أي قرفتني ونسبتني إليه، فلان يزن بكذا وكذا، أي يسمى به، ةينسب إليه، قال امرؤ القيس بن حجر: كذبت، لقد أصبي على المرء عرسه وأمنع عرسي أن يزن بها الخالـي وفي معنى قوله :"ورثت سلاحه" قول الشاعر: يفرح الوارث بـالـمـال إذا ورث المال ويبكي إن غضب ومثله قول الفزاري: ياحبذا التراث لولا الذلة لجميل بن معمر في النسيب وقال جميل بن معمرٍ: ما صاءب من نائلٍ قذفت بـه يدٌ، وممر العقـدتـين وثـيق له من خوافي النسر حم نظائرٌ ونصل كنصل الزاعبي فتـيق على نبعةٍ زوراء، أيما خطامها فمتنٌ، وأيما عدها فـعـتـيق بأوشك قتلاً منك يوم رميتنـي نوافذ لم تعلم لهـن خـروق كأن لم نحارب يا بثين لو أنهـا تكشف غماها وأنت صـديق قوله "ما صائب " يريد قاصداً، يقال: صاب يصوب إذا قصد، ومن ذلك قوله تعالى:"أو كصيب من السماء" البقرة19 وقد قالوا: النازل، والقصد أحكم كما قال بشر بن أبي خازم الأسدي: تؤمل أن أؤوب لها بغنم ولم تعلم بأن السهم صابا وقوله:" وممر العقدتين" يعني وتراً، والممر: الشديد الفتل. وقوله:" من خوافي النسر حم نظائر" يريد ريش السهم، والحم: السود، وذلك أخلصه وأجوده، وجعلها في مقادير، لأنه أقصد للسهم، وإذا كانت الريشات بطن الواحدة منها إلى ظهر الأخرى فهو الذي يختار وهو الذي يقال له اللؤام، وإنما أخذ من قولهم: ملتئم. وإن كان ظهر الواحدة إلى ظهر الأخرى، وبطنها إلى بطن الأخرى فذلك مكروه، يقال له اللغاب. وقوله :"كنصل الزاعبي"، شبه نصل السهم بنصل الرمح الزاعبي، وهو منسوب إلى رجل من الخزرج، يقال له زاغبٌ، كان يعمل الأسنة، هذا قول قوم. وأما الأصمعي فكان يقول:الزاغبي: الذي إذا هز فكأن كعوبه يجري بعضها في بعضٍ للينه وتثنيه، يقال مر يزعب بحمله إذا مر مراًسهلاً. وقوله:" فتيق" يعني حاداً رقيقاً، يقال: فتيق الشفرتين، وتأويله أنه يفتق ما عمد به له. و" فعيل" يقع اسماً للفاعل، ويقع للمفعول، فأما الفاعل فمثل رحيم وعليم وحكيم وشهيد، وأما ما كان للمفعول، فنحو جريح وقتيل وصريع. وقوله:"زوراء" يريد معوجة، وكلما كانت القوس أشد انعطافاٌ كان سهمها أمضى. وقوله: "على نبعة"، يعني قوساً وأكرم القسي ما كان من النبغ وقوله:" أيما" إنما يريد " أما"، واستثقل التضعيف، فأبدل الياء من إحدى الميمين،وينشد بيت ابن أبي ربيعة: رأت رجلا، أيما إذا الشمس عارضت فيضحى، وأيما بالعشي فيخـصـر وهذا يقع، وإنما بابه أن تكون قبل المضاعف كسرة فيما يكون على فعال، فيكرهون التضعيف و الكسر، فيبدلون من المضعف الأول الياء للكسرة وذلك قولهم: دينار وقيراطٌ وديوان ما أشبه ذلك، فإن زالت الكسرة وانفصل أحد الحرفين من الآخر رجع التضعيف فقلت: دنانير وقراريط ودواوين، وكذلك إن صغرت قلت قريريط ودنينير. وقوله:"وأيما عودها فعتيق "، يصف كرم هذه القوس وعتقها، ويحمد منها أن تترك ولحاؤها

عليها بعد القطع حتى تشرب ماءه، كما قال الشماخ : فمظعها حولين ماء لحائها وينظر منها أيها هو غامر مظعها: شربها وقوله:" بأوشك قتلا منك "، يقول: بأسرع، يقال: أمر وشيك أي سريع، ويقال: يوشك فلان أن يفعل كذا، أي يقارب ذلك، ويوشك يفعل، كذا يطرح " أن " كل جيد قال : يوشك من فر من مـنـيتـه في بعض غراته يوافقـهـا من لم يمت عبطة يمت هرماٌ للموت كأس فالمرء ذائقهـا قال أبو الحسن: هذه أبيات أربعة وهي لرجل من الخوارج قتله الحجاج: ما رغبة النفس في الحياة وإن عاشت قليلاٌ فالموت لاحقها وأيقنت أنها تـعـود كـمـا كان براها بالأمس خالقـهـا قوله:" عبطة"، أي شاباٌ، يقال : اعتبط الرجل، إذا مات شاباٌ من غير مرض، وأصل العبيط الطري من كل شيْ وقوله: نوافذ لم تعلم لهن خروق معنى طريف، وقد أخذه أبو حية منه فكشفه في أبيات مختارة، وهي: وإن دماٌ لو تعـلـمـين جـنـيتـه على الحي جاني مثله غير سـالـم أما إنه لو كـان غـيرك أرقـلـت إليه القنا بالراعـفـات الـلـهـاذم ولكن لعمر الله ما طل مـسـلـمـا كغر الثنايا واضحـات الـمـلاغـم إذا هن ساقطن الـحـد يث كـأنـه سقاط حصى المرجان من سلك ناظم رمين فأقصدن القلوب فلـم نـجـد دما مائراٌ إلا جوى فـي الـحـيازم قال أبو الحسن: وأول هذه الأبيات المختارة أنشدناه غيره: وخبرك الواشون أن لن أحبكم بلى وستور الله ذات المحارم أصد وما الصد الذي تعلمينه شفاءٌ لنا إلا اجتراع العلاقم قال أبو العباس: فهذا مأخوذ من ذلك. وقوله : ولكن لعمر الله ما طل مسلماً يقول: ما طل دمه، يقال: دمٌ مطلول، إذا مضى هدراً، كما قال الراجز: بغير عقلٍ ودمٍ مطلول وحدثني التوزي قال: قال يحيى بن يعمر لرجل نازعته امرأته عنده: آن طالبتك بثمن شكرها وشبرك أنشأت تطلها وتضهلها ! قوله:" ثمن شكرها" فإنما يعني الرضاع، والشبر: النكاح، والشكر: الفرج. وقوله:" أنشأت تطلها" أي تسعى في بطلان حقها. وقوله:"تضهلها" أي تعطيها الشيء بعد الشيء: يقال: بئر ضهول إذا كان ماؤها يخرج من جرابها شيئاً بعد شيء، وجرابها جوانبها، وإنما يغزر ماؤها إذا خرج من قرارتها فتعظم جمتها. وقوله :" واضحات الملاغم" يريد العوارض، قال الفرزدق: سقتها خروق في المسامع لم تكن علاطاً ولا مخبوطة في الملاغم يقول :علم أرباب الماء لمن هي فسقاها ما سمعوه من ذكر اصحابها لعزهم ومنعتهم، ولم تحتج أن تكون بها سمةٌ. والعلاط: وسمٌ في العنق، والخباط في الوجه باب من أقوال الحكماء قال أبو العباس قال بعض الحكماء: من أدب ولده صغيراً سر به كبيراً وكان يقال : من أدب ولده أرغم حاسده. وقال رجل لعبد الملك بن مروان إني أريد آن أسر إليك شيئاً، فقال عبد الملك لأصحابه: إذا شئتم، فنهضوا، فأراد الرجل الكلام، فقال له غبد الملك قف، لا تمدحني، فآنا أعلم بنفسي منك، ولا تكذبني، فإنه لا رأي لمكذوبٍ ? ولا تغتب عندي احداً.فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، أفتأذن لي في الانصراف? قال له: إذا شئت. وقال بعض الحكماء: ثلاث لا غربة معهن: مجانبة الريب، وحسن الأدب، وكف الأذى. وقال عمرو بن العاص لدهقان نهر تيرى: بم ينبل الرجل عندكم ? فقال : بترك الكذب، فإنه لا يشرف إلا من يوثق بقوله، وبقيامه بأمر أهله، فإنه لا ينبل من يحتاج أهله إلى غيره، وبمجانبة الريب، فإنه لا يعز من لا يؤمن ألا يصادف على سوأة، وبالقيام بحاجات الناس، فإنه من رجي الفرج لديه كثت غاشيته. وقال بزر جمهر: من كثر أدبه كثر شرفه، وإن كان قبل وضيعاً، وبعد صيته وإن كان حاملاً، وساداً وإن كلن غريباً، وكثرت الحاجة إليه وإن كان مقتراً. وكان يقال: عليكم بالأدب، فإنه صاحبٌ في السفر، ومؤنس في الوحدة، وجمال في المحفل، وسبب إلى طلب الحاجة. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أفضل ما أعطيته العرب الأبيات. يقدمها الرجل أمام حاجته، فيستعطف بها الكريم، ويستنزل لها اللئيم.

وكان شعبة بن الحجاج، أو سماك بن حرب إذا كانت له إلى أمير حاجة استنزله بأبيات يقولها فيه. وقال بعض الملوك لبض وزرائه وأراد محنته: ما خير ما يرزقه العبد قال: عقل يعيش به . قال: فإن عدمه قال: فأدب يتحلى به قال: فإن عدمه قال: فمال يستره قال: فإن عدمه قال :فصاعقة تحرقه، فتريح منه العباد والبلاد. وقيل لرجل من ملوك العجم : متى يكون العلم شراٌ من عدمه قال : إذا كثر الأدب، ونقصت القريحه وقال أزدشير: من لم يكن عقله أغلب خلال الخير عليه، كان حتفه في أغلب خلال الخير عليه. وقال محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وذكر رجلاٌ من أهله: إني لأكره أن يكون لعلمه فضل على عقله، كما أكره أن يكون للسانه على علمه . وقال محمد بن علي بن الحسين : جميع التعايش والتناصف والتعاشر في ملء مكيال، ثلثاه فطنة، وثلث تغافل فلم يجعل لغير الفطنة نصيباٌ من الخير، ولا حظاٌ في الصلاح، لأن الإنسان لا يتغافل إلا عن شىء قد عرفه وفطن به . باب لرجل من بني عبد الله بن غطفان، وكان قد جاور في طيىء قال أبو العباس : قال رجل من بني الله بن غطفان وجاور في طيىء وهو خائف: جزى الله خيراٌ مـن عـشـيرة ومن صاحب تلقاهم كل مجمع هم خلطوني بالنفوس ودافعـوا ورائي بركن ذي مناكب مدفع وقالوا تعلم أن مالـك إيصـب نفدك، وإن تحبس نزرك ونشفع لرجل من بني سلامان يمدح طيئاٌ وقال رجل من بني سلامان بن سعد هذيم من قضاعة،وجاور في طيىء: كأن الجار في شمجى بن جرم له نعماء أو نسـب قـريب يحاط ذمـاره ويذب عـنـه ويحمي سرحه أنف غضوب ألفت مساكن الجبـلـين إنـي رأيت الغوث يألفها الغـريب لعبد بن العرندس الكلابي يصف قوما قال أبو العباس : وأنشدني عبد الوهاب بن جنبة الغنوي لعبيد بن العرندس الكلابي يصف قوماٌ نزل بهم : هينون لينـون أيسـار ذوو يسـرٍ سواس مكـرمة أبـنـاء أيسـار لاينطقون على العميان إن نطقـوا ولايمارون إن ماروا بـإكـثـار من تلق منهم تقل لاقيت سـيدهـم مثل النجوم التي يسري بها الساري قال أبو الحسن : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال : حدثت عن أبي الفضل العباس بن الفرج الرياشي قال : قصد رجل من الشعراء ثلاثة من غني، إخوة وكانوا مقلين، فامتدحهم،فجعلوا له عليهم في كل سنة ذوداٌ فكان يأتي فيأخذ الذود والشعر الذي امتدحهم به قوله: يادار بـين كـلـيات وأظـفــار والحمتين، سقـاك الـلـه مـن دار على تقادم ما قد مر مـن عـصـر مع الذي مر مـن ريح وأمـطـار عنا غنيت بذات الرمث من أجـلـى والعهد منك قديم منـذ أعـصـار وقـد نـرى بـك والأيام جـامـعة بيضاً عقائل من عـينٍ و أبـكـار فيهن عثمة لا يمللن عـشـرتـهـا ولا علمن لـهـا يومـاً بـأسـرار إذ يحسب الناس إن قد نلت نائلـهـا قدماً وأنت علـيهـا عـاتـب زار بل أيها الراكب المفني شـبـيبـتـه يبكي على ذات خلخـالٍ وأسـاور خبر ثناء بني عـمـرو فـإنـهـم أولو فضولٍ وأنـفـالٍ وأخـطـار هينون لـينـون أيسـار ذوو كـرم سواس مـكـرمةٍ أبـنـاء أيسـار فيهم ومنهم يعد المـجـد مـتـلـداً ولا يعـد نـثـا خـزي ولا عـار لا يظعنون على العمياء إن طغنـوا ولا يمارون إن مـاروا بـإكـثـار وإن تلينتـم لانـوا وإن شـهـمـوا كشفت أذمار حربٍ غير أغـمـار إن يسألون العرف يعطوه وإن جهدوا فالجهد يكشف منهم طيب أخـبـار من تلق منهم تقل لاقـيت سـيدهـم مثل النجوم التي يسري بها الساري للمكعبر الضبي يمدح بني مازن ويذم بني العنبر قال أبو العباس: وكان قوم نزلوا ببني العنبر بن عمرو بن تميم، والقوم من بني ضبة، فأغير عليهم، فاستغاثوا جيرانهم فلم يغيثوهم، وجعلوا يدافعونهم حتى خافوا فوتها، فاستغاثوا بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، فركبوا فردوها عليهم، فقال المكعبر الضبي في ذلك: أبلغ طريفاً حيث شطت بها النوى فليس لدهرالطـالـبـين فـنـاء كسالى إذا لا قيتهم غير منـطـق يلهى به المحروب وهو عـنـاء وإني لأرجوكم على بطء سعيكـم كما في بطون الحاملات رجـاء أخبر من لاقيت أن قـد وفـيتـم ولو شئت قال المخبرون أسـاؤوا فهلا سعيتم سعي أسـرة مـالـك وهل كفلائي في الوفـاء سـواء كأن دنابيراً على قـسـمـاتـهـم وإن كان قد شف الوجوه لـقـاء لهم أذرع بادٍ نواشر لـحـمـهـا وبعض الرجال في الحروب غثاء قوله:"حيث شطت بها النوى"، معنى شطت: تباعدت، ويقال: أشط فلان في الحكم إذا عدل عنه متباعداً، قال عز وجل :" ولا تشطط" ص: 22. وقال الأحوص: ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي ويزعمن أن أودى بحقي باطلي ويلحينني في اللهو ألا أحـبـه وللهو داعٍ دائبٌ غير غـافـل والنوى: البعد، ويقال: شطت بهم نيةٌ قذف، أي رحلة بعيدة، قال الشاعر: وصحصحان قذف كالترس وليس بمأخوذ من " نأيت" في اللفظ، ولكنه مثله قي المعنى وقوله: فليس لدهر الطالبين فناء يقول: الطلب في إثر طلبته أبداً. ويروى أن رجلاً من قريش بعث إلى رجل منهم وكان أخذ له غلاماً: يل هذا، إن الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب، فإما رددته، وإما عرضت اسمك على الله في كل يوم وليلة خمس مرات. قال أبو الحسن: الرجل الذي أخذ منه الغلام هو جعفر بن محمد بن علي أبن الحسين، والآخذ سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس. ومن أمثال العرب: "لا ينام إلا من اثأر" . ويقال لمن أدرك ثأراً نبيلاً: أصاب ثأراً منيماً، وأنشد: تقول لي ابنة البكري عمرو لعلك لست بالثأر المـنـيم وقوله: وإني لأرجوكم على بطء سعيكم كما في بطون الحاملات رجاء يقول: وهذا رجاءٌغير صادقٍ ولا موقوفٍ عليه، كما أن هذه الحوامل لا يعلم ما في بطونها وليس بميئوس منه، وإنما يتهكم بهم وهو يعلم أن سعيهم غير كائن، ألا تراه يقول: أخبر من لاقيت أن قد وفـيتـم ولو شئت قال المخبرون أساؤوا وقوله كأن دنانيراً على قسماتهم زعم أبو عبيدة أن القسمات مجاري الدموع، واحدتهاقسمة، وقال الأصمعي: القسمات أعالي الوجه، ولم يبينه بأكثر من هذا. وقول أبي عبيدة مشروح، ويقال من هذا : رجل قسيمٌ، ورجل مقسمٌ، ووجهٌ قسيمٌ ومقسمٌ، قال الشاعر: ويوماً توافينا بوجـهٍ مـقـسـم كأن ظبية تعطو إلى وراق السلم قوله "تعطو"، أي تتناول، يقال: عطا يعطو إذا تناول، وأعطيته أنا، أي ناولته، قال امرؤ القيس: وتعطو برخص غير شثنٍ كأنه أساريع ظبي أو مساويك إسحل والسلم: شجر بعينه كثير الشوك، فإذا أرادوا أن يحتطبوه شدوه، ثم قطعوه، فمن ذلك قول الحجاج: والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل. قال: وحدثني التوزي عن أبي زيد قال: سمعت العرب تنشد هذا البيت فتنصب" الظبية" وترفعها وتخفضها. قال أبو العباس: أما رفعها فعلى الضمير، وعلى هذا قوله تعالى"علم أن سيكون منكم مرضى" المزمل20 وهذا الباب قد شرحناه في الكتاب " المقتضب" في باب " إن وأن" بجميع علله، ومن نصب فعلى غير ضمير، وأعملها مخففة عملها مثقلة، لأنها تعمل لشبهها بالفعل، فإذا خففت عملت عمل الفعل المحذوف، كقولك: ام يك زيدٌ منطلقاً، فالفعل إذا حذف يعمل عمله تاماً، فيصير التقدير: كأن ظبية تعطو إلى وراق السلم هذه المرأة. وحذف الخبر لما تقدم من ذكره. ومن قال:" كأن ظبية " جعل "أن" زاءدة، وأعمل الكاف: أراد: كظبية، وزاد"أن" كما تزيدها في قولك: لما أن جاء زيدٌ كلمته، ووالله أن لو جئتني لأعطيك. وقوله: لهم أذرع بادٍ نواشر لحمها

فكل شيء كان على "فعال" من المؤنث فجمعه أفعل، وكذلك فعال، تقول: ذراع أذرع،كراع وأكرعٌ، لأنهما مؤنثتان، ومن أنث اللسان قال: ألسن، ومن ذكره قال ألسنة، وشمالٌ وأشملٌ، كما قال الشاعر: "يأتي لها من أيمن وأشمل" فأما المذكر فعلى أفعلةٍ في أدنى العدد وفعل في الكثير، يقال: حمارٌ وأحمرةٌ وحمر، وفراشٌ وأفرشة وفرش.والنواشر ما يظهر من العروق في ظهر الذراع مما يداني المعصم، وذلك الموضع يقال له أسلة الذراع، قال زهير: ودارٌ لها بالرقمتين كـأنـهـا مراجع وشمٍ في نواشر معصم وقوله : وبعض الرجال في الحروب غثاء فالغثاء: ما يبس من البقل حتى يصير حطاماً، وينتهي في اليبس فيسود،فيقال له: غثاء وهشيم ودندن وثن، على قدر اختلاف أجناسه، ويقال له: الدرين، قال الله عز وجل: " فجعله غثاء أحوى" الأعلى"5 وقال:"فأصبح هشيماً تذروه الريح" الكهف"45، وقال الشاعر يصف سحاباً: إذا ما هبطن الأرض قد مات عودها بكين بها حـتـى يعـيش هـشـيم وقال الراجز تكفي الفصيل أكلةٌ من ثن وقد يقال للشيء الذي لا خير فيه: هذا غثاء، أي قد صار كذلك الذي وصفناه، ويضرب هذا مثلاً للكلام الذي لا وجه له. لرجل تميمي في الرثاء وقال رجل أحسبه تميمياً: لو لم يفارقني عطية لـم أهـن ولم أعط أعدائي الذي كنت أمنع شجاعٌ إذا لاقى، ورامٍ إذا رمـى وهادٍ إذا ما أظلم الليل مصـدع سأبكيك حتى تنفد العين ماءهـا ويشفى مني الدمع ما أتـوجـع أحسن الإنشادين عندي:" لم أهن"، يأخذه من وهن يهن، لأنه إذا قال: "لم أهن" فهو من الهوان، ومن قال:" لم أهن" فإنما هو من الضعف، وهو أشبه بقوله: ولم أعط أعدائي الذي كنت أمنع والآخرغير بعيد، يقول: لم أهن على أعدائي، وإذا قال " لم أهن" فالأصل: "لم أهن "، ولكن الواو إذا كانت في موضع الفاء من الفعل، وكان ذلك الفعل على " يفعل"، قالوا محذوفة، وإنما تحذف الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، وتصير حروف المضارعة الباقية تابعة للياء، لئلا يختلف الباب، وهي التاء من قولك:" تفعل" إذا عنيت مخاطباً أو مؤنثاً غائباً، نحو: تعد، وهي تعد، والهمزة إذا عنيت نفسك، نحو: أنا أعد، والنون إذا أخبرت عن نفسك و معك غيرك، نحو: نحن نعد. فإن قال قائل: إنما هذا لن الفعل المتعدي تحذف منه الواو، فإن كان غير متعد ثبتت، فقد قال أقبح قول، لأن التعدي أو غير التعدي لا يحدث في أنفس الأفعال شيئاً، ولو كان كما يقول لأثبت الواو في" وهن يهن"، لأنك لا تقول: وهنت زيداً، وكذلك ورم يرم ووكف البيت يكف، وونم الذباب ينم، وهذا أكثر من أن يحصى. فإن لم تكن بعد الواو كسرة لم تحذف، نحو وحل يوحل، ووجل يوجل، ووجع الرجل يوجع وقد يجوز ييجع وياجع وييجع لما نذكره إذا جرى إذا جرى ذكر هذه المفتوحة إن شاء الله. فأما الحذف فلا يكون فيها. فإن قال قائل: فما بال يطأ ويسع حذفت منهما الواو، ومثلهما ثبتت فيه الواو،فإنما ذلك لأنه كان فعل يفعل مثل ولي يلي، وورم يرم، ففتحته الهمزة والعين، والأصل الكسر، فإنما حذفت الواو مما يلزم في الأصل، ألاترى أنك تقول: ولغ السبع يلغ، فهذا فعل يفعل والأصل يفعل، ولكن فتحته العين، لأن حروف الحلق تفتح ماكان على يفعل ويفعل، ولولا ذلك لم تقع فعل يفعل وحروف الحلق ستة: الهمزة، والهاء والعين، والغين، والحاء، والخاء، وهن، يفتحن إذا كن في موضع العين واللام، فأماالعين فنحو سأل يسأل وذهب، وأما اللام فمثل قرأ يقرأ، وصنع يصنع، وسائر هذا الباب على ماوصفت لك. وقوله: وهادٍ إذا ماأظلم الليل مصدع فتأويل"مصدع" أي ماض في الأمر، قال الله عز وجل: "فاصدع بما تؤمر"الحجر:94 ويقال : أحزم الناس من إذا وضح له الأمر صدع به وقال أعرابي يمدح سوار بن عبد الله القاضي، وسوارٌ أحد بني العنبر بن عمرو بن تميم : وأوقف عند الأمر ما لم يضـح لـه وأمضى إذا ما شك من كان ما ضيا فاستجمع في هذا المدح ركانة الحزم، وإمضاء العزم،ومثله قول النابغة الجعدي : أبى لي البلاء وإني امرؤٌ إذاما تبينت لـم أرتـب

ومن أمثال العرب السائرة الجيدة:" رو تحزم " فإذا استوضحت فاعزم"ومن أمثالهم:" قد أحزم لو أعزم"، وإنما يكون هذا بعد التوقف والتبين، فقد قال الشعبي: أصاب متأمل أو كاد، وأخطأ مستعجل أوكاد. ومثل قوله: "ويشفي مني الدمع ما أتوجع" قول الفرزدق: ألم تر أني يوم جو سـويقة بكيت فنادتني هنيدة: ما ليا فقلت لها: إن البكاء لراحةٌ به يشتفي من ظن ألا تلاقيا قال أبو الحسن : ويتلو هذ ين البيتين مما يستحسن: قعيدكما الله الٌذي أنتمـا لـه ألم تسمعا بالبيضتين المنـاديا حبيب دعا، والرمل بيني وبينه فأسمعني، سقياٌ لذلك،داعـيا يقال : قعيدك الله، وقعدك الله، ونشدك الله، أي سألتك بالله، كما قال متمم بن نويرة، وهو من بني يربوع: قعيدك ألاٌتسمعنـي مـلامة ولاتنكئي قرح الفؤاد فييجعا ويرى:"فقعدك ألآتسمعني"، والبيضتان: موضع معروف. قال أبو العباس: وقال أبو بكر بن عياش:نزلت بي مصيبة أوجعتني،فذكرت قول ذي الرمة: لعل انحذار الدمع يعقب راحةً من الوجد،أويشفي نجي البلابل فخلوت فبكيت فسلوت . لنضلة السلمي في يوم غول وقال نضلة السلمي في يوم غولٍ وكان حقيراًدميماً،وكان ذا نجدةٍ وبأسٍ: ألم تسل الفـوارس يوم غـولٍ بنضلة، وهو موتور مـشـيح رأوه فـازدروه وهـو حــر وينفع أهله الرجل الـقـبـيح فشد عليهم بالسـيف صـلـتـاً كما عض الشبا الفرس الجموح فأطلق غل صـاحـبـه وأردى قتيلاً منهـم ونـجـا جـريح ولم يخشوا مصالته عـلـيهـم وتحت الرغوة اللبن الصـريح قوله:" وهو موتور مشيح" فالمشيح الحامل الجاد، يقال: أشاح يشيح إذا حمل، وأنشدني التوزي قال: أنشدني أبو زيد وهو لأبي العيال الهذلي: مشيح فوق شيحان يشد كأنه كلـب قال: شيحان اسم فرسه. قال أبو الحسن ويروى:" شيحان" بفتح الشين، وحقه على رواية أبي زيد ألا ينصرف لأنه فعلان، فالألف والنون زائدتان، وهو معرفة، فضارع عطشان وما جرى مجراه، وإنما اضطر فصرفه. وعن أبي زيد أيضاً يرويه:"شيحان"، وهو الجاد، وهو صفة شائعة، وليس كالأول فالأول معرفة مشتق عن النعت. وقال ابن الإطنابة، واسمه عمرو: وإجشامي على المكروه نفسي وضربي هامة البطل المشيح ويقال في هذا المعنى: رجل شيح، كما يقال: ناقة نقض، إذا كانت هزيلاً، قال أبو ذؤيب: وشايحت قبل اليوم إنك شيح وقوله:" بالسيف صلتاً" يقول: منتضى، ورجل صلت الجبين إذا كان نقيه. وقوله:" كما عض الشبا" يريد حد اللجام، وشبا كل شيء حده. وقوله:" وأردى" أي أهلك، يقال: ردي يردى إذا هلك، والردى: الهلاك، قال الله عز وجل:" وما يغنى عنه ماله إذا تردى" الليل:11، قيل فيه قولان: أحدهما إذا تردى في النار، والآخرإذا مات، وهو" تفعل" من الردى. وقوله: ولم يخشوا مصالته عليهم فهي" مفعلة" من صال يصول، ويقال: صال البعير إذا عض. وقيل للمغيرة بن شعبة: إن بوابك يإذن لأصحابه قبل أصحابك، فقال:إن المعرفة لتنفع عند الكلب العقور، والجمال الصؤول، فكيف بالرجل الكريم وقوله: وتحت الرغوة اللبن الصريح يقول: إذا رأيت الرغوة وهو ما يرغو كالجلد في أعلى اللبن لم تدر ما تحتها، فربما صادفت اللبن الصريح إذا كشفتها. أي أنهم رأوني فازدروني لدمامتي، فلما كشفوا عني وجدوا غير ما رأوا. والصريح: المحض الخالص، من ذلك قولهم: عربي صريح أي خالص، ومولى صريح. ومن أمثال العرب:" إنه ليسر حسوا في ارتغاء" ومعنى ذلك أنه يوهمك أنه يأخذ بفيه تلك الجلدة عن اللبن ليصلحه لك، يحسو من تحتها، يضرب هذا المثل لمن يريك أنه يعينك، وإنما يجتر النفع إلى نفسه. لأعرابي من بني سعد خلاف الدمامة وقال أعرابي خبرت أنه من بني سعد وقد تمثل بهذا الشعر الخنوت، وهو توبة بن مضرس، أحد بني مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، في خلاف الدمامة: ولما التقى الصفان واختلف القنا نهالاً وأسباب المنايا نهالـهـا تبين لـي أن الـقـمـاءة ذلة وأن أشداء الرجال طوالـهـا

دعوا: يا لسعد وانتمينا اطيىء أسود الشرى إقدامها و نزالها قوله:" نهالاً" يريد أنها قد وردت الدم مرة ولم تثن، وذلك أن الناهل الذي يشرب أول شربة، فإذا شرب ثانية فهو عال، يقال: سقاه علاً بعد نهل، وعللاً بعد نهل و في المثل:" سمته سوم عالة" إذا عرضت عليه عرضاً يستحيي من أن يقبل معه، والعالة لا حاجة بها إلى الشرب، وإنما يعرض عليها تعزيزاً. قال:" وأسباب المنايا نهالها"، أي أول ما يقع منها يكون سبباً لما بعده، وأنشدني غير واحد: وأن أشداء الرجال طيالها وليس هذا بالجيد، وإنما قلب الواو ياء لوقوعها بين كسرة وألف كقولهم: ثياب، وحياض، وسياط، والواحد ثوب، وحوض، وسوط: وهذا جيد، لكون الواو في الواحد، فأما في مثل طوال، فإنما يجوز على التشبيه بهذا، وليس بجيد لتحرك الواو في الواحد. وأنشدني مسعود بن بشرالمازني: لهم أوجه بيض حسان وأذرع طيال ومن سيما الملوك نجار ومجاز هذا في النحو على ما وصفت لك. العرب تمدح بالطول والعرب تمدح بالطول، وتضع من القصر، فلا يذكره منهم إلامحتج عن نفسه،ولا يمدح به غيره، قال عنترة: بطل كأنٌ ثيابه في سـرحة يحذى نعال السبت ليس بتوأم يقول: لم يشارك في الرحم، وقال جرير: تعالوا ففاتونا ففي الحكـم مـقـنـع إلىالغر من أهل البطـاح الأكـارم فإني لأرضى عبد شمس وماقضـت وأرضى الطوال البيض من آل هاشم وقال حسان بن ثابت : وقد كنا نـقـول إذا رأينـا لذي جسم يعد وذي بـيان كأنك أيها المعطى بـيانـا وجسماً من بني عبد المدان ويقال إن عليٌ بن عبد الله العباس بن عبد المطلب كان إلى منكب عبد الله، وكان عبدالله إلى منكب العباس، وكان العباس إلى منكب عبد المطلب. وحدثني التوزيٌ قال : طاف عليٌ بن عبد الله بالبيت، وهناك عجوز قديمة،وعليٌ قد فرع الناس، كأنه راكب والناس مشاة، فقالت : من هذا الذي فرع الناس فقيل : عليٌ بن عبد الله بن العباس، فقالت : لا إله إلاالله، إن الناس ليرذلون عهدي بالعباس يطوف بهذا البيت كأنه فسطاط أبيض. وحدثني عليٌ بن القاسم بن عليٌ بن سليمان بن عليٌ بن عبد الله بن العباس قال : كان يقال : صار شبه عليٌ بن عبد الله في عظم الأجسام في العليين يعني عليٌ ابن أمير المؤمنين المهدي المنسوب إلى أمه ريطة،علي بن سليمان بن عليٌ . ويروى أن رسول الله صلى الله عليهم وسلم وهو الأسوة والقدوة كان فوق الربعة ولم يكن بالطويل المشذب، وكان إذا مشى مع الطوال طالهم ولم يختلف أهل الحكمة والنظر من العرب والعجم أن الكمال في الاعتدال، ولا يقال غير هذا عن حكيم وأبين ما فيه ما اختاره الله تعالى لنبيه محمد ﷺ. وقد يقال : الكيس في القصر وقد قيل في خبر قصير وكيده ومكره ما سار به المثل، واستغنى عن الاعادة. لأعرابي يرد على مغنية عابته بالقصر وحدثني العباس بن الفرج الرياشي قال : حدثني أبو عثمان المازني قال : كان أعرابيٌ يختلف إلى مغنية لآل سليمان، فأشرفت إليه ذات مرة فأومأت إليه إيماء عائب له بالقصر، فأنشأ يقول: ياجعفرٌ يا جعفرٌ يا جعفر إن أك ربعةً فأنت أقصر أو أك ذا شيب فأنت أكبر غرك سربال عليك أحمر ومقنع من الحرير أصفر وتحت ذاك سوأةٌ لو تذكر قال أبو الحسن : أنشدني أبو العباس محمد بن الحسن الوراق الشعر الذي فيه قوله: ولما التقى الصفان واختلف القنا بتمامه، وهو شعر مختار لرجل من طيىء، ويدل على ذلك ماتسمعه في الشعر،وهو قوله: جمعنا لهم من حيٌ غوثٍ ومالـكٍ كتائب يردي المقرفين نكالـهـا لهم عجز بالحزن فالرمل فاللوى وقد جاوزت حيي جديس رعالها وتحت نحور الخيل حرشف رجلة تتاح لحبات القلوب نـبـالـهـا أبى لهم أن يعرفوا الضيم أنـهـم بنو ناتق كانت كثيراً عـيالـهـا فلما أتينا السفح من بطـن حـائل بحيث تناصى طلحها وسيالـهـا دعوا لنزاروانتمـينـا لـطـيىء كأسد الشرى إقدامها ونزالـهـا

فلما التقينا بين السيف فـيهـم لسائلةٍ عنا حفيٌ سـؤالـهـا ولما عصينا بالرماح تضلعـت صدور القنا منهم وعلت نهالها ولما تدانوا بالسيوف تقطعـت وسائل كانت قبل سلماً حبالها فولوا وأطراف الرماح عليهم قوادم مربوعاتها وطوالـهـا الكتائب: جمع كتيبة، سميت كتيبة لاجتماعها وانضمام بعضها إلى بعض، يقال: تكتب القوم إذا تضاموا،ومنه أخذ الكتاب لانضمام حروفه، ولذلك قالوا، بعلة مكتوبة إذا شد حياؤها وضم. ويردي : يهلك، يقال : ردي الرجل إذا هلك، والردى : الهلاك، والإرداء: الإهلاك. والمقرفون: الذين دخلوا في الفساد والعيث، وهو في الأصل الهجنة يقال: فرس مقرفٌ إذا كان هجيناً، ثم يشيع في الفساد. والعجز؛ مؤخر العسكر ههنا، وهو مستعار. والحزن: ما خشن من الأرض وغلظ. واللوى: مستدق الرملة حيث ينقطع، يقال ألويتم فانزلوا: أي صرتم إلى آخر الرملة،وهواللوى.وجديس: قبيلة معروفة، فلذلك لم يصرفها. والرعال الجماعات المتفرقة، واحدها رعلةٌ. والحرشف: نبت يكثر في البادية، وإنما شبه النبل به في الكثرة، والرجلة: الرجالة. وتتاح: تقدر، يقال أتاح الله له كذا وكذا، أي قدر له، والنبال جمع نبلٍ. والناتق: الولود، فإذا أسرفت في ذلك وكثر ولدها جداً قيل منتاقٌ. والسفح: أصل الجبل من الوادي. وحائل: موضع. وتناصى: تقابل وتقرب حتى يعلق هذا بهذا، وهذا بهذا عند هبوب الريح، يقال : تناصى الرجلان نصاء وتناصياً إذا اقتتلا فأخذ كل واحدٍ منهما بناصية صاحبه، والطلح والسيال: ضربان من الشجر معروفان. وانتمى ونمى: انتسب. والشرى: موضع كثير السباع، وإنما يريد: كإقدام أسد الشرى وإقدامها، ثم حذف لعلم السامع. وعصينا: جعلنا الرماح كالعصي. والعلل: الشرب الثاني، والنهل: الأول يريد أنا أعدناها إلى الطعن مرة بعد أخرى. وقوادم: ذات إقدام، فجاء به على الأصل، كما قال: يخرجن من أجواز ليلٍ غاض أي مغضٍ، فجاء به على الأصل، وهو كثير. والمربوعات: المعتدلة التي لم تبلغ أن تكون رمحاً، وهو رفعٌ، كأنه قيل له: ما هي? فقال: هي مربوعاتها وطوالها، ولو خفض وجعله بدل البعض من الكل لكان حسناً، وكان يكون مقوى، ولكن هكذا أنشدناه مرفوعاً على التقدير الذي ذكرناه. باب صبرة بن شيمان عند معاوية قال أبو العباس: حدثت أن صبرة بن شيمان الحداني دخل على معاوية،والوفود عنده، فتكلموا فأكثروا، فقام صبرة فقال: يا أمير المؤمنين، إنا حي فعالٍ، ولسنا بحي مقالٍ، ونحن بأدنى فعالنا عند أحسن مقالهم. فقال: صدقت. كلمة يزيد بن أبي سفيان حين أرتج عليه وحدثت أن أبا بكر رضي الله عنه، ولى يزيد بن أبي سفيان ربعاً من أرباع الشام، فرقي المنبر فتكلم فأرتج عليه، فاستأنف فأرتج عليه، فقطع الخطبة، فقال: سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً، وبعد عي بياناً، وأنتم إلى أميرٍ فعالٍ أحوج منكم إلى أميرٍ قوالٍ. فبلغ كلامه عمرو بن العاص، فقال: هن مخرجاتي من الشام استحساناً لكلامه. جواب عامر بن قيس لعثمان بن عفان وقال عثمان بن عفان رحمه الله لعامر بن عبد قيسٍ العنبري ورآه ظاهر الأعرابية: يا أعرابي، أين ربك ? فقال بالمرصاد! جواب علي بن أبي طالب حين سئل : أين ربنا? وقال قائل لعلي بن أبي طالب رحمه الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض? فقال علي: أين، سؤال عن مكانٍ، وكان الله ولا مكان. للحسن البصري في المواعظ وحدثت أن راهبين دخلا البصرة من ناحية الشام، فنظرا إلى الحسن البصري، فقال أحدهما لصاحبه: مل بنا إلى هذا الذي كأن سمته سمت المسيح، فعدلا إليه، فألفياه مفترشاً بذقنه ظاهر كفه، وهو يقول: يا عجباً لقوم قد أمروا بالزاد، وأوذنوا بالرحيل، وأقام أولهم على آخرهم! فليت شعري ما الذي ينتظرون? ونظر الحسن إلى الناس في مصلى البصرة يضحكون ويلعبون في يوم عيد، فقال الحسن: إن الله جعل الصوم مضماراً لعباده ليستبقوا إلى طاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف آخرون فخابو، ولعمري لو كشف الغطاء لشغل محسنٌ بإحسانه، ومسيءٌ بإساءته عن تجديد ثوب، أو ترطيل شعرٍ.

قوله:"ترطيل شعر" إنما تلبين الشعر بالدهن وما أشبهه، ويقال للرجل إذا كان فيه لينٌ وتوضيع: رجل رطلٌ، والذي يوزن به ويكال يقال له: رطلٌ، بكسر الراء. وكان الحسن يقول: اجعل الدنيا كالقنطرة تجوز عيها ولا تعمرها. قوله القنطرة يعني هذه المعقودة المعروفة عند الناس، والعرب تسمي كل أزج قنطرة قال طرفة بن العبد: كقنطرة الرومي أقسم ربها لتكتنفاً حتى تشاد بقرمـد قوله"حتى تشاد" يقول: تطلى، وكل شيء طليت به البناء من جص أو جيار، وهو الكلس، فهو المشيد، يقال: دار مشيدةٌ، وقصر مشيدٌ، قال الله عز وجل:" ولو كنتم في بروج مشيدةٍ" النساء78 وقال الشماخ: لا تحسبني وإن كنت امرأً غمراً كحية الماء بين الطين والشـيد وقال عدي بن زيد العبادي: شاده مرمراً وجللـه كـل ساً فللطير في ذراه وكور والمقرمد: المطلي أيضاً، فمن ثم قال:" حتى تشاد بقرمد" في معنى حتى تطلى، ومن ذلك قول النابغة: رابي المجسة بالعبير مقرمد وقال الحسن: تلقى أحدهم أبيض بضاً، يملخ في الباطل ملخاً، ينفض مذرويه، ويضرب أصدريه، يقول: هأنذا فاعرفوني. قد عرفناك، فمقتك الله، ومقتك الصالحون. قوله:" أبيض بضاً" فالبض الرقيق اللون، الذي يؤثر فيه كل شيء. وفي الحديث أن معاوية قدم على عمر بن الخطاب رحمهما الله من الشام وهو أبض الناس، فضرب عمر بيده على عضده، فأقلع عن مثل الشراب، أو مثل الشراك، فقال : هذا والله لتشاغلك بالحمامت، وذوو الحاجات تقطع أنفسهم حسراتٍ على بابك! وقال حميد بن ثورٍ الهلالي: منعمةٌ بيضاء لو دب مـحـولٌ على جلدها بضت مدارجه دما وقوله:" يملخ في الباطل ملخاً، يقول: يمر مراً سريعاً، يقال: بكرةٌ ملوخٌ إذا كانت سهلة المر. وقوله:"يضرب أصدريه وأزدريه"، فإنما يقال ذلك للفارغ، يقال: جاء فلان يضرب أصدريه وأزدريه، ولا يتكلم منه بواحدٍ، ويقال: فلانٌ ينفض مذرويه، وهما ناحيتاه، وإنما يوصف بالخيلاء، قال عنترة: أحولي تنفض استك مذرويها لتقتلني، فهأنـذا عـمـارا ولا واحد لهما، ولو أفردت لقلت في التثنية مذريان، لأن ذوات الواو إذا وقعت فيهن الواو رابعة رجعت إلى الياء، كما تقول في ملهى: ملهيان، وهو من لهوت، وفي مغزى: مغزيان، وهو من غزوت، وإنما فعلت ذلك لأن فعله ترجع فيه الواو إلى الياء إذا كانت رابعة فصاعداً، نحو غزوت، فإذا أدخلت فيه الألف قلت: أغزيت، وكذلك غازيت واستغزيت، وإنما وجب هذا لانقلابها في المضارع، نحو يغزي، ويستغزي، ويغازي، وإنما انقلبت لانكسار ما قبلها. فإن قال قائل: فما بال يترجى ويتغازى، يكونان بالياء، نحو: هما يتغازيان ويترجيلن? فإنما ذلك لأنهما في الأصل: رجى يرجي، وغازى يغازي، ثم لحقت التاء بعد ثبات الياء. والدليل على ذلك أن التاء إنما تلحقه على معناه، فقولك: مذروان لا واحد له لما أعلمتك، وثبات الواو دليلٌ على أن أحدهما لا يفرد من الآخر، فلذلك جاء على أصله. باب ليزيد بن الصقيل، وكان يسرق الإبل ثم تاب قال أبو العباس: قال يزيد بن الصقيل العقيلي-وكان يسرق الإبل، ثم تاب، وقتل في سبيل الله: ألا قل لأرباب المخائض: أهملوا فقد تاب مما تعـلـمـون يزيد وإن امرأً ينجو من النار بعد مـا تزود من أعمالهـا لـسـعـيد وفي هذا الشعر: إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت حميمك فاعلم أنها ستـعـود قوله"ألا قل لأرباب المخائض"، فإن الناقة إذا لقحت قيل لها خلفة، وللجميع مخاض، وهذا جمع على غير واحده، إنما هو بمنزلة امرأةٍ ونساء، ثم جمع الجمع فقال: مخائض، كقولك في رسالةٍ: رسائل، وكما تقول في قوم أقوام، فتجمع الاسم الذي هو للجمع، وكذلك أعراب وأعاريب، وأنعام وأناعيم. وقوله: "أهملوا": أي اسرحوا إبلكم، والهمل ما كان غير محظور، وهو السدى، ويروى في مثل قوله: إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت حميمك فاعلم أنها ستـعـود عن بعض الصالحين أنه كان يقول إذا مات له جار أو حميم: أولى لي! كدت والله أكون السواد المخترم. باب ????????لابن حبناء التميمي في مكارم الأخلاق وقال ابن حبناء التميمي: ??أعوذ بالله من حالٍ تزين لي=لوم العشيرة أو تدني من النار لا أقرب البيت أحبو من مؤخره ولا أكسر في ابن العم أظفاري إن يحجب الله أبصاراً أراقبـهـا فقد يرى الله حال المدلج الساري وقوله: لا أقرب البيت أحبو من مؤخره يقول: لا آتيه لريبةٍ. ومثل ذلك قوول الشاعر: ولست بصادرٍ من بيت جاري كفعل العير غمره الـورود يقول: لا أخرج خروج الخائف، لأنه إنما يقال: تغمر الشارب إذا لم يرو، ويقال للقدح الصغير: الغمر من هذا. وقوله: ولا أكسر في ابن العم أظفاري يقول: لا أغتابه، وهذا مثلٌ كما قال الحطيئة: ملوا قراه وهرته كلابهـم وجرحوه بأنياب وأضراس وقوله: فقد يرى الله حال المدلج الساري فالمدلج: الذي يسير من أول الليل، يقال: أدلجت، أي سرت من أول الليل، وأدلجت: أي سرت في السحر، قال زهير: بكرن بكوراً و ادلجن بسحرةٍ والسرى لا يكون إلا سير الليل، قال الله عز وجل:" فأسر بأهلك"الحجر56 من قولك أسريت، وهي اللغة القرشية، وغيرهم من العرب يقول سريت، وقد جاء هذه اللغة في القرآن، قال الله عز وجل:" واليل إذا يسر" الفجر4 فهذا من سرى، ولو كان من "أسرى" لكان "يسري"، كما قال لبيد: فبات وأسرى القوم آخر ليلهم وما كان وقافاً بغير معصر والمعصر الملجأ، والسري إنما هو من قولك سرى، كقولك: قضى فهو قاض، ومن أسرى يقال للفاعل: مسرٍ كما تقول: أعطى فهو معطٍ، كما قال الأخطل: نازعتهم طيب الراح الشمول وقـد صاح الدجاج وحانت وقعه الساري والدجاج ههنا: الديوك، يريد وقت السحر، لأنه يقال للديك: هذا دجاجة، فإن أردت الأنثى قلت، هذه، وكذلك هذا بقرة، وهذا بطة، وهذا حمامة إذا أردت الذكر، ولهذا باب يذكر فيه إن شاء الله . قال جرير : لما تذكرت بالديرين أرقـنـي صوت الدجاج وقرع باانواقيس وقوله:،" أرقني صوت الدجاج "، والأرق لايكون في آخر الليل وإنما يكون في جميعه. وكذلك النواقيس لا تقرع أيضاً إلا في السحر فإنما أراد : أرقني انتظاري هذا الوقت،لأنه وعد فيه وعداً فهو منتظر له . قال أبو الحسن : أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى الأبيات الرائية المتقدمة بتمامها على ما أذكره لك عن أبي عبد الله بن العرابيٌ،وهي لأحد ابني حبناء أحسبه صخراٌ وهما من بني تميم، وكان من الأزارقة قال : إني هزئت من أم الغمر إذ هزئت بشيب رأسي، وما بالشيب من عار ما شقوة المرء بالإقتـار يقـتـره ولا سعـادتـه يومـاٌ بـاكـثـار إن الشقي الذي في النار منـزلـه والفوز فوز الذي ينجو من النـار أعوذ باللـه مـن أمـر يزين لـي لوم العشيرة أو يدني من الـعـار وخير د نيا ينـسـي شـر آخـرة وسوف ينبئني الجبار أخـبـاري ثم يتفقان بعد الرواية، وكان ربما أنشدنا :" إني هزأت من آم الغمر". لأعرابي من بني الحارث بن كعب قال أبو العباس : وقال أعرابيٌ من بني الحارث بن كعب : رئمت لسلمى بو ضيم وإنني قديما لآ بي الضيم وابن أباة فقد وقفتني بين شك وشبـهة وما كنت وقافاٌ على الشبهات فيا بعل سلمى كم وكم بأذاتها عدمتك من بعل تطيل أذاتي بنفسي حبيب حال بابك دونـه تقطع نفسي دونه حسـرات ووالله لولا أن تساء لرعـتـه بما ليس بالمأمون من فتكاتي قوله:" رئمت لسلمى بوضيم " فإنما هذا مثل، وأصله أن الناقة إذا ألقت سقبها فخيف انقطاع لبنها أخذوا جلد حوار فحشوه تبناً، ولطخوه بشيء من سلاها، ثم حشوا أنفها بخرقة، فتجد لذلك كربا، ويقال للخرقة التي تجعل في أنفها: الغمامه، ثم تسل تلك الخرقة من أنفها فتجد روحاً، وترى ذلك البو تحتها، وهو جلد الحوار المحشو فترأمه، فإن درت عليه قيل: ناقة درور، وترأمه تشمه، ويقال في هذا المعنى :ناقة ظؤورٌ، فينتفع بلبنها، ويقال: ناقة رائم ورؤوم إذا كانت ترأم ولدها أو بوها، فإن رئمت ولم تدر عليه فتلك العلوق، ولا خير عندها

وأنشدونا عن أبي عمرو وكان يقرأ: )ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى( الروم: 10، على "فعلى": أنى جزوا عامراً سوءى بفعـلـهـم أم كيف يجزونني السوءى من الحسن أم كيف ينفع ما تعطي العلـوق بـه رئمان أنفٍ إذا ضـن بـالـلـبـن فقوله :" رئمت لسلمى بو ضيم ": أي أقمت لها على الضيم، ويقال : فلان رؤوم للضيم، إذا كان ذليلا راضياً بالخسف. لأحد الأعراب وقال أعرابي - أحسبه تميمياً -: وداهيةٍ بها القـوم مـفـلـق شديد بعوران الكلام أزومها أصخت لها حتى إذا ما وعيتها رميت بأخرى يستدير أميمها ترى القوم منها مطرقين كأنما تساقوا عقاراٌ لايبل سليمهـا فلم تلقني فهاً، ولم تلق حجتي ملجلجةً أبغي لهل من يقيمها قوله :" وداهية "يعني حجة داهي بها القوم مفلقٌ : يريد عجيبة،والفلق وجاء القوم بالفليق، وهذا مشهور كثير في الكلام، ومنه قول خلف الأحمر: موت الإمام فلقةٌ من الفلق وأنشدني منشد : إذا عرضت دويةٌ مدلهـمةٌ وغرد حاديها عملن بنا فلقا بفتح الفاء. وقوله:" شديد بعوران الكلام"، العوراء هي القبيحة، قال حاتم بن عبد الله الطائي: وعوراء قد أعرضت عنها فلم تضر وذي أودٍ قومـتـه فـتـقـومـا وأزومها: إمساكها، يقال: أزم به إذا عض به فأمسكه بين ثنيتيه. وفي الحديث أن أبا بكر رحمه الله قال في يوم أحدٍ:فنظرت إلى حلقةٍ من درع قد نشبت في جبين رسول الله ﷺ.، فانكببت لأنزعها فأقسم علي أبو عبيدة، فأزم بها أبو عبيدة بثنيتيه، فجذبها جذباً رفيقاً، فانتزعها، وسقطت،ثم نظرت إلى أخرى فأردتها فأقسم علي أبو عبيدة، ففعل فيها ما فعل في الأولى، وكان مشفقاً من تحريكها لئلا يؤذي بذلك رسول الله ﷺ، فكان أبو عبيدة أهتم. وقوله:" فأزم بها "، يقال : أزم يأزم،وأزم يأزم. وقوله:" أصخت لها ":يقول استمعت لها،قال العبدي: يصيخ للنبأة أسماعـه إصاخة الناشد للمنشد والإصاخة الا ستماع والناشد: الطالب، والمنشد: المعرف، يقال نشدت الضالة إذا طلبتها، وأنشدتها: إذا عرفتها والنبأة: الصوت، قال ذو الرمة : وقد توجس ركزاً مقفـرٌ نـدسٌ بنبأة الصوت ما في سمعه كذب وقوله:حتى إذا ما وعيتها يقول:جمعتها في سمعي، يقال : وعيت العلم،وأوعيت المتاع في الوعاء،قال الله عز وجل: )وجمع فأوعى( المعارج: 18، وقال الشاعر : الخير يبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد وقوله: رميت بأخرى يستدير أميمها يريد يستدير، من الدوار،ويقال في هذا المعنى:يستديم،ومنه سميت الدوامة، وفي الحديث:"كره البول في الماء الدائم": لأنه كالمستدير في موضعه.، قال جرير: عوى الشعراء بعضهم لبعضٍ علي فقد أصابهم انـتـقـام إذا أرسلت صاعقةً علـيهـم رأوا أخرى تحرق فاستداموا وقوله:"أميمها" يريد بها، ويقال: أميمٌ ومأموم، كقولك: قتيلٌ ومقتولٌ، ومجروح وجريح، ويقال،: للشجة التي قد وصلت إلى أم الدماغ وأم الدماغ جليدةٌ رقيقة تحيط بالدماغ فإذا وصل إلى تلك فالشجة آمة و مأمومة، قال الشاعر: يحج مأمومة في قعرها لجفٌ فاست الطبيب قذاها كالمغاريد المغاريد: صغار الكمأة. وقوله" في قعرها لجف" أي تقلع، يقال: تلجفت البئر، إذا انقلع طيها من أسفلها، ولجف القوم مكيالهم، إذا وسعوه من أسفله. وقوله:" تساقوا عقاراً "يريد: كأنهم سكارى لما نالهم من تلك الحجة والعقار: أسم من أسماء الخمر، وإنما سميت عقاراً لمعاقرتها الدن. وقوله:" ما يبل" يقال: بل أبل من مرضه، وكذلك استبل. والسليم الملسوع، وقيل له سليم على جهة التفاؤل، كما يقال للمهلكة مفازةٌ، وللغراب: الأعور على الطيرة منه لصحة بصره. وقوله: " فلم تلقني فهاً" يقول: ضعيفاً، يقال: فه فلان عن حجته إذا ضعف عنها، ويقال: رجل مفهةٌ إذاكان عاجزاً. وقوله " ملجلجة"، وهو أن يرددها في فيه، وقد مضى تفسيره. لأبي مخزوم النهشلي يفخر بقومه وقال رجل يكنى أبا مخزوم، من بني نهشل بن دارم: إنا بني نهشـل لا نـدعـي لأبٍ عنه، ولا هو بالأبنـاء يشـرينـا إن تبتدر غايةٌ يوماً لـمـكـرمةٍ تلق السوابق منا والمصـلـينـا وليس يهلـك مـنـا سـيدٌ أبـداً إلا افتلينا غلامـا ًسـيداً فـينـا إني لمن معشرٍ أفنـى أوائلـهـم قيل الكماة: ألا أين المحامونـا? لو كان في الألف منا واحدٌ فدعوا: من فارس? خالهم إياه يعنـونـا ولا تراهم وإن جلـت رزيتـهـم مع البكاة على من مات يبكونـا إنا لنرخص يوم الروع أنفسـنـا ولو نسام بها في الأمن إغلـينـا إذا الكماة تنـحـوا أن ينـالـهـم حد الظباة وصلنـاهـا بـأيدينـا فرضٌ على مكثرينا نيل بذلـهـم والجود والبذل في طبع المقلينـا إني ومن كأبي يحيى وعتـرتـه لا فخر إلا لنـا أم مـن يوازينـا قوله: "إنا بني نهشل " يعني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ومن قال:" إنا بنو نهشل"، فقد خبرك، وجعل" بنو" خبر "إن"، ومن قال: "بتي"، إنما جعل الخبر: إن تبتدر غاية يوماً لمكرمةٍ تلق السوابق منا و المصلينا ونصب"بني" على فعل مضمر للاختصاص، وهذا أمدح، ومثله: نحن بني ضبة أصحاب الجمل أراد نحن أصحاب الجمل، ثم أبان من يختص بهذا، فقال: أعني بني ضبة وقرأ عيسى بن عمر: "وامراته حمالة الحطب" أراد وامرأته"في جيدها حبل من مسد" المسد 5 ثم عرفها بحمالة الحطب، وقوله:" والمقيمين الصلاة " بعد قوله:" لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون" إنما هو على هذا، وهو أبلغ في التعريف، وسنشرحه على حقيقة الشرح في موضعه إنشاء الله: وأكثر العرب ينشد: إنا بني منقرٍ قوم ذوو حسب فينا سراة بني سعدٍ وناديها قرأ بعض القراء:" فتبارك الله أحسن الخالقين" المؤمنون 14 وقوله:" يشرينا " يريد يبيعنا، يقال: شراه يشريه إذا باعه، فهذه المعروفة، قال الله عز وجل:" وشروه بثمن بخس دراهم" يوسف 20 وقال ابن مفرغٍ الحميري: شريت برداً، ولولا ماتكنفني من الحوادث ما فارقته أبدا ويكون" شريت" في معنى أشتريت، وهو من الأضداد وأنشدني التوزي: اشروا لها خاتناً وابغوا لخنتتها مواسياً أربعأ فيهن تـذكـير وقوله: تلق السوابق منا والمصلينا فالمصلي الذي في إثر السابق، وإنما سمي مصلياً لأنه مع صلوي السابق، وهما عرقان في الردف، قال الشاعر: تركت الرمح يعمل في صلاه كأن سنانه خرطوم نـسـر وقوله: إلا افتلينا غلام سيداً فينا مأخوذ من قولهم:فلوت الفلو يا فتى، إذا أخذته عن أمه، قال الأعشى: ملمع لاعة الفؤاد إلى جـح ش فلاه عنها، فبئس الفالي وأخذ هذا المعنى من قول أبي الطمحان القيني: إذا مات منهم سيدٌ قام صاحبه وقوله: لو كان في الألف منا واحد فدعوا: من فارس? خالهم إياه يعنـونـا مأخوذ من قول طرفة : إذا القوم قالوا: من فتى? خلت أنني عينت، فلم أكسل ولـم أتـبـلـد ومن قول متمم بن نويرة: إذا القوم قالوا: من فتى لعظيمةٍ فما كلهم يدعى، ولكنه الفتـى وقوله؛ "حد الظباة"، فالظبة الحد بعينه، يقال: أصابته ظبة السيف، وظبة النصل، وجمعه ظبات وأراد بالظبة ههنا موضوع المضرب من السيف وأخذ هذا المعنى من قول كعب بن مالك: نصل السيوف إذا قصرنا بخطونا قدماً، ونلحقها إذا لم تـلـحـق وقوله: إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا أخذه من قول الهمداني وهو الأجدع أبو مسروق بن الأجدع الفقيه : لقد علمت نسوان هدمان أننـي لهن غداة الروع غير خـذول وأبذل في الهيجاء وجهي وإنني له في سوى الهيجاء غير بذول ومن القتال الكلابي حيث يقول : أنا ابن الأكرمين بني قشير وأخوالي الكرام بنو كلاب نعرض للطعان إذا التقينـا وجوهاً لا تعرض للسباب باب من كلام عمر بن عبد العزيز قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ثلاثٌ من كن فيه فقد كمل: من لم يخرجه غضبه عن طاعة الله، ولم يستنزله رضاه إلى معصية الله، وإذا قدر عفا وكف. من كلام الحسن البصيري قال الحسن: نعم الله أكثر من أن تشكر إلا ما أعان عليه، وذنوب ابن آدم أكثر من أن يسلم منها إلا ما عفا الله عنه. كلام عمر بن ذر حينما دخل على ابنه وهو يجود بنفسه وقال عمر بن ذر ودخل على ابنه وهو يجود بنفسه فقال : يا بني، إنه ما علينا من موتك غضاضة، ولا بنا إلى أحد سوى الله حاجةٌ فلما قضى وصلى عليه وواره وقف على قبره، فقال: يا ذر، إنه قد شغلنا الحزن لك عن الحزن عليك، لأنا لا ندري ما قلت ولا ما قيل لك، اللهم إني قد وهبت له ما قصر فيه مما افترضت عليه من حقي، فهب له ما قصر فيه من حقك، واجعل ثوابي عليه له، وزدني من فضلك، إني إليك من الراغبين. وسئل: ما بلغ من بره بك فقال: ما مشى معي بنهار قط إلا قدمني، ولا بليل إلا تقدمني، ولا رقي سطحاً وأنا تحته. جواب أبي دلامة حينما سأله المنصور عما أعده ليوم القيامة وماتت بنت عم للمنصور، فحضر جنازتها، وجلس لدفنها، وأقبل أبو دلامة الشاعر، فقال له المنصور: ويحك ما أعددت لهذا اليوم? فقال : يا أمير المؤمنين ابنة عمك هذه التي واريتها قبيل قال: فضحك المنصور حتى استغرب. الفرزدق في سجن مالك بن المنذر ودخل لبطة بن الفرزدق على أبيه وهو محبوس في سجن مالك بن المنذر ابن الجارود، ومالك عاملٌ على البصرة لخالد بن عبد الله القسري، فقال : يا أبت، هذا عمر بن يزيد الأسيدي، ضرب آنفاً ألف سوطٍ فمات فشد على حمار: فقال الفرزدق: كأنك والله يابني بمثل هذا الحديث قد تحدث به عن أبيك-والحسن إذ ذاك عند محبوس له-فقال: يا أبا فراس: ما عندك إن كان ذلك? فقال: والله يا أبا سعيد، الله أحب إلي من سمعي وبصري، ومن مالي وولدي، ومن أهلي وعشيرتي، أفتراه يخذلني! فقال الحسن: لا. الفرزدق حين قتل عمر بن يزيد الأسيدي وكان عمر بن يزيد الأسيدي شريفاً، حدثني التوزي عن أبي عبيدة قال: كان رجل أهل البصرة عمر بن يزيد الأسيدي، ورجل أهل الشام عمر بن هبيرة الفزازي، ورجل أهل الكوفة بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، فقيل ذلك لعمر بن عبد العزيز: فقال أجل، لولا خب في بلالٍ فقال، بلالٌ لما بلغه ذلك:" رمتني بدائها وانسلت". وقتله مالك بن المنذر تعصباً فيما تذكره المضرية. فلما دخل بمالك على هشام أقبل على أصحابه، فقال،أما رأيتم عمر بن يزيد: أما إني ما تمنيت أن تكون أمي ولدت رجلاً من العرب غير. ثم قال لمالك: قتلت والله خيراً منك حسباً، ونسباً، وريشاً، وعقباً! فقال: وكيف يا أمير المؤمنين! ألست ابن المنذر بن الجارود، وابن مالك بن مسمع! وكان جده أبا أمه وجعل عمر و السياط تأخذه ينادي: يا هشاماه! ففي ذلك يقول الفرزدق: ألم يك مقتل العبدي ظلمـاً أبا حفصٍ من الكبر العظام قتيل جماعةٍ في غير حـق يقطع وهو يدعو: يا هشام! لقاء الحسن البصري والفرزدق في جنازة والتقى الحسن والفرزدق في جنازة، فقال الفرزدق للحسن: أتدري ما يقول الناس يا أبا سعيد? قال: وما يقولون? قال: يقولون?: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس! فقال الحسن: كلا، لست بخيرهم، ولست بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم? فقال:شهادة أن لا إله إلا الله مذ ستون سنة، و خمس نجائب لا يدركن- يعني الصلوات الخمس- فيزعم بعض التميمية أن الفرزدق رئي في النوم، فقيل له: ما صنع بك ربك? فقال: غفر لي. فقيل له: بأي شيء فقال: بالكلمة التي نازعني فيها الحسن. الفرزدق وأولاد بني تميم وحدثني العباس بن الفرج في إسنادٍ له ذكره قال: كان الفرزدق يخرج من منزله فيرى بني تميم والمصاحف في حجورهم، فيسر بذلك ويجذل به، ويقول: إيه فدى لكم أبي وأمي! كذا والله كان آباؤكم. قال أبو الحسن: إنما هو فداؤٌ لكم، لكنه قصر الممدود على هذه الرواية الفرزدق وأبو هريرة الدوسي ونظر إليه أبو هريرة فقال له: مهما فعلت فقنطك الناس فلا تقنط من رحمة الله، ثم نظر إلى قدميه فقال: إني أرى لك قدمين لطيفتين، فابتغ لهما موقعاً صالحاً يوم القيامة. يقال: قنط يقنط،وقنط يقنط، وكلاهما فصيح، فاقرأ بأيهما شئت، وكذلك نقم ينقم، ونقم ينقم.


قول الفرزدق حينما تعلق بأستار الكعبة والفرزدق يقول في آخر عمره حين تعلق بأستار الكعبة، وعاهد الله ألا يكذب، ولا يشتم مسلماً: ألم ترني عاهدت ربي وإننـي لبين رتاجٍ قـائمـاً ومـقـام على حلفة لا أشتم الدهر مسلماً ولا خارجاً من في زور كلام وفي هذا الشعر: أطعتك يا إبليس تسعين حـجةٌ فلما انقضى عمري وتم تمامي رجعت إلى ربي وأيقنت أننـي ملاقٍ لأيام المنون حمـامـي قوله:" لبين رتاج"، فالرتاج غلق الباب، ويقال: باب مرتج، أي مغلقٌ، ويقال: أرتج على فلان، أي أغلق عليه الكلام، وقول العامة:" أرتج عليه"، ليس بشيء، إلا أن التوزي حدثني عن أبي عبيدة. قال يقال: أرتج عليه، ومعناه وقع في رجةٍ، أي في اختلاط، وهذا معنى بعيد جداً. وقوله:" ولا خارجاً" إنما وضع اسم الفاعل في موضع المصدر، أراد: لا أشتم الدهر مسلماً، ولا يخرج خروجاً من في زور كلام، لأنه على ذا أقسم، والمصدر يقع في موضع اسم الفاعل، يقال: ماءٌ غور، أي غائر، كما قال الله عز وجل:" إن أصبح ماؤكم غوراً"الملك30، ويقال: رجل عدلٌ، أي عادل، ويوم غم، أي غام، وهذا كثير جداً،فعلى هذا جاء المصدرعلى فاعل، كما جاء اسم الفاعل على المصدر، يقال: قم قائماً، فيوضع في موضع قولك: قم قياماً، وجاء من المصدر على لفظ "فاعل" حروفٌ، منها: فلج فالجا، وعوفي عافية، وأحرف سوى ذلك يسيرة. وجاءعلى "مفعول"، نحو رجل ليس له معقول، وخذ ميسوره، ودع معسوره، لدخول لمفعول على المصدر، يقال رجل رضاً، أي مرضي، وهذا درهم ضرب الأمير، أي مضروب، وهذه دراهم وزن سبعةٍ، أي موزونة، وكان عيسى بن عمر يقول: إنما قوله:" لا أشتم" حال، فأراد: عاهدت ربي في هذه الحال وأنا غير شاتمٍ ولا خارجٍ من في زوركلام، ولم يذكر الذي عاهد عليه. للفرزدق في أيام نسكه وقال الفرزدق في أيام نسكه: أخاف وراء القبر إن لم يعافنـي أشد من القبر إلتهاباً وأضـيقـا إذا قادنـي يوم الـقـيامة قـائدٌ عنيف، وسواق يسوق الفرزدقـا لقد خاب من أولادي آدم من مشى إلى النار مغلول القلادة أزرقـا إذا شربوا فيها الحميم رأيتـهـم يذوبون من حر الحميم تمـزقـا للفرزدق حين طلق النوار وحدثني بعض أصحابنا عن الأصمعي عن المعتمر بن سليمان عن أبي مخزوم عن أبي شفقلٍ راوية الفرزدق، قال: قال لي الفرزدق يوماً: امض بنا إلى حلقة الحسن، فإني أريد أن أطلق النوار، فقلت: إني أخاف عليك أن تتبعها نفسك، ويشهد عليك الحسن وأصحابه، فقال: امض بنا فجئنا حتى وقفنا على الحسن، فقال: كيف أصبحت يا أبا سعيد? فقال: بخير، كيف أصبحت يا أبا فراس? قال: تعلمن أن النوار مني طالق ثلاثاً، فقال الحسن وأصحابه: قد سمعنا، قال: فانطلقنا، قال: فقال لي الفرزدق: يا هذا، إن في قلبي من النوار شيئاً، فقلت: قد حذرتك، فقال: ندمت ندامة الكسعي لمـا غدت مني مطلقةٌ نـوار وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار ولو أني ملكت يدي ونفسي لكان علي للقدر الخـيار قال الأصمعي: ما روى المعتمر هذا الشعر إلا من أجل هذا البيت. باب نبذة في الخمريات قال لقيط بن زراه: شربت الخمر حتى خلت أني أبو قابوس أبو عبد المـدان أمشي في بني عدس بن زيدٍ رخي البال منطلق اللسـان وحدثني أبو عثمان المازني قال:أسر رجل يوم الحسين بن علي رضي الله عنه فأتي به يزيد بن معاوية، فقال له:أليس أبوك القائل: أرجل جمتي وأجـر ذيلـي وتحمل شكتي أفقٌ كمـيت أمشي في سراة بني غطيفٍ إذا ما سامني ضيمٌ أبـيت

قال: بلى فأمر به فقتل، قال أبو العباس:ونمي إلي أن معاوية ولى كثير بن شهاب المذحجي خراسان فاختان مالاً كثيراً ثم هرب فاستتر عند هانىء بن عروة المرادي، فبلغ ذلك معاوية فنذر دم هانىء فخرج هانىء فكان في جوار معاوية ثم حضر مجلسه ومعاوية لا يعرفه، فلما نهض الناس ثبت مكانه، فسأله معاوية عن أمره فقال:أنا هانىء بن عروة فقال:إن هذا اليوم ليس بيومٍ يقول فيه أبوك أرجل جمتي الشعر له هانىء:أنا اليوم أعز مني ذلك اليوم، قال له: بم ذاك? قال:بالإسلام يا أمير المؤمنين، قال له: أين كثير بن شهاب? قال:عندي في عسكرك ياأمير المؤمنين، فقال له معاوية: انظر إلى ما اختانه فخذ منه بعضاً، و سوغه بعضاً . ?????????????????????????????????????????????? أقوال الشعراء في الخمر وقال أعرابي: ولقد شربت الراح حتى خلتنـي لما خرجت أجر فضل المـئزر أبا قابوس أو عمر و بن هند ماثلاً يجبى له ما دون دارة قـيصـر وقال آخر: شربنا من الداذي حتى كأنـنـا ملوك لهم بر العراقين والبحر فلما انجلت شمس النهار رأيتنا تولى الغنى عنا وعاودنا الفقر وقال آخر، وهو عبد الرحمن بن الحكم: وكأسٍ ترى بين الإناء وبينهـا قظى العين قد نازعت أم أبان ترى شاربيها حين يعترانـهـا يميلان أحـيانـاً ويعـتـدلان فما ظن ذا الواشي بأروع ماجدٍ وبداء خودٍ حـين يلـتـقـيان وقال آخر: دعتني أخاها أم عمروٍ ولم أكن أخاها، ولم أرضع لها بلبـان دعتني أخاها بعدما كان بيننـا من الأمر ما لا يفعل الأخوان وقال آخر: فبتنا فويق الحي لا نحن منهم ولا نحن بالأعداء مختلطـان وبات يقيناً ساقط الطل والندى من الليل بردى يمنةٍ عطران نعدي بذكر الله في ذات بيننى إذا كان قلبانـا بـنـا يردان قال أبو الحسن: وزادني فيه غير أبي العباس: ?ونصدر عن رأي العفاف و ربما=نقعنا غليل النفس بالرشفان وقال أبو العباس:"نعدي " أي نصرف الشر بذكر الله:يقال :فعد عما ترى، أي فانصرف عنه إلى غيره، ويقال:لا يعدونك هذا الحديث:أي لا يتجاوزونك إلى غيرك. قال أبو العباس: وقال رجل من قريش: من تقرع الكأس اللئيمة سـنـه فلا بد يوماً لأن يسىء ويجهلا ولم أر مطلوباً أخس غـنـيمة وأوضع للأشراف منها وأخملا وأجدر أن تلقى كريماً يذمـهـا ويشربها حتى يخـر مـجـدلا فوالله ما أدري:أخبل أصابـهـم أم العيش فيها لم يلاقوه أشكلا وقال الآخر : إذا صدمتني الكأس أبدت محاسنـي ولم يخش ندماني أذاتي ولا بخلـي ولست بفاحـشٍ عـلـيه وإن أسـا وما شكل من آذى نداماه من شكلي وقال آخر: كل هنيئاٌوما شربت مـريئاٌ ثم قم صاغراٌفغير كـريم لاأحب النيديم يومض بالعين إذا ماانتشى لعرس النـديم الإيماض: تفتح البرق ولمحه .يقال: أومضت المرأة إذا ابتسمت، وإنما ذلك تشبيه للمع ثناياها بتبسم البرق، فأراد أنه فتح عينه ثم غمضها بغمز. وقال حسان بن ثابت : كأن سبيئةٌ من بـيت رأس يكون مزاجها عسل وماء إذا ما الأشربات ذكرن يوماٌ فهن لطيب الراح الفـداء نوليها الملامة إن ألمـنـا إذا ما كان مغث أو لحـاء ونشربها فتتركنا ملـوكـاٌ وأسداٌ ما ينهنهها اللـقـاء المغث:المماغثة باليد . واللحاء: الملاحاة باللسان، يقول : يعتذر المسىءبأن يقول : كنت سكران، فيعذر. وقوله :" كأن سبيئةٌ"، يقال سبأتها: إذا اشتريتها سباءٌ، يعني الخمر، والسابيء:الخمار وقوله:" من بيت رأس "، يعني موضعاٌ: كما يقال حارث الجولان. باب نبذ من أقوال الحكماء قال أبو العباس : قال الأحنف بن قيس : ألا أدلكم على المحمدة بلا مرزئة? الخلق السجيح، والكف عن القبيح .ألاأخبركم بأدوإ الداء ? الخلق الدنيء، واللسان البذيء.

وقال الأحنف: ثلاث في ما أقولهن إلا ليعتبر معتبر: ما دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما، ولا أتيت باب أحد من هؤلاء ما لم أدع، يعني السلطان ولا حللت حبوتي إلى ما يقوم إليه الناس. تكسر الحاء وتضمها إذا أردت الاسم، وتفتحها إذا أردت المصدر، إنشدني عمارة بن عقيل لجرير: قتل الزبير، وأنت عاقد حبوةٍ قبحاٌ لحبوتك التي لم تحلـل ويقال في جمع حبوة: حبى وحبى، مقصوران. وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ماأحسن الحسنات في آثار السيئات وأقبح السيئات في آثار الحسنات، وأقبح من ذا وأحسن من ذاك السيئات في آثارالسيئات، والحسنات في آثار الحسنات.والعرب تلف الخبرين المختلفين، ثم ترمي بتفسير هما جملة، ثقة بأن السامع يرد إلى كل خبره. وقال الله عز وجل:" ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله" وقال رجل لسلم بن نوفل: ما أرخص السؤدد فيكم فقال سلم: أما نحن فلا نسود إلا من بذل لنا ماله، وأوطأنا عرضه، وامتهن في حاجتنا نفسه. فقال الرجل: إن السؤدد فيكم لغال. ولسلم يقول القائل: يسود أقوام ولـيسـوا بـسـادة بل السيد المعروف سلم بن نوفل وقال معاوية رحمه الله لعرابة بن أوس بن قيظي الأنصاري: بم سدت قومك? فقال :لست بسيدهم،ولكني رجل منهم، فعزم عليه فقال: أعطيت في نائبهم وحلمت عن سفيههم، وشددت على يدي حليمهم، فمن فعل منهم مثل فعلي فهو مثلي، ومن قصر عنه فأنا أفضل منه، ومن تجاوزه فهو أفضل مني . مدح الشماخ لعرابة بن أوس قال أبو العباس: وكان سبب ارتفاع عرابة أنه قدم من سفر، فجمعه الطريق والشماخ بن ضرار المري، فتحادثا، فقال عرابة: ماالذي أقدمك المدينة قال: قدمت لأمتار منها، فملأ له عرابة رواحله برا وتمراً، وأتحفه بغير ذلك،فقال الشماخ: رأيت عرابة الأوسي يسمـو إلى الخيرات منقطع القرين إذا ما راية رفعت لمـجـد تلقاها عـرابة بـالـيمـين إذا بلغتني وحملت رحـلـي عرابة، فاشرقي بدم الوتين ومثل سراة قومك لم يجاروا إلى ربع الرهان ولا الثمين قوله:"تلقاها عرابة باليمين"، قال أصحاب المعاني: معناه بالقوة،وقالوا مثل ذلك في قول الله عز وجل :" والسموات مطويت بيمينه" وقد أحسن كل الاحسان في قوله: إذا بلغتني وحملت رحلي عرابة فاشرقي بدم الوتين يقول: لست أحتاج إلى أن أرحل إلىغيره. وقد عاب بعض الرواة قوله:" فاشرقي بدم الوتين"، وقال كان ينبغي أن ينظر لها مع استغنائه عنها، فقد قال رسول الله ﷺ للأنصارية المأسورة بمكة وقد نجت على ناقة رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن نجوت عليها أن أنحرها. فقال رسول الله ﷺ: لبئس ما جزيتها" وقال: " لانذرفي معصية، ولا نذر للانسان في غير ملكه". ومما لم يعب في هذا المعنى قول عبد الله بن رواحة الأنصاري لما أمره رسول الله ﷺ بعد زيد وجعفرٍ على جيش مؤتة: إذا بلغتني وحملت رحلـي مسيرة أربع بعد الحسـاء فشأنك فانعمي وخـلاك ذم ولا أرجع إلى أهلي ورائي الحساء : جمع حسي، وهو موضع رمل تحته صلابة، فإذا مطرت السماء على ذلك الرمل نزل الماء، فمنعته الصلابة أن يغيض، ومنع الرمل السمائم أن تنشفه، فإذا بحث ذلك الرمل أصيب الماء، يقال : حسي وأحساء وحساء، ممدودة. وقوله :" ولا أرجع إلى أهلي ورائي " مجزوم لأنه دعاء، فقوله :"لا" يعني الجازمة، ومعناه :اللهم لا أرجع،كما تقول : زيد لا تغفر له، فهذا الدعاء ينجزم بما ينجزم به الأمر والنهي، كما تقول : زيد ليقم، وزيد لا يبرح وقد اتبع ذو الرمة الشماخ في قوله: إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته فقام بفأس بين وصليك جازر الوصل: المفصل بما عليه من اللحم، يقال : قطع الله أوصاله، ويقال :وصل، وكسروجدل،في معنى واحد . باب لرجل من رجاز بني تميم في وقعة الجفرة قال أبو العباس: أنشدني الوزي لرجل من رجاز بني تميم في وقعة الجفرة: نحن ضربنا الأزد بالعراق والحي من ربيعة المراق

وابن سهيل قالـئد الـنـفـاق بلا مـعـونــاتٍ ولا أرزاق إلا بـقـايا كـرم الأعــراق لشدة الخـشـية و الإشـفـاق ومن المخازي والحديث الباقي جمع عرق، يقال: فلان كريم العرق ولئيم العرق، أي الأصل. أقوال في قلة النوم وقال آخر يصف ابنه: أعرف منه قلة النـعـاس وخفةٌ في رأسه من راسي كيف ترين عنده مراسي يخاطب أم ابنه. فقوله: " أعرف منه قلة النعاس"، أي الذكاء والحركة. وكان عبد الملك بن مروان يقول لمؤدب ولده: علمهم العوم، وهذبهم بقلة النوم. وكذا قال أبو كبيرٍ الهذلي: فأتت به حوش الجنلن مبطناً سهداً إذل ما نام ليل الهوجل وقال آخر: فجاءت به حوش الفؤاد مسهداً وأفضل أولاد الرجال المسهد وقال رسول الله ﷺ:" إن عيني تنامان ولا ينام قلبي". لعروة بن الورد وقال عروة بن الورد العبسي، وهو عروة الصعاليك: لحا الله صعلوكاً إذا جن لـيلـه مصافي المشاش آلفاً كل مجزر ينام ثقيلاً ثم يصـبـح قـاعـداً يحت الحصى عن جنبه المتعفر يعين نساء الحي ما يستـعـنـه فيضحي طليحاً كالبعير المحسر ولكن صعلوكاً صفيحة وجهـه كضوء سراج القابس المتنـور مطلاً على أعدائه يزجـرونـه بساحتهم زجر المنيح المشهـر وإن بعدوا لا يأمنون اقتـرابـه تشوف أهل الغائب المتنـظـر فذلك إن يلق المنـية يلـقـهـا حميداً، وإن يستغن يوماً فأجدر قال أبو الحسن: كذا أنشده، "فذلك" لأنه لم يرو أول الشعر، والصواب كسر الكاف، لأنه يخاطب امرأة، ألا تراه قال: أقلي علي اللـوم يا ابـنة مـالـك ونامي، وإن لم تشتهي ذاك فاسهري قوله: يحث الحصى عن جنبه المتعفر يريد المتترب، والعفر والعفر : اسمان للتراب، من ذلك قولهم : عفرالله خده، ويقال للظبية : عفراء إذا كانت يضرب بياضها إلى حمرة، وكذلك الكثيب الأعفر. وقوله :" كالبعير المحسر" هو المعيي، :يقال: جمل حسير، وناقة حسير، قال الله عز وجل :"ينقلب إليك البصر خاسئاٌ وهوحسير" وقوله: وإن بعدوا لايأمنون اقترابه على التقديم والتأخير، أراد: لايأمنون اقترابه وإن بعدوا، وهذا حسن في الإعراب إذا كان الفعل الأول في المجازاة ماضياٌ، كما قال زهير: وإن أتاه خلـيل يوم مـسـألة يقول :لا غائب مالي ولا حرم فإن كان الفل الأول مجزوماٌ لم يجز رفع الثاني إلا ضرورة، فسيبويه يذهب إلى أنه على التقديم والتأخير، وهو عندي على إرادة الفاء،لعلة تلزمه في مذهبه، نذكرها في باب المجازاة إذا جرى في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، فمن ذلك قوله: يا أقرع بن حابـس يا أقـرع إنك إن يصرع أخوك تصرع أراد سيبويه: إنك تصرع إن يصرع أخوك. وهو عندي على قوله: إن يصرع أخوك فأنت تصرع يا فتى، ونستقصي هذا في بابه إن شاء الله تعالى. وقوله كيف ترين عنده مراسي يقول للمرأة: عززتك على شبهه. ويقال: أنجب الأولاد ولد الفارك. وذلك لأنها تبغض زوجها. فيسبقها بمائه. فيخرج الشبه إليه. فيخرج الولد مذكراً. وكان بعض الحكماء يقول: إذا أردت أن تطلب ولد المرأة فأغضبها، ثم قع عليها. فإنك تسبقها بالماء، وكذلك ولد الفزعة، كما قال، كما قال أبو كبير الهذلي: من حملن به وهن عـواقـدٌ حبك النطاق فشب غير مهبل حملت به في لـيلة مـزؤودةٍ كرهاً، وعقد نطاقها لم يحلل مزؤودة: ذات زؤدٍ، وهو الفزع، فمن نصب " مزؤودة " أراد المرأة. ومن خفض فإنه أراد الليلة، وجعل الليلة ذات فزع، لأنه يفزع فيها، قال الله عز وجل "بل مكر اليل و النهار" سبأ33 والمعنى: بل مكركم في الليل والنهار: وقال جرير: لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت، وما ليل المطي بنـائم وقال آخر: فنام ليلي وتجلى همي وهذا الرجز ضد ما قال الآخر في ولده، فإنه أقر بأن امراته غلبته على شبهه، وذلك قوله: نمت و عرق الخال لا ينام يقول: عزتني أمه على الشبه، فذهبت به إلى أخواله. وقال آخر:

لقد بعثت صاحباً من العـجـم بين ذوي الأحلام والبيض اللملم كان أبوه غائباً حتـى فـطـم يقول: لم يسق غيلاً، وقال رسول اله ﷺ:"هممت أن أنهى أمتي عن الغيلة حتى علمت أن فارس و الروم تفعل ذلك بأولادها،فلا تضير أولادها " والغيلة: أن ترضع المرأة وهي حامل، أو ترضع وهي تغشى. ويزعم أهل الطب من العرب و العجم أن ذلك اللبن داءٌ. وقالت أم تأبط شراً: والله ما حملته تضعاً ووضعاً أيضأً ولا وضعته تيناً،ولا سقيته غيلاً، ولا أبته مئقاً. وقال الأصمعي: ولا أبته على مأقةٍ. قولها:" ما حملته تضعاً"، يقال إذا حملت المرأة عند مقتبل الحيض: حملته وضعاً وتضعاً، وإذا خرجت رجلاً المولود من قبل رأسه قيل: وضعته يتناً قال الشاعر: ?فجاءت به يتناً يجر مشيمة=تسابق رجلاه هناك الأناملا ويقال للرجل إذا قلب الشيء عن جهته: جاء به يتناً قال عيسى بن عمر: سألت ذا الرمة عن مسألة، فقال لي: أتعرف اليتن? قلت: نعم، قال: فمسألتك هذه يتن. قال: وكنت قد قلت الكلام. والغيل ما فسرناه. وأما قولها: ولا أبته مئقاً، تقول: لن أبته مغيظاً: وذلك أن الخرقاء تبيت ولدها جائعاً مغموماً، لحاجته إلى الرضاع، ثم تحركه في مهده حتى يغلبه الدوار فينومه: والكيسة تشبعه وتغنيه في مهده، فيسري ذلك الفرح في بدنه من الشبع كما سرى ذلك الغم والجوع في بدن الآخر. ومن أمثال العرب:" أنا تئق، وصاحبي مئق، فكيف نتفق? التئق: المملوء غيظاً وغضباً، والمئق: القليل الا حتمال، فلا يقع الاتفاق. باب من كلام ابن عباس قال أبو العباس: قال ابن العباس رضي الله عنهما: لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره، فإنه يشكرك عليه من لم تصطنعه إليه: ???من كلام عبد الله بن جعفر وأنشد عبد الله بن جعفر قول الشاعر: إن الصنيعة لا تكون صـنـيعة حتى تصيب بها طريق المصنع فقال: هذا رجل يريد أن يبخل الناس، أمطر المعروف مطراً، فإن صادف موضعاً فهو الذي قصدت له، وإلا كنت أحق به. قال أبو الحسن الأخفش: حدثنا المبرد في غير الكامل قال: قال الحسن والحسين رضوان الله عليهما لعبدالل بن جعفر: إنك قد أسرفت في بذل المال، قال : بأبي أنتما وأمي إن الله عودني أن يفضل علي، وعودته أن أفضل على عباده، فأخاف ان أقطع العادة فتقطع عني. ليزيد بن المهلب وقد مر بأعرابية عند خروجه من سجنه. ومر يزيد بن المهلب بأعرابية في خروجه من سجن عمر بن عبد العزيز يريد البصرة، فقرته عنزاً فقلبها، وقال لإبنه ????????معاوية: ما معك من النفقة ? فقال: ثمانمائة دينار، قال : فادفعها إليها، قال أبنه: إنك تريد الرجال، ولا يكون الرجال إلا بالمال، وهذه يرضيها اليسير، وهي بعد لا تعرفك فقال له: إن كانت ترضى باليسير، فأنا لا أرضى إلا بالكثير، وإن كانت لا تعرفني، فأنا أعرف نفسي ادفعها إليها. حديث للأصمعي عن ضرار بن القعقاع وزعم الأصمعي أن حرباٌ كانت بالبادية، ثم اتصلت بالبصرة فتفاقم الأمر فيها، ثم مشي بين الناس بالصلح، فاجتمعوا في الجامع،قال: فبعثت وأنا غلام إلى ضرار بن القعقاع من بني دارم، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت، فإذا به في شملة يخلط بزراٌ له حلوب، فخبرته بمجتمع القوم، فأمهل حتى أكلت العنز، ثم غسل الصحفة وصاح: ياجارية غدينا، قال: فأتته بزيت وتمر، قال: فدعاني فقذرته أن آكل معه، حتى إذا قضى من أكله حاجة، وثب إلى طين ملقى في الدار، فغسل به يده، ثم صاح: يا جارية، اسقيني الماء، فأتته بماء، فشربه، ومسح فضله على وجهه، ثم قال : الحمد لله، ماء الفرات، بتمر البصرة، بزيت الشام، متى نؤدي شكر هذه النعم ثم قال: يا جارية، علي بردائي، فأتته برداء عدني، فأرتدى به على تلك الشملة. قال الأصمعي: فتجافيت عنه استقباحاً لزيه، فلما دخل المسجد صلى ركعتين، ثم مشى إلى القوم، فلم تبق حبوة إلا حلت إعظاماً له، ثم جلس، فتحمل جميع ما كان بين الأحياء في ماله وانصرف. ???????????????بين زياد بن عمرو العتكي و الأحنف بن قيس التميمي وحدثني أبو عثمان بكر بن محمد المازني عن أبي عبيدة قال: لما أتى زياد ابن عمرو المربد، في عقب قتل مسعود بن عمرو العتكي، جعل في الميمنة بكر بن وائل، وفي الميسرة عبد القيس وهم لكيز بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة وكان زياد بن عمرو العتكي في القلب، فبلغ ذلك الأحنف، فقال: هذا غلام حدثٌ، شأنه الشهرة، وليس يبالي أين قذف بنفسه ????????????!فندب أصحابه، فجاءه حارثة بن بدرٍ الغداني، وقد اجتمعت بنو تميم، فلما طلع قال: قوموا إلى سيدكم، ثم أجلسه فناظره، فجعلوا سعداً والرباب في القلب، ورئيسهم عبس بن طلقٍ الطعان، المعروف بأخي كهمس، وهو أحد بني صريم بن يربوع، فجعل في القلب بحذاء الأزد، وجعل حارثة بن بدرٍ في حنظلة بحذاء بكر بن وائل، وجعلت عمرو بن تميم بحذاء عبد القيس، فذاك يقول حارثة بن بدرٍ للأحنف: سيكفيك عبس ابن كهمـس مقارعة الأزد بالمـربـد وتكفيك عمرو على رسلها لكيز بن أفصى وما عددوا ??وتكفيك بكراً إذا أقبلت بضرب يشيب له الأمـرد فلما تواقفوا بعث إليهم الأحنف: يا معشر الأزد وربيعة من أهل البصرة، أنتم والله أحب إلينا من تميم الكوفة، وأنتم جيراننا في الدار، ويدنا على العدو، وأنتم بدأتمونا بالأمس، ووطئتم حريمنا، وحرقتم علينا فدفعنا عن أنفسنا ولا حاجة لنا في الشر ما أصابنا في الخير مسلكاً، فتيمموا بنا طريقة قاصدة. فوجه إليه زياد بن عمرو: تخير خلة من ثلاثٍ إن شئت فانزل أنت وقومك على حكمنا، وإن شئت فخل لنا عن البصرة وارحل أنت وقومك إلى حيث شئتم وإلا فدوا قتلانا، و اهدروا دماءكم، وليود مسعودٌ دية المعشرة. قال أبو العباس، وتاويل قوله : دية المشعرة" يريد أمر الملوك في الجاهلية، وكان الرجل إذا قتلوهو من أهل بيت المملكة ودي عشر ديات . فبعث إليه الأحنف:سنختار، فانصرفوا في يومكم . فهز القوم راياتهم وانصرفوا، فلما كان الغد بعث إليهم: إنكم خيرتمونا خلالاً ليس فيها خيارٌ أما النزول على حكمكم فميف يكون والكلم يقطر دماً? وأما ترك ديارنا فهو أخو القتل، قال الله عز وجل:" ولو كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من ديركم ما فعلوه إلا قليلٌ"النساء66، ولكن الثالثة إنما هي حملٌ على المال، فنحن نبطل دماءنا، وندي قتلاكم، وإنما مسعودٌ رجل من المسلمين، وقد أذهب الله أمر الجاهلية. فاجتمع القوم على أن يقفوا أمر مسعود، ويغمد السيف، ويؤدي سائر القتلى من الأزد وربيعة. فضمن ذلك الأحنف، ودفع إياس بن قتادة المجاشعي رهينة حتى يؤدى هذا المال، فرضي به القوم، ففخر بذلك الفرزدق فقال: ومنا الذي أعطـى يديه رهـينةً لغاري معد يوم ضرب الجماجم عشية سال المربدان كلاهـمـا عجاجة موتٍ بالسيف الصوارم هنالك لو تبغي كليباً وجدتـهـا أذل من القردان تحت المناسـم قال أبو الحسن وكان أبو العباس ربما رواه: لغار معد ويقال: إنما تميماً في الوقت مع باديتها وحلفائها من الأساورة والزط، والسبابجة وغيرهم كانوا زهاء سبعين ألفاً، ففي ذلك يقول جرير: سائل ذوي يمن ورهط محرقٍ والأزد إذ ندبوا لنا مسعـودا فأتاهم سبعون ألف مـدجـج متسربلين يلامعـا و حـديدا قال الأحنف بن قيس: فكثرت علي الديات، فلم أجدها في حاضرة تميم، فخرجت نحو يبرين، فسألت عن المقصودهناك، فأرشدت إلى قبةٍ، فإذا شيخٌ جالسٌ بفنائها، مؤترز بشملةٍ، محتب بحبل، فسلمت عليه، وانتسبت له فقال: ما فعل رسول الله ﷺ ? فقلت: توفي صلوات الله عليه! قال : فما فعل عمر بن الخطاب الذي كان يحفظ العرب و يحوطها? قلت له: مات رحمه الله تعالى ! قال فأي خيرٍ في حاضرتكم بعدها ! قال فذكرت له الديات التي لزمتنا للأزد وريعة. قال: فقال لي: أقم، فإذا راعٍ قد أراح ألف بعير، فقال: خذها، ثم أراح عليه آخر مثلها، فقال: خذها، فقلت: لا أحتاج إليها، قال: فانصرفت بالألف عنه، ووالله من هو إلى الساعة! ???قوله:" المناسب" واحدها منسم، وهو ظفر البعير في مقدم الخف، وهو من البغيرة كالسنبك من الفرس وقوله: عشية سال المربدان كلاهما

يريد المربد وما يليه مما جرى مجراه، ةالعرب تفعل هذا في الشيئين إذا جريا في باب واحد، قال الفرزدق: أخذنا بآفاق السماء عليكـم لنا قمراها والنجوم الطوالع يريد الشمس والقمر: لأنهما قد اجتمعا في قولك، " النيران"، وغلب الاسم المذكر، وإنما يؤثر في مثل هذا الخفة، وقالوا:" العمران" لأبي بكر وعمر، فإن قال قائل:إنما هو عمر بن الخطاب و عمر بن عبد العزيز، فلم يصب، لأن أهل الجمل نادوا بعلي بن أبي طالب رحمه الله عليه : أعطنا سنة العمرين. فإن قال قائل: فلم لم يقولوا: أبوي بكر، وأبو بكر أفضلهما فلأن عمر اسم مفرد، وإنما طلبوا الخفة. وأنشدني التوزي عن أبي عبيدة لجرير: وما لتغلب إن عدوا مساعيهـم نجم يضيء ولا شمس ولا قمر ما كان يرضى رسول الله فعلهم والعمران أبو بكر ولا عمـر هكذا أنشدنيه : وقال آخر : قدني من نصر الخبيبين قدي يريد عبد الله و مصعبا ابني الزبير و إنما أبو خبيب عبد الله، وقرأ بعض القراء:" سلمٌ على إل ياسين" الصافات : 130 فجمعهم على لفظ إلياس ومن ذا قول العرب: المسامعة، والمهالبة، والمناذرة، فجمعهم على اسم الأب. و المشعرة : اسم لقتلى الملوك خاصة، كانوا يكبرون أن يقولوا : قتل فلان، فيقولون أشعر فلان، من إشعار البدن . ويروى أن رجلاً قال: حضرت الموقف مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصاح به صائح: يا خليفة رسول الله ﷺ. ثم قال: يا أمير المؤمنين. فقال رجل من خلفي: دعاه باسم رجل ميت، مات والله أمير المؤمنين. فالتفت فإذا رجل من بني لهب، وهم وهم من بني نصر بن الأزد،وهم أزجر قوم، قال كثير: سألت أخاً لهب ليزجـر زجـرةً وقد صار زجر العالمين إلى لهب قال: فلما وقفنا لرمي الجمار إذا حصاةٌ قد صكت صلعة عمر فأدمته، فقال قائل: أشعر والله أمير المؤمنين، والله لا يقف هذا الموقف أبداً. فالتقت فإذا بذلك اللهبي بعينه، فقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الحول. باب لذي الرمة في الزجر قال أبو العباس: أنشدني رجل من أصحابنا من بني سعدٍ، قال: أنشدني أعرابي في قصيدة ذي الرمة: ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ولا زال منهلاً بجرعائك القطر بيتين لم تأت بهما الرواة، وهما: رأيت غراباً ساقطاً فـوق قـضـبةٍ من القضب لم ينبت لها ورقٌ نضر فقلت: غارباً لاغترلـبٍ، وقـضـبةٌ لقضب النوى، هذي العيفة و الزجر لجحدر العكلي وقال آخر قال أبو الحسن: هو جحدرٌ العكلي، وكان لصاً: وقدماً هاجني فازددت شوقاً بكاء حمامتين تجـاوبـان وقدما عن أبي الحسن تجاوبتا بلـحـن أعـجـمـي على عودين من غربٍ وبـان فكان البان أن بانت سلـيمـى وفي الغرب اغترابٌ غير دان مما قيل في المال وأنشدني أبو محلمٍ من ولد طلبة بن قيس بن عاصم: وكنت إذا خاصمت خصماً كببـتـه على الوجه حتى خاصمتني الدراهم فلما تنازعنا الخصـومة غـلـبـت علي، وقالوا: قم فـإنـك ظـالـم وقرأت عن أبي الفضل العباس بن الفرج الرياشي، عن أبي زيد الأنصاري: ولقد بغيت المال من مبغـاتـه والمال وجهٌ للفتى معـروض طلب الغنى عن صاحبي ليحبني إن الفقير إلى الغني بغـيض وقال آخر أنشدني التوزي عن أبي زيد: وصاحب نبهته لـينـهـضـا إذا الكرى في عينيه تمضمضا فقام عجلان ومـا تـأرضـا يمسح بالكفين وجهاً أبـيضـا قوله:"وما تأرضأ":أي لم يلزم الأرض. لشبيب بن البرصاء يفخر بكرمة وأنشدني التوزي عن أبي زيد الأنصاري قال أبو الحسن: هو شبيب بن البرصاء: لقد علمت أم الصبـيين أنـنـي إلى الضيف قوام السنات خروج إذا المرغث العوجاء بات يعزها على ضرعها ذو تومتين لهوج وإني لأغلي اللحم نـياً وإنـنـي لممن يهين اللحم وهو نـضـيج

قوله:"قوام السنات، يريد سريع الانتباه، والسنة: شدة النعاس، وليس بالنوم بعينه، قال الله عز وجل:" لا تأخذه سنةٌ ولا نومٌ" البقرة 255 :وقال ابن الرقاع العاملي: لولا الحياء وأن رأسي قد عسا فيه المشيب لزرت أم القاسم وكأنها بين النساء أعـارهـا عينيه أحور من جآذر جاسم وسنان أقصده النعاس فرنقت في عينيه سنةٌ، وليس بنـائم ومعنى "رنقت" تهيأت، يقال: رنق النسر: إذا مد جناحيه ليطير، قال ذو الرمة: على حد قوسينا كما رنق النسر وقوله:" المرغث": يعني التي ترضع وترغث ولدها، ويقال لها رغوثٌ، قال طرفة: ليت لنا مكان الملك عمرو رغوثاً حول قبتنا تخـور وقوله:" يعزها"، أي يغلبها، وقال الله عز وجل: "وعزني في الخطاب" يقول: غلبني في المخاطبة، وأصله من قوله: كان أعز مني فيها. ومن أمثال العرب:" من عز بز": وتأويله: من غلب استلب. وقال زهيرٌ:" وعزته يداه وكاهله" يقول : كان ذلك أعز ما فيه، ويقال: لهج الفصيل فهو لهوج إذا لزم الضرع، ويقال: رجل ملهجٌ، إذا لهجت فصاله، فيتخذ خلالاً، فيشده على الضرع، أو على أنف الفصيل، فإذا جاء ليرضع أوجعها بالخلال فضرحته عنها برجلها، قال الشماخ يصف الحمار: رعى بارض الوسمي حتى كأنما يرى بسفا البهمى أخله ملهـج البارض: أول ما يبدو من النبت، والبهمى يشبه السنبل، يقول: فهو لما اعتاد هذا المرعى اللدان استخشن البهمى. وسفاها: شوكها. فيقول: كأنه مخلول عن البهمى، أي يراها كالأخلة. وقوله" ذو تومتين" فالتومة في الأصل الحبة، ولكنها في هذا الموضع التي تعلق في الأذن. وكالبيت الأخير قوله: وإني لأغلي لحمها وهـي حـيةٌ ويرخص عندي لحمها حين تذبح بذا فاند بيني وامدحيني فإنـنـي فتى تعتريه هزةٌ حـين يمـدح باب لعمر بن عبد العزيز حينما سئل : أي الجهاد أفضل? قيل لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: أي الجهاد أفضل? فقال: جهادك هواك. لرجل من الحكماء في مجاهدة النفس وقال رجل من الحكماء: أعص النساء وهواك واصنع ما شئت لمحمد بن علي بن الحسين في الزهد وقال محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب رضي الله عنهم: ما لك من عيشك إلا لذة تزدلف بك إلى حمامك، وتقربك من يومك، فأية أكلة ليس معها غصص أو شربة ليس معها شرق فتأمل أمرك، فكأنك قد صرت الحبيب المفقود،والخيال المخترم.أهل الدنيا أهل سفر لا يحلون عقد رحالهم إلا في غيرها. قوله:" تزدلف بك إلى حمامك"، يقول: تقربك: ولذلك سميت المزدلفة وقوله عز وجل :"وزلفا من اليل" إنما هي ساعات يقرب بعضها من بعض، قال العجاج: ناج طواه لأين مما وجـفـا طي الليالي: زلفاٌ فزلـفـا سماوة الهلال حتى احقوقفا ناج : سريع، والأين : الإعياء .والوجيف: ضرب من السير.ونصب"طي الليالي" لأنه مصدر من قوله:" طواه الأين"، وليس بهذا الفعل، ولكن تقدير طواه الأين طياٌ مثل طي الليالي، كما تقول : زيد يشرب شرب الإبل، إنما التقديريشرب شرباٌ مثل الإبل،" فمثل"نعت، ولكن إذا حذفت المضاف استغنى بأن الظاهر يبينه، وقام أضيف إليه مقامه في الإعراب، من ذلك قول الله تبارك تعالى :" وسئل القرية" نصب لأنه كان :" واسأل أهل القرية". وتقول : بنو فلان يطؤهم الطريق، تريد أهل الطريق فحذفت"أهل" فرفعت "الطريق" لأنه في موضع،فعلى هذا فقس إن شاء الله .وقوله " سماوة الهلال"إنما هو أعلاه،ونصب "سماوة " :"بطي"، يريد طواه الأين كما طوت الليالي سماوة الهلال . والشاهد على إنه يريد أعلاه قول طفيل: سماوته أسمال برد محـبـرٍ وسائره من أتحمي مشرعب

ويروى :"معصب"، وإنما سماوته من قولك: سماء،. فاعلم فإذا وقع الإعراب على الهاء أظهرت ما تبنيه على التأنيث على أصله، فإن كان من الياء أظهرت الياء، وإن كان من الواو أظهرت فيه الواو، تقول شقاوة لأنها الشقوة وتقول هذه امرأة سقاية: إذا أردت البناء على غير تذكير، فإن بنيته على التذكير قلبت الياء والواو همزتين: لأن الإعراب عليهما يقع، فقلت : سقاء وغزاء يا فتى، فإن أنثت قلت: سقاءة وغزاءة، والأجود فيما كان له تذكير الهمز،وفيما لم يكن له تذكير الأظهار، وإنما السماء من الواو، لأن الأصل سما يسمو إذا ارتفع، وسماء كل شيء سقفه. وقوله:" حتى احقوقفا" يريد اعوج، وإنما هو افعوعل من الحقف. والحقف: النقا من الرمل يعوج ويدق، .قال الله عز وجل :" إذ أنذر قومه بالأحقاف"أي بموضع هو هكذا. لعلي بن أبي طالب في وصف الدنيا وقال رجل لعلي بن أبي طالب رحمة الله عليه وهو في خطبته: يا أمير المؤمنين، صف لنا الدنيا، فقال: ما أصف من دار أولها عناء، وآخرها فناء، في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، من صح فيها أمن، ومن مرض فيها ندم، ومن استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن. مقدم الربيع بن زياد الحارثي على عمر بن الخطاب قال الربيع بن زياد الحارثي: كنت عاملاً لأبي موسى الأشعري على البحرين، فكتب إليه عمر بن الخطاب رحمه الله يأمره بالقدوم عليه هو وعماله، وأن يستخلفوا جميعاً . قال: فلما قدمنا أتيت يرفأ فقلت: يا يرفأ، مسترشد وابن سبيل، أي الهيئات أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عماله فإومأ إلي بالخشونة، فاتخذت خفين مطارقين، ولبست جبة صوف، ولثت عمامتي على رأسي . ودخلنا على عمر رحمه الله فصفنا بين يديه فصعد فينا وصوب، فلم تأخذ عينه أحداً غيري، فدعاني فقال: من أنت قلت الربيع بن زياد الحارثي، فقال: وما تتولى من أعمالنا قلت : البحرين قال: كم ترتزق قلت: ألفا، قال: كثير، فما تصنع به قلت: أتقوت منه شيئا، وأعود به على أقارب لي. فما فضل عنهم فعلى فقراء المسلمين، قال: فلا بأس، ارجع إلى موضعك، فرجعت إلى موضعي من الصف، فصعد فينا وصوب، فلم تقع عينه إلا علي، فدعاني، فقال: كم سناك، قلت: خمس وأربعون سنة، قال: الآن حين استحكمت ثم دعا بالطعام وأصحابي حديث عهدهم بلين العيش، وقد تجوعت له فأتي بخبز وأكسار بعير، فيجعل أصحابي يعافون ذلك، وجعلت آكل فأجيد، فجعلت أنظر إليه المؤمنين، إن الناس يحتاجون إلى صلاحك فلو عمدت إلى ألين من هذا فزجرني، ثم قالك كيف قلت فقلت: أقول: ياأمير المؤمنين أن تنظر إلى قوتك من الطحين، فيخبز لك قبل إرادتك إياه بيوم، ويطبخ لك اللحم كذلك، فتؤتى بالخبز لينا، واللحم غريضاً. فسكن من غربه وقال: أههنا غرت قلت: نعم، فقال: يا ربيع إنا لو نشاء ملأنا هذه الرحاب من صلائق، وسبائك، وصناب، ولكني رأيت الله عز وجل نعى على قوم شهواتهم، فقال:" أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا" الأحقاف: 20، ثم أمر أبا موسى بإقراري، وأن يسدبدل بأصحابي. قوله:" فلثتها على رأسي " يقول: أدرت بعضها على بغض على غير استواء يقال: رجل ألوث إذا كان شديداً، وذلك من اللوث، ورجل ألوث إذا كان أهوج، وهو مأخوذ من اللوثة. وحدثني عبد الصمد بن المعذل قال: سئل الأصمعي عن المجنون، المسمى قيس بن معاذ، فثبته وقال: لم يكن مجنوناً، ولكن كانت به لوثة كلوثة أبي حية الشاعر. وقيل للأشعث بن قيس بن معديكرب الكندي: بم كنتم تعرفون السؤدد في الصبي منكم قال: إذا كان ملوث الإزرة، طويل الغرلة، سائل الغرة: كأن به لوثة، فلسنا نشك في سؤدده. وقله:" تؤتى باللحم غريضا" يقول: طريا، يقال: لحم غريض، وشواء غريض، يراد به الطراء الغساني: إذا ما فاتني لـحـم غـريض ضربت ذراع بكري فاشتويت وقوله:" صلائق" فمعناه ما عمل بالنار طبخاً وشيا، يقال: صلقت الجنب إذا شويته، وصلقت اللحم إذا طبخته على وجهه. وقوله:" سبئك " يريد ما يسنك من الدقيق فيؤخذ خالصه يريد الحوارى، وكانت العرب تسمي الرقاق السبائك، وأصله ما ذكرنا. والصناب: صباغ بتخذ من الخردل و الزبيب، ومن ذلك قيل للفرس صنلبي إذا كان في ذلك اللون وكان جرير اشترى جارية من رجل يقال له زيد من أهل اليمامة، ففركت جريراً، وجعلت تحن إلى زيد، فقال جرير:

تكلفـنـي مـعـيشة آل زيد ومن لي بالمرقق والصنـاب وقالت: لا تضم كـضـم زيد وما ضمي وليس معي شبابي فقال الفرزدق يجيبه: فإن تفركك علـجة آل زيد ويعوزك المرقق والصناب فقدماً كان عيش أبيك مـراً يعيش بما تعيش به الكلاب وأما قوله:" أكسر بعير" فإن الكسر والجدل والوصل: العظم ينفصل بما عليه من اللحم. و أما قوله:" نعى على قوم" فمعناه أنه عابهم بها ووبخهم : قال أبو عبيدة: اجتمع العكاظيون على أن فرسان العرب ثلاثة، ففارس تميم عتيبة بن الحارث بن شهاب أحد بني ثعلبة بن يربوع بن حنظلة، صياد الفوارس وسم الفرسان. و فارس قيس عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب . و فارس ربيعة بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد، أحد بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، قال : ثم اختلفوا فيهم حتى نعوا عليهم سقطاتهم. وأما قوله: " أههنا غرت"، يقول: ذهبت، يقال غار الرجل إذا أتى الغور وناحيته مما انخفض من الأ رض، وأنجد إذا أتى نجداً وناحيه مما ارتفع في الأرض، ولا يقال " أغار " إنما يقال: غار وأنجد، وبيت الأعشى ينشد على هذا: نبي يرى ما لا ترون وذكـره لعمري غار في البلاد وأنجدا و قوله: "فسكن من غربه"، يقول: من حده، وكذلك يقال في كل شيء في السيف و السهم والرجل وغير ذلك. وقوله:" خفين مطارقين" تأويله: مطبقين يقال : طارقت نعلي إذا أطبقتها. ومن قال: "طرقت" أو "أطرقت" فقد أخطأ، ويقال لكل ما ضوعف: فقد طورق، قال ذو الرمة: طرق الخوافي واقع فوق ريعة ندى ليله في ريشة يترقـرق قوله: "ريعة" موضع ارتفاع: قال الله عز وجل: " أتبنون بكل ربع إية تعبثون" الشعراء: 128، وهو جمع ريعة، وقال الشماخ: تعن له بـمـذنـب كـل واد إذا ما الغيث أخضل كل ريع خطبة لعمر بن عبد العزيز قال أبو العباس: وحدثني العباس بن الفرج الرياشي عن الأصمعي قال : قال عدي بن الفضيل: خرجت إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز إستحفره بئراً بالعذبة، فقال لي: وأين العذبة قلت: على ليلتين من البصرة، فتأسف ألا يكون بمثل هذا الموضع ماء فأحفرني، واشترط علي أن أول شارب ابن السبيل، قال فحضرته في جمعة، وهو يخطب، فسمعه وهو يقول: يا أيها الناس، إنكم ميتون، ثم إنكم مبعوثون، ثم إنكم محاسبون، فلعمري لئن كنتم صادقين لقد قصرتم، و لئن كنتم كاذبين لقد هلكتم. أيها الناس إنه من يقدر له رزق برأس جبل أو بحضيض أرض يأته، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب . قال: فأقمت عنده شهراً ما بي إلا استماع كلامه . قوله: "حضيض" يعني المستقر من الأرض إذا انحدر عن الجبل، ولا يقال حضيض إلا بحضرة جبل، يقال: حضيض الجبل، ويطرح الجبل فيستغنى عنه لأن هذا لا يكون إلا له،ومن ذلك قول امرىء القيس : نظرت إليه قائماً بالحضيض نبذ من أقوال الحكماء وقال علي بن أبي طالب رحمه الله: يا ابن آدم، لا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه، فإنه إن يعلم أنه من أجلك يأت فيه رزقك، واعلم أنك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلا كنت خازناً لغيرك فيه. ويروى للنابغة: ولست بخابىْ ابداً طعاماً حذارغد،لكل غدٍ طعام ويروى ان رسول الله ﷺ قال: "من كان آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، كان كمن حيزت له الدنيا بحذافيرها ". قوله ﷺ:" في سربه"يقول: في مسلكه،يقال: فلان واسع السرب وخلي السرب، يريد المسالك والمذاهب، وإنما هو مثل مضروب للصدر والقلب،يقال: خل سربه،أي طريقه حتى يذهب حيث شاء، ويقال ذلك للإبل لانها تنسرب في الطرقات، ويقال: سرب علي الإبل، أي أرسلها شيئاً بعد شيىء فإذا قلت: سرب، بكسر السين، فإنما هو قطيع من ظباء، أبو بقر، أو شاء أو نساء، أو قطا. قال امرؤ القيس : فعن لنا سرب كأن نـعـاجـه عذارى دوار قي الملاء المذيل دوار: نسك ينسكون عنده في الجاهلية ودوار ما استدار من الرمل، ودوار سجن اليمامة. قال بعض اللصوص: كانت منازلنا التي كنا بها شتى، فألف بيننـا دوار وقال عمر بن أبي ربيعة:

فلم ترعيني مثل سـرب رأيتـه خرجنا علينا من زقاق ابن واقف وكان الحسن يقول: ليس العجب ممن عطب كيف عطب، إنما العجب ممن نجا كيف نجا . وكان الحجاج بن يوسف يقول على المنبر: أيها الناس، اقدعوا هذه الأنفس. فإنما أسأل شيء إذا أعطيت، وأمنع شيء إذا سئلت، فرحم الله امرأ جعل لنفسه خطاماً وزماماً فقادها بخطامها إلى طاعة الله، وعطفها بزمامها عن معصية الله. فإني رأيت الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذابه. قوله:" اقدعوا " يقال قدعته عن كذا: أي منعته عنه، ومنه قول الشماخ : إذا ما استافهن ضربن منـه مكان الرمح من أنف القدوع قوله:"استافهن" يعني حماراً يستاف أتنا، يقول :يرمحنه إذا اشتمهن، والسوف:الشم. وقوله: مكان الرمح من أنف القدوع يريد بالقدوع المقدوع، وهذا من الأضداد، يقال طريق ركوب إذا كان يركب، ورجل ركوب للدواب إذا كان يركبها، ويقال: ناقة رغوث إذا كانت ترضع، وحوار رغوث إذا كانت ترضع، ومثل هذا كثير، يقال: شاة حلوب إذا كانت تحلب، ورجل حلوب إذا كان يحلب الشاة، والقدوع ههنا: البعير الذي يقدع، وهو أن يريد الناقة الكريمة ولايكون كريماً، فيضرب أنفه بالرمح حتى يرجع، يقال: قدعته، وقدعت أنفه، ويروي أن رسول الله ﷺ لما خطب خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ذكر لورقة بن نوفل فقال: محمد بن عبد الله يخطب خديجة بنت خويلد الفحل لا يقدع أنفه . وكان الحجاج يقول: إن امرأ أتت عليه ساعة من عمره لم يذكر فيه ربه،أو يستغفر من ذنبه،أو يفكر في معاده،لجدير أن تطول حسرته يوم القيامة. باب لعمارة بن عقيل يحض بني كعب وبني كلاب على بني نمير قال أبو الحسن: أنشدني عمارة بن عقيل لنفسه يحض بني كعب و بني كلاب، ابني ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن على بني نمير بن عامر بن صعصعة، وبينهم مطالبات وترات. وكانت بنو نمير أعداء عمارة. فكان يحض عليهم السلطان، ويغري بهم إخوتهم، و يحاربهم في عشيرته، فقال : رأينا كما يا ابني ربيعة خرتـمـا لعض الحروب. والعديد كـثـير وصدقتما قول الفرزدق فيكـمـا وكذبتما مـا كـان قـال جـرير أصابت نمير منكم فوق قـدرهـا فكـل نـمـيري بـذاك أمـير فإن تفخروا بما مضى من قديمكم فقد هدمـت مـدائن وقـصـور رمتها مجانيق العدو فقـوضـت مدائن منها كالـجـبـال وسـور وشيدها الأملاك: كسرى وهرمز وآل هرقل حـقـبة، ونـضـير فإن تعمروا المجد القديم فلـم يزل لكم في مضرات الحروب ضرير خبطتم ليوث الشأم حتى تنـاذرت حماكم و حتى لا يهـر عـقـور فكيف بأكناف الشريف تصيبـكـم ثعالب يبحثن الحـصـى وأبـور قال أبو العباس: قوله: فقد هدمت مدائن وقصور مثل، يريد ان مجدكم الذي بناه آباؤكم متى لم تعمروه بأفعالكم خرب وذهب . وهذا كما قال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : لسنا وإن كرمـت أوائلـنـا يوماً على الأحساب نتكـل نبني كما كانـت أوائلـنـا تبني ن ونفعل مثل ما فعلوا وكما قال الآخر: ألهى بني جشم عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم يفاخرون بها مذ كان أولـهـم يا للرجال لفخر غير مسؤوم إن القديم إذا ما ضـاع آخـره كساعد فله الأيام محـطـوم و كما قال عامر بن الطفيل : إني وإن كنت ابن فارس عـامـر وفي السر منها و الصريح المهذب فما سودتني عـامـر عـن وراثة إبى الله أن أسـمـو بـأم ولا أب ولكنني أحمي حماهـا، وأتـقـي أذاها وأرمي من رماها بمقـنـب قال أبو الحسن: أنشدني هذه الأبيات محمد بن الحسن المعروف بابن الحرون ويكنى أبا عبد الله لعامر بن الطفيل العامري. قال أبو الحسن: قال الأصمعي: وكان عامر بن الطفيل يلقب محبراً لحسن شعره، وأولها:

تقول ابنة العمري ما لك بعدمـا أراك صحيحاً كالسليم المعـذب فقلت لها : همي الذي تعلمينـه من الثأر في حيي زبيد وأرحب إن اغز زبيداً أغز قوماً أعـزة مركبهم في الحي خير مركب وإن أغز حيي خثعم فدماؤهـم شفاء، وخير الثأر للمـتـأوب فما أدراك الأوتار مثل محقـق بأجرد طاو كالعسيب المشـذب وأسمر خطي وأبـيض بـاتـر وزغف دلاص كالغدير المثوب سلاح امرىء قد يعلم الناس أنه طلوب لثارات الجال مطلـب ثم أتى بإنشاد أبي العباس على وجهه، إلا أنه روى:"من رماها بمنكب" السليم: الملدوغ، وقيل له:" سليم" تفاؤلاً له بالسلامة، وزبيد وأرحب: حيان من اليمن. والثأر: ما يكون لك عند من أصاب حميمك، من الترة، ومن قال " ثار" فقد أخطأ. والمتأوب: الذي يأتيك لطلب ثأره عندك، يقال: آب يؤوب إذا رجع. و التأويب في غير هذا : السير في النهار بلا توقف. والأوتار والأحقاد واحدهما وتر وحقد. والأجرد: الفرس المتحسر الشعر،والأجرد الضامر أيضاً. والعسيب: السعفة. والمشذب. الطويل الذي أخذ ما عليه من العقد و السلاء والخوص، ومنه قيل للطويل المعرق: مشذب. وخطي: رمح منسوب إلى الخط، وهي جزيرة بالبحرين، يقال إنها تنبت عصا الرماح وقال الأصمعي: ليست بها رماح، ولكن سفينة كانت وقعت إليها، فيها رماح، وأرفئت بها في بعض السنين المتقدمة، فقيل لتلك الرماح: الخطية: ثم عم كل رمح هذا النسب إلى اليوم. والزغف: الدرع الرقيقة النسج، والمثوب: الذي تصفقه الرياح فيذهب و يجيء، وهو من ثاب يثوب إذا رجع. وإنما سمي الغدير غديراً لأن السيل غادره، أي تركه قال أبو العباس: وقوله: لكم في مضرات الحروب ضرير يقال: رجل ضرير إذا كان ذا مشقة على العدو، وقال مهلهل بن ربيعة التغلبي : قتيلٌ ما قتيل المرء عمرو وهمام بن مرة ذو ضرير وقوله:" خبطتم ليوث الشام " يريد ما كان من نصر بن شبث العقيلي، وهو عقيل بن كعب بن ربيعة. وقوله:" أبور" جمع وبر، وإذا إنضمت الواو من غير علة فهمزها جائز، وقد ذكرنا ذلك قبل . ???????لعمارة أيضاً في الحث على الأخذ بالثأر وقال عمارة أيضاً لهم، أنشدنيه : ألالـلـه در الـحـي كـعـب ذوي العدد المضاعف والخيول أما فيهم كريمٌ مـثـل نـصـر يورع عنهم سنن الـفـحـول تنوخـهـم نـمـير كـل يوم ٍ كفعل أخي العزازة بالـذلـيل وليسوا مثل عشرهـم ولـكـن يضيع القوم من قبل العـقـول فأين فوارس السلمات منـهـم وجعدة والحريش ذوو الفضول! وأين عبادة الخشنـاء عـنـهـم إذا ما ضاق مطلع السـبـيل! قوله: ألا لله در الحي كعب يريد كعب بن ربيعة بن عامر صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر. وقوله: أما فيهم كريم مثل نصرٍ يعني نصر بن شبث، أحد بني عقيل بن كعب بن ربيعة. وقوله: يورع عنهم سنن الفحول هو مثل ضربه، فجعلهم لإمساكهم عن الحرب بمنزلة النوق التي يقرعها الفحل. ويورع: يكف ويمنع ويدفع. والورع في الدين إنما هو الكف عن أخذ الحرام، وجاء في الحديث :"لا تنظروا إلى صومه، ولا إلى صلاته، ولكن انظروا إلى ورعه إذا أشفى"، ومعناه إذا أشرف على الدينار والدرهم. والسنن: القصد، ثم أبان ذلك بقوله: تنوخهم نميرٌ كل يوم يقال: سان الفحل الناقة فتنوخها، وذلك إذا ركبها من غير أن توطأ له، ولكن يعترضها اعتراضاً. وتقول العرب: إن ذلك أكرم النتاج، وذلك لأن الولد يخرج صليباً مذكراً، ويقال لذلك الحمل الذي يقع من التنوخ و الاعتراض: يعارة وعراضٌ، يقال: حملته عراضاً، وحملته يعارة يا فتى، قال الراعي: قلائص لا يلقحـن إلا يعـارةً عراضاً، ولا يشربن إلا غواليا وقال الطرماح: سوف تدنيك من لميس سبنـدا ةٌ أمارات بالبول ماء الكراض نضجته عشرين يوماً ونـيلـت حين نيلت يعارة في عراض

قوله:"سبنداة" فهي الجريئة الصدر، يقال للجريء الصدر: سبندى وسبنتى وأصل ذلك في النمر. وزعم الأصمعي أن الكراض حلق الرحم، قال: ولم أسمعه إلا في هذا الشعر. وقوله:" نضجته عشرين يوماٌ"، إنما هو أن تزيد بعد الحول من حيث حملت أياماٌ، نحو الذي عد، فلا يخرج الولد إلامحكماٌ، قال الحطيئة: لأدماء منها كالسفينة نضـجـت به الحول حتى زاد شهراٌ عديدها والعزازة: العز، والمصادر تقع على " فعالة " للمبالغة، يقال عز عزا وعزازة، كما يقال : الشراسة والصرامة، قال الله تعالى:" قال يقوم ليس بي سفاهة" وفي موضع آخر: " ليس بي ضللة" وقوله:" فأين فوارس ا لسلمات "، يريد بني سلمة الخير، وبني سلمة الشر ابني قشير بن كعب، وجمع لأنه يريد الحي أجمع، كما تقول: المهالبة والمسامعة، فتجمعهم على اسم الأب، على المهلب ومسمع، وكذلك المناذرة، وقد مرت الحجة في هذا . وجعدة بن كعب والحريش بن كعب وبنو عبادة، من عقيل بن كعب. وقال:" الخشناء" يريد القبيلة، وذكرها بالخشونة على الأعداء. سؤال معاوية بن أبي سفيان دغفل بن حنظلة عن قبائل العرب ويروى أن معاوية بن أبي سفيان رحمه الله قال لدغفل بن حنظلة النسابة: ما تقول في بني عامر بن صعصعة ? قال: أعناق ظباء، وأعجاز نساء. قال: فما تقول في تميم ?قال: حجر أخشن، إن صادمته آذاك، وإن تركته تركك. قال: فما تقول في اليمن?قال: سيد وأنوك. لعمارة بن عقيل حينما أمره أبو سعد التميمي أن يضع يده في يد أبي نصر الطائي قال أبو العباس : وأنشدني عمارة لنفسه وسبب هذا الشعر الذي نذكره أن رجلا من بني تميم، يكنى أبا سعد، كان منقطعاٌ إلى أبي نصر بن حميد الطائي،ثم أحد بني نبهان، وكان أبو نصر والياً على العرب، وكتب أبو سعد إلى عمارة يأمره أن يضع يده في يد أبي نصر، فقال عمارة: دعاني أبو سعدٍ وأهـدى نـصـيحةٌ إلي، ومما أن تغـر الـنـصـائح لأجزر لحمي كلب نبهان كـالـذي دعا القاسطي حتفه وهـو نـازح أو البرمجي حـين أهـداه حـينـه لنار علـيهـا مـوقـدان وذابـح ورأي أبي سعدٍ وإن كان حـازمـاً بصيراً وإن ضاقت عليه المسـارح أعار به ملعون نـبـهـان سـيفـه على قومه، والقول عافٍ وجـارح ونصر الفتى في الحرب أعداء قومه على قومه للمرء ذي الطعم فاضح قوله:" لأجزر لحمي كلب نبهان" أي لأكون جزرة له، والجزرة: البدنة تنحر، يقال أجزرت فلاناً، وتركت فلاناً جزراً، قال عنترة العبسي: إن تشتما عرضي فإن أباكما جزر السباع وكل نسرٍ قشعم وقوله: )....كالذي دعا القاسطي حتفه وهو نازح( فهذا الرجل من النمر بن قاسطٍ، خرج يبتغي قرطاً من بعدٍ، فنهشته حية فمات، وهو أحد القارظين. والقارظ الأول من عنزة، كان خرج مع ابن عم له في طلب القرظ، فقتله ابن عمه، لأنه كان يريد ابنته فمنعه منها، قال أبو خراش الهذلي: وحتى يؤوب القارظان كلاهما وينشر في القتلى كليب لوائل وقوله " كالذي دعا القاسطي حتفه" الهاء في حتفه ترجع على الذي وتقديره كالسبب الذي دعا القاسطي حتفه. وقوله:" أبو البرمجي " فهذا الرجل من البراجم، وهم بنو مالك بن حنظلة كان عمرو بن هند لما قتل بني دارم بأوراة، وكان سبب ذلك أن أخاه أسعد بن المنذر وكان مسترضعاً في بني دارمٍ، في حجر حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم- انصرف ذات يوم من صيده وبه نبيذٌ، كما يعبث الملوك، فرماه رجل من بني دارم بسهم فقتله. ففي ذلك يقول القائل، وهو عمرو بن ملقطٍ الطائي لعمرو بن هند: فاقـتــل زرارة لا أرى في القوم أوفى من زرارة فغزاهم عمرو بن هند، فقتلهم يوم القصيبة ويوم أوارة، ففي ذلك يقول الأعشى: وتكون في الشرف المو زي منقراً وبني زرارة أبنـاء قـومٍ قـتـلـوا يوم القصيبة و الأوراة

ثم أقسم عمرو بن هند ليحرقن منهم مائة، فبذلك سمي محرقاً، فأخذ تسعة وتسعين رجلاً فقذهم في النار، ثم أراد أن يبر قسمه بعجوز منهم لتكمل بها العدة، فلما أمر بها قالت العجوز: ألا فتى يفدي هذه العجوز بنفسه ! ثم قالت:" هيهات صارت الفتيان حمماً"! ومر وافد البراجموهو الذي ذكرنا - فاشتم رائحة اللحم، فظن أن الملك يتخذ طعاماً، فعرج إليه فأتي به إليه، فقال له: من أنت? فقال: ابيت اللعن ? أنا وافد البراجم، فقال:" إن الشقي وافد البراجم". ثم أمر به فقذف في النار، ففي ذلك يقول جرير يعير الفرزدق: أين الذين بنار عمرو حرقـوا أم أين أسعد فيكم المسترضع! وقال أيضاً: وأخزاكم عمرو كما قال قد خزيتم وأدرك عماراً شقي البـراجـم وقال الطرماح: ودارم قد قذفنا مـنـهـم مـائةً في جاحم النار إذ ينزون بالخدد ينزون بالمشتوى منها ويوقدهـا عمرو، ولولا شحوم القوم لم تقد ولذلك عيرت بنو تميم بحب الطعام، يعني لطمع البرجمي في الأكل. قال يزيد بن عمرو بن الصعق أحد بني عمرو بن كلاب : ألا أبلغ لديك بني تميم بآية ما يحبون الطعاما وقال الأخر: إذا ما مات ميتٌ من تـمـيم فسرك أن يعيشك فجىء بزاد بخبر أو بتمـر أو بـلـحـم أو الشيء الملفف في البجاد تراه ينقب البطـحـاء حـولاً ليأكل رأس لقمان بـن عـاد وقوله :" للمرء ذي الطعم" يعني الراجع إلى عقل، يقال : ليس فلان بذي طعم، و فلان ليس بذي نزل، أي ليس بذي عقل ولا معرفة، وإنما يقال: هذا طعام ليس له نزل إذا لم يكن ذا ريع، ومن قال:" نزل " في هذا المعنى فقد أخطأ. لأعرابي يهجو قوماً من طيىء وقال أعرابي يهجو قوماً من طيىء: ولما أن رأيت بني جـوين جلوساً ليس بينهم جلـيس يئست من التي أقبلت أبغي لديهم إننـي رجـل يؤوس إذا ما قـلـت :أيهـم لأي تشابهت المناكب والرؤوس قوله:" جلوساً ليس بينهم جليس"، يقول : هؤلاء قوم لا ينتجع الناس معروفهم فليس فيهم غيرهم وهذا من أقبح الهجاء. ومن أمثال العرب:" سمنهم في أديمهم"، ومعناه في مأدومهم، وقيل: أديهم ومأدوم مثل قتيل و مقتول، وتقول الحكماء: من كثر خيره كثر زائره. وقال المهلب بن أبي صفرة لبنيه: يا بني، إذا غدا عليكم الرجل وراح مسلماً، فكفى بذلك تقاضياً. وقال آخر: أروح لتسليم عليك وأغتـدي وحسبك بالتسليم مني تقاضياً كفى بطلاب المرء ما لا يناله عناء، وباليأس المصرح ناهياً قال أبوالحسن: وربما قال أبو العباس: " مصرح" بكسر الراء ومن أحسن المدح قول زهير: قد جعل الطالبون الخير في هرم والسائلون إلى أبوابه طـرقـاً وقال رؤبة: إن الندى حيث ترى الضغاطا وقال آخر: يزدحم النـاس إلـى بـابـه والمشرب العذب كثير الزحام وقال أشجع في محمد بن منصور: على باب ابن منصور علامات من البـذل جماعات وحسب البا ب نبلاً كثرة الأهل وقوله: تشابهت المناكب و الرؤوس إنما ضربه مثلاً للأخلاق و الأفعال: أي ليس فيهم مفضل. ويقال إن الأضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، آذته عشيرته من بني سعد، فخرج عنهم، فجعل لا يجاور قوماً إلا آذوه فقال:" أينما أذهب ألق سعداً" أي أفر من الأذى إلى مثله. باب أقوال في المجالس و الجلساء قال أبو العباس: قال أبو إدريس الخولاني: المساجد مجالس الكرام. وقيل للأحنف بن قيس أحد بني مرة بن عبيد بن الحارث بن كعب بن سعدٍ: أي المجالس أطيب? فقال : ما سافر فيه البصر، واتدع فيه البدن. اتدع: افتعل من التوديع، والأصل" اوتدع" فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وهذا القول مذهب أهل الحجاز يقولون: ايتزن ياتزن، وهو رجل موتوزنٌ، والأجود أن تقلب ماكان أصله الواو والياء في باب "افتعل" تاءً وتدغمها في التاء من "افتعل" فتقول: اتدع يتدع، وهو متدعٌ، ومتزن ومتعد من الوعد، ومتئس من اليأس، تكون الياء كاواو، لأنها إن أظهرت انقلبت على حركة ما قبلها فصارت كاواو، وتكونان واوين عند الضمة، نحو موعدٍ وموتعدٍ، ومؤنسٍ ومؤتئسٍ، وياءين للكسرة، والواو قد تقلب إلى تاء ولا تاء بعدها، نحو تراث من ورث، وتجاه من الوجه وتكأةٍ. وإنما ذلك كراهية الضمة في الواو، وأقرب حروف الزوائد والبدل منها التاء فقلبت إليها، وقد تقلب للبدل في غير ضم، نحو:هذا أتقى من هذا، وضربته حتى أتكأته، فلما كانت بعدها تاء افتعل كان الوجه القلب ليقع الإدغام. وقد فسرنا هذا على غاية الاستقصاء في الكتاب "المقتضب". وقيل للمهلب بن أبي صفرة: ما خير المجالس فقال؛: ما بعد فيه مدى الطرف، وكثرت فيه فائدة الجليس. ويروى عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يا بني، إذا أتيت مجلس قوم فارمهم بسهم الإسلام ثم اجلس فإن أفاضوا في ذكر الله: فأجل سهمك مع سهامهم، وإن أفاضوا في غير فخلهم وانهض وقوله: " فارمهم بسهم الإسلام" يعني السلام. وقوله:" فأجل سهمك مع سهامهم "، يعني أدخل معهم في أمرهم، فضربه مثلاً، من دخول الرجل في قداح الميسر. وقال وهب بن عبد مناف بن زهرة جد رسول الله ﷺ لأمه: وإذا أتيت جماعةٌ في مجلسٍ فاختر مجالسهم ولما تقعـد ودع الغواة الجاهلين وجهلهم وإلى الذين يذكرونك فاعمد وقال ابن عباس رحمه الله: لجليسي علي ثلاثٌ: أن أرميه بطرفي إذا أقبل، وأوسع له إذا جلس وأصغي إليه إذا حدث. وكان القعقاع بن شورٍ، أحد بني عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل إذا جالسه جليسٌ فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً في ماله وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد المجالسة شاكراً له، حتى شهر بذلك. وفيه يقول القائل: وكنت جليس قعقاع بن شور ولا يشقى بقعقاع جـلـيس ضحوك السن إن أمروا بخير وعند السوء مطراقٌ عبوس وحدثني التوزي أن رجلاً جالس قوماً من بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، فأساؤوا عشرته، وسعوا به إلى معاوية، فقال: شقيت بكم وكنت لكم جليسـاً فلست جليس قعقاع بن شور ومن جهل أبو جهلٍ أخوكـم غزا بدراً بمجمـرةٍ وتـور نسبه إلى التوضيع، كقول عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف لحكيم بن حزام لما بلغه قول أبي جهل بن هشام: انتفخ والله سحره ونحره، سيعلم مصطر استه من انتفخ سحره اليوم! يزيد بن معاوية و الأنصار وقال رجل من بني مخزوم للأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري ليؤذيه: أتعرف الذي يقول: ذهبت قريشٌ بالمكارم كلها واللؤم تحت عمائم الأنصار فقال الأحوص: لا أدري، ولكني أعرف الذي يقول: الناس كنوه أبـا حـكـم والله كناه أبـا جـهـل أبقت رياسته لأسـرتـه لؤم الفروع ودقة الأصل وهذا الشعر لحسان بن ثابت، والبيت الذي أنشده المخزومي للأخطل. وكان يزيد بن معاوية عتب على قوم من الأنصار، فأمر كعب بن جعيل التغلبي بهجائهم، فقال له كعبٌ: أأهجو الأنصار! أرادي أنت إلى الكفر بعد الإسلام! ولكني أدلك على غلام من الحي نصراني: كأن لسانه لسان ثورٍ يعني الأخطل. قال: فلما قال هذا البيت دخل النعمان بن بشير بن سعدٍ الأنصاري على معاوية، فحسر عمامته عن رأسه، ثم قال: يا معاوية، أترى لؤماً! فقال: ما أرى إلا كرماً. فقال النعمان: معاوي إلا تعطنا الحق تعتـرف لحي الأزد مسدولاً عليها العمائم أيشتمنا عبـد الأ راقـم ضـلةً فماذا الذي تجدي عليك الأراقم! فما لي ثأر دون قطع لسـانـه فدونك من ترضيه عنه الدراهم نبذ من أقوال الحكماء وكان الأحنف بن قيس يقول: لا تزال العرب عرباً ما لبست العمائم، وتقلدت السيوف، ولم تعدد الحلم ذلاً، ولا التواهب فيما بينها ضعةٌ. وقالوا في تأويل قوله:" ما لبست العمائم"، يقول: ما حافظت على زيها. وقوله:" وتقلدت السيوف" يريد الامتناع من الضيم. وقوله:" ولم تعدد الحلم ذلاً"، يقول: ما عرفت موضع الحلم، وتأويل ذلك: أن الرجل إذا أغضى للسلطان أو أغضى عن الجواب وهو مأسور لم يقل: حلم، وإنما يقال حلم إذا ترك أن يقول الشيء لصاحبه منتصراً، ولا يخاف عاقبة يكرهها، فهذا الحلم المحض، فإذا لم يفعل ذلك، ورأى أن تركه الحلم ذل فهو خطأ وسفهٌ. وقوله:" ولم تر التواهب بينها ضعةٌ" نحو من هذا، وهو أن يهب الرجل من حقه ما لا يستكره عليه. وكان يقال: أحيوا المعروف بإماتته، وتأويل ذلك أن الرجل إذا اعتد بمعروفه كدره، وقيل: المنة تهدم الصنيعة. وكان يقال: كتمان المعروف من المنعم عليه كفرٌ، وذكره من المنعم تكديرله. وقال قيس بن عاصم: يا بني تميم، اصحبوا من يذكر إحسانكم إليه، وينسى أياديه إليكم. باب لبعض الشعراء يودح أسليم بن الأحنف قال أبو العباس: قال عبد الملك بن مروان لأسلم بن الأحنف الأسدي: ما أحسن ما مدحت به? فستعفاه، فأبى أن يعفيه وهو معه على سريره، فلما أبى إلا أن يخبره، قال قول القائل: ألا أيها الركب المخبون هل لـكـم بسيد أهل الشام تحبوا وترجـعـوا من النفر البيض الذين إذا اعتـزوا وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا إذا النفر السود اليمانون نمـنـمـوا له حوك بـرديه أجـادوا وأوسـع جلا المسك والحمام والبيض كالدمى وفرق المدارى رأسه فهو أنـزع فقال له عبد الملك: ما قال أخو الأوس أحسن مما قيل لك قال أبو الحسن: هو أبو قيس بن الأسلت قد حصت البيضة رأسي فما أطعم نوماً غير تهـجـاع لكثير في المدح وحدثت أن كثيراً كان يقول: لوددت أني كنت سبقت الأسود أو العبد الأسود إلى هذين البيتين يعني نصيباً في قوله: من النفر البيض الذين إذا انتجوا أقرت لنجواهم لؤي بن غالب يحيون بسامين طـوراً، وتـارةً يحيون عباسين شوس الحواجب والمختار من الشعر الأول قوله: من النفر البيض الذين إذا اعتزوا وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا يخبر بجلالتهم ومعرفتهم بأقدارهم، وثقتهم بأن مثلهم لا يرد، وقد قال: جرير للتيم خلاف هذا، وهو قوله: قوم إذا اختضر الملوك وفودهم نتفت شواربهم على الأبـواب نقد لشعر نصيب وحدثت أن جريراً كان يقول: وددت أن هذا البيت من شعر هذا العبد كان لي بكذا وكذا بيتاً من شعري يعني قول نصيب: بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب وقل إن تملينا فما ملك القلـب وأما قول نصيب: أهيم بدعدٍ ما حييت وإن أمت أوكل بدعدٍ من يهيم بها بعدي فلم تجد الرواة ولا من يفهم جواهر الكلام له مذهباً، وقد ذكر عبد الملك لجلسائه ذلك فكل عابه، فقال عبد الملك : فلو كان إليكم كيف كنتم قائلين? فقال رجل منهم: كنت أقول: أهيم بدعدٍ ما حييت وإن أمـت فوا حزنا من ذا يهيم بها بعدي! فقال عبد الملك: ما قلت والله أسوأ مما قاله، فقيل له: فكيف كنت قائلاً في ذلك يا أمير المؤمنين? فقال كنت أقول: أهيم بدعدٍ ما حييت فـإن أمـت فلا صلحت دعدٌ لذي خلةٍ بعدي فقالوا: أنت والله أشعر الثلاثة يا أمير المؤمنين. ?الفرزدق ونصيب وما قالاه من الشعر عند سليمان بن عبد الملك وقد فضل نصيبٌ على الفرزدق في موقفه عند سليمان بن عبد الملك، وذلك أنهما حضرا، فقال سليمان للفرزدق: أنشدني وإنما أراد أن ينشده مدحاً له فأنشده: وركب كأن الريح تطلب عندهم لها ترةٌ من جذبها بالعصـائب سروا يخبطون الريح وهي تلفهم إلى شعب الأكوار ذات الحقائب إذا آنسوا ناراً يقولون لـيتـهـا وقد خصرت أيديهم نار غالـب

فأعرض عنه سليمان كالمغضب، فقال نصيب: يا أمير المؤمنين، ألا أنشدك في رويها ما لعله لا يتضع عنها! فقال: هات، فأنشده: أقول لركب صادرين لقيتهـم قفا ذات أوشال ومولاك قارب قفوا خبروني عن سليمان إنني لمعروفه من أهل ودان طلب فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهلـه ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب وهذا في باب المدح حسن ومتجاوزٌ ومبتدع لم يسبق إليه. على أن الشاعر وهو أخو همدان قد قال في عصره في غير المدح: يمرون بالدهنا خفافاً عـيابـهـم ويخرجن من دارين بجر الحقائب على حين ألهى الناس جل أمورهم فندلاً زريق المال ندل الثعالـب وليس شعر نصيب هذا الذي ذكرناه في المدح بأجود من قول الفرزدق في الفخر، وإنما يفاضل بين الشيئين إذا تناسبا. وقد قال سليمان للفرزدق وهو يقول: وخير الشعر أشرفه رجالاً وشر الشعر ما قال العبيد ثم نرجع إلى تفسير الشعر. وقوله: يمرون بالدهنا خفافاً عيابهم يعني قوماً تجاراً، وقد قالو إنما ذكر لصوصاً، والأول أثبت، وذلك أن دارين سوقٌ من أسواق العرب.وقوله :" بجر الحقائب" يقول: عظام، ويقال للرجل إذا اندلقت سرته فنتأت متقدمة: رجل أبجر، ويقال لها: البجرة والبجرةَ. وفعلةٌ وفعَلةٌ تقعان في الشييء، يقال : قلفةٌ وقَلفةٌ، وصلعة وصَلعةٌ، ومثل هذا كثير. وقوله:" على حين ألهى الناس" إن شئت خفضت"حين" وإن شئت نصبت، أما الخفض فلأنه مخفوض فلأنه مخفوض، وهو اسم منصرف، وأما الفتح فلإضافتك إياه إلى شيء معرب، فبنيته على الفتح، لأن المضاف و المضاف إليه اسم واحد فبنيته من أجل ذلك، ولو كان الذي أضفته إليه معرباً لم يكن إلا محفوضاً، وما كان سوى ذلك فهو لحن، تقول" جئتك على حين زيد" و" جئتك في حين إمرة عبد الملك"، وكذا قول النابغة: على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت: ألما أصح و الشـيب وازع! إن شئت فتحت، وإن شئت خفضت، لأنه مضاف إلى فعل غير متمكن. وكذلك قولهم:"يومئذ"، تقول: عجبت من يوم عبد الله، لا يكون غيره، فإذا أضفته إلى "إذ"، فإن شئت فتحت على ما ذكرت لك في "حين"، وإن شئت خفضت، لما كان يستحقه اليوم من التمكن قبل الإضافة. تقرأ إن شئت :" من عذاب يومئذ" المعارج11، وإن شئت:" من عذاب يومئذ" المعراج11 على ما وصفت لك، ومن خفض بالإضافة قال: سير بزيدٍ يومئذ، فأعربته في موضع الرفع، كما فعلت به في الخفض، ومن قال." من خزي يومئذ " فبناه قال: سير بزيدٍ يومئذٍ، يكون على حالة واحدة لأنه مبني، كما تقول: دفع إلى زيد خمسة عشر درهماً، وكما قال عز وجل: " عليها تسعة عشر " المدثر30 وأما قوله: فندلاً زريق المال ندل الثعالب فزريق قبيلة. وقوله" ندلاً" مصدر، يقول، اندلي ندلاً يا زريق المال، والندل: أن تجذبه جذباً، يقال: ندل الرجلا الدلو ندلاً إذا كان يجذبها مملوءة من البئر، فنصب "ندلاً " بفعل مضمر وهو "أندلي " وهذا في الأمر، تقول: ضرباً زيداً، وشتما عبد الله، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فكان الفعل فيه أقوى، فلذلك أضمرته، ودل المصدر على الفعل المضمر، ولو كان خبراً لم يجز فيه الإضمار، لأن الخبر يكون بالفعل وغيره، والأمر لا يكون إلا بالفعل، قال الله عز وجل :" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب " محمد 4. فكان في موضع " اضربوا"، حتى :كان القائل قال: فاضربوا، ألا ترى أنه ذكر بعده محضاً في قوله: " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق" محمد4 ولو نون منون في غير القرآن لنصب " الرقاب" وكذلك كل موضع هو بالفعل أولى. وقوله: " ندل الثعالب" يريد سرعة الثعالب، يقال في المثل:" أكسب من ثعلب". وأما قول نصيب: ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب فإنما يريد أنهم يرجعون مملوءة حقائبهم من رفده، فقد أثنت عليه الحقائب من قبل أن يقولوا. وأما قول الأعشى: وإن عتاق العيس سوف تزوركم ثناء على أعجازهن معـلـق فإنما أراد المدح الذي يحيدين به، و الحادي من ورائها، كما الهادي أمامها. وأما قول أبي وجزة السعدي: راحت بستين وسقًا في حقيبتـهـا ما حملت حملها الأدنى ولا السددا فإنما أراد ما يوجب ستين وسقا، لا أن الناقة حملت ستين وسقاً


حديث أبي وجزة وأبي زيد الأسلمي وكان من حديث ذلك أن أبا وجزة السلمي، المعروف بالسعدي لنززله فيهم،ومحالفته إياهم، كان شخص إلى المدينه يريد آل الزبير، وشخص أبو زيد الأسلمي يريد إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهو والي المدينة فاصطحبا، فقال أبو وجزة: هلم فلنشترك فيما نصيبه، فقال أبو زيد الأسلمي: كلا،أمدح الملوك، وأنت تمدح السوق فلما دخلا المدينة صار أبو زيد إلى إبراهيم بن هشام فأنشده : ياابن هشام يا أخا الكرام فقال إبراهيم: وإنما أنا أخوهم، وكأني لست منهم ثم أمر به فضرب بالسياط وامتدح أبو وجزة آل الزبير، فكتبوا إليه بستين وسقاٌ من تمر، وقالوا: هي لك عندنا في كل سنةٍ، فانصرفا، فقال أبو زيد: مدحت عروقاٌ للندى مصب الثـرى حديثاٌ فلم تهمم بأن تتـزعـزهـا نقائذ بؤس ذاقت الفقر والـغـنـى وحلبت الأيام والدهـر أضـرعـا سقاها ذوو الأرحام سجلاًعلى الظما وقد كربت أعناقها أن تقـطـعـا بفضل سجال لو سقوا من مشى بها على الأرض أرواهم جميعاٌ وأشبعا فضمت بأيديها على فضل مـائهـا من الري لما أوشكت أن تضلعـا وزهدها أن تفعل الخير في الغنـى مقاساتها من قبله الفقـر جـوعـا وقال أبو وجزة: راحت رواحاٌ قلوصي وهي حامدة آل الزبير ولم تعدل بهـم أحـدا راحت بستين وسقاٌ في حقيبتـهـا ما حملت حملها الأدنى ولا السددا ما إن رأريت قلوصاٌ قبلها حملت ستين وسقاٌ ولا جابت بـه بـلـدا ذاك القرى، لاقرى قوم رأيتـهـم يقرون ضيفهم الملوية الـجـددا أما قول أبي زيد لإبراهيم: "مدحت عروقاٌ للندى مصت الثرى....حديثاٌ..??????" فإنما عنى أن إبراهيم وأخاه محمداً إنما تطمعا بالعيش، ودخلا في النعمة، وخرجا من حد السوق إلى حد الملوك حديثاً، وذلك بهشام بن عبد الملك لأنهما كانا خاليه، وإنما ولاهما عن خمول. وقوله:" فلم تهمهم بأن تتزعزعا"، فإنما هذا مثل: يقال: فلان يهتزللندى، ويرتاح لفعل الخير كما قال متمم بن نويرة: تراه كنصل السيف يهتز لـلـنـدى إذا لم تجد عند امرىء السوء مطمعا وتأويل ذلك أنه يتحرك سرور لفعل الخير. لأبي رباط في ابنه قال أبو العباس: وأنشدني التوزي لأبي رباط، يقول لابنه: رأيت رباطـاً حـين تـم شـبـابـه وولى شبابي ليس في بـره عـتـب إذا كـان أولاد الـرجـال مــرارةً فأنت الحلال الحلو والبارد الـعـذب لنا جـانـبٌ مـنـه أنـيقٌ وجـانـبٌ شديد على الأعداء مركبـه صـعـب وتأخـذه عـنـد الـمـكـارم هـزةٌ كما اهتز تحت البارح الغصن الرطب أعرابي عند عمر بن هبيرة قال : وحدثني علي بن عبد الله قال: حدثني العتبي قال : أشرف عمر بن هبيرة الفزاري من قصره يوماٌ فإذا هو بأعرابي يرقص جمله الآل، فقال لحاجبه: إن أرادني هذا فأوصله إلي، فلما دنا الأعرابي سأله فقال: قصدت الأمير. فأدخله إليه، فلما مثل بين يديه قال له عمر: ما خطبك فقال الأعرابي : أصلحك الله، قل مـا بـيدي فما أطيق العيال إذ كثـروا ألح دهر أنحى بكلـكـلـه فأرسلوني إليك وانتظـروا رجوك للدهر أن تكون لهـم غيث سحاب إن خانهم مطر قال : فأخذت عمر الأريحية، فجعل يهتز في مجلسه، ثم قال : أرسلوك إلي وانتظروا إذاً والله لا تجلس حتى ترجع إليهم غانماً، فأمر له بألف دينار ورده على بعيره. قال أبو العباس : وحدثني أبو إسحاق القاضي إسماعيل بن إسحاق أن الخبر لمعن بن زائدة، وصح ذلك عندي. وقوله:" نقائذ بؤس" واحدتها نقيذة. وتأويله أنهم أنقذوا من بؤسٍ، يقال للرجل و المرأة ذلك على لفظ واحد، تقول: هذا نقيذة بؤسٍ، تقع الهاء للمبالغة، لأن أصله كالمصادر، كقولك : زيد مكرمةٌ لأهله، وزيد كريمة قومه، أي يحل محل العقدة الكريمة، والخصلة الكريمة.

وفي الحديث أن رسول الله ﷺ أكرم جرير بن عبد الله البجلي لما ورد عليه، فبسط له رداءه، وعممه بيده، وقال له: " إذا أتاكم كريمة قوم فأكرموه". هكذا روى فصحاء أصحاب الحديث. وقد قال رسول الله ﷺ قبل وروده عليه:" يطلع عليكم من هذا الفج خير ذي يمن، عليه مسحة ملك". ????????????????????????????????????????????????????????????????????????????لصخر بن عمرو بن الشريد وقال صخر بن عمرو بن الشريد، يعني معاوية أخاه، وكان قتله هاشم ودريد ابنا حرملة المريان من غطفان، فقيل لصخر: اهجهم، فقال: ما بيني وبينهم أقذع من الهجاء، ولو لم أمسك عن هجاءهم إلا صوناً لنفسي عن الخنا لفعلت ثم قال: وعاذلة هبت بليل تـلـومـنـي ألا لا تلوميني كفى اللوم ما بيا تقول: ألا تهجو فوارس هاشـم وما لي إذا أهجوهم ثم ما لـيا أبى الشتم أني قد أصابوا كريمتي وأن ليس إهداء الخنا من شماليا وتقول العرب للرجل: رواية ونسابة، فتزيد الهاء للمبالغة، وكذلك علامة وقد تلزم الهاء في الاسم فتقع للمذكر و المؤنث على لفظ واحد، نحو ربعةٍ ويفعةٍ وصرورةٍ . وهذا كثير لا تنزع الهاء منه، فأما رواية و علامة ونسابة فحذف الهاء جائز فيه، ولا يبلغ في المبالغة ما تبلغه الهاء. وقوله: " وحلبت الأيام والدهر أضرعا" فإنه مثلٌ، يقال للرجل المجرب للأمور: فلان قد حلب الدهر أشطره أي قد قاسى الشدة والرخاء، وتصرف في الفقر والغنى، كما قال القائل: قد عشت في الناس أطواراً على طرقٍ شتى، وقاسيت فيها اللين والفظـعـا كلا بلوت،فلا النعماء تـبـطـرنـي ولا تخشعت مـن لأوائهـا جـزعـاً لا يملا الهول صدري قبل موقـعـه ولا أضـيق بـه ذرعـاً إذا وقـعـا ومعنى قوله:"أشطره" فإنما يريد خلوفه.، يقال:حلبتها شطراً بعد شطرٍ.،وأصل هذا من التنصف، لأن كل خلفٍ عديلٌ لصاحبه. وللشطر وجهان في كلام العرب.، فأحدهما النصف كما ذكرنا، من ذلك قولهم: شاطرتك مالي، والوجه الآخر القصد، يقال: خذ شطر زيدٍ، أي قصده، قال الله عز وجل:" فول وجهك شطر المسجد الحرام" البقرة 144 أي قصده،" وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره".البقرة 144 قال أبو العباس: وأنشدني التوزي عن أبي عبيدة قول الشاعر: إن العسير بها داءٌ مخامرهـا فشطرها نظر العينين محسور يريد ناحيتها وقصدها، والعسير: التي تعسر بذنبها إذا حملت، أي تشيله وترفعه، ومنه سمي الذنب عوسراً، أي تضرب بذنبها. ومعنى ذلك أنه ظهر من جهدها وسوء حالها ما أطيل معه النظر إليها حتى تحسر العينان. والحسير: المعيي، وفي القرآن:" ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ"الملك 4 . وقوله: " سقاها ذوو الأرحام سجلاً على الظما " فالسجل في الأصل الدلو، وإنما ضربه مثلاً لما فاض عليها من ندى أقاربها، يقال للدلو- وهي مؤنثة: سجل وذنوب، وهما مذكران، والغرب مذكر وهو الدلو العظيمة، ويقال: فلان يساجل فلاناً، أي يخرج من الشرف مثل ما يخرج الآخر، وأصل المساجلة أن يستقي ساقيان، فيخرج كل واحدٍ منهما في سجله مثل ما يخرج الآخر،فأيهما نكل فقد غلب، فضربته العرب مثلا للمفاخرة والمساماة. وبين ذلك الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب في قوله: من يساجلني يساجل ماجداً يملأ الدلو إلى عقد الكرب ويقال: إن الفرزدق مر بالفضل وهو يستقي، وينشد هذا الشعر،فسرا الفرزدق ثيابه عنده، ثم قال: أنا أساجلك- ثقةً منه بنسبه- فقيل له: هذا الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب. فرد الفرزدق ثيابه عليه ثم قال: ما يساجلك إلا من عض بأير أبيه ????????. يقال: سرا ثوبه ونضا ثوبه في معنى واحد، إذا نزعه، ويقال: سرى عليه الهم إذا أتى ليلاً، وأنشد: " سرى همي وهم المرء يسري " وسرى همه إذا ذهب عنه. و المواضخة مثل المساجلة، قال العجاج: " تواضخ التقريب قلواً مخلجاً "

أي تخرج من العدو ما يخرج.، قال الله عز وجل على مخرج كلام العرب وأمثالهم " فإن للذين ظلموا ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم "الذاريات 59 وأصل الذنوب الدلو كما ذكرت لك. وقال علقمة بن عبدة للحارث بن أبي شمر الغساني:" قال أبو الحسن : غير أبي العباس يقول شمرٌ، وبعضهم يقول شمرٌ " وكان أخوه أسيراً عنده، وهو شأس بن عبدة أسره في وقعة عين أباغ. " قال أبو الحسن: غيره يقول إباغ، بالكسر " في الواقعة التي كانت بينه وبين المنذر بن ماء السماء، في كلمةٍ له مدحه فيها: وفي كل حي قد خبطت بنعمةٍ فحق لشأسٍ من نداك ذنـوب فقال الملك: نعم وأذنبةٌ .وقوله: " وقد كربت أعناقها أن تقطعا " يقول: سقيت هذا السجل وقد دنت أعناقها من أن تقطع عطشاً، وكرب في معنى المقاربة، يقال:كاد يفعل ذلك، وجعل يفعل ذلك، وكرب يفعل ذلك، أي دنا من ذلك. ويقال: جاء زيد والخيل كاربته، أي قد دنت منه وقربت. فأما أخذ يفعل، و جعل يفعل، فمعناهما أنه قد صار يفعل، ولا تقع بعد واحدة منهما:"أن "إلا أن يضطر شاعرٌ، قال الله عز وجل:" إذا أخرج يده لم يكد يراها " النور 40 أي لم يقرب من رؤيتها، وإيضاحه: لم يرها ولم يكد، وكذلك :" يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار"، وكذلك:" كاد يزيغ قلوب فريقٍ منهم" التوبة 117 بغير" أن ". ومن أمثال العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميراً، وكاد المنتعل يكون راكباً وقد اضطر الشاعر فأدخل " أن" بعد " كاد"، كما أدخلها هذا بعد " كرب" فقال: " وقد كربت أعناقها أن تقطعها " وقال رؤبة: " قد كاد من طول البلى أن يمصحا " فكاد بمنزلة كرب في الإعمال والمعنى، قال الشاعر: أغثني غياثاً يا سـلـيمـان إنـنـي سبقت إليك الموت، والموت كاربي خشية جورٍ من أمـيرٍ مـسـلـطٍ ورهطي، وما عاداك مثل الأقارب. وقوله:" لما أوشكت أن تضلعا ":يقول: لما قاربت ذلك، والوشيك القريب من الشيء والسريع إليه، يقال: يوشك فلان أن يفعل كذا وكذا، والماضي منه أوشك، ووقعت بأن وهو أجود، وبغير "أن" كما كان ذلك في "لعل"، تقول: لعل زيداً يقوم، فهذه الجيدة، قال الله عز وجل: )لعل الساعة تكون قريباً( الأحزاب 63 و)لعله يتذكر أو يخشى( طه44 و)لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً( الطلاق1 وقال تميم بن نويرة: لعلك يوماً أن تلـم مـلـمةٌ عليك من الآئي يدعنك أجدعا وعسى، الأجود فيها أن تستعمل بأن، كقولك: عسى زيد أن يقوم، كما قال الله عز وجل: "فعسى الله أن يأتى بالفتح " المائدة 52: وقال جل ثناؤه " عسى الله أن يتوب عليهم " التوبة 102 ويجوز طرح " أن " وليس بالوجه الجيد، قال هدبة: عسى الكر بالذي أمسيت فيه يكون وراءه فرجٌ قـريب وقال آخر: عسى الله يغني عن بلاد ابن قادرٍ بمنهمرٍ جون الرباب سـكـوب وحروف المقاربة لها باب قد ذكرناها فيه على مقاييسها في الكتاب المقتضب بغاية الاستقصاء.وقوله:" أن تضلعا"،معناه أن تمتلئ، وأصله أن الطعام و الشراب يبلغان الأضلاع فيكظانها،كذلك قال الأصمعي في قولهم: أكل حتى تضلع. وأما قول أبي وجزة:" راحت بستين وسقاً" فالوسق خمسة أقفزةٍ بملجم البصرة، وفي الحديث عن النبي ﷺ:" ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " فما كان أقل من خمسة وعشرين قفيزاً بالقفيز الذي وصفنا، وهو نصف القفيز البغدادي في أرض الصدقة فلا صدقة فيه، وإنما أراد: أنه أخذ الكتاب بهذه الأوسق، فلذلك قال: ما إن رأيت قلوصاً قبلها حملت ستين وسقاً ولا جابت به بلـدا وأما قوله: يقرون ضيفهم الملوية الجددا

فإنما أراد السياط، وجمع جديدٍ جددٌ، وكذلك باب " فعيل" الذي هو اسم، أو مضارع للاسم، نحو قضيب وقضيب، ورغيفٍ ورغفٍ، وكذلك سرير وسررٌ وجديدٌ وجددٌ، لأنه يجري مجرى الأسماء، وجريرٌ وجررٌ، فما كان من المضاعف جاز فيه خاصةً أن تبدل من ضمته فتحة لأن التضعيف مستثقلٌ، والفتحة أخف من الضمة، فيجوز أن يمال إليها استخفافاً، فيقال: جددٌ وسررٌ، ولا يجوز هذا في مثل قضيب لأنه ليس بمضاعفٍ، وقد قرأ بعض القراء:" على سررٍ موضونةٍ " الواقعة 15، ويقال للسوط: الأصبحي، ينسب إلى ذي أصبح الحميري، وكان أول من اتخذ هذه السياط التي يعاقب بها السلطان، ويقال له: العرفاص والقطيع. وقال الشماخ: تكاد تطير من رأي القطيع وقال الصلتان العبدي: ?أرى أمةً شهرت سيفها=وقد زيد في سوطها الأصبحي وقال الراعي: أخذوا العريف فقطعوا حيزومه بالأصبحية قائما ًمـغـلـولا وقال الراجز: حتى تردى طرف العرفاص وقوله:" ولا جابت به بلدا"، يقول: ولا قطعت به، يقال: جبت البلاد، وقال الله عز وجل: " وثمود الذين جابوا الصخر بالواد" الفجر9. ويقال: رجل جواب جوالٌ. وأنشدني علي بن عبد الله، قال: أنشدني القحذمي: ما من أتت من دون مـولـده خمسون بالمغدور بالجـهـل فإذا مضت خمسون عن رجلٍ ترك الصبا ومشى على رسل وأمر مصعب بن الزبير رجلاً من بني أسد بن خزيمة بقتل مرة بن محكان السعدي، فقال مرة في ذلك: بني أسد إن تقتلوني تـحـاربـوا تميماً إذا الحرب العوان اشمعلت ولست وإن كانت إلـي حـبـيبةً بباكٍ على الدنيا إذا ما تـولـت قوله:" إذا الحرب العوان" فهي التي تكون بعد حربٍ قد كانت قبلها، وكذلك أصل العوان في المرأة إنما هي التي قد تزوجت، ثم عاودت فخرجت عن حد البكر، وقول الله عز وجل في كتابه العزيز:" لا فارضٌ ولا بكر" البقرة68 هو تمام الكلام، ثم استأنف فقال:"عوان بين ذلك" البقرة 68 والفارض ههنا: المسنة، والبكر الصغيرة، ويقال: لهاةٌ فارضٌ أي واسعة، وفرض القوس موضع معقد الوتر، وكل حز فرضٌ، والفرضة متطرقٌ إلى النهر، قال الراجز: لها زجاجٌ ولهاة فارض وقوله" اشمعلت، إنما هو ثارت فأسرعت، قال الشماخ: رب ابن عم لسيلمى مشـمـعـل أروع في السفر وفي الحي غزل طباخ ساعات الكرى زاد الكسل وقوله: ولست وإن كانت إلي حبيبةٍ بباكٍ على الدنـيا........ إنما هو تفديم وتأخير، أراد: ولست بباكٍ على الدنيا وإن كانت إلي حبيبة. ولولا هذا التقدير لم يجز أن يضمر قبل الذكر، ومثله: إن تلق يوماً على علاته هرماً تلق السماحة منه والندى خلقا وكذلك قول حسان بن ثابت: قد ثكلت أمه من كنت واحدة أو كان منتسباً في برثن الأسد ويقول: من كنت واحده قد ثكلت أمه، وكذلك: شر يوميها وأخزاه لها ركبت هندٌ بحدجٍ جملا يقول: ركبت هند بحدج جملا في شر يوميها، وقال رجل من مزينة: خليلي بالبوباة عوجا فلا أرى بها منزلاً إلا جديب المقـيد نذق برد نجدٍ بعد ما لعبت بنا تهامة في حمامها المتوقـد قوله:" بالبوباة"، فهي المتسع من الأرض، وبعضهم يقول: هي الموماة بعينها، قلبت الميم باء لأنهما من ااشفة، ومثل ذلك كثير، يقولون: ما اسمك وبا اسمك? ويقولون: ضربة لازم ولازب، ويقولون: هذا ظأمي وظأبي، يعنون السلف، قال أبو الحسن: الجيد سلف، وما قال ليس بممتنع، ويقولون: زكبة سوءٍ وزكمة سوءٍ،أي ولد سوء ويقولون: عجم الذنب وعجب الذنب، ويقولون: رجل أخرم و أخرب، وهذا كثير. وقال عمر بن أبي ربيعة: عوجا نحيي الطلل المحولا والربع من أسماء والمنزلا بجانب البوباة لـم نـعـده تقادم العهد بـأن يؤهـلا وقوله:" إلا جديب المقيد"، يقال: بلد جدبٌ وجديبٌ، وخصب وخصيب، والأصل في النعت خصيبٌ ومخصبٌ، وجديبٌ ومجدب، والخصب والجدب إنما هما ما حل فيه، وقيل: خصيبٌ وأنت تريد مخصب، وجديبٌ وأنت تريد مجدبٌ، كقولك: عذاب أليم وأنت تريده مؤلم، قال ذو الرمة: ونرفع من صدور شمردلاتٍ يصك وجوهها وهج ألـيم

ويقال: رجل سميع، أي مسمعٌ، قال عمرو بن معد يكرب: أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع وأما قوله:" المقيد" فهو موضع التقييد: وكل مصدر زيدت الميم في أوله إذا جاوزت الفعل من ذوات الثلاثة فهو على وزن المفعول، وكذلك إذا أردت اسم الزمان واسم المكان، تقول: أدخلت زيداً مدخلاً كريماً. وسرحته مسرحاً حسناً، واستخرجت الشيء مستخرجاً، قال جرير: ألم تعلم مسرحي القوافي فلا عياً بهن ولا اجتلابا أي تسريحي، وقال عز وجل:" وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً " المؤمنون29 ويقال: قمت مقاماً، واقمت مقاماً وقال عز وجل:" إنها ساءت مستقراً ومقاماً " الفرقان66 أي موضع، وقال الشاعر: وما هي إلا في إزارة و علـقةٍ مغار ابن همام على حي خثعما يريد زمن إغارة ابن همام. وأما قوله:" نذق برد نجدٍ "، فذاك لأن نجداً مرتفعة وتهامة غورٌ منخفض، فنجدٌ باردة. ويروى عن الأصمعي أنه قال: هجم علي شهر رمضان وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم بها هرباً من حر مكة فلقيني أعرابي فقلت له: أين تريد? فقال: أريد هذا البلد المبارك لأصوم هذا الشهر المبارك فيه. فقلت له: أما تخاف الحر? فقال من الحر أفر. وهذا الكلام نظير كلام الربيع بن خثيم، فإن رجلاً قال له - وقد صلى ليلةً حتى اصبح - أتعبت نفسك، فقال: راحتها أطلب: إن أفره العبيد أكيسهم. ونظير هذا الكلام قول روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب - ونظر إليه رجل واقفاً بباب المنصور في الشمس - فقال: قد طال وقوفك في الشمس! فقال روحٌ: ليطول وقوفي في الظل. ومثله من الشعر قوله: قال أبو الحسن: هو عروة بن الورد: تقول سليمى لو أقمت بأرضنا ولم تدر أني للمقام أطـوف لعل الذي خوفتنا من ورائنـا سيدركه من بعدنا المتخلـف ويروى :" لسرنا". وقال آخر: سأطلب بعد الدار منكم لتقربوا وتسكب عيناي الدموع لتجمدا وهذا معنى كثير حسن جميل. وقال حبيب بن أوس الطاءي: أآلفة النجب كم افـتـراقٍ أجد فكان داعية اجتمـاع وليست فرحة الأوبـات إلا لموقوفٍ على ترح الوداع وقال رجل - واعتل في غربةٍ فتذكر أهله: لو أن سلمى أبصرت تخـددي ودقةً في عظم ساقـي ويدي وبعد أهلي وجـفـاء عـودي عضت من الوجد بأطراف اليد قوله:" أبصرت تخددي"، يريد ما حدث في جسمه من النحول، وأصل الخد ما شققته في الأرض، قال الشماخ: فقلت لهم خدوا له برماحكم بطامسة الأعلام خفاقة الآل ويقال للشيخ: قد تخدد، يراد قد تشنج جلده، وقال الله عز وجل:" قتل أصحب الأخدود" البروج: 4، وقيل في التفسير: هؤلاء قوم خدوا أخاديد في الأرض، وأشعلوا فيها نيراناً فحرقوا بها المؤمنين. وقوله: عضت من الوجد بأطراف اليد فإن الحزين، والمغيظ، والنادم والمتأسف يعض أطراف أصابعه جزعاً، قال الله عز وجل : " عضوا عليكم الأنامل من الغيظ " آل عمران119. وفي مثل ما ذكرنا من تخدد لحم الشيخ، يقول القائل: يا من لشيخ قد تخـدد لـحـمـه أفنى ثـلاث عـمـائم ألـوانـا سوداء حالكةً وسحـق مـفـوفٍ وأجد لوناً بعـد ذاك هـجـانـا صحب الزمان على اختلاف فنونه فأراه منـه كـراهةً وهـوانـا قصر الليالي خطـوة فـتـدانـى وحنون قائم صلبه فـتـحـانـى والموت يأتي بعـد ذلـك كـلـه وكأنما يعـنـى بـذاك سـوانـا وقوله: أفنى ثلاث عمائم ألوانا يعني أن شعره كان أسود، ثم حدث فيه شيب مع السواد، فذلك قوله: مفوف، والتفويف: التنقيش، وإنما أخذ من الفوف، وهي النكتة البيضاء التي تحدث في أظفار الأحداث، وسميت بذلك لشبهها بشجرة يقال لها الفوفة وجمعها فوفٌ، والسحق: الخلق، يقال: عنده سحق ثوبٍ، وجرد ثوبٍ، وسمل ثوبٍ. وقوله: أجد أي أستجد لوناً، والهجان الأبيض، وهي العمامة الثالثة يعني حيث شمله الشيب. باب من أمثال العرب قال أبو العباس: من أمثال العرب: لم يذهب من مالك ما وعظك. يقول: إذا ذهب من مالك شيء، فحذرك أن يحل بك مثله، فتأديبه إياك عوضٌ من ذهابه.

ومن أمثالهم: رب عجلةٍ تهب ريثا. وتأويله أن الرجل يعمل العمل فلا يحكمه للاستعجال به، فيحتاج إلى أن يعود فينقضه ثم يستأنف، والريث الإبطاء، وراث عليه أمره إذا تأخر. ومن أمثال العرب: عش ولا تغتر. وأصل ذلك أن يمر صاحب الإبل بالأرض المكلئة فيقول: أدع أن أعشي إبلي منها حتى أرد على أخرى، ولا يدري ما الذي يرد عليه. وقريب منه قولهم:" أن ترد الماء بماء أكيس". وتأويله أن يمر الرجل بالماء فلا يحمل منه أتكالاً على ماءٍ آخر يصير إليه، فيقال له: أن تحمل معك ماء أحزم لك، فإن أصبت ماء آخر لم يضرك فإن لم تحمل فخفقت من الماء عطبت. ومن أمثالهم:" قد أحزم لو أعزم "، يقول: أعرف وجه الحزم فإن عزمت فأمضيت الرأي فأنا حازمٌ، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيعت العزم لم ينفعني حزمي، ومثله قول النابغة الجعدي: أبى لي البلاء وإني امرؤٌ إذا ما تبينت لم أرتـب وقال أعرابي يمدح سوار بن عبد الله: وأوقف عند الأمر ما لم يضـح لـه وأمضى إذا ما شك من كلام ماضيا فالذي يحمد إمضاء ما تبين رشده، فأما الإقدام على الغرر وركوب الأمر على الخطر فليس بمحمود عندي ذوي الألباب، وقد يتحسن بمثله الفتاك، كما قال: عليكم بداري فاهدموها فإنـهـا تراث كريم لا يخاف العواقـبـا إذا هم ألقى بين عينيه عـزمـه وأعرض عن ذكر العواقب جانبا ولم يستشر في رأيه غير نفسـه ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا فهذا شأن الفتاك، وقال الآخر: غلام إذا ما هم بالفتك لم يبل ألامت قليلاً أم كثيراً عواذله وقال آخر: وما العجز إلا أن تشاور عاجزاً وما الحزم إلا أن تهم فتفعـلا فأما قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من أكثر الفكرة في العواقب لم يشجع، فتأويله أنه من فكر في ظفر قرنه به، وعلوه عليه لم يقدم، وإنما كان الحزم عند علي رضي الله عنه أن يحظر أمر الدين ثم لا يفكر في الموت. وقد قيل له: أتقتل أهل الشام بالغداة، وتظهر بالعشي في إزار ورداءٍ? فقال: أبالموت أخوف? والله ما أبالي أسقطت على الموت، أم سقط الموت علي. وقال للحسن ابنه: لا تبدأ بدعاءٍ إلى مبارزةٍ، فإن دعيت إليها فأجب، فإن طالبها باغٍ، والباغي مصروع. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يلتف في كسائه، وينام ناحية المسجد، فلما ورد المرزبان عليه جعلوا يسألون عنه. فيقال: مر ههنا آنفاً، فيصغر في القلب المرزبان إذ رآه كبعض السوق، حتى انتهى إليه، وهو نائم في ناحية المسجد، فقال المرزبان: هذا والله الملك الهنيء. يقول: لا يحتاج إلى أحراس ولا عددٍ، فلما جلس عمر امتلأ قلب العلج منه هيبة لما رأى عنده من الجد والاجتهاد، وألبس من هيبة التقوى. للكلبي وقد سأله خالد القسري عن السؤدد وقال الكلبي: قال لي خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرزٍ القسري: ما تعدون السؤدد? فقلت: أما في الجاهلية فالرياسة، وأما في الإسلام فالولاية، وخيرٌ من ذا وذاك التقوى، فقال لي: صدقت كان أبي يقول: لم يدرك الأول الشرف إلا بالفعل، ولا يدركه الآخر إلا بما أدرك به الأول، قال: فقلت: صدق أبوك، ساد الأحنف بحلمه، وساد مالك بن مسمع بمحبة العشيرة له،وساد قتيبة بدهائه، وساد المهلب بجميع هذه الخلال، فقال لي: صدقت، كان أبي يقول: خير الناس للناس خيرهم لنفسه، وذلك أنه إذا كان كذلك اتقى على نفسه من السرق لئلا يقطع، ومن القتل لئلا يقاد، ومن الزنى لئلا يحد، فسلم الناس منه باتقائه على نفسه. نبذ من أقوال الحكماء قال أبو العباس: وكان عبد الله بن يزيد أبو خالد من عقلاء الرجال، قال له عبد الملك يوماً: ما مالك? فقال: شيئان لا عيلة علي معهما، الرضا من الله، والغنى عن الناس. فلما نهض من بين يديه قيل له: هلا خبرته بمقدار مالك? فقال: لم يعد أن يكون قليلاً فيحرقني، أو كثيراً فيحسدني وقال رسول الله صلى الله عليه سلم:" من سره أن يكون أعز الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده، ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله".

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" من سره الغنى بلا مال، والعز بلا سلطان، والكثرة بلا عشيرة، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فإنه واجد ذلك كله". وخطب رسول الله ﷺ ذات يوم فحمد الله بما هو أهله ثم أقبل على الناس، فقال:" أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، فإن العبد بين مخافتين: أجلٌ قد مضى لا يدري ما الله فاعل فيه، وأجلٌ باق لا يدري ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة إلى الممات، فو الذي نفس محمد بيده، ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار". وقال رسول الله ﷺ:" أمرني ربي بتسع، الإخلاص في السروالعلانية، والعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمن ظلمني، وأصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبرة". حدثت أنه التقى حكيمان، فقال أحدهما للآخر : إني لأحبك في الله،فقال له الآخر : لو علمت مني ماأعلمه من نفسي لأبغضتني في الله . فقال له صاحبه: لو علمت من ما تعلمه من نفسك لكان لي فيما أعلمه من نفسي شغل. وكان مالك بن دينار يقول : جاهدوا أهوءاكم كما تجاهدون أعداءكم .وكان يقول: ما أشد فطام الكبير. وقيل لعمر بن عبد العزيز: أي الجهاد أفضل فقال: جهادك هواك. وكان الحسن يقول: حادثوا هذه القلوب، فإنها سريعة الدثور . واقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة، وإنكم إلا تقدعوها تنزع بكم إلى شر غاية. قوله:" حادثوا" مثل، ومعناه: اجلوا واشحذوا، تقول العرب: حادث فلان سيفه إذا جلاه وشحذه، وقال زيد الخيل: وقد علمت سلامة أن سيفي كريه كلما دعـيت نـزال أحادثه بصـقـل كـل يوم وأعجمه بهامات الرجـال قوله:" أعجمه بهامات الرجال": أي أعضه، يقال عجمه إذا عضه والدثور الدروس يقال: دثر الربع إذا مح ومعناه: تعهدوها بالفكر والذكر. وقوله:" فإنها طلعة"، يقول: كثيرة التشوف والتنزي إلى ما ليس لها . وأنشد الأصمعي: زلا تمليت من مال ولا عمـر إلا بما سر نفس الحاسد الطلعه قال: ويقال للجارية إذا كانت تبرز وجهها لتري حسنها ثم تخفيه لتوهم الحياء: خبأة طلعة. وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: أيها الناس إنما خلقتم للأبد: ولكنكم تنقلون من دار إلى دار. ويروي عن المسيح صلوات الله عليه وسلامه أنه كان يقول: إن احتجتم إلى الناس فكلوا قصداً وامشوا جانباً. ولما احتضر قيس بن عاصم قال لبنيه: يا بني، احفظوا عني ثلاثاً، فلا أحد أنصح لكم مني: إذا أنا مت فسودوا كباركم، ولا تسودوا صغاركم، فيحقر الناس كباركم، وتهنوا عليهم. وعليكم بحفظ المال فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم والمسألة فإنها أخر كسب الرجل. باب لرجل من الأعراب يرثي رجلاً منهم قال أبو العباس: أنشدت لرجل من الأعراب يرثي رجلاً منهم: فلو كان شيخاً قد لبسنا شبـابـه ولكنه لم يعد أن طر شـاربـه وقاك الردى من ود أن ابن عمه يرى مقتراً أو أنه ذل جانـبـه لحسان يوصي امرأته وقال آخر لامرأته: فاما هلكت فلا تنكحـي ظلوم العشيرة حسادهـا يرى مجده ثلب أعراضها لديه، ويبغض من سادها لصخر بن حبناء يعاتب أخاه وقال آخر : قال أبو الحسن: هو ليزيد بن حبناء أو لصخر بن حبناء، يقول لأخيه: لحى الله أكبانا زناداً وشـرنـا وأيسرنا عن عرض والده ذبـا رأيته لما نلت مالاً ومـسـنـا زمان ترى في حد أنيابه شغبا جعلت لنا ذنباً لتـمـنـع نـائلاً فأمسك، ولا تجعل غناك لنا ذنباً قوله:" أكبانا زناداً"، الزناد التي تقدح بها النار، ويقال : أورى القادح إذا خرجت له النار، وأكبى إذا أخفق منها : هذا أصله يضرب للرجل الذي ينبعث الخير عن يديه، ويضرب الإكباء للذي يمتنع الخير على يديه، قال الأعشى: وزندك خير زناد الـمـلـو ك صادف منهن مرخ عفارا ولو بت تقدح فـي ظـلـمةٍ صفاة بنبـع لأوريت نـارا

و المرخ والعفار: شجر تسرع فيه النار، ومن أمثالهم:" في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار ": واستمجد: استكثر، يقال : أمجدته سبا وأمجدته ذما، إذا أكثرت من ذلك، ومن أمثالهم :" أرخ يديك واسترخ، إن الزناد من مرخ". ويقال : رجل ذو شغب إذا كان يشغب على خصمه، ضربه مثلاً للزمان الذي يهر على أربابه، أي يمسهم بالفقر والجدب . لعبد الله بن معاوية يعاتب صديقه وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : رأيت فضيلاً كان شيئاً ملـفـفـاً فكشفه التمحيص حتى بـدا لـيا أأنت أخي ما لم تـكـن حـاجة فإن عرضت أيقنت أن لا أخا ليا فلا زاد ما بيني وبينك بـعـدمـا بلوتك في الحاجات إلا تـمـاديا فلست براء عيب ذي الود كـلـه ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا فعين الرضا عن كل عيب كلـيلة ولكن عين السخط تبدي المساويا كلانا غني عـن أخـيه حـياتـه ونحن إذا متنا أشـد تـغـانـيا قوله :" كان شيئاً ملففاً" يقول : كان أمراً مغطى. والتمحيص: الاختبار، يقال أدخلت الذهب في النار فمحصته أي خرج عنه ما لم يكن منه، وخلص الذهب، قال الله عز وجل: وليمحص الله الذين أمنوا ويمحق الكفرين" آل عمران : 141 ويقال : محص فلان من ذنوبه. وقوله: " أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة" تقرير وليس باستفهام، ولكن معناه: أني قد بلوتك تظهر الإخاء فإذا بدت الحاجة لم أر من إخائك شيئاً وقال الله عز وجل :" ءأنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله" المائدة 116 إنما هو توبيخ وليس باستفهام. وهو رجل وعز العالم بأن عيسى لم يقله. وقد ذكرنا التقرير الواقع، بلفظ الاستفهام في موضعه من الكتاب " المقتضب " مستقصى، ونذكر منه جملة في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. لعلي بن أبي طالب في الشجاع وقال علي بن أبي طالب رحمه الله : ثلاثة لايعرفون إلا في ثلاث،لا يعرف الشجاع إلا في الحرب، ولا الحليم إلا عند الغضب، ولا الصديق إلا عند الحاجة . لعبد الله بن معاوية يمدح وقال عبد الله بن معاوية أيضاٌ: أنى يكون أخاٌ أو ذا مـحـافـظة من كنت في غيبه مستشعراٌ وجلا إذا تغيب لم تبـرح تـظـن بـه سوءاٌ وتسأل عما قال أو فـعـلا لعبد الله بن الزبير الأسدي يمدح عمرو بن عثمان بن عفان وقال آخر : سأشكر عمراٌ ما تراخت منـيتـي أيادي لـم تـمـنـن وإن جـلـت فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت رأى خلتي من حيث يخفى مكانهـا فكانت قذى عينيه حتى تـجـلـت ما تمثل به علي بن أبي طالب من الشعر حينما رأى طلحة في القتلى وتمثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في طلحة بن عبيد الله رحمه الله : فتى كان يدنيه الغنى مـن صـديقـه إذا ما هو استغنى ويبعده الـفـقـر فتى لا يعـد الـمـال ربـا ولاتـرى به جفوة إن نـال مـالاً ولا كـبـر فتى كان يعطي السيف في الروع حقه إذا ثوب الداعي، وتشفى به الجـزر وهون وجدي أنني سـوف أغـتـدي على إثره يوماً وإن نفس الـعـمـر قال أبو الحسن: بعضهم يقول هو للأبيرد الرياحي، وبعد البيت الثالث: فلا يبعدنك الله، إما تـركـتـنـا حميداً وأودى بعدك المجد و الفخر كلمة علي بن أبي طالب في طلحة حينما رآه مقتولاً قال أبو العباس: وحدثني التوزي قال: حدثني محمد بن عباد بن حبيب بن المهلب -أحسبه عن ابيه- قال: لما انقضى يوم الجمل خرج علي بن أبي طالب رحه الله ذلك اليوم ومعه قنبرٌ، وبيده مشعلة من النار يتصفح القتلى حتى وقف على رجل - قال التوزي فقلت: أهو طلحة? قال نعم - فلما وقف عليه قال: أعزز علي أبا محمد أن اراك معفراً تحت نجوم السماء وفي بطون الأودية! شفيت نفسي وقتلت معشري إلى الله أشكو عجري وبجري! قوله معفراً أي ملصق الوجه بالتراب، ويقال للتراب: العفر والعفر يقال: ما مشى على عفر التراب مثل فلان.

وقوله:" إلى الله أشكو عجري وبجري"، يقول: ما أسر من أمري. قال الأصمعي: هو قول سائرٌ. في أمثال العرب:" لقي فلانٌ فلاناً فأبثه عجره وبجره". مما قيل في الشباب والهرم وقال النمر بن تولب : تدارك ما قبل الشباب وبـعـده حوادث أيام تمـر و أغـفـل يسرالفتى طول السلامة والبقـا فكيف يرى طول السلامة يفعل يرد الفتى اعـتـدال وصـحةٍ بنوء إذا رام القـيام ويحـمـل قصر " البقاء" ضرورة، وللشاعر إذا اضطر أن يقصر المدود، وليس له أن يمد المقصور، وذلك أن الممدود قبل آخره ألف زائدة، فإذا احتاج حذفها لأنها ألف زائدة، فإذا حذفها رد الشيء إلى أصله، ولو مد المقصور لكان زائداً في الشيء ما ليس منه، قال الشاعر وهو يزيد بن عمرو بن الصعق: فرغتم لتمرين السياط وأنتم يشن عليكم بالفنا كل مربع فقصر "الفناء" وهو ممدود. وقال الطرماح: وأخرج أمه لسواس سلمـى لمعفور الضرا ضرم الجنين قوله:" وأخرج"، يعني رماداً، والأخرج الذي في لونه سواد وبياض، يقال: نعامة خرجاء. وقوله:" لسواس سلمى"، فإن أجأ وسلمى جبلاً طيئ، وسواس سلمى:الموضع الذي بحضرة سلمى، يقال: هذا من سواس فلان ومن توس فلان: أي من طبعه. وأمه: يعني الشجرة التي هي أصله. وقوله "لمعفور الضرا": فالضراء: ما واراك من شجرة خاصةً، والخمر ما واراك من شيء. والمعفور: يعني ما سقط من النار من الزند. وقوله:" ضرم الجنين" يقول مشتعلٌ، والجنين: ما لم يظهر بعد، يقال للقبر جنن، والجنين: الذي في بطن أمه، والمجن: الترس لأنه يستر، والمجنون: المغطى العقل، وسمي الجن جناً لاختفائهم، وتسمى الدروع الجنن لأنها تستر من كان فيها. وقصر " الضراء" وهو ممدود، ومثل هذا كثير في الشعر جداً. وقوله:" ينوء إذا رام القيام"، يقول: ينهض في تثاقلٍ، قال الله عز وجل:" ما إن مفاتحه للدرأ بالعصبة"القصص76 والمعنى أن العصبة تنوء بالمفاتح، ولشرح هذا موضع آخر. وقال آخر: أنوء ثلاثاً بعدهن قيامي ويروى عن رسول اله ﷺ أنه قال "كفى بالسلامة داءً". وقال حميد بن ثور الهلالي : أرى بصري قد رابني بعد صحةٍ وحسبك داءً أن تصح وتسلمـا ولا يلبث العصـران يومٌ ولـيلةٌ إذا طلبا أن يدركا ما تـيمـمـا وقال أبو حية النميري: ألا حي من أجل الحبيب المغانيا لبسن البلى مما لبسن الليالـيا إذا ما تقاضى المرء يومٌ وليلةٌ تقاضاه شيءٌ لا يمل التقاضيا وقال بعض شعراء الجاهلية: كانت قناتي لا تلين لـغـامـر فألانها الإصباح و الإمـسـاء ودعوت ربي في السلامة جاهداً ليصحني، فإذا الـسـلامة داء وقال عنترة بن شداد: فما أوهى مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم مـن زمـانـي ومن أمثال العرب إذا طال عمر الرجل أن يقولوا:" لقد أكل الدهر عليه وشرب"، إنما يريدون أنه أكل هو وشرب دهراً طويلاً، قال الجعدي: أكل الدهر عليهم وشرب والعرب تقول: نهارك صائم، وليلك قائم، أي أنت قائم في هذا وصائم في ذاك،كما قال الله عز وجل :" بل مكر الليل والنهار" سبأ 33 والمعنى والله أعلم، بل مكركم في الليل والنهار، وقال جرير: لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت، وما ليل المطي بنـائم للفرزدق يرثي ابني مسمع وقال الفرزدق: تبكي على المنتوف بكر بـن وائلٍ وتنهى عن ابني مسمع من بكاهما! غلامان شبا في الحروب وأدركـا كرام المساعي قبل وصل لحاهما وابنا مسمع كان قتلهما معاوية بن يزيد بن الملهب مع عدي بن أرطاة لما أتاه خبر قتل أبيه، وكان ابنا مسمع ممن خالف على يزيد بن الملهب. والمنتوف كان مولى لبني قيس بن ثعلبة بن عكابة. وابنا مسمع من بني قيس بن ثعلبة، وكان المنتوف كالخليفة ليزيد بن الملهب، وفي ذلك يقول جرير: والأزد قد جعلوا المنتوف قائدهم فقتلتهم جنود الله وانتـتـفـوا وتمام شعر الفرزدق: ولو قتلا من جذم بكر بن وائل لكان على الناعي شديداً بكاهما

ولو كان حياً مالكٌ وابن مالكٍ إذا أوقدا نارين يعلو سناهما السنا: ضوء النار، وهو مقصور، قال الله عز وجل: "يكاد سنا برقة يذهب بالأبصار" النور 43 والسناء من الشرف، ممدود، قال حسان بن ثابت: وإنك خير عثمان بن عمرٍو وأسناها إذا ذكر السنـاء والبكاء يمد ويقصر، فمن مد فإنما جعله كسائر الأصوات، ولايكون المصدر في معنى الصوت مضموم الأول إلا ممدوداً، لأنه يكون على "فعالٍ" وقلما يكون المصدر على "فعلٍ"، وقد جاء في حروف: نحو: الهدى والسرى وما أشبهه، وهو يسير، فأما الممدود فنحو: العواء، والدعاء. والرغاء، والثغاء، فكذلك البكاء، ونظيره من الصحيح الصراخ والنباح، ومن قصر فإنما جعل البكاء كالحزن، وقد قال حسان، فقصر ومد: بكت عيني وحق لها بكاها وما يغنى البكاء ولا العويل لجرير يرثي ابنه سوادة وقال جرير: قالوا نصيبك من أجرٍ فقلت لـهـم كيف العزاء وقد فارقت أشبـالـي هذا سوادة يجلو مقـلـتـي لـحـمٍ بازٍ يصرصر فوق المرقب العالي فارقته حين غض الدهر من بصري وحين صرت كعظم الرمة البالـي قوله:" يجلو مقلتي لحم "، شبه مقلتيه بمقلتي البازي، ويقال:" طائر لحم" من هذا. وقوله:" يصرصر" يعني يصوت، يقال:صرصر البازي والصقر، وما كان من سباع الطير، ويقال: صرصر العصفور: وأحسبه مستعاراً. لأن الأصل فيه أن يستعمل في الجوارح من الطير، قال جرير: بازٍ يصرصر بالسهبى قطاً جونا وقال آخر: كما صرصر العصفور في الرطب الثعد وأنشدني عمارة:" باز يصعصع" وهو أصح قال أبو الحسن:" يصعصع" وهو الصواب، ولكن هكذا وقع في كتابه. ويصرصر لايتعدى . قال أبو العباس: وقوله:" كعظم الرمة " فهي البالية الذاهبة، والرميم: مشتق من الرمة، وإنما هو فعيلٌ وفعلةٌ، وليس بجمع له واحد. ومما كفرت به الفقهاء الحجاج بن يوسف قوله: والناس يطوفون بقبر رسول الله ﷺ ومنبره وإن شئت قلت:" يطيفون "، قال أبو زيد: تقول العرب: طفت وأطفت به، ودرت وأدرت به، ويقال: حدق وأحدق: قال الأخطل: المنعمون بنو حربٍ وقد حدقت بي المنية واستبطأت أنصاري إنما يطوفون بأعوادٍ ورمةٍ. ومن أمثال العرب:" لولا أن تضيع الفتيان الذمة، لخبرتها بما تجد الإبل في الرمة ".، يقول: لولا أن تدع الأحداث التمسك بالوفاء، والرعاية للحرمة لأعلمتها أن الإبل تتناول العظم البالي، وهو أقل الأشياء فتجد له لذة. ومثل بيت جرير الأخير قول أبي الشغب يرثي ابنه شغباً: قد كان شغبٌ لو ان الله عـمـره عزاً تزداد به في عزها مـضـر ليت الجبال تداعت قبل مصرعـه دكاً فلم يبق من أحجارها حجـر فارقت شغباً وقد قوست من كبـرٍ بئس الحليفان: طول الحزن والكبر قوله:" قوست " يقول: انحنيت كالقوس، قال امرؤ القيس: أراهن لايحببن من قـل مـالـه ولا من رأيت الشيب فيه، وقوسا لسليمان بن قتة يرثي الحسين بن علي وقال سليمان بن قتة يرثي الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام: مررت على أبيات آل محـمـدٍ فلم أرها كعهدها يوم حـلـت فلا يبعد الله الـديار وأهـلـهـا وإن أصبحت من أهلها قد تخلت وكانوا رجاءً ثم صـاروا رزيةً فقد عظمت تلك الرزايا وجلت وإن قتيل الطف من آل هـاشـمٍ أذل رقاب المسلمـين فـذلـت وعند غني قطرةٌ مـن دمـائنـا سنجزيهم يوماً بها حيث حلـت إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرهـا و تقتلنا قيسٌ إذا النعـل زلـت وسليمان بن قتة رجل من بني تميم بن مرة بن كعب بن لؤي، وكان منقطعاً إلى بني هاشمٍ للفرزدق يرثي ابنيه وقال الفرزدق يرثي ابنيه: بفي الشامتين الترب أن كان مسني رزية شبلي مخدرٍ في الضراغم وما أحدٌ كـان الـمـنـايا وراءه ولو عاش أياماً طوالا بـسـالـم أرى كل حي ما تزال طـلـيعةً عليه المنايا من ثنايا المـخـارم

يذكرني ابني السماكـان مـوهـنـاً إذا ارتفعا فوق النجوم الـعـواتـم وقد رزىء الأقوام قبلـي بـنـيهـم وإخوانهم، فاقني حـياء الـكـرائم ومات أبي والمنـذران كـلاهـمـا وعمرو بن كلثوم شهـاب الأراقـم وقد كان مات الأقرعان وحـاجـب وعمرو أبو عمرو، وقيس بن عاصم وقد مات بسطام بن قيس بن خـالـدٍ ومات أبو غسان شيخ الـلـهـازم وقد مات خيراهم فلم يهـلـكـاهـم عشية بانا رهط كـعـب وحـاتـم فما ابناك إلا من بني الناس فاصبري فلن يرجع الموتى حنين الـمـآتـم قال:وأنشدني التوزي عن أبي زيد:" خنين المآتم " بالخاء معجمة قوله:" ما تزال طليعة " يريد طالعةً، والثنايا جمع ثنيةٍ، وهي الطريق في الجبل، من ذلك: أنا ابن جلا وطلاع الثـنـايا متى أضع العمامة تعرفوني والمخارم: جمع مخرمٍ، وهو منقطع أنف الجبل. وقوله:" فوق النجوم العواتم "، يعني المتأخرة، يقال: فلان يأتينا ولا يعتم: أي لايتأخر، وعتمة اسم للوقت، فلذلك سميت الصلاة بذلك الوقت، وكل صلاة مضافة إلى وقتها، تقول: صلاة الغداة، وصلاة الظهر، وصلاة العصر.وما قولك: الصلاة الأولى، فالأولى نعت لها إذا كانت أول ما صلي، وقيل أول ما أظهر. وقوله:" فاقني حياء الكرائم " يقول: فالزمي، وأصل القنية المال اللازم، يقال: اقتنى فلان مالاً إذا اتخذ أصل مالٍ، وقيل في قول الله عز وجل:" وأنه هو أغنى وأقنى"، النجم: 48 . أي جعل لهم أصل مال، وأنشد أبو عبيدة: لو كان للدهر عز يطمئن به لكن للدهر صخر مال قنيان والكرائم: جمع كريمة، والاسم من " فعيلة" والنعت يجمعان على " فعائل"، فالاسم نحو: صحيفة وصحائف، وسفينة وسفائن، والنعت نحو: عقيلة وعقائل، وكريمة وكرائم. و قوله:" ومات أبي " يريد التأسي بالأشراف. وأبوه غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع، وكان أبوه شريفاً، وأجداده إلى حيث إنتهوا، ولكل واحد منهم قصة يطول الكتاب بذكرها. والمنذران: المنذر بن المنذر بن ماء السماء اللخمي، يريد الابن والأب، وعمرو بن كلثوم التغلبي، قاتل عمرو بن هند، وكان أحد أشراف العرب وفتاكهم وشعرائهم. والأراقم: قبيلة من بني تغلب ابنة وائل، من بني جشم بن بكر. وزعم أهل العلم أنهم إنما سموا الأراقم لأن عيونهم شبهت بعيون الحيات، والأراقم: واحدها أرقم، فكانوا معروفين بهذا. قال الفرزدق يرد على جرير في هجائه له وللأخطل: إن الأراقم لن ينال قديمها كلب عوى متهتم الأسنان وجعله شهاباً لهم لنوره وبهائه وضيائه، تقول العرب: إنما فلان نجم أهله وكذلك قالت الخنساء: كأنه علم في رأسه نار والأقرعان: الأقرع بن حابس، وابنه الأقرع من بني مجاشع بن دارم، وكان الأقرع في صدر الإسلام سيد خندف، وكان محله فيها محل عيينة بن حصن في قيس. وحاجب بن زرارة بن عدس سيد بني تميم في الجاهلية غير مدافع. و عمرو أبو عمرو بن عدس، وكان شريفاً، وكان ابنه عمرو شريفاً، قتل يوم جبلة، قتلته بنو عامر بن صعصعة، وقتلوا لقيط بن زرارة وكان الذي ولي قتله عمارة الوهاب العبسي، وينسب إلى بني عامر، لأن بني عبس كانوا فيهم مع قيس بن زهير، وعمارة هذا كان يقال له:" دالق"، وقتله شرحاف الضبي، ولذلك يقول الفرزدق: وهن بشرحاف تداركن دالـقـاً عمارة عبس بعدما جنح العصر وزعم أبو عبيدة أن فاطمة بنت الخرشب الأنمارية أريت في منامها قائلاً يقول: أعشرة هدرة أحب إليك أم ثلاثة كعشرة هدرة بالدال غير معجمة، قال أبو الحسن: هم السقاط من الناس فلم تقل شيئاً، فعادلها في الليلة الثانية فلم تقل شيئاً، ثم قصت ذلك على زوجها فقال: إن عاد لك الثالثة فقولي: ثلاثة كعشرة وزوجها زياد بن عبد الله بن ناشب العبسي، فلما عاد لها قالت: ثلاثة كعشرة، فولدتهم كلهم غاية، ولدت ربيع الحفاظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس، وهي إحدى المنجبات من العرب. وأسرو حاجباً . فذلك حيث يقول جرير يعير الفرزدق ويعلمه فخر قيس عليه: تحضض يا ابن القين قيساً ليجعلوا لقومك يوماً مثـل يوم الأراقـم كأنك لم تشهد لقـيطـاً وحـاجـبـاً وعمرو بن عمرو إذ دعوا: يال دارم ولم تشهد الجونين والشعب ذا الصفـا وشدات قيس يوم دير الجـمـاجـم الجونان: معاوية و حسان ابنا الجون الكنديان، أسرا في ذلك اليوم، فقتل حسان، وفودي معاوية بسبب يطول ذكره. والشعب: شعب جبلة. وقوله: وشدات قيس يوم دير الجماجم هذا في الإسلام، يعني وقعة الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي بدير الجماجم. وقوله: وقد مات بسطام بن قيس بن خالد يعني الشيباني، وهو فارس بكر بن وائل وابن سيدها، وقتل بالحسن وهو جبل قتله عاصم بن خليفة الضبي، وكان عاصم بن خليفة أسلم في أيام عثمان رحمه الله، فكان يقف ببابه فيستأذن عليه، فيقول عاصم بن خليفة الضبي: قاتل بسطام بن قيس بالباب قال أبو الحسن: الوجه عندي في " بسطام" ألا ينصرف لأنه أعجمي وكان سبب قتله إياه أن بسطاماً أغار على بني ضبة، وكان معه حاز يحزو له قال أبو الحسن: "حاز" بالزاي أي زاجر فقال له بسطام: إني سمعت قائلاً يقول: الدلو تأتي الغرب المزله فقال الحازي: فهلا قلت: ثم تعود بادناً مبتله قال: ما قلت فاكتسح إبلهم، فتنادوا واتبعوه، ونظرت أم عاصم إليه، وهو يقع حديدة له أي يحدها، والميقعة: المطرقة فقالت له: ما تصنع بهذه وكان عاصم مضعوفاً فقال لها: أقتل بها بسطام بن قيس، فنهرته، وقالت: است أمك أضيق من ذلك فنظر إلى فرس لعمه موثقةٍ إلى شجرة فاعروراها أي ركبها عرياً ثم أقبل بها كالريح، فنظر بسطام إلى الخيل قد لحقته، فجعل يطعن الإبل في أعجازها، فصاحت به بنو ضبة: يا بسطام، ما هذا السفه دعها، إما لنا وإما لك، وانحط عليه عاصم، فطعنه فرمى به على الألاءة وهي شجرة ليست بعظيمة، وكان بسطام نصرانياً، وكان مقتله بعد مبعث النبي ﷺ فأراد أخوه الرجوع إلى القوم، فصاح به بسطام : أنا حنيف إن رجعت، ففي ذلك يقول ابن غنمة الضبي وكان في بني شيبان: فخر على الألاءه لم يوسد كأن جبينه سيف صقيل ولما قتل بسطام لم يبق في بكر بن وائل بيت إلا هجم أي هدم. وقوله: ومات أبو غسان شيخ اللهازم يعني مالك بن مسمع بن شيبان بن شهاب، أحد بني قيس بن ثعلبة، وإليه تنسب المسامعة. وكان سيد بكر بن وائل في الإسلام، وهو الذي قال لعبيد الله بن زياد بن ظبيان، أحد بني تيم اللآت بن ثعلبة وكان حين حدث أمر مسعود بن عمرو المعني من الأزد فلم يعلمه به، فقال له عبيد الله وهو أحد فتاك العرب، وهو قابل مصعب بن الزبير: أيكون مثل هذا الحدث ولا تعلمني به لهممت أن أضرم دارك عليك ناراً فقال له مالك: اسكت أبا مطر، فوالله إن في كنانتي سهم أنا أوثق به مني بك، فقال له عبيد الله: أو أنا في كنانتك فوالله لو قمت فيها لطلتها، ولو قعدت فيها لخرقتها، فقال له مالك وأعجبه ما سمع منه: أكثر الله في العشيرة مثلك قال: لقد سألت ربك شططاً وفي مالك بن مسمع يقال: إذا ما خشينا من أمير ظلامة دعونا أبا غسان يوماً فعسكراً

قوله:" وقد مات خيراهم"، تثنية كقولك: مات أحمراهم، ولم يخرج مخرج النعت، ألا ترى أنك تقول: هذا أحمر القوم إذا أردت: هذا الأحمر الذي للقوم، فإذا أردت الذي يفضلهم في باب الحمرة قلت: هذا أشدهم حمرة، ولم تقل: هذا أحمرهم، وكذلك خيراهم، وإنما أردت هذا خيرهم ثم ثنيت، أي هذا الخير الذي هو فيهم. وقوله:" عشية بانا"، مردود على قوله:" خيراهم". وقوله:" رهط كعب وحاتم"، إنما خفضت" رهطاً" لأنه بدل من "هم" التي أضفت إليها "الخيرين" والتقدير: وقد مات خيراً رهط كعب وحاتم، فلم يهلكاهم عشية بانا.

فأما كعب، فهو كعب بن مامة الإيادي، وكان وكان أحد أجواد العرب الذي آثر على نفسه،وكان مسافراً ورفيقه رجل من النمر بن قاسط فقل عليهما الماء فتصافناه والتصافن: أن يطرح في الإناء حجرٌ ثم يصب فيه من الماء ما يغمره لئلا يتغابنوا: وكذلك كل شيء وقف على كيله أو وزنه، والأصل ما ذكرنا فجعل النمري يشرب نصيبه، فإذا أخذ كعب نصيبه قال: اسق أخاك النمري، فيؤثره حتى جهد كعبٌ، ورفعت له أعلام الماء، فقيل له: رد كعب ولا ورود به، فمات عطشاً، ففي ذلك يقول أبو دؤاد الإيادي: أوفى على الماء كعبٌ ثم قيل له رد كعب إنك ورادٌ فمـا وردا فضرب به المثل، فقال جرير في كلمته التي مدح فيها عمر بن عبد العزيز: يعود الفضل منك على قـريشٍ وتفرج عنهم الكرب الشـدادا وقد أمنت وحشهـم بـرفـقٍ ويعيي الناس وحشك أن تصادا وتبني المجد يا عمر ابن ليلـى وتكفي الممحل السنة الجمـادا وتدعوا الله مجتهداً لـيرضـى وتذكر في رعيتك المـعـادا وما كعب ابن مامة وابن سعدى بأجود منك يا عمر الـجـوادا تعود صالـح الأخـلاق إنـي رأيت المرء يلزم ما استعـادا هذا كعب ابن مامة الذي ذكرناه. وأما ابن سعدى، فهو أوس بن حارثة بن لأم الطائي، وكان سيداً مقدماً، فوفد هو وحاتم بن عبد الله الطائي على عمرو ابن هند، وأبوه المنذر بن المنذر بن ماء السماء، فدعا أوساً فقال له: أأنت أفضل أم حاتم? فقال أبيت اللعن لو ملكني حاتم وولدي ولحمتي لوهبنا في غداةٍ واحدةٍ. ثم دعا حاتماً فقال له: أنت أفضل أم أوسٌ? فقال أبيت اللعن إنما ذكرت بأوسٍ، ولأحد ولده أفضل مني. وكان النعمان بن المنذر دعا بحلة وعنده وفود العرب من كل حي فقال: احضروا في غد، فإني ملبس هذه الحلة أكرمكم، فحضر القوم جميعاً إلا أوساً، فقيل له: لم تتخلف فقال إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء ألا أكون حاضراً، وإن كنت أنا المراد فسأطلب ويعرف مكاني.فلما جلس النعمان لم ير أوساً، فقال اذهبوا إلى أوس فقولوا له: احضر آمناً مما خفت، فحضر فألبس الحلة، فحسده قوم من أهله، فقالوا للحطيئة: اهجه ولك ثلاثمائة ناقة، فقال الحطيئة: كيف أهجو رجلاً في بيتي أثاثاً ولا مالاً إلا من عنده ثم قال: كيف الهجاء وما تنفك صالحةٌ من آل لأم بظهر الغيب تأتيني فقال لهم بشر بن أبي خازم، أحد بني أسد بن خزيمة : أنا أهجو لكم، فأخذ الإبل وفعل، فأغار أوس على الإبل فاكتسحتها، فجعل لا يستجير حياً إلا قال: قد أجرتك إلا من أوس. وكان في هجائه إياه قد ذكر أمه، فأتى به، فدخل أوس على أمه فقال: قد أتينا ببشرٍ الهاجي لك ولي، فما ترين فيه? فقالت له: أو تطيعني فيه? قال نعم، قالت: أرى أن ترد عليه ماله، وتعفو عنه وتحبوه، وافعل مثل ذلك، فإنه لا يغسل هجاءه إلا مدحه. فخرج إليه فقال: إن أمي سعدى التي كنت تهجوها قد أمرت فيك بكذا وكذا فقال: لا جرم والله لا مدحت أحداً حتى أموت غيرك. ففيه يقول: إلى أوس بن حـارثة بـن لأمٍ ليقضي حاجتي فيمن قضاهـا وما وطئ الثرى مثل ابن سعدى ولا لبس النعال ولا احتـذاهـا وأما حاتمٌ الذي ذكره الفرزدق، فهو حاتم بن عبد الله الطائي، جواد العرب، وقد كان الفرزدق صافن رجلاً من بني العنبر بن عمرو بن تميم إدواة في وقتٍ، فرامه العنبري وسلمه أن يؤثره وكان الفرزدق جوادا فلم تطب نفسه عن نفسه، فقال الفرزدق: فلما تصافنا الإداوة أجهـشـت إلي غضون العنبري الجراضم فجاء بجلمود له مـثـل رأسـه ليشرب ماء القوم بين الصرائم على ساعةٍ لو أن في القوم حاتماً على جوده ضنت به نفس حاتم أما قوله:" أجهشت" فهو التسرع، وما تراه في فحواه من مقاربة الشيء، يقال: أجهش بالبكاء. والغضون: التكسر قي الجلد، والجراضم: الأحمر الممتلئ. وقوله: ليشرب ماء القوم بين الصرائم فهي جمع صريمةٍ، وهي الرملة التي تنقطع من معظم الرمل، وقوله: " صريمة " يريد مصرومة، والصرم: القطع، وأتشد الأصمعي: فبات يقول أصبح ليل حتى تجلى على صريمته الظلام

يعني ثوراً، وصريمته: رملته التي هو فيها. وقال المفسرون في قول الله عز وجل:"فأصبحت كالصريم" القلم 20 قولين، قال قوم: كالليل المظلم، وقال قوم: كالنهار المضيء، أي بيضاء لا شيء فيها، فهو من الأضداد. ويقال: لك سواد الأرض وبياضها، أي عامرها وغامرها، فهذا ما يحتج به لأصحاب القول الأخير، ويحتج لأصحاب القول الأول في السواد بقول الله تبارك وتعالى :" فجعله غثاءً أحوى" الأعلى 5، وإنما سمي السواد سواداً لعمارته، وكل خضرةٍ عند العرب سواد، ويروى: على ساعةٍ لوأن في القوم حاتماً على جوده ما جاد بالماء حاتم جعل "حاتما" تبيناً للهاء في جوده، وهو الذي يسميه البصريون البدل، أراد: على جود حاتمٍ باب نبذ من أقوال الحكماء قال أبو العباس: كان يقال: إذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم وكان يقال: أنعم الناس عيشاً من عاش غيره في عيشه. وقيل في المثل السائر: من كان في وطن فليوطن غيره وطنه، ليرتع في وطن غيره في غربته. قال : وأنتبه معاوية من رقدةٍ له، فأنبه عمرو بن العاص، فقال له عمرو: ما بقي من لذتك? قال : عينٌ خرارة في أرض خوارة، وعينٌ ساهرة لعينٌ نائمة، فما بقي من لذتك يا أبا عبد الله? قال : أن أبيت معرساً بعقيلة من عقائل العرب. ثم نبها وردان، فقال له معاوية: ما بقي من لذتك? فقال : الإفضال على الإخوان، فقال له معاوية : اسكت، أنا أحق بها منك، قال: قد أمكنك فافعل. ويروى أن عمراً لما سئل قال: أن أستتم بناء مدينتي بمصر، وأن وردان لما سئل قال: أن ألقى كريماً قادراً في عقب إحسانٍ كان مني إليه، وأن معاوية سئل عن الباقي من لذته فقال: محادثة الرجال ويروى عن عبد الملك أنه قال: وقد سئل عن الباقي من لذته فقال: محادثة الإخوان في الليالي القمر على الكثبان العفر. وقال سليمان بن عبد الملك: قد أكلنا الطيب، ولبسنا اللين، وركبنا الفاره، وأمتطينا العذراء، فلم يبق من لذتي إلا صديق أطرح بيني وبينه مؤونة التحفظ. وقال رجل لرجل من قريش: إني والله ما أمل الحديث، قال: أيمل العتيق? وقال المهلب بن أبي صفرة: العيش كله في الجليس الممتع. وقال معاوية: الدنيا بحذافيرها الخفض والدعة . وقال يزيد بن المهلب: ما يسرني أني كفيت أمر الدنيا كله، قيل له: ولم أيها الأمير? قال:أكره عادة العجز. ويروى عن بعض الصالحين أنه قال: لو أنزل الله كتاباً أنه معذب رجلاً واحداً لخفت أن أكونه، أو أنه راحمٌ رجلاً واحداً لرجوت أن أكونه، أو أنه معذبي لا محال ما ازددت إلا اجتهاداً لئلا أرجع على نفسي بلائمة . أدب عمر بن عبد العزيز ويروى أن عمر بن عبد العزيز كان يدخل إليه سالم مولى بني مخزوم وقالوا: بل زياد وكان عمر أراد شراءه وعتقه، فأعتقه مواليه، وكان عمر يسميه: أخي في الله، فكان إذا دخل وعمر في صدر مجلسه تنحى عن الصدر، فيقال له في ذلك فيقول: إذا دخل عليك من لا ترى لك عليه فضلاً فلا تأخذ عليه شرف المجلس، وهم السراج ليلة بأن يخمد، فوثب إليه رجاء بن حيوة ليصلحه، فأقسم عليه عمر فجلس، ثم قام عمر فأصلحه. فقال له رجاء: أتقوم يا أمير المؤمنين قال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز، ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز.وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" لا ترفعوني فوق قدري فتقول في ما قالت النصارى في المسيح، فإن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني رسولاً " ودخل مسلمة بن عبد الملك على عمر بن عبد العزيز في مرضته التي مات فيها، فقال: ألا توصي يا أمير المؤمنين? قال : فيم أوصي? فوالله إن لي من مال، فقال: هذه مائة ألف فمر فيها بما أحببت، فقال: أو تقبل? قال: نعم،قال. ترد على من أخذت منه ظلماً. فبكى مسلمة ثم قال: يرحمك الله لقد ألنت منا قلوباً قاسية، وأبقيت لنا في الصالحين ذكراً . بر علي بن الحسين بأمه وقيل لعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمهم الله: إنك من أبر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل مع أمك في صحفةٍ، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها. لعمر بن ذر في ابنه وقيل لعمر بن ذر حيث نظر إلى تعزيه عن إبنه كيف كان بره بك? فقال: ما مشيت بنهارٍ قط إلا مشى خلفي، ولا بليلٍ إلا مشى أمامي، ولا رقي سطحاً وأنا تحته.

لأبي المخش في ولده وقال أبو المخش: كانت لي ابنة تجلس معي على المائدة، فتبرز كفاً كأنها طلعة، في ذراعٍ كأنها جمارة، فلا تقع عينها على أكلة نفيسة إلا خصتني بها، فزوجتها، وصار يجلس معي على المائدة ابنٌ لي فيبرز كفاً كأنها كرنافة، في ذراعٍ كأنها كربة، فوالله إن تسبق عيني إلى لقمة طيبة إلاسبقت يده إليها. وقال الأصمعي: قيل لأبي المخش: أما كان لك ابنٌ? فقال: المخش، وما كان المخش? كان والله أشدق خرطمانياً إذا تكلم سال لعابه، كأنما ينظر من قلتين، وكأن ترقوته بوان أو خالفة، وكأن مشاش منكبيه كركرة جمل، فقأ الله عيني هاتين إن كنت رأيت بهما أحسن منه قبله ولا بعده. قوله:" بوان أو خالفة " فهما عمودان من عمد البيت، البوان في مقدمه والخالفة في مؤخره . والكرنافة : طرف الكربة العريض الذي يتصل بالنخلة كأنه كتف. حدثني بهذا الحديث العباس بن الفرج الرياشي عن الأصمعي، وحدثني عمن حدثه قال: مر بنا أعرابي ينشد إبناً له، فقلنا: صفه، فقال: دنينير، قلنا لم نره، فلم نلبث أن جاء بجعل على عنقه، فقلنا: لو سألت عن هذا لأرشدناك، ما زال منذ اليوم بين أيدينا. وأنشد منشد، وأنشدني الرياشي أحد البيتين: نعم ضجيع الفتى إذا برد الليل صحيراً وقرقف الـصـرد زينها الله في الفـؤاد كـمـا زين في عـين والـدٍ ولـد لأم ثواب الهزانية تصف عقوق ابنها وقالت أم ثواب الهزانية، من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، تعني ابنها: ربيته وهو مثل الفرخ أعظمه أم الطعام ترى في ريشه زغبا حتىإذا آض كالفحال شـذبـه أباره ونفى عن متنه الكربـا أنشا يخرق أثوابي ويضربنـي أبعد ستين عندي يبتغي الأدبـا إني لأبصر في ترجيل لمـتـه وخط لحيته في وجهه عجبـا قالت له عرسه يوماً لتسمعني: رفقاً فإن لنا في أمنـا أربـا ولو رأتني في نارٍ مسـعـرة من الجحيم لزادت فوقها حطبا قوله:" أباره "، فهو الذي يصلحه، يقال: أبرت النخل وأبرته خفيفة، إذا لقحته. خبر مالك بن العجلان مع أبي جبيلة ويرى أن مالك بن العجلان أو غيره من الأنصار كان يتحف أبا جبيلة الملك حيث نزل بهم بتمرٍ من نخلةٍ لهمشريفةٍ، فغاب يوماً، فقال أبو جبيلة: إن مالكاً كان يقوت علينا جنى هذه النخلة فجدوها، فجاء مالك وقد جدت فقال: من سعى على عذق الملك فجده، فأعلموه أن الملك أمر بذلك، فجاء حتى وقف عليه فقال: جددت جنى نخلتي ظالماً وكان الثمار لمن قد أبر فلما دخل النبي ﷺ المدينة أطرفوه بهذا الحديث، فقال ﷺ " الثمر لمن أبر، إلا أن يشترطه المشتري". والفحال فحال النخل: ولا يقال لشيء من الفحول فحال غيره. وأنشدني المازني: يطفن بفحالٍ كأن ضـبـابـه بطون الموالي يوم عيدٍ تغدت وضبابه: طلعه. وآض: عاد ورجع. وقولها:" شذبه" تقول: قطع عنه الكرب والعثاكيل وكل مشذب مقطوع ويقال للرجل الطويل النحيف: مشذب يشبه بالجذع المحذوف عنه الكرب وأصل التشذيب القطع وقال الفرزدق: عضت سيوف تميمٍ حين أغضبـهـا رأس ابن عجلى فأضحى رأسه شذباً أراد: عضت سيوف تميم رأس ابن عجلى حين أغضبها. وابن عجلى : عبد الله بن خازم السلمي وأمه عجلى وكانت سوداء وهو أحد غرباء العرب في الإسلام. للمهلب وقد سئل من أشجع الناس? وسئل المهلب من أشجع الناس فقال : عباد بن حصين، وعمر بن عبيد الله بن معمر، والمغيرة بن المهلب فقيل. فأين ابن الزبير وابن خازم وعمير بن الحباب فقال : إنما سئلت عن الإنس ولم أسأل عن الجن. باب من كلام عائشة روى شعبة عن واقد بن محمد، عن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: من أرضى الله بإسخاط الناس كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن أرضى الناس بإسخاط الله وكله الله إلى الناس ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته. بين الحسن بن زيد وا لي المدينة وابن هرمة ويروى أن الحسن بن زيد لما ولي المدينة قال لابن هرمة: إني لست كمن باع لك دينه رجاء مدحك أو خوف ذمك قد أفادني الله بولادة نبيه الممادح، وجنبني المقابح وإن من حقه علي ألا أغضي على تقصير في حقه وأنا أقسم بالله، لئن أتيت بك سكران لأضربنك حدين: حدا للخمر، وحدا للسكر وأزيدن، لموضع حرمتك بي. فليكن تركها لله تعن عليه ولا تدعها للناس فتوكل إليهم. فنهض ابن هرمة وهو يقول: نهاني ابن الرسول عن المـدام وأدبـنـي بـآداب الـكـرام وقال لي اصطبر عنها ودعها لخوف الله لا خـوف الأنـام وكيف تصبري عنها وحـبـي لها حب تمكن من عظامـي أرى طيب الحلال علي خبثـاً وطيب النفس في خبث الحرام من كلام مطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي وقال الحسن لمطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي: يا مطرف، عظ أصحابك فقال مطرف: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل. فقال الحسن : يرحمك الله وأينا يفعل ما يقول لود الشيطان أنه ظفر بهذه منكم فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه عن منكر. وقال مطرف بن عبد الله لابنه: يا عبد الله، العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين وشر السير الحقحقة. قوله:" الحسنة بين السيئتين".، يقول: الحق بين فعل المقصر والغالي. ومن كلامهم: خير الأمور أوسطها. قوله:" وشر السير الحقحقة" وهو أن يستفرغ المسافر جهد ظهره فيقطعه، فيهلك ظهره، ولا يبلغ حاجته. يقال: حقحق السير إذا فعل ذلك . وقال الراجز: وأنبت فعل السائر المحقحق وحدثت أن الحسن نفى سابق الحاج وقد أسرع، فجعل يومىء إليه بإصبعه فعل الغازلة وهو يقول:" خرقاء وجدت صوفاً". وهذا مثل من أمثال العرب يضربونه للرجل الأحمق الذي يجد مالاً كثيراً فيعيث فيه وشبيه بهذا المثل قوله:" عبد وخلى في يديه". ويروى عن رسول الله ﷺ أنه قال:" إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهراً أبقى". قوله:" متين"، المتين الشديد، قال الله عز وجل:" وأنلى لهم إن كيدى متين" الأعراف: 183. وقوله:" فأوغل فيه برفق"، يقول: ادخل فيه، هذا أصل الوغول، ويقال مشتقاً من هذا الرجل الذي يأتي شراب القوم من غير أن يدعى إليه: واغل، ومعناه أنه وغل في القوم وليس منهم، قال امرؤ القيس: حلت لي الخمر وكنت امرأ عن شربها في شغل شاغل فاليوم أسقى غير مستحقب إثماً من اللـه ولا واغـل والمنبت: مثل المحقحق، واشتقاقه من الانقطاع، يقال: انبت فلان من فلان أي انقطع منه، وبت الله ما بينهم، أي قطع، قال محمد بن نمير: تواعد للبين الخـلـيط لـينـبـتـوا وقالوا لراعي الذود: موعدك السبت وفي النفس حاجات إليهـم كـثـيرة وموعدها في السبت لو قد دنا الوقت ويروى: ألا قرب الحي الجمال لينبتوا وحدثت أن ابن السماك كان يقول: إذا فعلت الحسنة فافرح بها واستقللها فإنك إذا استقللتها زدت عليها، وإذا فرحت بها عدت إليها. ويروى عن أويسٍ القرني أنه قال: إن حقوق الله لم تترك عند مسلم درهماًٍ. باب يزيد بن هبيرة ينصح المنصور ودخل يزيد بن عمر بن هبيرة على أمير المؤمنين المنصور فقال: يا أمير المؤمنين، توسع توسعاً قرشياً، ولا تضق ضيقاً حجازياً. ويروى أنه دخل عليه يوماً فقال له المنصور: حدثنا، فقال : يا أمير المؤمنين، إن سلطانكم حديث، وإمارتكم جديدة، فأذيقوا الناس حلاوة عدلها، وجنبوهم مرارة جورها. فوالله ياأمير المؤمنين لقد محضت لك النصيحة. ثم نهض معه سبعمائة من قيس، فأتأره المنصور بصره، ثم قال: لا يعز ملك يكون فيه مثل هذا. قوله:" محضت لك النصيحة" يقول: أخلصت لك، وأصل هذا من اللبن، والمحض منه: الخالص الذي لا يشوبه شيء، وأنشد الأصمعي: امتحضا وسقياني ضيحـا وقد كفيت صاحبي الميحا ويقال: حسب محض. وقوله:" أتاره بصره" يقول: أتبعه بصره، وحدد إليه النظر، وأنشد الأصمعي: مازلت أرمقهم والآل يرفعـهـم حتى اسمدر بطرف العين إتآري لأسماء بن خارجة في كرم الخلق ويروى عن أسماء بن خارجة أنه قال: لا أشاتم رجلاً، ولا أرد سائلاً، فإنما هو كريم أسد خلته، أو لئيم أشتري عرضي منه. للأحنف بن قيس ويروى عن الأحنف بن قيس أنه قال: وما شاتمت رجلاً، ولا زحمت ركبتاي ركبتيه، وإذا لم أصل مجتدي حتى ينتح جبينه عرقاً كما ينتح الحميت، فو الله ما وصلته . قوله:" مجتدي " يريد الذي يأتيه يطلب فضله، يقال: اجتده يجتديه، واعتفاه يعتفيه، واعتراه يعتريه، واعتره يعتره، وعراه يعروه: إذا قصده يتعرض لنائله. وأصل ذلك مأخوذ من الجدا مقصور، وهو المطر العام النافع، يقال: أصابتنا مطرة كانت جداً على الأرض، فهذا الاسم، فإذا أردت المصدر، قلت: فلان كثير الجداء، ممدودة، كما تقول: كثير الغناء عنك، ممدودة، هذا المصدر، فإذا أردت الاسم الذي هو خلاف الفقر قلت: الغنى بكسر أوله وقصرت. قال خفاف بن ندبة يمدح أبا بكر الصديق رضي الله عنه: ليس لشيء غير تقوى جـداء وكل شيء عمره للـفـنـاء إن أبا بكر هـو الـغـيث إذ لم تشمل الأرض سحاب بماء تالـلــه لا يدرك أيامـــه ذو طرةٍ حاف ولا ذو حـذاء من يسع كـي يدرك أيامـه يجتهد الشد بأرضٍ فـضـاء وهذا من طريف الشعر لأنه ممدود فهو بالمد الذي فيه من عروض السريع الأولى، وبيته في العروض: أزمان سلمى لا يرى مثلها الرا ؤون في شام ولا في عـراق ثم نرجع إلى تأويل قول الأحنف. قوله:" حتى ينتح جبينه عرقاً، فهو مثل الرشح. وحدثني أبو عثمان المازني في إسناد له ذكره قال: قال رؤبة بن العجاج: خرجت مع أبي نريد سليمان بن عبد الملك، فلما صرنا في الطريق أهدي لنا جنب من لحم عليه كرافىء الشحم، وخريطة من كمأة، ووطب من لبن، فطبخنا هذا بهذا، فما زالت ذفرياي تنتحان منه إلى أن رجعت. وقوله :" الحميت"، فالحميت والزق، اسمان له، وإذا زفت أو كان مربوباً الوطب، وإذا لم يكن مربوباً ولا مزفتاً فهو سقاء ونحي، و الوطب يكون للبن والسمن، و السقاء يكون للبن والماء. قالت هند بنت عتبة لأبي سفيان بن حرب لما رجع مسلماً من عند النبي ﷺ إلى مكة في ليلة الفتح، فصاح: يامعشر قريش، ألا إني قد أسلمت فأسلموا، فإن محمداً قد أتاكم بما لا قبل لكم به فأخذت هند برأسه، وقالت : بئس طليعة القوم أنت والله ما خدشت خدشاً، يا أهل مكة، عليكم الحميت الدسم فاقتلوه. وأما قول رؤبة:" كرافىء الشحم"، يريد طبقات الشحم. وأصل ذلك في السحاب إذا ركب بعضه بعضاً، يقال له: كرفئ، والجميع كرافىء . قال أبو الحسن الأخفش: واحد الكرافىء كرفئة، وهاء التأنيث إذا جمعت جمع التكسير حذفت لأنها زائدة بمنزلة اسم ضم إلى اسم وأحسب أن أبا العباس لم يسمع الواحد من هذا فقاسه، والعرب تجترىء على حذف هاء التأنيث إذا احتاجت إلى ذلك، وليس هذا موضع حاجة إذا كانت قد استعملت الواحدة بالهاء، ونظير هذا قولهم: ما في السماء كرفئة، وما في السماء قذعملة وقذعميلة، وما في السماء طحربة وطحربة، وما في السماء قر طعبة، وما في السماء كنهورة، وهي القطعة من السحاب العظيمة كالجبل وما أشبه.

=======

ج2. 💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥





الكامل في اللغة/الجزء الثاني








< الكامل في اللغة


باب لحسان بن ثابت يهجو مسافع بن عياض التيمي قال أبو العباس: قال حسان بن ثابت يهجو مسافع بن عياض التيمي، من تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، رهط أبي بكر الصديق رحمه الله: لو كنت من هاشم أو من بنـي أسـدٍ أو عبد شمس أو اصحاب اللوا الصيد أو من بني نوفل أو رهط مطـلـبٍ لله درك لم تـهـمـم بـتـهـديدي أو في الذؤابة من قوم ذوي حـسـبٍ لم تصبح اليوم نكساً ثانـي الـجـيد أومن بني زهرة الأخيار قد علمـوا أومن بني جمح البيض المـنـاجـيد أو في السرارة من تيم رضيت بهـم أو من بني خلف الخضر الجلاعـيد يا آل تيم ألاينـهـى سـفـيهـكـم قبل القذاف بقول كـالـجـلامـيد لولا الرسول فإني لسـت عـاصـية حتى يغيبني في الرمس ملـحـودي وصاحب الغار إني سوف أحفظـك وطلحة بن عبد الـلـه ذو الـجـود

لقد رميت بها شنعاء فـاضـحة يظل منها صحيح القوم كالمودي قوله:" لو كنت من هاشم" يريد هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، والنضر أبو قريش، ومن كان من بني كنانة لم يلده النضر فليس بقرشي. وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي. وعبد شمس هو عبد شمس، بن عبد مناف بن قصي. وأصحاب اللواء بنو عبد الدار بن قصي. واللواء ممدود إذا أردت به لواء الأمير، ولكنه احتاج إليه فقصره، وقد بينا جواز ذلك، فأما اللوى من الرمل فمقصور، قال امرؤ القيس : بسقط اللوى بين الدخول وحومل كذا يرويه الأصمعي، وهذه أصح الروايات. وقوله:" أو من بني نوفل" فهو نوفل بن عبد مناف بن قصي. والمطلب الذي ذكره هو ابن عبد مناف بن قصي. وقوله:" لم تصبح اليوم نكساً"، فالنكس الدنيء المقصر. ويقول بعضهم: إن أصل ذلك في السهام، وذلك أن السهم إذا ارتدع أو نالته أفة نكس في الكنانة ليعرف من غيره قال الحطيئة: قد ناضلوك فأبدوا من كنانتهم مجداً تليداً و نبلا غير أنكاس قوله:" مجداً تليداً"، قالوا: نواصي الفرسان" الذين كان يمن عليهم. وقوله:" ثاني الجيد" قد مر تفسيره في قول الله عز وجل:" ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله" الحج: 9 وقوله:" أو من بني زهرة"، فهو زهرة بن كلاب بن مرة. ويروى أن رسول الله ﷺ قال:" خلقت من خير حيين: من هاشم وزهرة" وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. وقوله:" الناجيد" مفاعيل، من النجدة، والواحدة منجاد، وإنما يقال ذلك في تكثير الفعل، كما تقول: رجل مطعان بالرمح، ومطعام للطعام. وقوله: أو في السرارة من تيم رضيت بهم يقول: في الصميم منهم والموضع المرضي، وأصل ذلك في التربة، تقول العرب: إذا غرست فاغرس في سرارة الوادي، ويقال: فلان في سر قومه، والسرة مثل ذلك، قال القرشي: هلا سألت عن الذين تبطحوا كرم البطاح وخير سرة واد وعن الذين أبو فلم يستكرهوا أن ينزلوا الولجات من أجياد يخبرك أهل العلم أن بيوتنـا منها بخير مضارب الأوتاد وقوله :" أو من بني خلف الخضر"، فإنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين. وليس بالوجه، وإنما يحذف من الحرف لالتقاء الساكنين حروف المد واللين، وهي الألف، والياء المكسور ما قبلها، والواو المضموم ما قبلها، نحو قولك: هذا قفا الرجل، وقاضي الرجل، ويغزو القوم، فلأما التنوين فجاز فيه هذا. لأنه نون في اللفظ، والنون تدغم في الياء والواو، وتزاد كما تزاد حروف المد واللين، ويبدل بعضها من بعض، فتقول: رأيت زيداٌ فتبدل الألف من التنوين، وتقول في النسب إلى صنعاء وبهراء صنعاني وبهراني، فتبدل النون من ألف التأنيت، وهذه جملة وتفسيرها كثير، فلذلك حذف، ومثل هذا من الشعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف وقال آخر : حمـيد الـذي أمـــجٌ داره أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع وقرأ بعض القراء :" قل هو الله أحد الله الصمد " الإخلاص 1- 2 وسمعت عمارة بن عقيل يقرأ:" ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون " يس 40، فقلت: ما تريد ? فقال :" سابقٌ النهار ". وقوله: " أواصحاب اللوا"، فإنما خفف الهمزة، وتخفف إذا كان قبلها ساكنٌ، فتطرح حركتها على الساكن وتحذف، كقولك: من أبوك ? وقوله عز وجل: " الذي يخرج الخبء في السموات والأرض " النمل 25 وخلف الذي ذكره من بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي . وقوله:"الخضر الجلاعيد " يقال فيه قولان: أحدهما أنه يريد سواد جلودهم، كما قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهبٍ : وأنا الأخضر من يعرفـنـي أخضر الجلدة في بيت العرب فهذا هو القول الأول. وقال آخرون :شبههم في جودهم بالبحور. وقوله:" الجلاعيد "، يريد الشداد الصلاب، واحدهم جلعدٌ، وزاد الياء للحاجة، وهذا جمعٌ يجيء كثيراً، وذلك أنه موضع تلزمه الكسرة، فتشبع فتصير ياءً، يقال في خاتم: خواتيم، وفي دانقٍ دوانيق، وفي طابق طوابيق قال الفرزدق في مثل هذا الجمع : تنفي يداها الحصى في كل هاجرةٍ نفي الدراهيم تنقاد الـصـياريف

وقوله: " قبل القذاف" يريد المقاذفة، وهذه تكون من اثنين فما فوقهما، نحو المقاتلة والمشاتمة، فباب " فاعلت" إنما هو للاثنين فصاعداً، نحو قاتلت وضاربت، وقد تكون الألف زائدة في فاعلت فتبنى للواحد، كما زيدت الهمزة أولاٌ في " أفعلت " فتكون للواحد، نحو عاقبت اللص، وعافاه الله، وطارقت نعلي. وقوله:" وصاحب الغار "، يعني أبا بكر رحمه الله، لمصاحبته النبي ﷺ في الغار، وهذا مشهور لايحتاج إلى تفسيره . وطلحة بن عبيد الله نسبه إلى الجود لأنه كان من أجود قريش. وحدثني التوزي قال: كان يقال لطلحة بن عبيد الله: طلحة الطلحات، وطلحة الخير، وطلحة الجود. وذكر التوزي عن الأصمعي أنه باع ضيعةٌ له بخمسة عشر ألف درهم، فقسمها في الأطباق. وفي بعض الحديث أنه منعه أن يخرج إلى المسجد أن له بين ثوبين. وحدثني العتبي في إسناد ذكره قال: دعا طلحة بن عبيد الله أبا بكر وعمر وعثمان رحمة الله عليهم، فأبطأ عنه الغلام بشيء أراده، فقال طلحة: يا غلام، فقال الغلام: لبيك فقال طلحة: لا لبيك فقال أبو بكر: ما يسرني أني قلتها وأن لي الدنيا وما فيها. وقال عمر: ما يسرني أني قلتها ولي نصف الدنيا. قال عثمان: ما يسرني أني قلتها وأن لي حمر النعم قال: وصمت عليها أبو محمد، فلما خرجوا من عنده باع ضيعةً بخمسة عش ألف درهم، فتصدق بثمنها . وقوله : يظل منها صحيح القوم كالمودي فالمودي في هذا الموضع الهالك، وللمودي موضع آخر يكون فيه القوي الجاد، حدثني بذلك التوزي في كتاب الأضداد، وأنشدني: مودون السبيل السابلا لرجل من العرب يرثي وقال رجل من العرب : خليلي عوجا بارك الله فيكمـا على قبر أهبان سقته الرواعد فذاك الفتى كل الفتى كان بينه وبين المزجى نفنف متباعـد إذا نازع القوم الأحاديث لم يكن عيياٌ ولا عبئاٌ على من يقاعـد قوله:" على قبر أهبان" فهذا اسم علم كزيد وعمرو، واشتقاقه من وهب يهب، وهمز الواو لانضمامها، كقوله عز وجل:" وإذا الرسل أقتت " المرسلات 11 فهو "فعلت"، من الوقت . وقد مضى همز الواو إذا انضمت. وهو لاينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة، وكل شيء ينصرف فصرفه في الشعر جائز، لأن أصله كان الصرف، فلما احتيج إليه رد إلى أصله، فهذا قول البصريين. وزعم قوم أن كل شيء لاينصرف فصرفه في الشعر جائز، إلا" أفعل" الذي معه "منك"، نحو : أفضل منك، وأكرم منك . وزعم الخليل وعليه أصحابه أن هذا إذا كانت معه "منك" بمنزلة "أحمر" لأنه إنما كمل أن يكون نعتاٌ "منك"، وأحمر لا يحتاج إليها، مع "منك" بمنزلة "أحمر" وحده، قال: والدليل على أن "منك" ليست بمانعته من الصرف أنه زال عن بناء "أفعل" انصرف، نحو قولك: مررت بخير منك، وشر منك، فلو كانت "منك" هي المانعة لمنعت هنا،فهذا قول بين جداٌ . وقوله :"المزجى"، فهو الضعيف: يقال: زجى فلان حاجتي :أي خف عليه تعجيلها، والمزجاة من البضائع : اليسيرة الخفيفة المحمل. والنفنف وجمعها النفانف :كل ما كان بين شيئين عالٍ ومنخفض، قال ذو الرمة: في نفنف يتطوح". وقوله:" ولا عبئاٌ على من يقاعد"، فالعبء: الثقل، يقال حمل عبئاٌ ثقيلاٌ، ووكده بقوله:"ثقيلاٌ"، ولو لم يقله لم يحتج إليه لرجل يذكر ابنه وقال آخر يذكر ابنه: ألايا سمية شبـي الـوقـودا لعل اللـيالـي تـؤدي يزيدا فنفسي فداؤك مـن غـائب إذا ما المسارح كانت جليدا كفاني الذي كنت أسعى لـه فصار أباٌ لي وصرت الوليدا قوله :"شبي"، يقال: شببت النار والحرب إذا أوقدتهما، يقال: شب يشب شباٌ، قال الأعشى: تشب لمقرورين يصطليانـهـا وبات على النار الندى والمحلق وقوله: ذا ما المسارح كانت جليدا فالمسارح الطرق التي يسرحون فيها، واحدها مسرح، والجليد يقع من السماء، وهو ندى فيه جمود، فتبيض له الأرض، وهو دون الثلج، يقال له: الجليد، والضريب، والسقيط، والصقيع. وقالو في قوله: رجلا عقاب يوم دجن تضرب أي يصيبها الضريب .

وقوله:"وصرت الوليد"،الوليد: الصغير، وجمعه ولدان، وهو في القرآن . ونظير وليد وولدان ظليم وظلمان، وقضيب وقضبان، وباب "فعال فعلان"، نحو عقبان وذبان وغربان . وقولهم:" أمر لاينادى وليده"، يقال فيه قولان يتقاربان، فأحدهما أنه لا يدعى له الصغار، والوجه الآخر لأصحاب المعاني، يقولون: ليس فيه وليد فيدعى، ونظير ذلك قول النابغة الجعدي: سبقت صياح فراريجـهـا وضرب نواقيس لم تضرب أي ليست ثم، ولكن هذا من أوقاتها .وقالت أخت طرفة بن العبد: عددنا له ستاٌ وعشـرين حـجة فلما توفاها استوى سيداٌ ضخما فجعنا به لمـا رجـونـا إيابـه على خير حال لا وليداٌ ولا قمحا الوليد: ما ذكرنا، والقحم: الرجل المتناهي سناٌ ويقال ذلك في البعير قحم وقحر ومقلحم، ويقال للبعير خاصةٌ: قحارية، في وزن قراسية، وأنشد الأصمعي: رأين قحماٌ شاب واقلحما طال عليه الدهر فاسلهما المسلهم:الضامر. لرجل آخر يرثي ابنه وقال آخر لابنه يرثيه: ومن عجب أن بت مستشعر الثرى وبت بما زودتني مـتـمـتـعـا ولو أنني أنصفتك الـود لـم أبـت خلافك حتى ننطوي في الثرى معا ابراهيم بن عبد الله يرثي أخاه وقال إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن يرثي أخاه محمداٌ: أبا المنازل يا عبر الفوارس مـن يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعـا الله يعلم أنـي لـو خـشـيتـهـم أو آنس القلب من خوف لهم فزعا لم يقتلوك ولم أسلم أخـي لـهـم حتى نعيش جميعاٌ أو نموت معـا قوله :"يا عبر الفوارس، يصفه بالقوة منهم وعليهم، كما يقال : ناقة عبر الهواجر وعبر السرى وقوله: أوآنس القلب من خوف لهم فزعا يقول: أحس، وأصل الإيناس في العين، يقال آنست شخصاٌ، أي أبصرته من بعد وفي كتاب الله عز وجل :" ءانس من جانب الطور ناراٌ" القصص29 لمتمم بن نويرة يرثي أخاه وقال متمم بن نويرة : وقالوا: أتبكي كل قبـر رأيتـه لميتٍ ثوى بين اللوى والدكادك فقلت لهم: إن الأسى يبعث البكا ذروني فهذا كله قبر مـالـك الأسى :الحزن وقد مر تفسيره. لعلي بن عبد الله بن العباس يفخر قال علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رحمة الله ورضوانه عليه : أبي العباس قرم بني قصي وأخوالي الملوك بنو وليعه هم منعوا دماري يوم جاءت كتائب مسرف وبنو اللكيعة أراد بي التي لا عز فيهـا فحالت دونه أيدٍ منـيعـه قوله:" بنو وليعة"، فهم أخواله من كندة، وأمه زرعة بن مشرحٍ الكندية ثم إحدى بني وليعةٍ. وقوله:" كتائب مسرفٍ" يعني مسلم بن عقبة المري صاحب الحرة، وأهل الحجاز يسمونه مسرفاً وكان أراد أهل المدينة جميعاً على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أن كل واحدٍ منهم عبد قن له إلا علي بن الحسين، فقال حصين بن نمير السكوني من كندة:" ولا يبايع ابن أختنا علي بن عبد الله إلا على ما يبايع عليه علي بن الحسين، على أنه ابن عم أمير المؤمنين، وإلا فالحرب بيننا، فأعفي علي بن عبد الله، وقبل منه ما أراد، فقال هذا الشعر لذلك. وقوله:" بنو اللكيعة"، فهي اللئيمة، ويقال في النداء للئيم: يا لكع، وللأنثى: يا لكاع، لأنه موضع معرفة، كما يقال: يا فسق ويا خبث، فإن لم ترد أن تعدله عن جهته قلت للرجل: يا ألكع، وللأنثى يا لكعاء، وهذا موضع لا تقع فيه النكرة، وقد جاء في الحديث والأصل ما ذكرت لك:" لا تقوم الساعة حتى يلي أمر الناس لكع ابن لكع "، فهذا كناية عن اللئيم ابن اللئيم، وهذا بمنزلة عمر ينصرف في النكرة، ولا ينصرف في المعرفة. ولكاع يبنى على الكسر، وسنشرح باب"فعال" للمؤنث على وجوهه الأربعة عند أول ما يجري من ذكره إن شاء الله. وقد اضطر الحطيئة فذكر "لكاع"في غير النداء، فقال يهجو امراته: أطوف ما أطوف ثم آوي إلى بيتٍ قعيدته لكـاع قعيدة البيت: ربة البيت، وإنما قيل قعيدة لقعودها وملازمتها، ويقال للفرس قعدة من هذا، وهو الذي يرتبطه صاحبه فلا يفارقه، قال الجعفي :

لكن قعيدة بيتنـا مـجـفـوةٌ بادٍ جناجن صدرها، ولها غنى الجناجن : ما يظهر عن الهزال من أطراف الصدر، واحداها جنجنٌ. لهشام أخي ذي الرمة وقال هشام أخو ذي الرمة: تعزيت عن أوفى بغيلان بعـده عزاءً وجفن العين بالماء مترع ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ولكن نكء القرح بالقرح أوجع غيلان: هو ذو الرمة، وكان هشام من عقلاء الرجال. حدثني العباس بن الفرج في إسناده له يعزوه إلى رجل أراد سفراً، فقال: قال لي هشام بن عقبة. إن لكل رفقةٍ كلباً يشركهم في فضله الزاد، ويهر دونهم، فإن قدرت ألا تكون كلب الرفقة فافعل، وإياك وتأخير الصلاة عن وقتها، فإنك مصليها لا محالة، فصلها وهي تقبل منك. لحسان بن ثابت الأنصاري وقال حسان بن ثابت الأنصاري: تقول شعثاء لو صحوت عـن ال كأس لأصبحت مثـري الـعـدد أهوى حديث الندمان في قلق الص بح وصوت المسامـر الـغـرد لا أخدش الخدش بالجـلـيس ولا يخشى نديمي إذا انتـشـيت يدي يأبى لي السيف و اللسـان وقـو م لم يضامـوا كـلـبـدة الأسـد لبيدة الأسد : ما يتطارق من شعره بين كتفيه، ويقال : أسدٌ ذو لبدةٍ وذو لبيدٍ. لجرير في مرضه حين عادته قيس وحدثني عمارة قال: مرض جريرٌ مرضةً شديدةً، فعادته قيس، فقال: نفسي الفداء لقوم زينوا حسبـي وإن مرضت فهم أهلي وعوداي لو خفت ليثاً أبا شبلـين ذا لـبـدٍ ما أسلموني لليث الغابة العادي إن تجر طيرٌ بأمرٍ فيه عـافـيةٌ أو بالرحيل فقد أحسنتـم زادي لعبد الرحمن بن ثابت يهاجي عبد الرحمن بن الحكم وقال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرامٍ، وهو يهاجي عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس : فأما قولك: الخلـفـاء مـنـا فهم منعوا وريدك من وداجي ولو لا هم لكنت كحوت بحـر هوى في مظلم الغمرات داج وكنت أذل من وتـد بـقـاع بشجج راسه بالفهر واجـي فكتب معاوية إلى مروان أن يؤدنهما وكانا تقاذفا، فضرب عبد الرحمن بن حسان ثمانين، وضرب أخاه عشرين، فقيل لعبد الرحمن بن حسان: قد أمكنك في مروان ما تريد، فأشد بذكره، وارفعه إلى معاوية، فقال: إذاً والله لا أفعل، وقد حدني كما تحد الرحل الأحرار، وجعل أخاه كنصف عبد. فأوجعه بهذا القول. ويروى أن عبد الرحمن بن حسان لسعه زنبور فجاء أباه يبكي، فقال له: ما لك فقال: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة. قال: قلت والله الشعر : ويروى أن معلمه عاقب صبياناً على ذنب وأراده بالعقوبة، فقال : الله يعلم أني كنت مـنـتـبـذاً في دار حسان أصطاد اليعاسيبا وأعرق قوم كانوا في الشعر آل حسان فإنهم كانوا يعتدون ستة في نسق كلهم شاعر، وهم سعيد بن عبد الحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام، وبعد هؤلاء في الوقت آل أبي حفصة، فإنهم أهل بيت كلهم شاعر، يتوارثونه كابراً عن كابر . ويروى أن ابنة لابن الرقاع وقف بباب أبيها قوم يسألون عنه، فقالت: ما تريدون فقالوا: جئنا لنهاجيه فقالت وهي صبية. تجمعتم من كل أوب ووجهة على واحد لا زلتم قرن واحد فهذه بلغت بطبعها على صغرها مبلغ الأعشى في قلب هذا المعنى، حيث يقول لهوذة بن علي يرى جمع ما دون الثلاثين قصرة ويعدو على حمع الثلاثين واحدا باب نبذ من كلام الحكماء قال أبو العباس: قال عمر بن الخطاب رحمه الله: علموا أولادكم العوم والرماية، ومروهم فليثبوا على الخلل وثباً، ورووهم ما يجمل من الشعر. وفي حديث آخر: وخير الخلق للمرأة المغزل. ويروى عن الشعبي أنه قال: قال عبد الله بن العباس: قال لي أبي: يا بني، إني أرى أمير المؤمنين قد اختصك دون من ترى من المهاجرين والأنصار، فاحفظ عني ثلاثاً: لا يجربن عليك كذباً، ولا تغتب عنده مسلماً، ولا تفشين له سراً، قال: فقلت له: يا أبه، كل واحدةٍ منها خير من ألف، فقال كل واحدة منها خير من عشرة آلاف.

وحدثني العباس بن الفرج في إسناد ذكره قال: نظرإلى عمرو بن العاص على بغلةٍ قد شمط وجهها هرماً، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكرم ناخرةٍ بمصر فقال: لا ملل عندي لدابتي ما حملت رجلي، ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديقي ما حفظ سري، إن الملل من كواذب الأخلاق. قوله:" على أكرم ناخرة" يريد الخيل، يقال للواحد ناخر، وقيل : ناخرة يراد جماعة، كما تقول: رجل بغال وحمار، والجماعة البغالة والحمارة، وكذلك تقول: أتتني عصبة نبيلة، وقبيلة شريفة، والواحد نبيل وشريف. مشاورة معاوية عمرو بن العاص في أمر عبد الله بن هاشم بن عتبة وشاور معاوية عمراً في أمر عبد الله بن هاشم بن عتبة بن مالك بن أبي وقاص وكان هاشم بن عتبة أحد فرسان علي رحمه الله فإتي بابنه معاوية، فشاور عمراً فيه، فقال،أرى أن تقتله، فقال له معاوية: إني لم أر في العفو إلا خيراً، فمضى عمرو مغضباً، وكتب إليه: أمرتك أمراً حازماً فعصيتنـي وكان من التوفيق قتل ابن هاشم أليس أبوه يا مـعـاوية الـذي أعان علياً يوم حز الغـلاصـم فقتلنا حتى جرى مـن دمـائنـا بصفين أمثال البحور الخضارم وهذا ابنه، والمرء يشبه عيصه ويوشك أن تلفى به جـد نـادم فبعث معاوية بأبياته إلى عبد الله بن هاشم، فكتب إليه عبد الله بن هاشم: معاوية إن المرء عمراً أبـت لـه ضغينه خب غشهـا غـير نـائم يرى لك قتلي يا ابن هند وإنـمـا يرى ما يرى عمرو ملوك الأعاجم على أنهم لا يقتـلـون أسـيرهـم إذا كان منه بيعة لـلـمـسـالـم فإن تعف عني تعف عن ذي قرابةٍ وإن تر قتلي تستحل محـارمـي فصفح عنه. من كلام عمرو بن العاص لعائشة وقال عمرو لعائشة رحمة الله عليهما : لوددت أنك كنت قتلت يوم الجمل فقالت: ولم لا أبا لك فقال : كنت تموتين بأجلك، وتدخلين الجنة، ونجعلك أكبر التشنيع على علي. ما قاله عمرو بن العاص حين احتضر وحدثني العباس بن الفرج الرياشي في إسنادٍ ذكره، آخره" ابن عباس " قال : دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر، فدخل عليه عبد الله بن عمرو فقال له: يا عبد الله، خذ ذلك الصندوق، فقال : لا حاجة لي فيه، قال إنه مملوء مالاً، قال: لا حاجة لي به، فقال عمرو: ليته مملوء بعراً قال: فقلت: يا أبا عبد الله، إنك كنت تقول: أشتهي أن أرى عاقلاً يموت حتى أسأله كيف يجد فكيف تجدك قال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنما أتنفس من خرت إبرةٍ، ثم قال: اللهم خذ مني حتى ترضى. ثم رفع يديه فقالت: اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله ثلاثاً، ثم فاظ. وقد روينا هذا الخبر من غير ناحية الرياشي بأتم من هذا، ولكن اقتصرنا على هذا لثقة إسناده. قوله:" من خرت إبرة"، يعني من ثقب إبرةٍ، يقال للدليل: خريت. وزعم الأصمعي أنه أريد به أنه يهتدي لمثل خرت الإبرة. وقوله:" فاظ" أي مات، يقال : فاظ، وفاد، وفطس، وفاز، وفوز، كل ذلك في معنى الموت، ولا يقال : بالضاد إلا للإناء، قال رؤية: لا يدفنون منهم من فاظا وقال ابن جريج:" أما رأيت الميت حين فوظه". ومن قال ذلك للنفس قال: فاضت نفسه، يشببها بالأناء. وحدثني أبو عثمان المازني أحسبه عن أبي زيد قال: كل العرب يقولون: فاضت نفسه إلا بني ضبة فإنهم يقولون: فاظت نفسه، وإنما الكلام الصحيح فاظ بالظاء إذا مات. وفي الحديث أن امرأة سلام بن أبي الحقيق قالت: فاظ، وإله يهود. نبذ من أقوال الحكماء وحدثني مسعود بن بشر قال: قال زياد: الإمرة تذهب الحفيظة، وقد كانت من قوم إلي هنات جعلتها تحت قدمي، ودبر أذني، فلو بلغني أن أحدكم قد أخذه السل من بغضي ما هتكت له ستراً ولا كشفت له قناعاً حتى يبدي لي عن صفحته، فإذا فعل لم أناظره. وسمع زياد رجلاً يسب الزمان فقال: لو كان يدري ما الزمان لضربت عنقه، إن الزمان هو السلطان. وفي عهد أزدشير: وقد قال الأولون منا: عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان.

وقال المهلب بن أبي صفرة لبنيه: إذا وليتم فلينوا للمحسن، واشتدوا على المريب، فإن الناس للسلطان أهيب منهم للقرآن. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. قوله:" يزع" أي يكف، يقال : وزع يزع إذا كف، وكان أصله" يزع" مثل يعد فذهبت الواو لوقوعها بين ياء وكره واتبعت حروف المضارع الياء لئلا يختلف الباب، وهي الهمزة، والنون، والتاء، والياء نحو أعد ونعد، وتعد، ويعد، ولكن انفتحت في " يزع" من أجل العين لأن حروف الحلق إذا كن في موضع عين الفعل أو لامه فتحن في الفعل الذي ماضيه" فعل "، وإن وقعت الواو مما هي فيه فاء في " يفعل " المفتوحة العين في الأصل صح الفعل، نحو: وحل يوحل، ووجل يوجل، ويجوز في هذه المفتوحة ياحل وياجل وييحل وييجل، وكل هذا كراهية للواو بعد الياء، تقول: وزعته: كففته، وأوزعته: حملته على ركوب الشيء وهيأته له، وهو من الله عز وجل توفيق، ويقال: أوزعك الله شكره، أي وفقك له. وقال الحسن مرة: ما حاجة هؤلاء السلاطين إلى الشرط فلما ولي القضاء كثر عليه الناس، فقال: لا بد للسلاطين من وزعة. خبة الحجاج في أهل العراق وخطب الحجاج بن يوسف ذات يوم، يوم جمعة، فلما توسط كلامه سمع تكبيراً عالياً من ناحية السوق، فقطع خطبة التي كان فيها، ثم قال: يا أهل العراق، ويا أهل الشقاق، ويا أهل النفاق، وسيئي الأخلاق، يا بني اللكيعة، وعبيد العصا، وأولاد الإماء، إني لأسمع تكبيراً ما يراد الله به، إنما يراد به الشيطان، وإن مثلي ومثلكم قول ابن براقة الهمداني: وكنت إذا قوم رموني رميتهـم فهل أتا في ذا يال همدان ظالم متى تجمع القلب الذكي وصارماً وأنفاً حمياً تجتنبك المـظـالـم قوله:" يا أهل الشقاق"، فالمشقة المعاداة، وأصله أن يركب ما يشق عليه، ويركب منه مثل ذلك. والنفاق أن يسر خلاف ما يبدي، هذا أصله، وإنما أخذ من النافقاء، وهو أحد أبواب : جحر اليربوع، وذلك أنه أخفاها فإنما يظهر من غيره، ولجحره أربعة أبواب: النافقاء والراهطاء والداماء والسابياء، وكلها ممدودة، ويقال للسابياء: القاصعاء، وإنما قيل له السابياء لأنه لا ينفذه فيبقي بينه وبين إنفاذه هنة من الأرض رقيقة، وأخذ من سابياء الولد، وهي الجلدة الرقيقة التي يخرج فيها الولد من بطن أمه. قال الأخطل يضرب ذلك مثلاً ليربوع بن حنظلة لأنه سمي باليربوع: تسد القاصعاء عليك حتى تنفق أو تموت بها هزالاً والعرب تزعم أنه ليس من ضب إلا وفي جحره عقرب، فهو لا يأكل ولد العقرب، وهي لا تضربهفهي مسألمة له، وهو مسالم لها، وأنشد: وأخدع من ضب إذا خاف حارشاً أعد له عند الذنـابة عـقـربـا وقوله:" بنو اللكيعة" يريد اللئيمة، وقد مر تفسير هذا في موضعه، قال ابن قيس الرقيات يذكر قتل بن الزبير: إن الـرزية يوم مــس كين والمصيبة والفجيعة بأبن الـحـواري الـذي لم يعده أهل الوقـيعـه غدرت به مضر العـرا ق، وأمكنت منه ربيعـه فأصبحت وترك يا ربـي ع وكنت سامعة مطيعة يا لهف لو كـانـت لـه بالطف يوم الطف شيعه أولم يخـونـوا عـهـده أهل العراق بنو اللكيعه لو جدتـمـوه حـين يغ ضب لا يعرج بالمضيعه وقوله:" عبيد العصا " يريد أنهم لا ينقادون إلا بالإذلال، كما قال ابن مفرغ الحميري : العبد يقرع بالعصـا والحر تكيفه الملامه وقال جرير يهجو التيم: ألا إنما تيم لعـمـرو ومـالـك عبيد العصا لم يرج عتقاً قطينها من كلام بن الأشعث حين ظهور الحجاج عليه وخطب الناس عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالمربد عند ظهور أمر الحجاج عليه فقال: أيها الناس، إنه لم يبق من عدوكم إلا كما يبقى من ذنب الوزغة تضرب به يميناً وشمالاً فلا تلبث أن تموت. فسمعه رجل من بني قشير بن كعب بن عامر بن صعصعة فقال: قبح الله هذا: يأمر أصحابه بقلة الاحتراس من عدوهم ويعدهم الغرور. كلام عرار بن شأس لعبد الملك حينما حمل إليه رأس ابن الأشعث وروت الرواة أن الحجاج لما أخذ رأس ابن الأشعث وجه به إلى عبد الملك بن مروان مع عرار بن عمرو بن شأس الأسدي وكان أسود دميماً فلما ورد به عليه جعل عبد الملك لا يسأل عن شيء من أمر الوقعة إلا أنبأه به عرار، في أصح لفظ، وأشبع قول، وأجزاء اختصار، فشفاه من الخبر، وملأ أذنه صواباً وعبد الملك لا يعرفه، وقد اقتحمته عينه حيث رآه فقال متمثلاً:


أرادت عراراً بالهوان ومـن يرد لعمري عراراً بالهوان فقد ظلـم وإن عراراً إن يكن غير واضـح فإني أحب الجون ذا المنكب العمم فقال له عرار: أتعرفني با أمير المؤمنين قال: لا، قال: فأنا والله عرار فزاده في سروره، وأضعف له الجائزة. كتاب صاحب اليمن إلى عبد الملك في وقت محاربته ابن الأشعث وكتب صاحب اليمن إلى عبد الملك وقت محاربته ابن الأشعث: إني قد وجهت إلى أمير المؤمنين بجارية اشتريها بمال عظيم لم ير مثلها قط، فلما دخل بها عليه رأى وجهاً جميلاً وخلقاً نبيلاً فألقى إليها قضيباً كان في يده فنكست لتأخذه فرأى منها جسماً بهره، فلما هم بها أعلمه الآذن أن رسول الحجاج بالباب، فأذن له، ونحى الجارية، فأعطاه كتاباً من عبد الرحمن، فيه سطور أربعة: سائل مجاور جرم: هل جنيت لها حرباً تزيل بين الجيرة الخلـط وهل سموت بجرار له لـجـب جم الصواهل بين الجم والفرط وهل تركت نساء الحي ضاحـيه في ساحة الدار يستوقدن بالغبط وتحتها : قتل الملوك وسار تحـت لائه شجر العرى وعراعر الأقوام قال: فكتب إليه عبد الملك كتاباً، وجعل في طيه جواباً لابن الأشعث: ما بال من أسعى لأجبر عظمـه حفاظاً وينوي من سفاهته كسري أظن خطوب الدهر بيني وبينهـم ستحملهم مني على مركب وعر وإني إياهم كمن نبـه الـقـطـا ولو لم باتت الطير لا تـسـري أناة وحملماً وانتظر بـهـم غـداً فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر وينشد:" بالفاني" . ثم بات يقلب كف الجارية ويقول: ما أفدت فائدة أحب إلي منك، فتقول: فما بالك ياأمير المؤمنين وما يمنعك قال: يمنعني ما قال الأخطل لأني إن خرجت منه كنت ألأم العرب: قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأظهار فما إليك سبيل أو يحكم الله بيني وبين عدو الرحمن، ابن الأشعث، فلم يقربها حتى قتل عبد الرحمن . قوله:"فرأى منها جسماً بهره"، يقال: بهر الليل إذا سد الأفق بظلمته، وبهر القمر إذا ملأ الأرض ببهائه، ومن ثم قيل: القمر الباهر، أنشدني المازني لرجل من بني الحارث بن كعب: والقمر الباهر السماء لـقـد زرنا هلالاً بجحفل لجـب تسمع زجر الكماة بينـهـم: قدم، وأخر، وأرحبي، وهبي من كل هداءةٍ كعالـية الـر مح أمونٍ وشيظم سـلـب وقال طفيل الغنوي يصف كيف تزجر الخيل، فجمعه في بيت واحد: وقـيل اقــدمـــي و اقـــدم وأخ وأخـــري وها، وهلاً واضرح وقادعها هبي قال أبو الحسن: وأج. ومن زجر الخيل أيضاً:" هقب وهقط"، وأنشدني المازني: لما سمعت زجرهم هقط علمت أن فارساً منحط وقوله:" بين الجم والفرط" هما موضعان بأعيانهما. وقوله: " في ساحة الدار يستوقدن بالغبط" يقال فيه قولان متقاربان: أحدهما أنهن قد يئسن من الرحيل فجعلن مراكبهن حطباً، هذا قول الأصمعي. وقال غيره: بل قد منعهن الخوف من الاحتطاب، والغبيط من مراكب النساء: وكذلك الحدج قال امرؤ القيس : تقول وقد مال الغبيط بنـا مـعـاً: عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل فأعلمك أن الغبيط لها، والمحامل إنما أول من اتخذها الحجاج، ففي ذلك يقول الراجز: أول عبدٍ عمل المحامـلا أخزاه ربي عاجلاً وآجلاً وقوله:" شجر العرا" فالعرا : نبت إن ضم العين، والعراء ممدوداً وجه الأرض، قال الله عز وجل:" لنبذ بالعراء وهو مذوم" القلم : 49 . وقال الهذلي : رفعت رجلاً لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثـيابـي

وهذا التفسير والإنشاد عن أبي عبيدة. وقوله: " دون النساء ولو باتت بأطهار" معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون" الأقراء" الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى: وفي كل أنت جاشـم غـزوة تشد لأقصاها عزيم عـزائكـا مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا وقوله:" ولو باتت بأطهار "، ف "لو" أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى" إن" الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد"وإن" قال الله عز وجل:" وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" يوسف: 107، فأما قوله عز وجل:" فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به" آل عمران: 91 فإن تأويله عند أهل اللغة : لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، ف"لو" في معنى "إن" وإنما منع "لو" أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم "إن" أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.،وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه" إن " وكذلك متى أتيتني أتيتك.،و "لو" تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء،فإذا أدخلت معها "لا" صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفاً لأنه لا يقع فيها الأسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن ذكره، لذلك تقول: لولا عبد الله لضربتك، والمعنى في هذا المكان: من قرابتك، أوصداقتك، أو نحو ذلك، فهذا معناها في هذا الوضع، ولها موضع آخر تكون فيه على غير هذا المعنى، وهي " لولا " التي تقع في معنى " هلا " للتحضيض، ومن ذلك قوله:"لولا إذا سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً "،النور 12 أي هلا، وقال الله عز وجل:" لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم ".المائدة 63 فهذه لا يليها إلا الفعل.، لأنها للأمر والتحضيض، مظهراً أو مضمراً.،كما قال: تعدون عقر النيب أفضل مجدكـم بني ضوطري لولا الكمي المقنعا أي هلا تعدون الكمي المقنعا،"ولولا " الأولى لا يليها إلا الاسم على ما ذكرت لك.،ولا بد في جوابها من اللام أو معنى اللام.، تقول: لولا زيدٌ فعلت، والمعنى لفعلت، وزعم سيبويه أن "زيداً " من حديث " لولا " واللام والفعل حديثٌ معلقٌ بحديث " لولا "، وتأويله أنه للشرط الذي وجب من أجلها وامتنع لحال الاسم بعدها، و " لو " لا يليها إلا الفعل مضمراً أو مظهراً.، لأنها تشارك حروف الجزاء في ابتداء الفعل وجوابه، تقول: لو جئتني لأعطيتك.، فهذا ظهور الفعل، وإضماره، قوله عز وجل:" قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي ".الإسراء100 والمعنى والله أعلم: لو تملكون أنتم.، فهذا الذي رفع " أنتم " ولما أضمر ظهر بعده ما يفسره، ومثل ذلك: "لو ذات سوارٍ لطمتني " أراد لو لطمتني ذات سوارٍ، ومثله: ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي جعلت لهم فوق العرانين ميسماً وكذلك قول جرير: لو غيركم علق الزبير بحبله أدى الجوار إلى بني العوام فنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأنها للفعل، وهو في التمثيل: لو علق الزبير غيركم، وكذلك كل شيء للفعل نحو: الاستفهام، والأمر، والنهي، وحروف الفعل نحو: " إذ وسوف " وهذا مشروح في الكتاب " المقتضب " على حقيقة الشرح. وأما قوله: " وعراعر الأقوام " فمعناها رؤوس الأقوام.، الواحد عرعرة، وعرعرة كل شيءٍ أعلاه، من ذلك كتاب يزيد بن المهلب إلى الحجاج بن يوسف: " وإن العدو نزلوا بعرعرة الجبل، ونزلنا بالحضيض "، فقال الحجاج: ليس هذا من كلام يزيد، فمن هناك? قيل: يحيى بن يعمر، فكتب إلى يزيد أن يشخصه إليه. الحجاج و يحيى بن يعمر وزعم التوزي قال: قال الحجاج ليحيى بن يعمر: أتسمعني ألحن? قال: الأمير أفصح من ذلك! قال:فأعاد عليه القول وأقسم. فقال نعم.، تجعل " أن " مكان " إن "، فقال له: ارحل عني ولا تجاورني. قال أبو العباس: هذا على أن يزيد لم تؤخذ عليه زلةٌ في لفظ إلا واحدةٌ، فإنه قال على المنبر - وذكر عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب - فقال: " هذه الضبعة العرجاء "، فاعتدت عليه لحناً، لأن الأنثى إنما يقال لها الضبع، ويقال للذكر الضبعان، فإذا جمع قيل ضبعان،وونما جمع على التأنيث دون التذكير، والباب على خلاف ذلك، لأن التأنيث لا زيادة فيه، وفي التذكير زيادة الألف والنون، فثني على الأصل، وأصل التأنيث أن يكون زائداً على بناء التذكير، أنه منه يخرج، مثل قائم وقائمة وكريم وكريمة، فمن حيث قلت للأنثى والذكر في التثنية كريمان على حذف الزيادة قلت: ضبعان، وتقول: له ابنان إذا أردت: له ابن وابنة، ولا تقول: في الدار رجلان إذا أردت رجلاً وامرأة، إلا على قول من قال للأنثى رجلةٌ.، فقد جاء ذلك، قال الشاعر: كل جارٍ ظل مغتبطـاً غير جيراني بني جبله خرقوا جيب فتاتـهـم لم يبالو حرمة الرجله ولا يقال للناقة والجمل جملان، ولا الثوران للثور والبقرة، لاختلاف الاسمين، إنما يكون ذلك فيما ذكرنا إلا في قول من قال للأنثى: ثورةٌ، قال الشاعر: جزى الله الأعورين مـلامةً وعبدة ثفر الثورة المتضاجم قال أبو الحسن: المتضاجم: المتسع باب للراعي في النسيب قال أبو العباس: قال الراعي: ومرسلٍ ورسولٍ غـير مـتـهـمٍ وحاجةٍ غير مزجاةٍ من الـحـاج طاوعته بعد ما طال النجي بـنـا وظن أني عليه غير مـنـعـاج ما زال يفتح أبواباً ويغـلـقـهـا دوني، وأفتح باباً بـعـد إرتـاج حتى أضاء سراجٌ دونـه بـقـرٌ حمر الأنامل عينٌ طرفها سـاج يا نعمها ليلةً حتـى تـخـونـهـا داعٍ دعا في فروع الصبح شحاج! لما دعا الدعوة الأولى فأسمعنـي أخذت بردي واستمررت أدراجي قوله: وحاجة غير مزجاة من الحاج المزجاة: اليسيرة الخفيفة المحمل، قال الله عز وجل:" وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ "يوسف 88، والحاج: جمع حاجةٍ، وتقديره فعلةٌ وفعل، كما تقول: هامةٌ وهام، وساعة وساع، قال القطامي: وكنا كالحريق أصاب غاباً فيخبو ساعةً ويشب ساعا فإذا أراد أدنى العدد قلت: ساعات، فأما قولهم: في جمع حاجةٍ حوائج فليس من كلام العرب على كثرته على ألسنة المولدين، ولا قياس له، ويقال: في قلبي منك حوجاء، أي حاجة، ولو جمع، على هذا لكان الجمع حواجٍ يا فتى، وأصله حواجي يا فتى، ولكن مثل هذا يخفف، كما تقول في صحراء : صحار يا فتى، وأصله صحاري. وقوله: طاوعته بعدما طال النجي بنا يريد المناجاة، فأخرجه على لفظ " فعيل ".،ونظيره من المصادر الصهيل، والنهيق، الشحيج، ويقال: شب الفرس شبيباً، ولذلك كان " النجي " يقع على الواحد والجماعة نعتاً، كما تقول: امرأة عدلٌ ورجل عدلٌ وقوم عدلٌ: لأنه مصدر قال الله عز وجل: " وقربناه نجياً "، مريم 52 أي مناجياً، وقال للجماعة: " فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً "، يوسف 80 أي متناجين. وقوله: " منعاج ": أي منعطف، يقال: عجت عليه أي عرجت عليه، وعجت إليه أعيج، أي عولت عليه. وقوله " بعد إرتاج " أي بعد إغلاق، يقال: أرتجت الباب إرتاجاً، أي أغلقته إغلاقاً، ويقال: لغلق الباب الرتاج، ويقال للرجل إذا امتنع عليه الكلام أرتج عليه. وقوله: حتى أضاء سراج دونه بقرٌ يعني نساء، والعرب تكني عن المرأة بالبقرة والنعجة، قال الله عز وجل:" إن هذآ أخى له تسعٌ وتسعون نعجةً " ص 23 وقال الأعشى: فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها

وقوله: " عينٌ "، إنما هو جمع عيناء، وهي الواسعة العين، وتقديره:"فعل "، ولكن كسرت العين لتصح الياء، ونحو ذلك بيضاء وبيض، وتقديره حمراء وحمر، ولو كان من ذوات الواو لكان مضموماً على أصل الباب، لأنه لا إخلال فيه، تقول: سوداء وسود، وعور. وقوله:" طرفها ساج " ولم يقل: " أطرافها " لأن تقديرها تقدير المصدر، من طرفت طرفاً، قال الله عز وجل:" ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم "، البقرة 7 لأن السمع في الأصل مصدر. قال جرير: إن العيون التي في طرفها مرضٌ قتلننا ثم لـم يحـيين قـتـلانـا وقوله:" ساج " أي ساكن، قال الله عز وجل:" والضحى والليل إذا سجى " الضحى 1 - 2 وقال جرير: ولقد رمينك يوم رحن بأعينٍ يقتلن من خلل الستور سواج وقال الراجز: يا حبذا القمراء والليل الساج وطرقٌ مثل ملاء النسـاج وقوله:" حتى تخونها ": يريد تنقصها، يقال: تخونني السفر، أي تنقصني، والداعي: المؤذن. وقوله:" شحاج "، إنما هو استعارة في شدة الصوت، وأصله للبغل، والعرب تستعير من بعضٍ لبعض، قال العجاج ينعت حماراً: كأن في فيه إذا ما شحجـا عوداً دوين اللهوات مولجا وقال جرير: إن الغراب بما كرهت لمولعٌ بنوى الأحبة دائم التشحـاج وقوله:" واتمررت أدراجي " أي فرجعت من حيث جئت، تقول العرب: رجع فلان أدراجه، ورجع في حافرته، ورجع عوده على بدئه، وإن شئت رفعت فقلت: رجع عوده على بدئه، أما الرفع فعلى قولك: رجع وعوده على بدئه، أي وهذه الحاله، والنصب على وجهين: أحدهما أن يكون مفعولاً كقولك: رد عوده على بدئه.، والوجه الآخر أن يكون حالاً في قول سيبويه، لأن معناه رجع ناقضاً مجيئه، ووضع هذا في موضعه.، كما تقول: كلمته فاه إلي في، أي مشافهةً، وبايعته يداً بيدٍ، أي نقداً، ويجوز أن تقول: فوه إلى في: أي وهذه حاله، ومن نصب فمعناه في هذه الحال. قال أبو العباس: فأما " بايعته يداً بيدٍ " فلا يكون فيه إلا النصب، لأنك لست تريد بايعته ويدٌ بيدٍ كما كنت تريد في الأول، وإنما تريد النقد، ولا تبالي: أقريباً كان أم بعيداً. لأعرابي يشكو حبيبته ؤقال أعرابي : شكوت فقالت كـل هـذا تـبـرمـا بحبي! أراح الله قلبك مـن حـبـي فلما كتمت الحـب قـال: لـشـدمـا صبرت، وما هذا بفعل شجي القلـب وأدنو فتقصيني فـأبـعـد طـالـبـاً رضاها، فتعتد التباعد مـن ذنـبـي فشكواي تؤذيها وصبـري يسـوءهـا وتجزع من بعدي، وتنفر من قربـي فيا قوم من حيلة تـعـرفـونـهـا? أشيروا بها واستوجبوا الشكر من ربي قوله:" كل هذا تبرماً"، مردود على كلامه، كأنها تقول له: أشكوتني كل هذا تبرما ولو رفع رافع" كلا" لكان جيداً، يكون " كل هذا " ابتداء وتبرم خبره. وشجي مخفف، من شددها فقد أخطأ، والمثل: " ويل للشجي من الخلي"، الياء في الشجي مخففة، وفي " الخلي " مثقلة، وقياسه أنك إذا قلت: فعل يفعل فعلاً، فالاسم منه على فعل، فرق يفرق فرقاً فهو فرق، وحذر يحذر حذراً فهو حذرٌ، وبطر يبطر بطراً فهو بطرٌ فعلى هذا شجي يشجى شجى فهو شجٍ يا فتى، كما تقول: هوي يهوى فهو هوٍ يا فتى. وقوله : فيا قوم هل من حيلة تعرفونها موضع "تعرفونها" خفضٌ، لأنه نعت للحيلة وليس بجواب، ولو كان ههنا شرط يوجب جواباً لا نجزم، تقول : ائتني بدابة أركبها، أي بدابةٍ مركوبة، فإذا أردت معنى: فإنك إن أتيتني بدابة ركبتها قلت:" أركبها"، لأنه جواب الأمر، كما أن الأول جواب الاستفهام، وفي القرآن:" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" التوبة103، أي مطهرة لهم، وكذلك:" أنزل علينا ماءدة من السماء تكون لنا عيداً " المائدة 114 أي كائنة لنا عيداً، وفي الجواب:" فذرهم يخوضوا ويلعبوا" الزخرف 83، أي إن تركوا خاضوا ولعبوا، وأما قوله عز وجل:" ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" الأنعام 91 فإنما هو فذرهم في هذه الحال لأنهم كانوا يلعبون، وكذلك: " ولا تمنن تستكثر" المدثر 6، إنما هو "لا تمنن" مستنكثراً فمعنى هذا: هل معروفة عندكم ?. لأعرابي في الملح وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:

ألاتسأل ذا العـلـم مـاالـذي يحل من التقبيل في رمضان? فقال لي المكي : أما لـزوجةٍ فسبع، وأما خلةٍ فثـمـانـي قوله:" خلةٍ" يريد ذات خلة، ويكون سماها المصدر، كما قالت الخنساء : فإنما هي إقبال وإدبار يجوز أن تكون نعتتها بالصدر لكثرته منها، ويجوز أن تكون أرادت ذات إقبال وإدبار، فحذفت المضاف وأقامت المضاف إليه مقامه، كما قال عز وجل:" ولكن البر من ءامن بالله" البقرة 177فجائز أن يكون المعنى بر من آمن بالله، وجائز أن يكون ذا البر من آمن بالله، والمعنى يؤول إلى شيء واحد: وفي هذا الشعر عيب، وهو الذي يسميه النحويون العطف على عاملين، وذلك أنه عطف "خلةٌ" على اللام الخافضة لزوجة، وعطف " ثمانيا" على "سبع"، ويلزم من قال هذا أن يقول : مر عبد الله بزيد وعمرو وخالد، ففيه هذا القبح، وقد قرأ بعض القراء وليس بجائز عندنا:" واختلف اليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به بعد موتها" الجاثية 5 وبث فيها من كل دابة" وتصريف الريح آيات" الجاثية 5 فجعل "آيات " في موضع نصب وخفضها لتاء الجميع فحملها على "إن" وعطفها بالواو، وعطف "اختلافا" على "في" ولا أرى ذا في القرآن جائزاٌ لإنه ليس بموضع ضرورة، وأنشد سيبويه لعدي بن زيد العبادي: أكل امرىء تحسبين امرأ ونار توقد باللـيل نـارا فعطف على " امرئ " وعلى المنصوب الأول . " قال أبو الحسن: وفيه عيب آخر أن " أما " ليست من العطف في شيء، وقد أجرى" خلة " بعدها مجراها بعد حروف العطف حملاً على المعنى، فكأنه قال: لزوجةٍ كذا ولخلة كذا " وقوله:" أما لزوجة " فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك:" فأما اليتيم فلا تقهر" الضحى : 9 إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى " أو " ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فمعناه ضربت زيداً أو عمراً، وكذلك: " إما شاكراً وإما كفوراً " الإنسان 3، وكذلك:" إما العذاب وإما الساعة " مريم 75، و " إما تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً " الكهف 86، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيداً أو عمراً، أو قلت: اضرب زيداً أو عمراً فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع. وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف"ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك: لقد كذبتك نفسك فاكذبنـهـا فإن جزعاً وإن إجمال صبر ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لاتكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائرالكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك،فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤالقيس: فإما ترينـي لاأغـمـض سـاعةٌ من الليل إلا أن أكب فأنـعـسـا فيارب رب مكروب كررت وراءه وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسـا وفي القرآن: "فإماترين من البشر أحدا" مريم26 وقال:" وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها" الإسراء 28 فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين،فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن،كما قال الشاعر: حيثما تستقم يقدرلك اللـه نجاحاٌ في غابر الأزمان والحرف الثاني "إذاما" كما قال العباس بن نرداس: إذ ما أتيت على الرسول فقل له حقاٌ عليك إذا اطمأن المجلـس لايكون الجزاء في "حيث" و"إذ" إلا بما. قال أبو العباس: وأنشدني أبو العالية: سل المفتي المكي هل في تزاور ونظرة مشتاق الفؤاد جـنـاح


فقال :معاذ الله أن يذهب التقى تلاصق أكباد بهـن جـراح وأنشد لبعض المحدثين: تلاصقنا وليس بنا فسـوق ولم يرد الحرام بنا اللصوق ولكن التباعد طال حـتـى توقد في الضلوع بنا حريق فلما أن أتيح لنا التـلاقـي تعانقنا كما اعتنق الصديق وهل حرجاٌ تراه أو حراماٌ مشوق ضمه كلف مشوق وأنشدني غيره: وماهجرتك النفس يامي أنهـا قلتك ولا أن قل منك نصيبها ولكنهم يا أملح الناس أولعـوا بقول إذا ما جئت: هذا حبيبها أنها في موضع نصب، وكان التقدير"لأنها"، فلما حذفت اللام وصلا الفعل، فعمل، تقول: جئتك أنك تحب الخير، فمعناه لأنك، وكذلك أتيتك أن تأمر لي بشيء، أي لأن وتقديره في النصب أن :"أن" الثقيلة واسمها وخبرها مصدر، تقول بلغني أنك منطلق، أي انطلاقك، فإذا قلت: جئتك أنك تريد الخير، فمعناها إرادتك الخير: أي مجيئي لأنك تريد الخير إرادة يافتى، كما قال اشاعر: وأغفر عوراء الكريم ادخـاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما قوله: وأغفرعوراء الكريم ادخاره أي أدخره ادخاراٌ، وأضافه إليه، كما ثقول: ادخاراٌ له، وكذلك قوله:"تكرماٌ" إنما أراد للتكرم فأخرجه مخرج أتكرم تكرماٌ . قال أبو العباس : وأنشدني أبو العالية: مازلت أبغي الحي أتبع ظلـهـم حتى دفعت إلى ربـيبة هـودج قالت: وعيش أبي وأكبر إخوتـي لأنبهن الحي إن لـم تـخـرج فخرجت خفية قولها، فتبسمـت فعلمت أن يمينها لـم تـخـرج فلثمت فاها آخذاٌ بـقـرونـهـا شرب النزيف ببرد ماء الحشرج وزاد فيها الجاحظ عمرو بن بحر: وتناولت رأسي لتعرف مسـه بمخضب الأطراف غير مشنج تقول العرب: هودج، وبنو سعد زيد مناة ومن وليهم يقولون فودج. وقوله: فعلمت أن يمينها لم تحرج يقول: لم تضق عليها، يقال: حرج يحرج إذا دخل في مضيق والحرجة: الشجر الملتف المتضايق ما بينه، قال الله عز وجل:" فلا يكن في صدرك حرج منه " الأعراف 2 وقال تعالى:" يجعل صدره ضيقاٌ حرجا " الأنعام 125 وقرىء" حرجاٌ"، فمن قال:" حرجاٌ " أراد التوكيد للضيق، كأنه قال: ضيق شديد الضيق. ومن قال:"حرجاٌ" جعله مصدراٌ، مثل قولك: ضيق ضيقاٌ. وقوله :"ببرد ماء الحشرج " فهو الماء الجاري على الحجارة. لقيس بن معاذ في النسيب وقال قيس بن معاذٍ أحد بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وهو المجنون و حدثني عبد الصمد بن المعذل قال: سمعت الأصمعي يثبته ويقول: لم يكن مجنوناٌ، إنما كانت به لوثة كلوثة أبي حية: ولم أر ليلى بعد موقـف سـاعةٍ ببطن منى ترمي جمار المحصب ويبدي الحصا منها إذا قذفـت بـه من البرد أطراف البنان المخضب فأصبحت من ليلى الغداة كناظـر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب ألا إنمـا غـادرت يا أم مـالـك صدى أينما تذهب به الريح يذهب هذا البيت من أعجب ما قيل في النحافة. ومما يستطرف في هذا الباب قول عمر بن أبي ربيعة: رأت رجلاٌ أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخـصـر أخا سفر جواب أرض تـقـاذفـت به فلوات فهو أشـعـثٌ أغـبـر قليلاٌ على ظهر المطـية ظـلـه سوى ما نفى عنه الرداء المحبـر ومن هذا الباب قول القائل: فأصبحت في أقصى البيوت يعدنني بقية ما أبقين نـصـلاٌ يمـانـيا بقية بدل من الياء في يعدنني بدل الاشتمال تجمعن من شتى، ثلاثٌ وأربعٌ وواحدةٌ حتى كملن ثمـانـيا يعدن مريضاٌ هن هيجن ما به ألا إنما بعض العـوائد دائيا وفي هذا الباب أشياء كثيرة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى، ومن الإفراط فيه قوله: فلو أن ما أبقيت مني معلقٌ بعود ثمام ما تأود عودهـا الثمام: نبت ضعيف، واحدته ثمامة، وهذا متجاوز كقول القائل: ويمنعها من أن تطير زمامها

وأحسن الشعر ما قارب فيه القائل إذا شبه، وأحسن منه ما أصاب به الحقيقة، ونبه فيه بفطنته على ما يخفى عن غيره، وساقه برصفٍ قوي واختصار قريب. وقال قيس بن معاذ: وأخرج من بين الجلوس لعلنـي أحدث عنك النفس في السر خاليا وإني لأستغشي وما بي نـعـسة لعل خيالاٌ منك يلقـى خـيالـيا وفي هذا الشعر: أشوقاٌ ولما تمض لي غير ليلةٍ رويد الهوى حتى تغب لياليا هذا من أحسن الكلام واوضحه معنى. ويستحسن لذي الرمة قوله في مثل هذا المعنى: أحب المكان القفر من أجل أنني به أتغنى باسمها غير معـجـم لبعض القرشيين وأنشد ابن عائشة لبعض القرشيين: وقفوا ثلاث منى بمنزل غبطةٍ وهم على غرض هنالك ما هم متجاورين بـغـير دار إقـامةٍ لو قد أجد تفرقٌ لم ينـدمـوا ولهن بالبيت العـتـيق لـبـانةٌ والركن يعرفهن لو يتـكـلـم لو كان حياٌ قبلهن ظـعـائنـاٌ حيا الحطيم وجوههن وزمـزم وكأنهن وقد صدرن لواغـبـاٌ بيض بأفنية المقـام مـركـم اللاغب المعيي، قال الله عز وجل: "وما مسنا من لغوب" ق 38 والمركم: الذي بعضه على بعض، والمرأة تشبه ببيضة النعامة كما تشبه بالدرة، قال الله عز وجل:" كأنهن بيض مكنون" والمكنون: المصون، والمكن: المستور، يقال : أكننت السر، قال الله عز وجل:" أو أكننتم في أنفسكم " البقرة 235 وقال أبو دهبل، وأكثر الناس يرويه لعبد الرحمن بن حسان: وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون وقال ابن الرقيات : واضحٌ لونها كـبـيضة أدح ي لها في النساء خلقٌ عميم العميم: التام، والأدحي: موضع بيض النعامة خاصة، وشعر عبد الرحمن هذا شعر مأثور مشهور عنه. لعبد الرحمن بن الأشعث في بنت معاوية وروى بعض الرواة أن أبا دهبل الجمحي كان تقياٌ وكان جميلاٌ، فقفل من الغزو ذات مرة، فمر بدمشق، فدعته امرأةٌ إلى أن يقرأ لها كتاباٌ، وقالت: إن صاحبته في هذا القصر، وهي تحب أن تسمع ما فيه، فلما دخلت به برزت له امرأةٌ جميلة، وقالت له: إنما احتلت لك بالكتاب حتى أدخلتك. فقال لها: أما الحرام فلا سبيل إليه، فقالت: فلست تراد حراماٌ، فتزوجته، وأقام عندها دهراٌ حتى نعي بالمدينة، ففي ذلك يقول وقد استأذنها ليلم بأهله ثم يعود، فجاء وقد اقتسم ميراثه، فلما هم بالعود إليها نعيت له، فهذا ما روي من هذا الوجه والذي كأنه إجماع أنه لعبد الرحمن بن حسان، وهو في بيت معاوية: صاح حيا الإلـه أهـلاٌ وداراٌ عند أصل القناة من جـيرون هن يساري إذا دخلت من البا ب وإن كنت خارجاٌ فيمينـي فبتلك ارتهنت بالشأم حـتـى ظن أهلي مرجمات الظنون وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون إذا ما نسبتها لـم تـجـدهـا في سناءٍ من المكـارم دون ثم خاصرتها إلى القبة الخضر راء تمشي في مرمرٍ مسنون تجعل المسك واليلنجوج والن د صلاءً لها على الكـانـون قبةٌ من مراجلٍ ضربـتـهـا عند برد الشتاء في قيطـون المسنون: المصبوب على استواء. والمراجل: ثياب من ثياب اليمن، قال العجاج: بشيةٍ كشية الممرجل والقيطون: البيت في جوف بيت. وقال آخر: وأبصرت سعدى بين ثوبي مراجلٍ وأثواب عصبٍ من مهلهلة اليمن ويروى أن يزيد بن معاوية قال لمعاوية: أما سمعت قول عبد الرحمن بن حسان في ابنتك? قال: وما الذي قال? قال : قال: وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون قال معاوية: صدق، فقال يزيد: وقال: وإذا ما نسبتها لم تجـدهـا في سناءٍ من المكارم دون قال: صدق، فقال إنه قال: ثم حاصرتها إلى القبة الخضر راء تمشي في مرمر مسنون قال معاوية: كذب. باب عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب عند رسول الله قال أبو العباس: حدثني مسعود بن بشر، قال: حدثني محمد بن حربٍ، قال: أتى عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب رسول الله ﷺ فكساه حلةً وأقعده إلى جانبه، ثم قال:" إنه ابن أمي، وكان أبوه يرحمني ". لرجل من بني ضبة يخاطب بني تميم قال: وأنشدني مسعود قال: أنشدني طاهر بن علي بن سليمان قال: أنشدني منصور بن المهدي لرجل من بني ضبة بن أد، يقوله لبني تميم بن مر بن أد: أبني تميم إنني أنا عمـكـم لا تحرمن نصيحة الأعمام إني أرى سبب الفناء وإنما سبب الفناء قطيعة الأرحام فتداركوا بأبي وأمي أنتـم أحسابكم برواجح الأحـلام خطبة عبد الله بن الزبير حين ورد عليه خبر قتل أخيه مصعب ويروى أنه أتى عبد الله بن الزبير" خبر " قتل مصعب بن الزبير خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : إنه أتانا خبر قتل المصعب فسررنا به، واكتأبنا له، فأما السرور فلما قدر له من الشهادة. وحيز له من الثواب، وأما الكآبة فلوعةٌ يجدها الحميم عند فراق حميمه، وإنا لله ما نموت حبجاً كميتة آل أبي العاص، إنما نموت قتلاً بالرماح، وقعصاً تحت ظلال السيوف، فإن يهلك المصعب فإن في آل الزبير منه خلفاً. قوله:" حبجاً "، يقال: حبج بطنه، إذا انفتخ، وكذلك حبط بطنه. المقعص:المقتول. واللوعة: الحرقة، يقال: لاع يلاع لوعة يا فتى فهو لائع، ويقال: لاع يافتى، على القلب، وأنشد أبوزيد: ولا فرحٍ بخـيرٍ إن أتـاه ولا جزعٍ من الحدثان لاع من كلام زياد قال: وحدثني مسعود في إسنادٍ ذكره قال: قال زياد لحاجبه: يا عجلان، إني وليتك هذا الباب، وعزلتك عن أربعة. عزلتك عن هذا المنادي إذا دعا للصلاة فلا سبيل لك عليه، وعن طارق الليل فشرٌ ما جاء به، ولو جاء بخير ما كنت من حاجته، وعن رسول صاحب الثغر فإن إبطاء ساعةٍ يفسد تدبير سنة، وعن هذا الطباخ إذا فرغ من طعامه. قال : وحدثني مسعود قال: قال زياد: يعجبني من الرجل إذا سيم خطة الضيم أن يقول:" لا" بملء فيه، وإذا أتى نادي قومٍ علم أين ينبغي لمثله أن يجلس فجلس، وإذا ركب دابة حملها ما تحب ولم يبعثها إلى ما تكره. بلاغة جعفر بن يحيى وكتب إلى جعفر بن يحيى: إن صاحب الطريق قد اشتط فيما يطلب من الأموال، فوقع جعفر: هذا رجل منقطع عن السلطان، وبين ذؤبان العرب بحيث العدد والعدة، والقلوب القاسية، والأنوف الحمية، فليمدد من المال بما يستصلح به من معه ليدفع به عدوه، فإن نفقات الحروب يستظهر لها. ولا يستظهر عليها. ورفع قوم إليه شكية عاملهم. فوقع في قصتهم: يا هذا، قد كثر شاكوك،" وقل حامدوك "، فإما عدلت، وإما اعتزلت. وزعم الجاحظ قال: قال ثمامة بن أشرس النميري: ما رأيت رجلاً أبلغ من جعفر بن يحيى و المأمون. وقال مويس بن عمران: ما رأيت رجلاً أبلغ من يحيى بن خالد، وأيوب بن جعفر. وقال جعفر بن يحيى لكتابه: إن قدرتم أن تكون كتبكم كلها توقيعاتٍ فافعلوا. نبذ من الأقوال الحكيمة وقال رسول الله ﷺ: " لو تكاشفتم ما تدافنتم"، يقول: لو علم بعضكم سريرة بعض لاستثقل تشييعه ودفنه. وقال عليه السلام:، "اجتنبوا القعود على الطرقات، إلاأن تضمنوا أربعاٌ: رد السلام وغض الأبصار، وإرشاد الضال. وعون الضعيف". وقالت هند بنت عتنة :إنما النساء أغلال، فليختر الرجل غلاٌ ليده وذكرت هند بنت المهلب بن أبي صفرة النساء فقالت: ما زين بشيء كأدب بارع، تحته لب ظاهر. وقالت هند بنت المهلب بن أبي صفرة :إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروا بالشكر قبل حلول الزوال. وقال رسول الله ﷺ:" افصلوا بين حديثكم بالاستغفار". وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: قيدوا النعم بالشكر، وقيدوا العلم بالكتاب . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: العجب لمن يهلك والنجاة معه، فقيل: كيف يا أمير المؤمنين? قال: الاستغفار. وقال الخليل بن أحمد: يعني الخليل: كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ ما في كتبك . وقال ابن أحمد يعني الخليل: اجعل ما في كتبك رأس مال، وما في صدرك للنفقة وقيل لنصر بن سيار: إن فلاناٌ لا يكتب، فقال: تلك الزمانة الخفية.

وقال نصر بن سيار لولا أن عمر بن هبيرة كان بدوياٌ ما ضبط عمال العراق وهو لا يكتب . وفادى رسول الله ﷺ من رأى فداءه من أسرى بدرٍ، فمن لم يكن له فداءٌ أمره أن يعلم عشرة من المسلمين الكتابة، ففشت الكتابة بالمدينة. ومن أمثال العرب: خير العلم ما حوضر به، يعني: ما حفظ وكان للمذاكرة. وقال رسول الله ﷺ :" لاتزال أمتي صالحاٌ أمرها ما لم تر الفيء مغنماً، والصدقة مغرماً ". وقال علي بن أبي طالب عليه السلام:" يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف، يتخذون الفيء مغنماً، والصدقة مغرماً، وصلة الرحم مناً، والعبادة استطالةً على الناس، فعند ذلك يكون سلطان النساء، ومشاورة الإماء، وإمارة الصبيان ". نبذ من أخبار الحجاج ويروى عن محمد بن المنتشر بن الأجدع الهمداني، قال: دفع إلي الحجاج أزاد مرد بن الهربذ، وأمرني أن أستخرج منه وأغلظ عليه، فلما انطلقت به قال لي: يا محمد، إن لك شرفاً وديناً، وإني لاأعطي على القسر شيئاً، فاستأدني وارفق بي، قال: ففعلت، فأدى إلي في أسبوع خمسمائة ألف، قال: فبلغ ذلك الحجاج فأغضبه، وانتزعه من يدي، ودفعه إلى رجل كان يتولى له العذاب، فدق يديه ورجليه، ولم يعطهم شيئاً. قال محمد بن المنتشر: فإني لأمر يوماً في السوق إذا صائحٌ بي: يا محمد، فالتفت فإذا به معرضاً على حمارٍ، مدقوق اليدين والرجلين، فخفت الحجاج إن أتيته، وتذممت منه، فملت إليه، فقال لي: إنك وليت مني ماولي هؤلاء فأحسنت، وإنهم صنعوا بي ما ترى ولم أعطهم شيئاً، وههنا خمسمائة ألف عند فلان، فخذها فهي لك، قال: فقلت: ما كنت لآخذ منك على معروفي أجراً، ولا لأرزأك على هذه الحال شيئاً، قال: فأما إذا أبيت فاسمع أحدثك: حدثني بعض أهل دينك عن نبيك " ﷺ " كثيراً، قال: إذا رضي الله عن قوم أمطرهم المطر في وقته، وجعل المال في سمحائهم، واستعمل عليهم خيارهم، وإذا سخط عليهم استعمل عليهم شرارهم، وجعل المال عند بخلائهم، وأمطرهم المطر في غير حينه. قال: فانصرفت فما وضعت ثوبي حتى أتاني رسول الحجاج، فأمرني بالمسير إليه، فالفيته جالساً على فرشه والسيف منتضىً في يده، فقال لي: ادن، فدنوت شيئاً، ثم قال: ادن، فدنوت شيئاً، ثم صاح الثالثة: ادن لا أبا لك! فقلت: ما بي إلى الدنو من حاجة، وفي يد الأمير ما أرى. فأضحك الله سنه، وأغمد سيفه عني، فقال لي: اجلس، ما كان من حديث الخبيث? فقلت له: أيها الأمير، والله ما غششتك منذ استنصحتني، ولا كذ بتك منذ استخبرتني، ولا خنتك منذ ائتمنتني. ثم حدثته الحديث، فلما صرت إلى ذكر الرجل الذي المال عنده أعرض عني بوجهه، وأومأ إلي بيده، وقال: لا تسمه، ثم قال: إن للخبيث نفساً، وقد سمع الأحاديث. ويقال: كان الحجاج إذا استغرب ضحكاً والى بين الإستغفار، وكان إذا صعد المنبر تلفع بمطرفه ثم تكلم رويداً فلا يكاد يسمع، ثم يتزيد في الكلام، حتى يخرج يده من مطرفه ويزجر الزجرة فيفزع بها أقصى من في المسجد وكان يطعم في كل يوم ألف مائدة، على كل مائدة ثريدٌ وجنبٌ من شواءٍ وسمكة طريةٌ، ويطاف به في محفةٍ على تلك الموائد ليتفقد أمور الناس، وعلى كل مائدة عشرة، ثم يقول: يا أهل الشأم، اكسروا الخبز لئلا يعاد عليكم. وكان له ساقيان، أحدهما يسقي الماء والعسل، والآخر يسقي اللبن. ويروى أ ن ليلى الأخيلية قدمت عليه فأنشدته: إذا ورد الحجاج أرضاً مريضةً تتبع أقصى دائها فشـفـاهـا شفاها من الداء العقام الذي بها غلامٌ إذا هز القناة ثـنـاهـا

فقال لها:لا تقولي: غلام، قولي: همامٌ، ثم قال لها: أي نسائي أحب إليك أن أنزلك عندها الليلة?قالت: ومن نساؤك أيها الأمير? قال أم الجلاس بنت سعيد بن العاصي الأموية، وهند بنت أسماء بن خارجة الفزارية، وهند بنت الملهب بن أبي صفرة العتكية، فقالت: القيسية أحب إلي. فلما كان الغد دخلت عليه فقال: يا غلام أعطها خمسمائة، فقالت:أيها الأمير، اجعلها أدماً فقال قائل: إنما لك بشاء، قالت: الأمير أكرم من ذلك، فجعلها إبلاً إناثاً استحياء، وإنما كان أمر لها بشاءٍ أولاً. والأدم: البيض من الإبل وهي أكرمها.ويروى عن بعض الفقهاء قال: دعاني الحجاج فسألني عن الفريضة المخمسة وهي أمٌ وجدٌ وأخت، فقال لي:ما قال فيها الصديق رحمه الله?قلت، أعطى الأم الثلث والجد ما بقي لأنه كان يراه أباً، قال:فما قال فيها أمير المؤمنين? يعني عثمان رحمه الله قلت: جعل المال بينهم أثلاثاً،قال:فما قال فيها ابن مسعود? قال: قلت أعطى الأخت النصف، والأم ثلث ما بقي والجد الثلثين?لأنه كان لا يفضل أما على جد. قال:فما قال فيهازيد بن ثابت?قال: قلت أعطى الأم الثلث، وجعل ما بقي بين الأخت والجد.، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنه كان يجعل الجد كأحد الإخوة إلى الثلاثة، قال:فزم بأنفه ثم قال: فما قال فيها أبو ترابٍ? قال: قلت أعطى الأم الثلث والأخت النصف والجد السدس، قال: فأطرف ساعة ثم رفع رأسه فقال: فإنه المرء يرغب عن قوله. وجلس الحجاج يأكل ومعه جماعة على المائدة منهم محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة، وحجار بن أبجر بن بجير العجلي، فأقبل في وسطٍ من الطعام على محمد بن عمير بن عطاردٍ فقال: يا محمد، أيدعوك قتيبة بن مسلم إلى نصرتي يوم رستقباذ فتقول: هذا أمر لاناقة لي فيه ولا جمل لا جعل الله لك فيه ناقة ولا جملاٌ ?????????????????????????????????! ياحرسي، خذ بيده وجرد سيفك فاضرب عنقه، فنظر إلي حجاربن أبجر وهو يبتسم، فدخلته العصبية، وكان مكان حجارٍ من ربيعة كمكان محمد بن عمير من مضر، وأتى الخباز بفرنيةٍ فقال: اجعلها مما يلي محمداً فإن اللبن يعجبه، يا حرسي، شم سيفك وانصرف. وكان محمدٌ شريفاً، وله يقول الشاعر: علم القبائل من معد وغيرها إن الجواد محمدٌ بن عطارد وذكرت بنو دارم يوماً بحضرة عبد الملك، فقالوا: قوم لهم الحظ، فقال عبد الملك: أتقولون ذلك وقد مضى منهم لقيط بن زرارة ولا عقب له، ومضى القعقاع بن معبد بن زرارة ولا عقب له، ومضى محمد بن عمير بن عطارد ولا عقب له، والله لاتنسى العرب هؤلاء الثلاثة أبداً. قوله:" شم سيفك "، يقول: اغمده، ويقال: شمت السيف: إذا سللته، وهو من الأضداد، ويقال: شمت البرق إذا نظرت من أي ناحية يأتي. قال الأعشى: فقلت للشرب في درنى وقـد ثـمـلـوا: شيموا، وكيف يشيم الشارب الشارب الثمل! وقال الفرزدق: بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم ولم تكثر القتلى بها حين سلت وهذا البيت طريف عند أصحاب المعاني، وتأويل لم يشيموا: لم يغمدوا ولم تكثر القتلى، أي لم يغمدوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى " بها " حين سلت. علي بن جبلة والحسن بن سهل وحدثني الحسن بن رجاء قال: قدم علينا علي بن جبلة إلى عسكر الحسن بن سهل والمأمون هناك بانياً على خديجة بنت الحسن بن سهل المعروفة ببوران، فقال الحسن: ونحن إذا ذاك نجري على نيف وسبعين ألف ملاحٍ، وكان الحسن بن سهل يسهر مع المأمون، يتصبح فيجلس الحسن للناس إلى وقت انتباهه، فلما ورد علي قلت: قد ترى شغل الأمير، قال: إذن لا أضيع معك. قلت: أجل. فدخلت على الحسن بن سهل في وقت ظهوره فأعلمته مكانه، فقال: ألاترى ما نحن فيه? قلت: لست بمشغول عن الأمر له، فقال: يعطى عشرة آلاف درهمٍ إلى أن نتفرغ له، فأعلمت ذلك علي بن جبلة، فقال في كلمة له: أعطيتني يا ولي الحق مبتـدئاً عطيةً كافأت مدحي ولم ترني ما شمت برقك حتى نلت ريقه كأنما كنت بالجدوى تبادرنـي باب للمفضل بن الملهب بن أبي صفرة في الشجاعة والنجدة قال أبو العباس: قال المفضل بن المهلب بن أبي صفرة: هل الجود إلا أن تجود بـأنـفـسٍ على كل ماضي الشفرتين قضيب وما خير عيشٍ بعد قتل مـحـمـدٍ ويعد يزيد والـحـرون حـبـيب ومن هو أطراف القنا خشية الردى فليس لمجدٍ صالـح بـكـسـوب وما هي إلا رقدة تورث الـعـلا لرهطك ما حـنـت روائم نـيب وقوله ؛ ومن هر أطراف القنا خشية الردى يقول: من كره، قال عنترة بن شداد : خلفت لهم والخيل تردى بنا معاً نفارقهم حتى يهروا العوالـيا عوالي زرقاً من رماح ردينةٍ هرير الكلاب يتقين الأفاعـيا والردى: الهلاك، وأكثر ما يستعمل في الموت. يقال: ردي يردى ردًى، قال الله عز وجل: " وما يغنى عنه ماله إذا تردى " الليل 11، وهو " تفعل " من الردى في أحد التفسيرين، وقيل: إذا تردى في النار، أي إذا سقط فيها. وقوله: "الحرون" فإن حبيب بن المهلب كان ربما انهزم عنه أصحابه فلا يريم مكانه، فكان يلقب الحرون . وقوله: وما هي إلا رقدة تورث العلا فهذا مأخوذ من قول أخيه يزيد بن المهلب، وذلك أنه قال في يوم العقر وهو اليوم الذي قتل فيه : قاتل الله ابن الأشعث ما كان عليه لو غمض عينيه ساعة للموت، ولم يكن قتل نفسه وذلك أن ابن الأشعث قام في الليل وهو في سطح، للبول، فزعموا أنه ردى نفسه، وغير أهل هذا القول يقولون: بل سقط منه بسنة النوم . وقوله:" تورث العلا لرهطك " فالمعنى تورث العلا رهطك، وهذه اللام تزاد في المفعول على معنى زيادتها في الإضافة، تقول: هذا ضاربٌ زيداً، وهذا ضاربٌ لزيدٍ، لأنها لا تغير معنى الإضافة إذا قلت: هذا ضارب زيدٍ وضارب له. وفي القرآن:" وأمرت لأن أكون أول المسلمين " الزمر12. وكذلك " إن كنتم للرءيا تعبرون " يوسف43 ويقول النحويون في قوله تعالى:" قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون " النمل 72 إنما هو " ردفكم " والنيب : جمع ناب، وهي المسنة من الإبل، وتقديرها "فعل" ساكنة، وأبدلت من الضمة كسرة لتصح الياء، كما قلت في أبيض: بيضٌ، وإنما هو مثل أحمر وحمرٍ، وكذلك أشيب وشيبٌ، فتقدير ناب ونيب إذا جاء على"فعل" و"فعل" تقدير أسد وأسدٍ، ووثنٍ ووثن، وناب تقديرها " فعلٌ " وإنما انقلبت الباء ألفاً فسكنت، وإنما تنقلب إذا كانت في موضع حركة. والروائم قد مضى تفسيرها . شيخ من الأعراب وامرأته وأنشدني الزيادي قال :أنشدني أبو زيد، نظر شيخٌ من الأعراب إلى امرأته تتصنع وهي عجوز فقال: عجوز ترجي أن تـكـون فـتـيةٌ وقد لحب الجنبان واحدودب الضهر تدس إلى العطار سلـعة بـيتـهـا وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر قال أبو الحسن: وزادني غير أبي العباس في شعر هذا الأعرابي: وماغرني إلا خضابٌ بكفهـا وكحل بعينيها وأثوابها الصفر وجاؤوا بها قبل المحاق بلـيلةٍ فكان محاقاً كله ذلك الشهـر قال: فقالت له امرأته: ألم تر أن الناب تحلـب عـلـبةٌ ويترك ثلب، لا ضرابٌ ولا ظهر قال: ثم استغاثت بالنساء. وطلب الرجال فإذا هم خلوفٌ، فاجتمع النساء عليه فضربنه. قوله:" قد لحب الجنبان"،يقول: قل لحمهما، يقال :بعير ملحوبٌ وقد لحب مثل عرق. وقوله: تدس إلى العطار سلعة بيتها يريد السويق والدقيق وما أشبه ذلك، وكل عرضٍ فالعرب تقول له: سلعة، أنشدني عمارة بن عقيل شعراٌ يمدح به خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني ويذم تميم ابن خزيمة بن حازم النهشلي: أأترك إن قلـت دراهـم خـالـدٍ زيارتـه? إنـي إذاٌ لـلـــئيم وقد يسلع المرء اللئيم اصطناعـه ويعتل نقد المـرء وهـو كـريم فتى واسطٌ في ابني نزارٍ، مجبـبٌ إلى ابني نزارٍ، في الخطوب عميم فليت ببرديه لـنـا كـان خـالـدٌ وكان لبكرٍ في الـثـراء تـمـيم فيصبح فينا سابـقٌ مـتـمـهـلٌ أغر، وفي بـكـرٍ أغـم بـهـيم قوله : وقد يسلع المرء اللئيم اصطناعه أي يكثر سلعته لا صطناعه. وقوله:" أغم بهيم"، فالغم كثرة شعر الوجه والقفا، قال هذبة بن خشرمٍ العذري:

فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا أغم القفا والوجه ليس بأنزعا والعرب تكره الغمم. والبهيم: الذي لا يخلط لونه غيره من أي لون كان . وقولها: ألم تر أن الناب تحلب علبة تقول فيها منفعة على حال، والعلبة: إناء لهم من جلود يحلبون فيه، من ذلك قوله: لم تتلفع بفضل مئزرها دعدٌ، ولم تغد بالعلـب ومن أمثال العرب:" قد تحلب الضجور العلبة"، يضربون ذلك للرجل البخيل الذي لا يزال ينال منه الشيء القليل، والضجور: الناقة السيئة الخلق، إنما تحلب حين تطلع عليها الشمس فتطيب نفسها، والثلب: الذي قد انتهى في السن من الإبل . من أقوالهم في الفقر و الغنى وقال آخر : لم أر مثل الفقر أوضع للفـتـى ولم أرى مثل المال أرفع للـرذل ولم أر عزاً لامرئ كـعـشـيرةٍ ولم أر ذلاً مثل نأي عن الأصـل ولم أر من عدم أضر على امرئٍ إذا عاش بين الناس من عدم العقل وقال آخر : لعمري، لقوم المرء خـير بـقـيةٍ عليه، وإن عالوا به كل مـركـب من الجانب الأقصى وإن كان ذا غنى جزيل ولم يخبرك مثـل مـجـرب وإن خبرتك النـفـس أنـك قـادرٌ على ما حوت أيدي الرجال فكـذب إذا كنت في قومٍ عداً لست منـهـم فكل ما علفت من خبـيثٍ وطـيب العدا: الغرباء في هذا الموضع، ويقال للأعداء عداً، والعداة الأعداء لا غير. وقال أعرابي من باهلو: سأعمل نص العيس حتى يكفنـي غنى المال يوماً أو غنى الحدثان فللموت خيرٌ من حياة يرى لـهـا على المرء ذي العلياء مس هوان متى يتكلم يلغ حـكـم مـقـالـه وإن لم يقل قالـوا عـديم بـيان كأن الغنى في أهله بورك الغنـى بغير لسانٍ نـاطـقٌ بـلـسـان من أخبار حارثة بن بدر الغداني ونظير هذا الشعر ما حدثنا به في أمر حارثة بن بدرٍ الغداني، فإنا حدثنا عن حارثة بن بدر، وكان رجل بني تميم في وقته. وكان قد غلب على زيادٍ، وكان الشراب قد غلب عليه، فقيل لزيادٍ: إن هذا قد غلب عليك وهو مستهترٌ بالشراب، فقال زياد: كيف لي بأطراح رجلٍ هو يسايرني منذ دخلت العراق، لم يصكك ركابي ركباه، ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عني فلويت عنقي إليه، ولا أخذ علي الشمس في شتاءٍ قط، ولا الروح في صيف قط، ولا سألته عن علم إلا ظننت أنه لم يحسن غيره. فلما مات زيادٌ جفاه عبيد الله، فقال له حارثة: أيها الأمير، ما هذا الجفاء مع معرفتك بالحال عند أبي المغيرة فقال له عبيد الله: إن أبا المغيرة كان قد برع بروعاً لا يلحقه معه عيب، وأنا حدثٌ، وإنما أنسب إلى من يغلب علي، وأنت رجل تديم الشراب، فمتى قربتك فظهرت رائحة الشراب منك لم آمن أن يظن بي، فدع النبيذ وكن أول داخل علي وآخر خارج عني، فقال له حارثة: أنا لا أدعه لمن يملك ضري ونفعي، أفأدعه للحال عندك قال : فاختر من عملي ما شئت، قال: توليني رامهرمز، فإنها أرض عذاةٌ، وسرق فإن بها شراباً وصف لي. فولاه إياهما، فلما خرج شيعه الناس، فقال أنس بن أبي أنيس: أحار بن بدرٍ قد ولـيت إمـارةً فكن جرذاً فيها تخون وتسـرق ولا تحقرن يا حار شيئاً وجدتـه فحظك من ملك العراقين سرق وباه تميماً بالغنى إن للـغـنـى لساناً به المرء الهيوبة ينطـق فإن جميع الناس، إما مـكـذبٌ يقمل بما يهوى وإما مصـدق يقولون أقوالاً ولا يعلمـونـهـا ولو قيل: هاتوا حققوا لم يحققوا ورثى حارثة بن بدرٍ زياداً وكان زياد مات بالكوفة، ودفن بالثوية فقال: صلى الله على قـبـر وطـهـره عند الثوية يسفي فوقـه الـمـور زفت إليه قريشٌ نعـش سـيدهـا فثم كل التقى والبـر مـقـبـور أبا المغيرة والـدنـيا مـفـجـعةٌ وإن من غرت الدنيا لـمـغـرور وقد كان عندك بالمعروف معـرفةٌ وكان عندك للنكـراء تـنـكـير وكنت تغشي وتعطي المال من سعةٍ إن كان بيتك أضحى وهو مهجور

الناس بعدك قد خفت حلومهم كأنما نفخت فيها الأعاصير ونطير هذا قول مهلهل يرثي أخاه كليباً، وكان كليبٌ إذا جلس لم يرفع بحضرته صوت، ولم يستب بفنائه اثنان: ذهب الخيار من المعاشر كلهـم واستب بعدك يا كليب المجلـس وتقاولوا في أمر كل عـظـيمة لو كنت حاضر أمرهم لم ينسبوا قول حارثة:" الثوية"، فهي بناحية الكوفة، ومن قال الثوية: فهو تصغير الثوية، وكل ياء أخرى فوقعت معتلةً طرفاً في التصغير فوليتها ياء التصغير فهي محذوفة، وذلك قولك في عطاءٍ: عطي، وكان الأصل عطييٌ، كما تقول في سحاب: سحيب، ولكنها تحذف لاعتلالها، واجتماعياءين معها، وتقول في تصغير أحوى: أحي، في قول من قال في أسود: أسيد، وهو الوجه الجيد، لأن الياء الساكنة إذا كانت بعدها واو متحركة قلبتها ياء، كقولك: أيام، والأصل" أيوام"، وكذلك سيد، والأصل سيودٌ، ومن قال في تصغير أسود: أسيودٌ فهو جائز، وليس كالأول قال في تصغير أحوى أحيو يا فتى، فتثبت الياء، لأنه ليس فيها ما يمنعها نم اجتماع الياءات، ومن قال أسود، فإنما أظهر الواو، لأنها كانت في التكبير متحركة، ولا تقول في عجوز إلا عجيزةٌ لأنها ساكنة، وإنما يجوز هذا على بعدٍ إذا كانت الواو في موضع العين من الفعل، أو ملحقة بالعين، نحو واو جدول، وإنما استجازوا إظهارها في التصغير للتشبيه بالجمع،لأن ما جاوز الثلاثة فتصغيرهعلى مثال جمعه، ألا تراهم يقولون في الجمع: أساود وجداول. فهذا على التشبيه بهذا. فإن كانت الواو في موضع اللام كانت منقلبة على كل حال، تقول في غزوة: غزيةٌ، وفي عروة : عريةٌ، فهذا شرح صالح في الموضوع، وهو مستقصى في الكتاب المقتضب. وقوله:" يسفي فوقه المور"، فمعناه أن الريح تسفيه، وجعل الفعل للمور وهو التراب، وتقول: سقاك الله الغيث، ثم يجوز أن تجعل الفعل للغيث، فتقول: سقاك الغيث يا فتى، وقال علقمة بن عبدة: سقاك يمانٍ ذو حبي وعارضٌ تروح به جنح العشي جنوب وقوله : زفت إليه قريش نعش سيدها يقال: زففت السرير، وزففت العروس. وحدثني أبو عثمان المازني قال: حدثني الزيادي قال : سمعت قوماً من العرب يقولون: أزففت العروس، وهي لغةٌ. وقوله:"نعش سيدها" يريد موضعه من النسب، لأنه نسبه إلى أبي سفيان. وكان رئيس قريش من قبل مبعث النبي ﷺ، وله يقول رسول الله ﷺ:" كل الصيد في بطن الفرا". وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفرش فراشاً في بيته في وقت خلافته فلا يجلس عليه إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن حرب، ويقول: هذا عم رسول الله ﷺ، وهذا شيخ قريش. وكان حرب بن أمية رئيس قريش يوم الفجار، فكان آل حرب إذا ركبوا في قومهم من بني أمية قدموا في المواكب، وأخليت لهم صدور المجالس، إلا رهط عثمان رضي الله عنه، فإن التقديم لهم في الإسلام بعثمان. وكان أبو سفيان صاحب العير يوم بدرٍ، وصاحب الجيش يوم أحد وفي يوم الخندق، وإليه كانت تنظر قريش في يوم فتح مكة، وجعل له رسول الله ﷺ أنه من دخل في داره فهو آمن قي حديث مشهور. وقوله : كأنما نفخت فيها الأعاصير هذا مثل، وإنما يراد خفة الحلوم. والإعصار فيما ذكر أبو عبيدة: ريح تهب بشدة فيما بين السماء والأرض. ومن أمثال العرب :" إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً"، يضرب للرجل يكون جلداً فيصادف من هو أجلد منه، قال لله عز وجل :" فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت" البقرة 266 وقول رسول الله ﷺ:" كل الصيد في بطن الفرا" يعني الحمار الوحشي، وذلك أن أجل شيء يصيده الصائد الحمار الوحشي، فإذا ظفر به، فكأنه قد ظفر بجملة الصيد، والعرب تختلف فيه، فبعضهم يهمزه فيقول: هذا فرأ، كما ترى، وهو الأكثر، وبعضهم لا يهمزه، ومن أمثالهم " أنكحنا الفرا، فسنرى" أي زوجنا من لا خير فيه فسنعلم كيف العاقبة، وجمعه في القولين جميعاً" فراءٌ" كما ترى، ونظيره: جملٌ وجمالٌ، وجبلٌ وجبالٌ قال الشاعر : بضرب كآذان الفراء فضولـه وطعنٍ كإيزاع المخاض تبورها

الإيزاع: دفع الناقة ببولها، يقال : أوزعت به إيزاعاً، وأزغلت به إزغالً، وذلك حين تلقح، فعند ذلك يقال لها: خلفةٌ، وللجميع المخاض، وقد مر هذا. والبور: أن تعرض على الفحل ليعلم أهي حامل أم حائل ? لضابئ البرمجي وهو في السجن وقال ضابئ بن الحارث البرمجي : ومن يك أمسى بالمدينة رحـلـه فإني وقـياراً بـهـا لـغـريب وما عاجلات الطير تدني من الفتى نجاحاً ولا عن ريثـهـن يخـيب ورب أمور لا تضـيرك ضـيرةً وللقلب من مخاشتهـن وجـييب ولا خير فيمن لا يوطن نـفـسـه على نائبات الدهر حين تـنـوب وقوله : فإني وقياراً بها لغريب أراد: فإني لغريب بها وقياراٌ، ولو رفع لكان جيداٌ، تقول: إن زيداٌ منطلقٌ وعمراٌ وعمرو، فمن قال:"عمراٌ" فإنما رده على زيد، ومن قال:" عمرو" فله وجهان من الإعراب: أحدهما جيد، والآخر جائز، فأما الجيد فأن تحمل عمراٌ على الموضع، لأنك إذا قلت: إن زيداٌ منطلق فمعناه زيد منطلق فرددته على الموضع، ومثل هذا لست بقائم ولا قاعداً، والباء زائدةٌ، لأن المعنى لست قائماٌ ولا قاعداٌ، ويقرأ على وجهين:"أن الله برىءٌ من المشركين ورسوله" التوبة 3 "ورسوله" التوبة 3 والوجه الآخر لأن يكون معطوفاٌ على المضمر في الخبر، فإن قلت إن زيداٌ منطلق هو وعمرو حسن العطف لأن المضمر المرفوع إنما يحسن العطف عليه إذا أكدته، كما قال الله تعالى :" فاذهب أنت وربك فقاتلا" المائدة 24 و" اسكن أنت وزجك الجنة" البقرة35 إنما قبح العطف عليه بغير تأكيد لأنه لا يخلو من أن يكون مستكنا في الفعل بغير علامة، أو في الاسم الذي يجري مجرى الفعل، نحو إن زيداً ذهب وإن زيداٌ ذاهب فلا علامة له، أو تكون له علامة يتغير لها الفعل عما كان نحو ضربت، سكنت الباء التي هي لام الفعل من أجل الضمير لأن الفعل والفاعل لاينفك أحدهما عن صاحبه فهما كالشيء الواحد، ولكن المنصوب يجوز العطف عليه، ويحسن بلا تأكيد، لأنه لا يغير الفعل إذ كان الفعل قد يقع ولا مفعول فيه، نحو ضربتك وزيداً، فأما قول الله عز وجل: " لو شاء الله ما أشركنا ولا ءاباؤنا" الأنعام 148 فإنما يحسن بغير توكيد لأن "لا" صارت عوضاً، والشاعرإذا احتاج أجراه بلا توكيد لا حتمال الشعر ما لا يحسن في الكلام. وقال عمر بن أبي ربيعة : قلت إذا أقبلت وزهرٌ تهادى كنعاج الملا تعفسن رملا وقال جرير : ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه ما لم يكن وأبٌ لـه لـينـالا فهذا كثير. فأما النعت إذا قلت إن زيداً يقوم العاقل فأنت مخير إن شئت قلت العاقل فجعلته نعتاً لزيد، أو نصبته على المدح وهو بإظمار أعني، وإن شئت رفعت على أن تبدله من المضمر في الفعل، وإن شئت كان على قطع وابتدءٍ، كأنك قلت إن زيداً قام، فقيل من هو فقلت: العاقل، كما قال الله عز وجل:"قل أفأنبئكم بشرٍ من ذلكم النار" الحج : 72، أي هو النار والآية تقرأ على وجهين على ما فسرنا:" قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب" سبأ: 48 و" علام الغيوب" سبأ : 48. وقوله: وما عاجلات الطير تدني من الـفـتـى نجاحاً ................................... يقول: إذا لم تعجل له طير سانحةٌ فليس ذلك بمبعدٍ خيراً عنه، ولا إذا أبطأت خاب، فعاجلها لا يأتيه بخير، وآجلها لا يدفعه عنه، إنما له ما قدر له، والعرب تزجر على السانح وتتبرك به، وتكره البارح وتتشاءم به، والسانح: ما أراك مياسره فأمكن الصائد، والبارح: ما أراك ميامنه فلم يمكن الصائد، إلا أن ينحرف له، وقد قال الشاعر: لا يعلم المرء ليلاً ما يصبحه إلا كواذب مما يخبر الفـال والفال والزجر والكهان كلهم مضللون، ودون الغيب أقفال وقوله: ورب أمورٍ لا تضيرك ضيرةً وللقلب من مخشلتهم وجيب فإن العرب تقول: ضارة يضيرة ضيرةً، ولا ضرر عليه، وضره يضره، ولا ضرر عليه ولا ضر عليه، ويقال أصابه ضر بمعنى، والضر مصدر، والضر اسم، وقد يكون الضر من المرض، والضر عاماً، وهذا معنى حسن، وقد قال أحد المحدثين، وهو إسماعيل بن القاسم أبو العتاهية:


وقد يهلك الإنسان من باب أمنه وينجو بإذن الله من حيث بحذر وقال الله عز وجل:" فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" النساء : 19. وقال رجل لمعاوية: والله لقد بايعتك وأنا كاره، فقال معاوية: قد جعل الله في الكره خيراً كثيراً . وقوله : ولا خير فيمن لا يوطن نفسه على نائبات الدهر حين تنوب نظيره قول كثير : أقول لها يا عز كل مـصـيبةٍ إذا وطنت يوماً لها النفس ذلت وكان عبد الملك بن مروان يقول: لو كان قال هذا البيت في صفة الحرب لكان أشعر الناس . وحكي عن بعض الصالحين أن ابناً له مات فلم ير به جزعٌ، فقيل له في ذلك، فقال : هذا أمر كنا نتوقعه، فلما وقع لم ننكره. باب جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية قال أبو العباس: وجه علي بن أبي طالب رضي الله عنه جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية رحمه الله يأخذه بالبيعة له، فقال له: إن حولي من ترى من أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار، ولكني اخترتك لقول رسول الله ﷺ فيك: "خير ذي يمن"، إيت معاوية فخذه بالبيعة، فقال جرير: والله ياأمير المؤمنين ما أدخرك من نصرتي شيئاً، وما أطمع لك في معاوية، فقال علي رضي الله عنه: إنما قصدي حجة أقيمها عليه، فلما إتاه جرير دافعه معاوية، فقال له جريرٌ: إن المنافق لا يصلي حتى لا يجد من الصلاة بداً، ولا أحسبك تبايع حتى لا تجد من البيعة بداً فقال له معاوية: إنها ليست بخدعة الصبي عن اللبن إنه أمر له ما بعده، فأبلعني ريقي. فناظر عمراً، فطالت المناظرة بينهما، وألح عليه جرير، فقال له معاوية: ألقاك بالفصل في أول مجلس إن شاء الله تعالى. ثم كتب لعمرو بمصر طعمة، وكتب عليه:" ولا ينقض شرطٌ طاعة"، فقال عمرو: يا غلام اكتب، ولا تنقض طاعة شرطاً، فلما اجتمع له أمره رفع عقيرته ينشد ليسمع جريراً: تطاول ليلي واعترتني وساوسي لآتٍ أتى بالترهات البسـابـس أتاني جريرٌ والحـوادث جـمةٌ بتلك التي فيها اجتداع المعاطس أكايده والسيف بينـي وبـينـه ولست لأثوب الدني بـلابـس إن الشأم أعطت طاعةً بمـنـية تواصفها أشياخها في المجالس فإن يفعلو أصدم علياً بجـبـهةٍ تفت عليه كل رطـبٍ ويابـس وإني لأرجو خير ما نال نـائلٌ وما أنا من ملك العراق بيائس كتاب معاوية إلى علي وكتب إلى علي رضي الله عنه: بسم الله الرحمن الرحيم، من معاوية بن صخر إلى علي بن أبي طالب : أما بعد: فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت بريء من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين، وخذلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل، وقوي بك الضعيف. وقد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كان شورى بين المسلمين. ولعمري ما حجتك علي كحجتك على طلحة والزبير، لأنهما بايعاك ولم أبايعك. وما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة لأن أهل البصرة، أطاعوك ولم يعطك أهل الشام، وأما شرفك في الإسلام، وقرابتك من رسول الله ﷺ وموضعك من قريش فلست أدفعه. ثم كتب في كتاب إليه في آخر الكتاب بشعر كعب بن جعيل، وهو: أرى الشأم تكره ملك العراق وأهل العراق لهم كارهينـاً وكلا لصاحبه مـبـغـضـاً يرى كل ما كان من ذاك دينا إذا ما رمونـا رمـينـاهـم ودناهم مثل ما يقرضـونـا فقالوا: عـلـي إمـامٌ لـنـا فقلنا: رضينا ابن هند رضينا وقالوا: نرى أن تدينـوا لـه فقلنا: ألا لا نرى أن نـدينـا ومن دون ذلك خرط القتـاد وضربٌ وطعنٌ يقر العيونـا وأحسن الروايتين:" يفض الشؤونا". وفي آخر هذا الشعر ذم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أمسكنا عن ذكره. قوله:" ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين" فهو من الإغراء وهو التحضيض عليه، يقال أغريته به، وآسدته الكلب على الصيد أوسه إيساداً، ومن قال: أشليت الكلب في معنى أغريت فقد أخطأ، إنما أشليته دعوته إلي وآسدته أغريته. وقول ابن جعيل: وأهل العراق لهم كارهينا محمول على " أرى" ومن قال : وأهل العراق لهم كارهونا فالرفع من وجهين: أحدهما قطعٌ وابتداءٌ، ثم عطف جملة على جملة بالواو، ولم يحمله على أرى، ولكن كقولك كان زيدٌ منطلقاً، وعمرو منطلقٌ الساعة، خبرت بخبر بعد خبر، والوجه الآخر أن تكون الواو وما بعدها حالاً، فيكون معناها"إذ"، كما تقول رأيت زيداً قائماً وعمرو منطلق، تريد إذ: عمٌرو منطلق. وهذه الآية تحمل على هذا المعنى، وهو قول الله عز وجل: "يغشى طائفةً منكم وطائفةٌ قد أهمتهم أنفسهم" آل عمران: 154، والمعنى والله أعلم: إذ طائفةٌ في هذه الحال وكذلك قراءة من قرأ:" ولو أنما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ" لقمان:" 27، أي والبحر هذه حاله، وإن قرأ "والبحر" فعلى"أن"0 وقوله: ودناهم مثل ما يقرضونا يقول جزيناهم. وقال المفسرون في قوله عز وجل:" مالك يوم الدين" الفاتحة: 4. قالوا: يوم الجزاء والحساب، ومن أمثال العرب:" كما تدين تدان"، وأنشد أبو عبيدة: واعلم وأيقن أن ملكك زائلٌ واعلم بأن كما تدين تـدان وللدين مواضع منها كا ذكرنا، ومنها الطاعة ودين الإسلام من ذلك يقال: فلان في دين فلانٍ، أي لم يكونوا في دين ملك، وقال زهيرٌ: لئن حللت بجو في بنـي أسـدٍ في دين عمرو وحالت بيننا فدك فهذا يريد: في طاعة عمرو بن هند، والدين: العادة، يقال: ما زال هذا ديني ودأبي وعادتي وديدني وإجرياي، قال المثقب العبدي: تقول إذا درأت لها وضيني أهذا دينـه أبـداً ودينـي أكل الدهر حل وارتحـالٌ أما تبقي علي وما تقينـي وقال المكيت بن زيدٍ : على ذاك إجرياي وهي ضريبتي وإن أجلبوا طراً علي وأحلبـوا وقوله: فقلنا: رضينا ابن هند رضينا يعني معاوية بن أبي سفيان، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. وقوله:" أن تدينوا له "، أي أن تطيعوه وتدخلوا في دينه: أي في طاعته: وقوله: ومن دون ذلك خرط القتاد فهذا مثل من أمثال العرب، القتاد: شجيرة شاكة غليظة أصول الشوك، فلذلك يضرب خرطه مثلاً في الأمر الشديد، لأنه غاية الجهد. ومن قال:" يفض الشؤونا"، فيفض يفرق، تقول: فضضت عليه المال. والشؤون، وأحدها شأن، وهي مواصل قبائل الرأس، وذلك أن للرأس أربع قبائل، أي قطع مشعوبٌ بعضها إلى بعض، فموضع شعبها يقال له: الشؤون، واحدها شأنٌ، وزعم الأصمعي قال: يقال إن مجاري الدموع منها، فلذلك يقال استهلت شؤونه، وأنشد قول أوس من حجرٍ: لا تحزنيني بالفراق فإنـنـي لا تستهل من الفراق شؤوني ومن قال " يقر العيونا"، ففيه قولان: أحدهما للأصمعي، وكان يقول: لا يجوز غيره، يقال: قرت عينه وأقرها الله، وقال: إنما هو بردت من القر، وهو خلاف قولهم: سخنت عينه وأسخنها الله، وغيره يقول: قرت هدأت، وأقرها الله أهدأها الله، وهذا قول حسن جميل، والأول أغرب وأطرف. جواب علي بن أبي طالب لمعاوية فكتب إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه جواب هذه الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، من علي بن أبي طالب إلى معاوية بن صخر، أما بعد: فإنه أتاني منك كتاب امرىء ليس له بصرٌ يهديه، ولا قائدٌ يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده فاتبعه، زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان. ولعمري ما كنت إلا رجلاً من المهاجرين أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلال، ولا ليضربهم بالعمى.

وبعد، فما أنت وعثمان إنما أنت رجل من بني أمية، وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكم القوم إلي. وأما تمييزك بينك وبين طلحة والزبير وأهل الشام وأهل البصرة، فلعمري ما الأمر فيما هناك إلا سواءٌ، لأنها بيعةٌ شاملة، لا يستثنى فيها الخيار، ولا يستأنف فيها النظر. وأما شرفي في الإسلام، وقرابتي من رسول الله ﷺ، وموضعي من قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته". ثم عاد النجاشي أحد بني الحارث بن كعب فقال له: إن ابن جعيلٍ شاعر أهل الشام، وأنت شاعر أهل العراق، فأجب الرجل، فقال: ياأمير المؤمنين، أسمعني قوله، قال: إذاً أسمعك شعر شاعرٍ، فقال النجاشي يجيبه: دعاً يا معاوي مالن يكونـا فقد حقق الله ما تحـذرون أتاكم عليٌ بأهل الـعـراق وأهل الحجاز فما تصنعونا وبعد هذا ما نمسك عنه. قوله: " ليسي له بصر يهديه "،فمعناه يقوده، والهادي: هو الذي يتقدم فيدل، والحادي: الذي يتأخر فيسوق، والعنق يسمى الهادي لتقدمه، قال الأعشى: إذا كان هادي الفتى في البلا د صدر القناة أطاع الأميرا يصف أنه قد عمي فإنما تهديه عصاً، ألا تراه يقول: وهاب العثار إذا ما مشـى وخال السهولة وعثاً وعورا وقال القطامي: إني وإن كان قومي ليس بينهم وبين قومك إلا ضربة الهادي وقال أيضاً: قربن يقصون من بزل مخـيسة ومن عرابٍ بعيداتٍ من الحادي وقوله:"ولا قائد يرشده" قد أبان به الأول. وقوله:"دعاه الهوى" فالهوى من" هويت" مقصور، وتقديره " فعل"، فانقلبت الياء ألفاً، فلذلك كان مقصوراً، وإنما كان كذلك لأنك تقول: هوي يهوى، كما تقول: فرق يفرق وهو هو، كما تقول: هو فرق، كما ترى، وكان المصدر على"فعل"، بمنزلة الفرق والحذر والبطر. لأن الوزن واحد في الفعل واسم الفاعل، فأما الهواء، من الجو فمدود، يدلك على ذلك جمعة إذا قلت: أهويةٌ، لأن أفعله إنما تكون جمع فعالٍ و فعالٍ و فعولٍ و فعيل، كما تقول قذالٌ وأقذلةٌ وحمار وأحمرةٌ، فهواءٌ كذلك، والمقصور جمعه أهواء فاعلم، لأنه على فعل، وجمع فعل أفعالٌ كما تقول: جمل وأجمال وقتب وأقتاب، قال الله عز وجل:"واتبعوا أهواءهم" محمد: 14. وقوله هذا هواء يا فتى في صفة الرجل إنما هو ذمٌ، يقول: لا قلب له، قال الله عز وجل: " وأفئدتهم هواء" إبراهيم: 43 أي خالية، وقال زهير: كأن الرحل منها فوق صعلٍ من الظلمان جؤجؤه هواء وهذا من هواء الجو، قال الهذلي: هواءٌ مثل بعلك مستمـيتٌ على ما في وعائك كالخيال وكل واو مكسورة وقعت أولاً فهمزها جائز ينشد:"على ما في إعائك"، ويقال: وسادةٌ وإسادةٌ وشاحٌ وإشاحٌ. وأما قوله:" فما أنت وعثمان " فالرفع فيه الوجه لأنه عطف اسماً ظاهراً على اسم مضمر منفصل وأجراه مجراه، وليس ههنا فعل، فيحمل على المفعول، فكأنه قال: فما أنت وما عثمان، هذا تقديره في العربية، ومعناه لست منه في شيء، قد ذكر سيبويه رحمه الله النصب وجوزه جوازاً حسناً وجعله مفعولاً معه، وأضمر كان من أجل الاستفهام، فتقديره عنده: ما كنت و فلاناً. وهذا الشعر كما أصف لك ينشد: وأنت امرؤ من أهل نجدٍ وأهلنا تهامٍ وما النجدي والمتـغـور وكذلك قوله: تكلفني سويق الكرم جـرمٌ وما جرمُ وما ذاك السويق فإن كان الأول مضمراً متصلاً كان النصب، لئلا يحمل ظاهر على مضمر، تقول: ما لك وزيداً وذلك أنه أضمر الفعل، فكأنه قال في التقدير: وملابستك زيداً، وفي النحو تقديره: مع زيد. وإنما صلح الإضمار لأن المعنى عليه إذا قلت: ما لك وزيداً فإنما تنهاه عن ملابسته، إذا لم يجز "وزيدٍ" وأضمرت لأن حروف الاستفهام للأفعال، فلو كان الفعل ظاهراً لكان على غير إضمار، نحو قولك: ما زلت و عبد الله حتى فعل، لأنه ليس يريد: ما زلت ومازال عبد الله، ولكنه أراد: وما زلت بعبد الله. فكان المفعول مخفوضاً بالياء، فلما زال ما خفضه وصل الفعل إليه فنصبه، كما قال تعالى:" واختار موسى قومه سبعين رجلاً" الأعراف 155، فالواو في معنى مع، وليست بخافضة، فكان ما بعدها على الموضع، فعلى هذا ينشد هذا الشعر:

فما لك والتلدد حول نجـدٍ وقد غصت تهامة بالرجال ولو قلت: ما شأنك وزيداً لا ختير النصب، لأن زيداً لا يلتبس بالشأن، لأن المعوطف على الشيء أبداً في مثل حاله، ولو قلت: ما شانك وشأن زيد لرفعت، لأن الشأن يعطف على الشأن، وهذه الآية تفسر على وجهين من الإعراب: أحدهما هذا، وهو الأجود فبها وهو قوله عز وجل:" فأجمعوا أمركم وشركاءكم" يونس : 71. فالمعنى والله أعلم: مع شركائكم، لأنك تقول: جمعت قومي، وأجمعت أمري، ويجوز أن يكون لما أدخل الشركاء مع الأمر حمله على مثل مثل لفظه. لأن المعنى يرجع إلى شيء واحد، فيكون كقوله: ياليت زوجك قد غدا مقتلداً سيفاً ورمحا وقال آخر: شراب ألبانٍ وتمرٍ أقط" وهذا بين. خالد بن يزيد بن معاوية عند عبد الملك بن مروان ويروى أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالداً، فقال: يا أخي، لقد هممت اليوم أن أفتك بالوليد بن عبد الملك فقال له خالد: بئس والله ما هممت به في ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين فقال: إن خيلي مرت به فعبث بها وأصغرني، فقال له خالد: أنا أكفيك، فدخل خالد على عبد الملك و الوليد عنده، فقال: يا أمير المؤمنين، الوليد ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين، فقال: إن خيلي مرت به فعبث بها وأصغرني، فقال له خالد: أنا أكفيك، فدخل خالد على عبد الملك والوليد عنده، فقال يا أمير المؤمنين، الوليد ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين، مرت به خيل ابن عمه عبد الله بن يزيد فعبث بها، وأصغره، وعبد الملك مطرق، فرفع رأسه، فقال:" إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" النمل 34، فقال خالد :" وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميراً" الإسراء: 16، فقال عبد الملك: أفي عبد الله تكلمني والله لقد دخل علي فما أقام لسانه لحناً فقال له خالد: أفعلى الوليد تعول فقال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان، فقال له خالد: وإن كان عبد الله يلحن فإن أخاه خالد، فقال له الوليد : اسكت يا خالد، فوالله ما تعد في العير ولا في النفير، فقال خالد: اسمع يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه وقال: ويحك فمن العير والنفيرغيري? جدي أبو سفيان صاحب العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النفير، ولكن لو قلت: غنيمات، و حبيلات، والطائف ورحم الله عثمان لقلنا: صدقت أما قوله:" في العير" فهي عير قريش التي أقبل بها أبو سفيان من الشأم فنهد إليها رسول الله ﷺ وندب إليها المسلمين، وقال:" لعل الله ينفلكموها"، فكانت وقعة بدر، وساحل أبو سفيان بالعير، فكانت الغنيمة ببدر، كما قال الله عز وجل:" وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم" الأنفال: 7 . أي غير الحرب، فلما ظفر رسول الله ﷺ بأهل بدر، قال المسلمون: انهد بنا يا رسول الله إلى العير، فقال العباس رحمه الله: إنما وعدكم الله إحدى الطائفتين. وأما النفير فمن نفر من قريش ليدفع عن العير، فجاؤوا فكانت وقعة بدر، وكان شيخ القوم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وهو جد خالد من قبل جدته هند، أم معاوية بنت عتبة، ومن أمثال العرب : لست في العـير يوم يحـدون بالعير ولا في النفير يوم النفير ثم اتسع هذا المثل حتى صار يقال لمن لا يصلح لخير ولا لشر ولا يحفل به: لا في العير، ولا في النفير. وقوله:"غنيمات، وحبيلات" يعني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أطرد الحكم بن أبي العاصي بن أمية. وهو جد عبد الملك بن مروان لجأ إلى الطائف، فكان يرعى غنيمات، ويأوي إلى حبيلة وهي الكرمة. وقوله:" رحم الله عثمان ": أي لرده إياه. وقولنا" أطرده": أي جعله طريداً، وطرده: نحاه، كما تقول حمدته: أي شكرته، وأحمدته: أي صادفته محموداً. وكان عثمان رحمه الله استأذن رسول الله ﷺ في رده متى أفضى الأمر إليه، روى ذلك الفقهاء. باب لرجل من بني أسد يمدح يحيى بن حيان قال أبو العباس: قال رجل من بني أسدٍ بن خزيمة يمدح يحيى بن حيان أخا النخع بن عمرو بن علة بن جلد مذحج، وهو مالك:

ألا جعل الله اليمانين كـلـهـم فدى لفتى يحيى بـن حـيان ولولا عريق في من عصبـيةٍ لقلت وألفا من معد بن عدنان ولكن نفسي لم تطب بعشيرتي وطابت له نفسي بأبناء قحطان وهذا من التعصب المفرط. وحدثني شيخ من الأزد ثقة عن رجل منهم أنه كان يطوف بالبيت، وهو يدعو لأبيه، فقيل له: ألاتدعو لأمك فقال: إنها تميمية. وسمع رجل يطوف بالبيت، وهو يدعو لأمه ولا يذكر أباه، فعوتب، فقال: هذه ضعيفة، وأبي رجل يحتال لنفسه. وحدثني المازني عمن حدثه قال: رأيت رجلاً يطوف بالبيت، وأمه على عنقه، وهو يقول: أحمل أمي وهي الحماله ترضعني الدرة والعلاله لا يجازى والد فعالـه قوله:" الدرة " فهو اسم ما يدر من ثدييها، ابتداء كان ذلك أو غير ذلك والعلالة لا تكون إلا بعد، يقال: عله يعله و يعله علاً، والاسم العلالة، وكل شيء كان على " فعلت" من المدغم. فمضارعه إذا كان متعدياً إلى مفعول يكون على يفعل، نحو رده يرده، وشجه يشجه، وفر يفره، فإذا قلت: فر يفر، فإنما ذلك لأنه غير متعد إلى مفعول، ولكن تقول: فررت الدابة أفره. وجاء "فعل يفعل" من المتعدي في ثلاثة أحرف يقال: عله يعله و يعله، وهره يهره ويهره: إذا كرهه،ويقال: أحبه يحبه، وجاء حبه يحبه، ولا يكون فيه " يفعل " قال الشاعر : لعمرك إنني وطلاب مصر لكالمزداد مما حب بعـدا وقال آخر: وأقسم لولا تمره ما حـبـبـتـه وكان عياض منه أدنى و مشرق وقرأ أبو رجاء العطاردي:" فاتبعوني يحبكم الله" آل عمران31، ففعل في هذا شيئين أحدهما أنه جاء به من " حببت" والآخر أنه أدغم في موضع الجزم وهو مذهب تميم وقيس وأسد وجماعة من العرب يقولون: رد يا فتى، يدغمون، ويحركون الدال الثانية لالتقاء الساكنين فيتبعون الضمة الضمة. ومنهم من يفتح لالتقاء الساكنين فيقول: رد يا فتى، لأن الفتح أخف الحركات، ومنهم من يقول رد يافتى فيكسر: لأن حق التقاء الساكنين الكسر، فإذا كان الفعل مكسوراً ففيه وجهان: تقول: فر يا فتى للإتباع وللأصل في ألتقاء الساكنين، وتفتح. لأن الفتح أخف الحركات، وإذا كان مفتوحاً فالفتح للإتباع، ولأنه أخف الحركات، والكسر على أصل التقاء الساكنين، نحو. عض، يا فتى، وعض يا فتى، فإذا لقيته ألف ولام فالأجود الكسر، من أجل ما بعده، وهي لام المعرفة، نحو : فغض الطرف إنك من نمير فلا كعباً بلغت ولا كلابـا ومنهم من يجري مجرى الأول، فتقع لام المعرفة بعد انقضاء الحركة في الأول فيقول: ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولـئك الأيام ومن كان من شأنه أن يتبع أو يكسر فعلى ذلك، ومما جاء في القرآن على لغة من يكسر قوله عز وجل " ومن يشاق فإن الله شديد العقاب " الحشر 4 وأما أهل الحجاز فيجرونه على القياس الأصلي، فيقول: اردد و اغضض، ويقولون: افرر من زيد واعضض. لما سكن الثاني ظهر التضعيف لأنه لا يلتقي ساكنان، وكل ذلك من قولهم وقول التميميين قياس مطرد بين، وقد شرحناه في الكتاب المقتضب على حقيقة الشرح. لرجل في الصبر وقال آخر : إذا ضيقت أمراً ضاق جـداً وإن هونت ما قد عز هانـا فلا تهلك لشيء فـات يأسـاً فكم أمر تصعب ثـم لانـا سأصبر عن رفيقي إن جفاني على كل الأذى إلا الهوانـا فإن المرء يجزع في خـلاءٍ وإن حضر الجماعة أن يهانا لعبيد بن أيوب العنبري وقال آخر أحسبه من لصوص بني سعد. قال أبو الحسن: هو عبيد بن أيوب العنبري، وأنشد هذا الشعر ثعلب: فإني وتركي الإنس من بعد حبهـم وصبري عمن كنت ما إن أزايلـه لكالصقر جلى بعد ما صاد قـنـية قديراً ومشوياً عبيطـاً خـرادلـه أهابوا به فـازداد بـعـداً وصـده عن القرب منهم ضوء برقٍ ووابله ألم ترني صاحبت صفراء نـبـعة لها ربذي لم تفلـل مـعـابـلـه وطال احتضاني السيف حتى كأنما يلاط بكشحي جفنه و حـمـائلـه أخو فلواتٍ صاحب الجن وانتحـى عن الإنس حتى قد تقضت وساءله

له نسب الإنسي يعرف نجره وللجن منه شكله و شمائله وقوله: وصبري عمن كنت ما إن أزايله إن: زائدة، وهي تزاد مغيرة للإعراب، وتزاد توكيداً، وهذا موضع ذلك، فالموضع الذي تغير فيه الإعراب هو وقوعها بعد"ما" الحجازية، تقول: ما زيدٌ أخاك، وما هذا بشراً، فإذا أدخلت إن هذه بطل النصب بدخولها، فقلت: ما إن زيد منطلق، قال الشاعر: وما إن طبنا جبنٌ ولكن منايانا ودولة آخرينـا فزعم سيبويه أنها منعت"ما" العمل كما منعت"ما" إن الثقيلة أن تنصب تقول: إن زيداً منطلق، فإذا أدخلت"ما" صارت من حروف الابتداء، ووقع بعدها المبتدأ وخبره والأفعال، نحو: إنما زيد أخوك،" إنما يخشى الله من عباده العلمؤأ " فاطر28 ولولا"ما" لم يقع الفعل بعد"إن" لأن"إن" بمنزلة الفعل، ولا يلي فعل فعلاً لأنه لا يعمل فيه، فأما كان يقوم زيدٌ،" كاد يزيع قلوب فريق منهم" التوبة 117 ففي كان وكاد فاعلان مكنيان. و" ما " تزاد على ضربين، فأحدهما أن يكون دخولها في الكلام كإلغائها، نحو " فبما رحمة من الله لنت لهم " آل عمران 159 أي فبرحمة، وكذلك :"مما خطيئتهم أغرقوا " نوح 25 وكذلك" مثلاً ما بعوضةً" البقرة 26 وتدخل لتغيير اللفظ، فتوجب في الشيء ما لولا هي لم يقع، نحو ربما ينطلق زيد، و"ربما يود الذين كفروا " الحجر 2، ولولا "ما" لم تقع رب على الأفعال، لأنها من عوامل الأسماء، وكذلك جئت بعد ما قام زيد، كما قال المرار: أعلقة أم الوليد بـعـد مـا أفنان رأسك كالثغام المخلس فلولا "ما" لم يقع بعدها إلا اسم واحد، وكان مخفوضاً بإضافة" بعد" إليه، تقول: جئتك بعد زيد. وقوله:" كالصقر جلى"، تأويل التجلي أن يكون يحس شيئاً فيتشوف إليه، فهذا معنى "جلى"، قال العجاج : تجلى البازي إذا البازي كسر أي نظر، ويقال: تجلى فلانٌ فلانه تجلياً، وأجتلاها اجتلاءً، أي نظر إليها وتأملها، والأصل واحد . وقوله: "قديراً:، هو ما يطبخ في القدر، يقال: قدير ومقدور، كقولك: قتيل ومقتولٌ . وقوله:"عبيطاً خرادله"، فالعبيط الطري، يقال: لحم عبيط إذا كان طرياً، وكذلك دم عبيطٌ، ويقال اعتبط فلان بكرته إذا نحرها شابةً من غير علةٍ وكذلك اعتبط فلان إذا مات شاباً، قال أمية: من لم يمت عبطة يمت هرماً للموت كأس فالمرء ذائقهـا وحدثني الزيادي إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن ابي بكر بن عبد الرحمن ابن زياد. قال تحدث رجل من الأعراب، قال: نزلت برجل من طيئ، فنحر لي ناقة فأكلت منها، فلما كان الغد نحر أخرى، فقلت: إن عندك من اللحم ما يغني ويكفي، فقال: إني والله لا أطعم ضيفي إلا لحماً عبيطاً، قال: وفعل ذلك في اليوم الثالث وفي كل ذلك آكل شيئاً، ويأكل الطائي أكل جماعةٍ ثم نؤتى باللبن فأشرب شيئاً، ويشرب عامة الوطب، فلما كان في اليوم الثالث ارتقبت غفلته فاضطجع، فلما امتلأ نوماً استقت قطيعاً من إبله فأقبلته الفج، فانتبه واختصر علي الطريق حتى وقف لي في مضيق منه، فألقم وتره فوق سهمه، ثم نادى بي: لتطب نفسك عنها قلت أرني آية، فقال. انظر إلى ذلك الضب، فإني واضع سهمي في مغرز ذنبه، فرماه فأندر ذنبه، فقلت زدني، فقال: انظر إلى أعلى فقاره، فرماه فأثبت سهمه في الموضع، ثم قال لي: الثالثة والله في كبدك فقلت: شأنك بإبلك فقال: كلا حتى تسوقها إلى حيث كانت. قال: فلما انتهيت بها قال: فكرت فيك فلم أجد لي عندك ترة تطالبني بها، وما أحسب الذي حملك على أخذ إبلي إلا الحاجة. قال: قلت هو والله ذاك. قال: فاعمد إلى عشرين من خيارها فخذها، فقلت : إذاٌ والله لاأفعل حتى تسمع مدحك: والله ما رأيت رجلاٌ أكرم ضيافةٌ، ولا أهدى لسبيلٍ، ولا أرمى كفاٌ، ولا أوسع صدراٌ، ولا أرغب جوفاٌ، ولا أكرم عفواٌ منك قال: فاستحيا فصرف وجهه عني، ثم قال: انصرف بالقطيع مباركاٌ لك فيه وقوله:" خرادله" يعني قطعه، يقال: ضرباٌ خردله، وتأويله قطعه، كما قال: والضرب يمضي بيننا خرادلا وقوله:" أهابوا به"، يقول: دعوه، يقال: أية به، وأهاب به: أي ناداه، قال القرشي: أهاب بأحزان الفؤاد مهـيب وماتت نفوس للهوى وقلوب


وقوله: " ضوء برق ووابله"، أراد صده عنهم ضوء برقٍ ووابله، فأضاف الوابل من المطر إلى البرق. وإنما الإضافة إلى الشيء على جهة التضمين، ولا يضاف الشيء إلى الشيء إلا وهو غيره أو بعضه، فالذي هو غيره: غلام زيدٍ ودار عمرو، والذي هو بعضه: ثوب خز، وخاتم حديد، وإنما أضاف الوابل إلى البرق، وليس هو له، كما قلت: دار زيد، على جهة المجاورة، وأنهما راجعان إلى السحابة، وقد يضاف ما كان كذا على السعة، كما قال الشاعر: حتى أنخت قلوصي في دياركم بخير من يحتذي نعلاً وحافيها فأضاف الحافي إلى النعل، والتقدير: حافٍ منها. ألم ترني صاحبت صفراء نبعة فالنبع خير الشجر للقسي، ويقال : إن النبع والشوحط والشريان شجرة واحدة، ولكنها تختلف أسماؤها وتكرم وتحسن بمنابتها، فما كان في قلة الجبل منها فهو النبع، وما كان في سفحه فهو الشوحط، وما كان في الحضيض فهو الشريان. وقوله:" لها ربذي"، يريد وتراً شديد الحركة عند دفع السهم، يقال رجل ربذ اليد إذا كان يكثر التحريك ليديه والعبث بهما، ويوصف به الفرس لكثرة حركة قوائمه، وكان الأصل ربذاً لأنه "ربذ"، ولكن ما كان من " فعل " فنسب إليه فتح موضع العين منه استثقالاً لاجتماع ياءي النسب وكسرة اللام، لأن ياءي النسب تكسران ما تليانه، فلم يدعوا مع ذلك العين مكسورة، تقول في النسب إلى النمر بن قاسط: نمري، وإلى الحطبات: حبطي، وإلى شقرة وهو الحارث ابن تميم بن مر: شقري، وفي النسب إلى عم عموي يا فتى. وقوله:" لم تفلل معابله"، يريد لم ينكسر حدها، من الفلول. ويروى أن عروة بن الزبير سأل عبد الملك أن يرد عليه سيف أخيه عبد الله بن الزبير فأخرجه إليه في سيوف منتضاةٍ، فأخذه عروة من بينها، فقال له عبد الملك: بم عرفته فقال: بما قال النابغة: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب والمعبلة: واحد المعابل، وهي سهم خفيف، قال عنترة : وآخر منهم أجررت رمحي وفي البجلي معبلة وقـيع بإسكان الجيم لاغير . قال أبو الحسن : بجيلة: قبيلة من بني الهجيم، من اليمن . باب لبعض الشعراء يحرض على خالد بن يزيد قال أبوالعباس: تزوج خالد بن يزيد بن معاوية نساء هن شرف من هن منه، منهن أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وآمنة بنت سعيد بن العاصي بن أمية، ورملة بنت الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، ففي ذلك يقول بعض الشعراء يحرض عليه عبد الملك: عليك أمير المؤمنين بخـالـدٍ ففي خالدٍ عما تحب صـدود إذا ما نظرنا في مناكح خالـدٍ عرفنا الذي ينوي وأين يريد? فطلق آمنة بنت سعيد، فتزوجها الوليد بن عبد الملك، ففي ذلك يقول خالد: فتاة أبوها ذو العصابة، وابنه، وعثمان، ما أكفاؤها بكثـير فإن تفتلتها والخلافة، تنقلـب بأكرم علقي منبر وسـرير قوله :"أبوها ذو العصابة"يعني سعيد بن العاصي بن أمية، وذلك أن قومه يذكرون أنه كان إذا اعتم لم يعتم قرشي إعظاماٌ له، وينشدون : أبو أحيحة من يعتـم عـمـتـه يضرب وإن كان ذا مالٍ وذا عدد ويزعم الزبيريون أن هذا البيت باطل موضوع. وقوله: "فإن تفتلتها ":يقول : تأخذها فجاءةٌ، ومن ذلك قول الشاعر: من يأمن الأيام بعـد صبيرة القرشي ماتا سبقت منيته المشيب وكان ميتته افتلاتـا وفي الحديث أن رجلاً قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت، أي ماتت فجاءة. ?????????????????لخالد بن يزيد في رملة بنت الزبير ويروى أن آمنه لبثت عند الوليد، فلما هلك عبد الملك سعى بها ساع إلى الوليد. قال أبو العباس: وبلغني أنها سعت بها إحدى ضراتها إلى الوليد بأنها لم تبك على عبد الملك كما بكى نظائرها فقال لها الوليد في ذلك، فقالت: صدق القائل، أكنت قائلة ماذا أقول ياليته كان بقي حتى يقتل أخاً لي آخر كعمرو بن سعيد! وفي رملة بنت الزبير يقول خالد: تجول خلاخيل النساء ولا أرى لرملة خلخالاً يجول ولا قلبا فلا تكثروا فيها الملام فإننـي تخيرتها منهم زبيرية قلـبـا

أحب بني العوام طراً لحبهـا ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا وزيد فيها: فإن تسلمي أسلم وإن تتنصري يعلق رجال بين أعينهم صلبا فيروى أن عبد الملك ذكر له هذا البيت، فقال له: يا خالد، أتروي هذا البيت فقال: يا أمير المؤمنين، على قائلة لعنة الله زواج الحجاج بن يوسف بابنة عبد الله بن جعفر ثم طلاقه لها وذكر العتبي أن الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي لما أكره عبد الله بن جعفر على أن زوجه ابنته استأجله في نقلها سنة، ففكر عبد الله بن جعفر في الانفكاك منه، فألقي في روعه خالد بن يزيد، فكتب إليه يعلمه ذلك، وكان الحجاج تزوجها بإذن عبد الملك، فورد على خالد كتابه ليلاً، فاستأذن من ساعته على عبد الملك، فقيل له: أفي هذا الوقت فقال: إنه أمر لا يؤخر، فأعلم عبد الملك بذلك. فأذن له، فلما دخل عليه، قال له عبد الملك : فيم السرى يا أبا هاشم قال: أمر جليل لم آمن أن أؤخر، فتحدث علي حادثة فلا أكون قضيت حق بيعتك، قال: وما? قال : أتعلم أنه ما كان بين حيين من العداوة والبفضاء ما كان آل الزبير وآل أبي سفيان ? قال لا. قال: فإن تزويجي إلى آل الزبير حلل ما كان لهم في قلبي، فما أهل بيت أحب إلي منهم، قال: فإن ذلك ليكون، قال: فكيف أذنت للحجاج أن يتزوج في بني هاشم، وأنت تعلم ما يقولون ويقال فيهم، والحجاج من سلطانك بحيث علمت قال: فجزاه خيراٌ، وكتب إلى الحجاج بعزمةٍ أن يطلقها فطلقها، فغدا الناس عليه يعزونه عنها، فكان فين أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، فأوقع الحجاج بخالد، فقال: كان الأمر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه. فقال له عمرو بن عتبة: لاتقل ذا أيها الأمير، فإن لخالد قديماٌ سبق إليه، وحديثاٌ لم يغلب عليه، ولو طلب الأمر لطلبه بحد وجد، ولكنه علم علماٌ، فسلم العلم إلى أهله، فقال الحجاج: يا آل أبي سفيان، أنتم تحبون أن تحلموا ولا يكون الحلم إلا عن غضب، فنحن نغضبكم في العاجل ابتغاء مرضاتكم في الآجل، ثم قال الحجاج: والله لأتزوجن من هو أمس به رحماٌ، ثم لا يمكنه فيه شيء، فتزوج أم الجلاس بنت عبد الله بن خالد بن أسيد .أما قوله :" ألقي في روعه "، فإن العرب تقول ألقي في روعي، وفي قلبي وفي جخيفي وفي تاموري كذا كذا، ومعناه كله واحد، إلا أن لهذه الأشياء. مواضع مختصة، وفي الحديث عن النبي ﷺ :" إن روح القدس نفث في روعي"، فالروع والجخيف غير مختلفين، والعرب تقول: أذهب الله قلبه، ولا قلب له. ولا تقول: لاروع له، فكأن الروع هو متصل بالقلب، وعنه يكون الفهم خاصة، ويقال: رأيت قلب الطائر. ولا يقال : رأيت روع الطائر، والتامور عند العرب: بقية النفس عند الموت، وبعضهم يفصح عنه فيجعله دم القلب خاصة الذي يبقى للا نسان ما بقي، يقال: ضعه في تامورك وفي قلبك وفي روعك وفي جخيفك. والذماء، ممدود: مثل التامور سواء تقول العرب: ليس في الحيوان أطول ذماء من الضب، وذلك أنه يذبح ثم يطرح في النار بعد أن ظن أنه قد برد فربما سعى من النار . نبذ من أقوال الحكماء وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: عظني، فقال: اتخذ الله صاحباً وذر الناس جانباً. قال سعيد بن المسيب: كنت بين القبر والمنبر مفكراً، فسمعت قائلاً ولم أره: اللهم إني أسألك عملاً باراً. ورزقاً داراً. وعيشاً قاراً قال سعيد: فلزمتهن فلم أر إلا خيراً . وقال الأصمعي: كان من دعاء أبي المجيب: اللهم اجعل خير عملي ما قارب أجلي . قال: وكان يقول في دعائه: اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز، ولا إلى الناس فنضيع. أعرابي في حلقة يونس قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: حدثني أبو زيد قال: وقف علينا أعرابي في حلقة يونس النحوي فقال: الحمد لله كما هو أهله، وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه، خرجنا من المدينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه سلم، ثلاثين رجلاً ممن أخرجته الحاجة، وحمل على المكروه، لا يمرضون مريضهم، ولا يدفنون ميتهم، ولا ينتقلون من منزلٍ إلى منزل وإن كرهوه. والله يا قوم لقد جعت حتى أكلت النوى المحرق، ولقد مشيت حتى انتعلت، وحتى خرج من قدمي بخص ولحم كثير. أفلا رجل يرحم ابن سبيل، وفل طريق، ونضو سفر فإنه لا قليل من الأجر، ولا غنى عن ثواب الله عز وجل، ولا عمل بعد الموت، وهو الذي يقول جل ثناؤه:" من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له " البقرة 245 ملي وفي ماجد واجد جوادٌ، لا يستقرض من عوزٍ، ولكنه يبلو الأخيار. قال: فبلغني أنه لم يبرح حتى أخذ ستين ديناراً .


قوله:" بخص"، يريد اللحم الذي يركب القدم، هذا قول الأصمعي، وقال غيره: هو لحم يخلطه بياض من فساد يحل فيه، ويقال: بخصت عينه، بالصاد، ولا يجوز إلا ذلك، ويقال. بخسته حقه، بالسين: إذا ظلمته ونقصته، كما قال الله عز وجل:" ولا تبخسوا الناس أشياءهم" الأعراف 85، وفي المثل: "تحسبها حمقاء وهي باخسٌ" ويدل على أنه اللحم الذي قد خالطه الفساد قول الراجز : قال أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش: الراجز هو أبو شراعة يا قدمي لا أرى لي مخلصاً مما أراه أو تعودا بخصـا وقوله"فل" فالفل في أكثر كلامهم: المنهزم الذاهب . وفي خبر كعب بن معدان الأشعري" إنا آثرنا الحد على الفل". يعني مجاهدتهم عبد ربه الصغير، لأنه كان مقبلاً على حربهم وتركهم قطرياً لأنه كان منهزماً. خبر الحجاج بن علاط السلمي مع قريش وفي حديث الحجاج بن علاط السلمي. وكان قد أسلم ولم تعلم قريش بإسلامه، فاستأذن رسول الله ﷺ يوم خيبر في أن يصيرإلى مكة فيأخذ ما كان له من مال، وكانت له هناك أموال متفرقة، وهو غريب بينهم إنما هو أحد بني سليم بن منصور، ثم أحد بني بهزٍ فأذن له رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إني أحتاج أن أقول، قال: فقل. قال أبو العباس: وهذا كلام حسن ومعنى حسن، يقول: أقول على جهةالاحتيال غير الحق، فأذن له رسول الله ﷺ لأنه من باب الحيلة، وليس هو من باب الفساد، وأكثر ما يقال في هذا المعنى تقول، كما قال المولى عز وجل:" أم يقولون تقوله" الطور 33 فصار إلى مكة فقالت قريش: هذا لعمر الله عنده الخبر. قال: فقولوا: بلغنا أن القاطع قد خرج إلى أهل خيبر، فقال الحجاج: نعم، فقتلوا أصحابه قتلاً لم يسمع بمثله، وأخذوه أسيراً، وقالوا: نرى أن نكارم به قريشاً، فندفعه إليهم، فلا تزال لنا هذه اليد في رقابهم. وإنما بادرت لجمع مالي لعلي أصيب به من محمدٍ وأصحابه قبل أن تسبقني إليه التجار ويتصل بهم الحديث. قال: فاجتهدوا في أن جمعوا إلي مالي أسرع جمعٍ، وسروا أكثر سروراً، وقالوا بلا رغم، وأتاني العباس وهو كالمرأة الواله فقال: ويحك يا حجاج ما تقول قال: فقلت: أكاتمٌ أنت علي خبري ? فقال:إي والله قال: فقلت: فالبث علي شيئاً حتى يخف موضعي. قال فسرت إليه، فقلت. الخبر والله على خلاف ما قلت لهم، خلفت رسول الله ﷺ وقد فتح خيبر، وخلفته والله معرساً بابنة ملكهم، وما جئتك إلا مسلماً، فاطو الخبر ثلاثاً حتى أعجز القوم، ثم أشعه، فإنه والله الحق، فقال: العباس: ويحك، أحق ما تقول? قلت إي والله قال: فلما كان بعد ثلاثة تخلق العباس، وأخذ عصاه وخرج يطوف بالبيت قال: فقالت قريش: يا أبا الفضل، هذا والله التجلد لحر المصيبة فقال: كلا، ومن حلفتم به لقد فتحها رسول الله ﷺ، وأعرس بابنة ملكهم فقالوا: من اتاك بهذا الحديث? فقال: الذي أتاكم بخلافه، ولقد جاءنا مسلماً، ثم أتت الأخبار من النواحي بذلك، فقالوا: أفلتنا الخبيث، أولى له . وأصل الفل مأخوذ من فللت الحديدة إذا كسرت حدها. والنضو: البالي المجهود، ويقال ناقة نضوٌ: إذا جهدها السير، وجمعه أنضاءٌ، وفلان نضوً من المرض .

وقوله :"لا يستقرض من عوزٍ"، فالعوز: تعذر المطلوب، يقال: أعوز فلان فهو معوز إذا لم يجد، والمعاوز في غير هذا الموضع: الثياب التي تبتذل ليصان بها غيرها . وقوله:" ولكن ليبلوا الأخيار"، يقال: الله يبلوهم ويبتليهم ويختبرهم في معنى، وتأويله: يمتحنهم، وهو العالم عز وجل بما يكون كعلمه بما كان، قال ال جلله ثناؤه " ليبلوكم أيكم أحسن عملا" هود 7 قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: رأيت أبا فرعون العدوي، ومعه ابنتاه، وهو في سكة العطارين بالبصرة يقول : بنيتي صابرا أباكـمـا إنكما بعين من يراكما الله ربي سيدي مولاكما ولو يشاء عنهم أغناكما وكان أبو فرعون، وهو من بني عدي بن الرباب بن عبد مناة بن أد، وقال اليزيدي: هو مولاهم وكان فصيحاً، وقدم قوم من الأعراب البصرة من أهله، فقيل له: تعرض لمعروفهم، فقال: ولست بسائل الأعراب شيئاً حمدت الله إذ لم يأكلونـي ?حديث رجل من الصيارفة افتقر وروى الأسدي أنه افتقر أنه رجل من الصيارفة بإلحاح الناس في أخذ أموالهم التي كانت لهم لديه، وتعذر أمواله التي كانت له عند الناس، فسأل جماعة من الجيران أن يصيروا معه إلى رجل من قريش كان موسراٌ من أولاد أجوادهم ليسد من خلته، فصاروا إليه، فجلسوا في الصحن، فخرج إليهم يخطر بقضيب في يده، حتى ثنى وسادةٌ فجلس عليها، فذكروا حاجتهم وخلة صاحبهم، مع قديم نعمته وقريب جواره، فخطر بالقضيب . ثم قال متمثلاٌ : إذا المال لم يوجب عليك عطاءه صنيعة تقوى أو صديق توامقه بخلت وبعض البخل حزم وقوة فلم يفتلذك المال إلاحقـائقـه ثم أقبل على القوم، فقال: إنا والله ما نجمد عن الحق، ولا نتدفق في الباطل، وإن لنا لحقوقاٌ تشغل فضول، وما كل من أفلس من الصيارفة احتلنا لجبره، قوموا رحمكم الله قال: فابتدر القوم الأبواب. قوله :" فلم يفتلذك المال "، يقول : لم يقتطع منك، يقال فلذ له من العطاء: أي قطع له، وقال رسول الله ﷺ يوم بدرٍ حين قال الغلامان: في القوم عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام بن هشام، وأمية بن خلف وفلان وفلان، فقال رسول الله صلى عليه وسلم :"هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها". وقال أبو قحافة أعشى باهلة يعني المنتشر بن وهب الباهلي: تكفيه فلذة كبدٍ إن ألـم بـهـا من الشواء ويكفي شربة الغمر رجل من أزد شنوءة بين يدي عتبة بن أبي سفيان قال عبد الملك بن عمير، استعمل عتبة بن أبي سفيان رجلاٌ من آله على الطائف، فظلم من أزد شنوءة، فأتى الأزدي عتبة، فمثل بين يديه، فقال : أمرت من كان مظلوماٌ ليأتيكم فقد أتاكم غريب الدار مظلوم ثم ذكر ظلامته، فقال له عتبة: إني أراك أعرابياً جافياً، والله ما أحسبك تدري كم تصلي في كل يوم وليلة فقال: أرأيت إن أنبأتك ذلك، أتجعل لي عليك مسألة? قال نعم، فقال الأعرابي : إن الصلاة أربع وأربـع ثم ثلاث بعدهـن أربـع ثم صلاة الفجر لا تضيع فقال: فاسأل: فقال: كم فقار ظهرك فقال: لا أدري، فقال: أفتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك قال: ردوا عليه غنيمته . قوله:" فقار"، إنما هو جمع فقارة، ويقال فقرة، فمن قال في الواحدة فقرة قال في الجميع: فقر، كسرة وكسر، ومن قال للواحدة: فقارة، قال للجميع: فقارٌ، كقولك دجاجة ودجاج، وحمامة وحمامٌ . أعرابي عند معاوية وشهد أعرابي عند معاوية بشيء كرهه، فقال له معاوية: كذبت فقال الأعرابي: الكاذب والله متزمل في ثيابك. فقال معاوية وتبسم:هذا جزاء من عجل . حديث السواقط قال أبو العباس: قرأت على عبد الله بن محمد المعروف بالتوزي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي، قال: كانت السواقط ترد اليمامة في الأشهر الحرم لطلب التمر، فإن وافقت ذلك، وإلا أقامت بالبلد إلى أوانه، ثم تخرج منه في شهر حرام، فكان الرجل منهم إذا قدم يأتي رجلً من بني حنيفة، وهم أهل اليمامة، أعني بني حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط ابن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربعة بن نزار فيكتب له على سهم أو غيره:"فلان جار فلان" والسواقط: من ورد اليمامة من غير أهلها، وقد كان النعمان بن المنذر أراد أن يجليهم منها، فأجارهم مرارة بن سلمي الحنفي. ثم أحد بني ثعلبة بن الدول بن حنيفة، فسوغه الملك ذلك، فقال أوس بن حجرٍ يحض النعمان عليه : زعم ابن سلمي مـرارة أنـه مولى السواقط دون آل المنذر منع اليمامة حزنها وسهولهـا من كل ذي تاجٍ كريم المفخر

وذكر أبو عبيدة أن رجلاً من السواقط من بني أبي بكر بن كلاب قدم اليمامة، ومعه أخ له، فكتب له عمير بن سلمى أنه له جار وكان أخو هذا الكلابي جميلاً فقال له قرين، أخو عمير: لا تردن أبياتنا بأخيك هذا، فرآه بعد بين أبياتهم، فقتله. قال أبو عبيدة: وأما المولى فذكر أن قريناً أخا عميرٍ كان يتحدث إلى امرأة أخي الكلابي، فعثر عليه زوجها فخافه قرين عليها فقله، وكان عمير غائباً، فأتى الكلابي قبر سلمي أبي عمير وقرين فاستجار به وقال : قال أبو الحسن الأخفش، قال أبو العباس: قرينٌ، ووجدته بخط دماذ، صاحب أبي عبيدة قرين. وإذا استجرت من اليمامة فاستجر زيد بن يربوع وآل مـجـمـع وأتيت سلمياً فعـذت بـقـبـره وأخو الزمانة عائدٌ بـالأمـنـع أقرين إنك لو رأيت فـوارسـي بعمامتين إلى جوانب ضلـفـع حدثت نفسك بالوفاء ولم تـكـن للغدر خائنة مغـل الإصـبـع فلجأ قرينٌ إلى قتادة بن مسلمة بن عبيد بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة، فحمل قتادة إلى الكلابي دياتٍ مضاعفةً، وفعلت وجوه بني حنيفة مثل ذلك فأبى الكلابي أن يقبل، فلما قدم عمير قالت له أمه وهي أم قرين: لا تقتل أخاك، وسق إلى الكلابي جميع ماله، فأبى الكلابي أن يقبل، وقد لجأ قرينٌ إلى خاله السمين بن عبد الله فلم يمنع عميراً منه، فأخذه عميرٌ فمضى به حتى قطع الوادي فربطه إلى نخلة، وقال للكلابي: أما إذ أبيت إلا قتله فأمهل حتى أقطع الوادي، وارتحل عن جواري فلا خير لك فيه، فقتله الكلابي، ففي ذلك يقول عمير: قتلنا أخانا للوفاء بجـارنـا وكان أبونا قد تجير مقابره وقالت أم عمير: تعد معاذراً لا عذر فيها ومن يقتل أخاه فقد ألاما وقوله : "ولم تكن للغدر خائنةً"، ولم يقل خائناً. فإنما وضع هذا في موضع المصدر والتقدير: ولم تكن ذا خيانة . وقوله"للغدر": أي من أجل الغدر، وقال المفسرون والنحويون في قول الله عز وجل:"وإنه لحب الخير لشديد" العاديات8 : أي لشديدٌ: من أجل حب الخير، والخير ههنا: المال، من قوله تعالى:" إن ترك خيراً الوصية" البقرة 180 وقوله" لشديدٌ": أي لبخيل، والتقدير والله أعلم: إنه لبخيل من أجل حبه للمال، تقول العرب: فلان شديد ومتشدد أي بخيل، قال طرفة : أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المـتـشـدد وقلما يجيء المصدر على فاعل، فمما جاء على وزن"فاعل": قولهم عوفي عافيةً، وفلج فالجاً، وقم قائماً: أي قم قياماً، وكما قال: ولا خارجاً من في زور كلام أي و لايخرج خروجاً، وقد مضى تفسير هذا . والمغل الذي عنده غلول، وهو ما يختان ويحتجن، ويستعمل مستعاراً في غير المال، يقال: غل يغل كقول الله عز وجل:" ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" آل عمران161. ويقال: أغل فهو مغل إذا صودف يغل، أو نسب إليه، ومن قرأ:"وما كان لنبيٍ أن يغل" آل عمران161. فتأويله أن يأخذ ويستأثر، ومن قرأ" يغل" فتأويله على ضربين يكون أن يقال ذلك فيه، ويكون وهو الذي يختار أن يخون، فإن قال قائل كيف يكون التقدير، وقد قال: ما كان لنبي أن يغل فيغل لغيره، وأنت لا تقول ما كان لزيد أن يقوم عمرو? فالجواب أنه في التقدير على معنى: ما ينبغي لنبي أن يخون، كما قال:"وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله" آل عمران 145. ولو قلت: ما كان لزيد أن يقوم عمرو إليه لكان جيداً، على تقديرك: ما كان زيدٌ ليقوم عمرو إليه، كما قلنا في الآية . والإصبع، أفصح ما يقال وقد يقال: أصبع وإصبع وأصبع موضعها ههنا موضع اليد. يقال: لفلان عليك يدٌ، ولفلان عليك إصبعٌ، وكل جيدٌ، وإنما يعني ههنا النعمة. وأما قوله : قتلنا أخانا للوفاء بجارنا فيكون على ضربين: أحدهما أن يكون فخم نفسه وعظمها، فذكرها باللفظ الذي يذكر الجميع به، والعرب تفعل هذا ويعد كبراً، ولا ينبغي على حكم الإسلام أن يكو هذا مستعملاً إلا عن الله عز وجل، لأنه ذو الكبرياء، كما قال الله تبارك وتعالى:"إنا أنزلنه في ليلة القدر" القدر1 و"إنا أوحينا إليك" النساء 163، وكل صفات الله أعلى الصفات وأجلها، فما استعمل في المخلوقين على تلك الألفاظ وإن خالفت في الحكم فحسن جميل، كقولك: في فلان عالم، وفلان قادرٌ، وفلان رحيم، وفلان ودودٌ، إلا ما وصفنا قبل من ذكر التكبر، فإنك إذا قلت: فلان جبار أو متكبر كان عليه عيباً ونقصاً، وذلك لمخالفة هاتين الصفتين الحق. وبعدهما من الصواب، لأنهما للمبدئ المعيد الخالق البارئ، ولا يليق ذلك بمن تكسره الجوعة، وتطغيه الشبعة، وتنقصه اللحظة، وهو في كل أموره مدبرٌ. وأما القول الآخر في البيت وهو "قتلنا أخانا" فمعناه أنه له ولمن شايعه من عشيرته . وأما قولها: ومن يقتل أخاه فقد ألاما تقول: أتى ما يلازم عليه، يقال: ألام الرجل إذا تعرض لأن يلام. باب مما أنشد أبو محلم السعدي قال أبو العباس: انشدني السعدي أبو محلمٍ: إنا سألنا قومنا فخـيارهـم من كان أفضلهم أبوه الأول أعطى الذي أعطى أبوه قبله وتبخلت أبناء من يتبـخـل وأنشدني أيضاً: لطلحة بن حبيب حين تسـألـه أندى وأكرم من فند بن هطال وبيت طلحة في عز ومكـرمةٍ وبيت فندٍ إلى ربقٍ وأحـمـال ألا فتى من بني ذبيان يحملنـي وليس يحملني إلا ابن حمـال فقلت طلحة أولى من عمدت له وجئت أمشي إليه مشي مختال مستيقناً أن حبلي سوف يعلقـه في رأس ذيالةٍ أو رأس ذيال قوله:"إلى ربق وأحمال"، إنما أراد جمع حملٍ على القياس، كما تقول في جميع باب فعل: جملٌ وأجمالٌ، وصنمٌ وأصنامٌ . وقوله : ألا فتى من بني ذبيان يحملني يعني ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وأنشد بعضهم: وليس حاملني إلا ابن حمال وهذا لايجوز في الكلام، لأنه إذا نون الاسم لم يتصل به المضمر، لأن المضمر لا يقوم بنفسه، فإنما يقع معاقباً للتنوين، تقول: هذا ضارب زيداً غداً، وهذا ضاربك غداً، ولا يقع التنوين ههنا، لأنه لو وقع لا نفصل المضمر، وعلى هذا قول الله تعالى:"إنا منجوك وأهلك" العنكبوت33. وقد روى سيبويه يتين محمولين على الضرورة، وكلاهما مصنوع، وليس أحد من النحويين المفتشين يجيز مثل هذا في الضرورة، لما ذكرت من انفصال الكناية، والبيتان اللذان رواهما سيبويه : هم القائلون الـخـير والأمـرونـه إذا مال خشوا يوماً من الأمر معظما وأنشد : ولم يرتفق والناس محتضرونه جميعاً وأيدي المعتفين رواهقه وإنما جاز أن تبين الحركة إذا وقفت في نون الاثنين والجميع لأنه لا يلتبس بالمضمر، تقول: هما رجلانه، وهم ضاربوه، إذا وقفت، لأنه لا يلتبس بالمضمر إذ كان لا يقع هذا الموقع، ولا يجوز، تقول ضربته، وأنت تريد ضربت، والهاء لبيان الحركة، لأن المفعول يقع في هذا الموضع، فيكون لبساً، فأما قولهم: ارمه واغزه فتلحق الهاء لبيان الحركة، فإنما جاز ذلك لما حذفت من أصل الفعل، ولا يكون في غير المحذوف . وقوله:" في رأس ذيالة"، يعني فرساً أنثى أو حصاناً، والذيال: الطويل الذنب، وإنما يحمد منه طول شعر الذنب، وقصر العسيب، واما الطويل العسيب فمذموم، ويقال ذلك للثور ايضاً أعني ذيالاً، قال امرؤ القيس: فجال الصوار واتقين بفرهـب طويل القرا والروق أخنس ذيال ويقال أيضاً للرجل: ذيالٌ إذا كان يجر ذيله اختيالاً، ويقال له: فضفاضٌ في ذلك المعنى. من كلام عمر بن عبد العزيز ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمؤدبه: كيف كانت طاعتي إياك وأنت تؤدبني? فقال أحسن طاعةٍ. قال: فأطعني الآن كما أطيعك إذ ذاك خذ من شاربك حتى تبدو شفتاك، ومن ثوبك حت تبدو عقباك . وقال رسول الله ﷺ:"فضل الازار في النار" . لرجل يخاطب آخر اسمه دد وقال آخر :


ما لدد ما لـددٍ مـا لـه يبكي وقد أنعمت ما باله ما لي أراه مطرقاً سامياً ذا سنةٍ يوعد أخـوالـه وذاك منه خـلـق عـادةٌ أن يفعل الأمر الذي قاله إن ابن بيضاء وترك الندى كالعبد إذ قيد أجمـالـه آليت لا أدفن قـتـلاكـم فدخنوا المرء وسربالـه والدرع لا أبغي بها نثـرةً كل امرئٍ مستودعٌ ماله والرمح لا أملأ كفي بـه واللبد لا أتبـع تـزوال قوله:" ما لدد"، يعني رجلاٌ، ودد في الأصل . هو اللهو، قال رسول الله ﷺ :"لست من وددٍ ولاددٌ مني"، وقد يكون في غير هذا الموضع مأخوذاٌ من العادة، وهذه اللام الخافضة تكون مكسورة مع الظهر ومفتوحة مع المضمر، والفتح أصلها، ولكن كسرت مع الظاهر خوف اللبس بلام الخبر، تقول إن هذا لزيد، فيعلم أنه شيء في ملك زيد: فإن قلت: إن هذا لزيدٌ في الوقف، علم قبل الإدراج إنه زيد، ولو فتحت المكسورة لم يعلم الملك من المعنى الآخر في الوقف، وأما المضمر فبين فيه، لأن علامة المخفوض غير علامة المرفوع، تقول: إن هذا لك، وإن هذا أنت. وقوله: ......... وقد أنعمت ما باله ف " ما" زائدة، والبال ههنا: الحال، وللبال موضع آخر، وحقيقته الفكر، تقول: ما خطر هذا على بالي. وقوله:"مطرقاً سامياً" فالسامي الرافع رأسه، يقال سما يسمو إذا ارتفع، والمطرق: الساكت المفكر المنكس رأسه، فإنما أراد سامياً بنفسه. وقوله:" ذا سنةٍ " يقول: كأنه لطول إطراقه في نعسةٍ. وقوله: كالعبد إذ قيد أجماله يريد أنه غير مكترث لاكتساب المجد والفضل، وذلك أن العبد الراعي إذا قيد أجماله لف رأسه ونام حجرةٌ، وهذا شبيه بقوله: واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي وقوله: فدخنوا المرء وسرباله يروي أنه طعن فارساً فأحدث، فقال: نظفوه فإني لا أدفن القتيل منكم إلا طاهراً، وقوله : والدرع لا أبغي بها نثرة فالنثرة: الدرع السابغة، يقول: درعي هذه تكفيني، وقوله: كل امرىءٍ مستودعٌ ماله أي مسترهن بأجله، وهو كقول الأعشى: كنت المقدم غـير لابـس جـنةٍ بالسيف تضرب معلماً أبطالهـا وعلمت أن النفس تلقى حتفـهـا ما كان خالقها الفضيل قضى لها وقوله: الرمح لا أملأ كفي به يتأول على وجهين: أحدهما أن الرمح لا يملأ كفي وحده، أنا أقاتل بالسيف وبالرمح وبالقوس وغير ذلك. والقول الآخر أني لا أملأ كفي به إنما أختلس به كما قال الشاعر: ومدجج سبقت يداي لـه تحت الغبار بطعنه خلس وقوله: واللبد لا أتبع تزواله يقول: إن انحل الحزام فمال اللبد لم أمل معه، أي أنا فارس ثبتٌ. للفرزدق وقد نزل به ذئب فأضافه وقال الفرزدق، ونزل به ذئبٌ فأضافه: وأطلس عسالٍ وما كان صاحباً رفعت لناري موهناً فأتـانـي فلما دنا قلت أدن دونك إنـنـي وإياك في زادي لمشتـركـان فبت أقد الزاد بينـي وبـينـه على ضوء نارٍ مرة ودخـان وقلت له لمت تكشر ضاحكـاً وقائم سيفي من يدي بمـكـان تعش فإن عاهدتني لاتخوننـي نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وأنت امرؤٌ يا ذئب والغدر كنتما أخيين كانا أرضعا بـلـبـان ولو غيرنا نبهت تلتمس القـرى رماك بسهمٍ أو شباة سـنـان قوله:"وأطلس عسال"، فالأطلس الأغبر. وحدثني مسعود بن بشرٍ قال: أنشدني طاهر بن علي الهاشمي قال: سمعت عبد الله بن طاهر بن الحسين ينشد في صفة الذئب : بهم بني محـاربٍ مـزداره أطلس يخفى شخصه غباره في شدقه شفرته ونـاره قوله:"يخفي شخصه غباره"، يقول: هو في لون الغبار، فليس يتبين فيه. وقوله:"عسال"، فإنما نسبه إلى مشيته، يقال: مر الذئب يعسل، وهو مشيٌ خفيف كالهرولة، قال الشاعر يصف رمحاً: لدنٌ بهز الكف يعسل متـنـه فيه كما عسل الطريق الثعلب وقال لبيدٌ:

عسلان الذئب أمسى قارباً برد الليل عليه فنـسـل قال أبو عبيدة: نسل في معنى عسل، وقال الله عز وجل:" فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " يس 51. وخفض بهذه الواو لأنها في معنى"رب"، وإنما جاز أن يخفض بها لوقوعها في معنى" رب" لأنها حرف خفض، وهي أعني الواو تكون بدلاً من الباء في القسم لأن مخرجها في مخرج الباء من الشفة، فإذا قلت: والله لأفعلن، فمعناه: أقسم بالله لأفعلن، فإن حذفتها قلت: الله لأفعلن، لأن الفعل يقع على الاسم فينصبه، والمعنى معنى"الباء" كما قال عز وجل:" واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا" الأعراف155 . وصل الفعل فعمل، والمعنى معنى"من" لأنها للتبعيض، فقد صارت"الواو" تعمل بلفظها عمل"الباء"، وتكون في معناها، وتعمل عمل "رب" لاجتماعها في المعنى للاشتراك في المخرج. وقوله:"رفعت لناري"، من القلوب، إنما أراد رفعت له ناري والكلام إذا لم يدخله لبسٌ جاز القلب للاختصلر، قال الله عز وجل:" وءاتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة" القصص76 . والعصبة تنوء بالمفاتيح، أي تستقل بها في ثقلٍ، ومن كلام العرب: إن فلانة لتنوء بها عجيزاتها، والمعنى لتنوء بعجيزاتها، وأنشد أبو عبيدة للأخطل: أما كليب بن يربوع فليس لـهـا عند التفاخـر إيرادٌ ولا صـدر مخلفون ويقضي الناس أمرهـم وهم بغيبٍ وفي عمياء ما شعروا مثل القنافذ هداجون قد بلـغـت نجران أو بلغت سوءاتهم هجـر فجعل الفعل للبلدتين على السعة. ويروى أن يونس بن حبيبٍ قال لأبي الحسن الكسائي: كيف تنشد بيت الفرزدق? فأنشده: غداة أحلت لابن أصرم طـعـنةٌ حصين عبيطات السدائف والخمر فقال الكسائي لما قال : "غداة أحلت لابن أصرم طعنة حصين عبيطات السدائف 00" تم الكلام. فحمل الخمر على المعنى، أراد: وحلت له الخمر، فقال له يونس: ما أحسن ما قلت ولكن الفرزدق أنشدنيه على القلب، فنصب الطعنة ورفع العبيطات والخمر على ما وصفناه من القلب. والذي ذهب إليه الكسائي أحسن في محض العربية، وإن كان إنشاد الفرزدق جيداً. وقوله:"لما دنا قلت ادن دونك" أمر بعد أمرٍ، وحسن ذلك لأن قوله:"أدن" للتقريب، وفي قوله:"دونك"،أمره بالأكل، كما قال جرير لعياش بن الزبرقان : أعياش قد ذاق القيون مواسـمـي وأوقدت ناري فادن دونك فاصطل وقوله: على ضوء نارٍ مرة ودخان يكون على وجهين : أحدهما على ضوء نار، وعلى دخانٍ أي على هاتين الحالتين ارتفعت النار أو خبت. وجائز أن يعطف الدخان على النار، وإن لم يكن للدخان ضياءٌ، ولكن للاشتراك كما قال الشاعر: ياليت زوجك قد غدا متقلداً سيفاً ورمحا لأن معناها الحمل، وكما قال: شراب ألبانٍ وتمرٍ وأقط فأدخل التمر في المشروب لاشتراك المأكول والمشروب في الحلوق وهذه الآية تحمل على هذا:" يرسل عليكما شواظ من نارٍ ونحاس " الرحمن: 35، والشواظ: اللهب لا دخان له والنحاس: الدخان، وهو معطوف على النار، وهي مخفوضة بالشواظ لما ذكرت لك، قال النابغة الجعدي: تضيء كمثل سراج الذبا ل لم يجعل الله فيه نحاسا وقوله: نكن مثل من يا ذ ئب يصطحبان ف " من " تقع للواحد والاثنين والجميع والمؤنث على لفظ واحد، فإن شئت حملت خبرها على لفظها فقلت: من في الدار يحبك، عنيت جميعاً أو اثنين أو واحداً أو مؤنثاً، وإن شئت حملته على المعنى فقلت: يحبانك،وتحبك إذا عنيت امرأة ويحبونك إذا عنيت جميعاً كل ذلك جائز جيد، وقال الله عز وجل :" ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به" يونس: 40 . "ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى" . التوبة: 49 : 49 .وقال فحمل على المعنى:" ومنهم من يستمعون إليك" . يونس:42 . وقرأ أبو عمرو:" ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صلحاً" الأحزاب: 31 فحمل الأول على اللفظ والثاني على المعنى. وفي القرآن:" بلى من أسلم وجهة لله وهو محسنُ فله أجره عند ربه" البقرة: 112 . فهذا كله على اللفظ، ثم قال:" ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" البقرة: 62 على المعنى. وقوله:" أو شباة سنان" فالشبا والشباة واحد وهو الحد. في وصف الجود ومما يستحسن في وصف الجود والحث على المبادرة به، وتعريف حد العاقبة فيه، قول النمر بن تولب العكلي، أحد بني عكل بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر:


أعاذل إن يصبح صداي بقفـرةٍ بعيداً نآني صاحبي و قريبـي تري أن ما أبقيت لم أك ربـه وأن الذي أنفقت كان نصيبـي وذي إبل يسعى ويحسبهـا لـه أخي نصب في رعيها ودؤوب غدت وغدا رب سواه يقودهـا وبدل أحجاراً و جال قـلـيب قوله:" إن يصبح صداي بقفزة" فالصدى: على ستة أوجه: أحدها ما ذكرنا وهو ما يبقى من الميت في قبره، والصدى: الذكر من البوم، قال ابن مفرغ : وشريت برداً ليتـنـي من بعد بردٍ كنت هامة هتافة تـدعـو صـدى بين المشقر و اليمامة و يقال: فلان هامة اليوم أوغدٍ، أي يموت في يومه أو في غده. ويقال ذلك للشيح إذا أسن، والمريض إذا طالت علته، والمحتقر لمدة الآجال. وفي الحد يث أن حسلاً أباحذيفة بن حسل بن اليمان قال لشيخ آخر تخلف معه في غزوةأحدٍ : انهض بنا ننصر رسول الله ﷺ، فإنما نحن هامة اليوم أو غدٍ وكانا قد أسنا. والصدى : حشوة الرأس. يقال لذلك: الهامة والصدى وتأويل ذلك عند العرب في الجاهلية أن الرجل كان عندهم إذا قتل فلم يدرك به الثأر أنه يخرج من رأسه طائر كالبومة وهي الهامة والذكر: الصدى فيصيح على قبره. اسقوني اسقوني فإن قتل قاتله كف ذلك الطائر. قال ذو الإصبع العدواني أحد بني عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر: ياعمرو إلا تدع شتمي ومنقصتـي أضربك حيث تقول الهامة اسقوني و الصدى: ما يرجع عليك من الصوت إذا كنت بمتسع من الأرض، أو بقرب جبل، كما قال: إني على كل إيساري و معسرتي أدعو حنيفاً كما تدعى ابنة الجبل يعني الصدى، وتأويله أنه يجيبني في سرعة إجابة الصدى. وقال آخر: كأني إذ دعوت بني سلـيم دعوت بدعوتي لهم الجبالا والصدأ، مهموز: صدأ الحديد وما أشبه، قال النابغة الذبياني: سهكين من صدإ الحديد كأنهم تحت السنور جنة البـقـار وقال الأعشى: فأمـا إذا ركـبـوا فـالـوجـو ه في الروع من صدإ البيض حم والصدى: مصدر الصدي، وهو العطشان، يقال: صدي يصدى صدى وهو صدٍ، قال طرفة: ستعلم إن متنا صدى أينا الصدي وقال القطامي: فهن ينبذن من قولٍ يصـبـن بـه مواقع الماء من ذي الغلة الصادي تأويل قوله: "نآني"يكون على ضربين، يكون أبعدني، وأحسن من ذلك أن يقول :"أنآني ".وقد رويت هذه اللغة الأخرى، وليست بالحسنة، وإنما جاءت في حروف: يقال غاض الماء وغضته، ونزحت البئر ونزحته، وهبط الشيء وهبطنه، وبنو تميم يقولون: أهبطته، وأحرف سوى هذه يسيرة. والوجه في "فعل أفعلته "، نحو دخل وأدخلته، مات وأماته الله، فهذا الباب المطرد.ويكون " نآني" في موضع "نأى عني"، كما قال عز وجل:" وإذا كالوهم أو وزنونهم يخسرون" المطففين 3 : أي كالوا لهم أو وزنوا لهم . وقوله:" ودؤوب"، يقول: وإلحاح عليه، تقول: دأبت على الشيء، قال الشاعر : دأبت إلى أن ينبت الظل بعدمـا تقاصر حتى كاد في الآل يمصح وقوله عز وجل :" كدأبءال فرعون" آل عمران 11 يقول: كعادتهم وسنتهم، ومثله الدين والديدن، وقد مر هذا.وقوله: وبدل أحجاراٌ وجالٌ قليب فالجال الناحية، يقال لكل ناحية من البئر والقبر وما أشبه ذلك: جال وجول، وقال مهلهل: كأن رماحهم أشطان بئر بعيد بين جاليها جرور ويقال: رجل ليس له جول، أي ليس له عقل، وهذا الشعر نظير قول حاتم الطائي : أماوي إن يصبح صداي بقـفـرةٍ من الأرض، لا ماء لدي ولا خمر ترى أن ما أبقـيت لـم أك ربـه وأن يدي مما بخلت به صـفـر للحارث بن حلزة اليشكري في الجود وقال الحارث بن حلزة اليشكري في هذا المعنى: قلت لعمرو حين أرسلته وقد خبا من دوننا عالج لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج واصبب لأضيافك ألبانها فإن شر اللبن الوالـج

لاتكسع الشول بأغبارها فإن العرب كانت تنضح على ضروعها الماء البارد ليكون أسمن لأولادها التي في بطونها. والغبر: بقية اللبن في الضرع، فيقول: لاتبق ذلك اللبن لسمن الأولاد، فإنك لاتدري من ينتجها، فلعلك تموت، فتكون للوارث أو يغار عليها . وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال:" ابن آدم مالي مالي، وما من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت ". ويرى عن بعضهم أنه قال: إني أحب البقاء، وكالبقاء عندي حسن الثناء. وأنشد أبو عثمان عمرو بن الجاحظ: فإذا بلغتم أرضكم فتحدثـوا ومن الحديث متالف وخلود وأنشد : فأثنوا علينا لاأبا لأبـيكـم بأفعالنا، إن الثناء هو الخلد وقال معاوية لابن الأشعث بن قيس: ما كان قيس بن معد يكرب أعطى الأعشى ? فقال : أعطاه مالاٌ، وظهراٌ، ورقيقاً، وأشياء أنسيتها، فقال معاوية: لكن ما أعطاكم الأعشى لا ينسىوقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنة هرم بن سنان المري: ما وهب أبوك لزهير ? فقالت: أعطاه مالاٌ وأثاثاٌ أفناه الدهر. فقال عمر: لكن ما أعطاكموه لا يفنيه الدهر . وقال المفسرون في قول الله عز وجل عن إبراهيم صلوات الله عليه:"وآجعل لى لسان صدق في الأخرين" الشعراء 84 أي ثناء حسناٌ، وفي قوله تعالى:"وتركنا عليه في الأخرين سلم على إبراهيم " الصافات 108 - 109 أي يقال له هذا في الآخرين. والعرب تحذف هذا الفعل من " قال" ويقول " استغناءٌ عنه، قال الله عز وجل:" فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمنكم " آل عمران 106، أي فيقال لهم. ومثله:" والذين اتخدوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" الزمر 3 أي يقولون، وكذلك:"والملكة يدخلون من كل باب سلم عليكم"الرعد 23 -24 باب من خطبة لعلي بن أبي طالب قال أبو العباس: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبة له: أيها الناس، اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم. وبادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم، وإن أقمتم أخذكم . خطبة الحجاج حين قدم أميراٌ على العراق قال: وحدثني التوزي في إسناد ذكره آخره عبد الملك بن عمير الليثي، قال: بينما نحن في المسجد الجامع بالكوفة، وأهل الكوفة يومئذ ذوو حالٍ حسنةٍ، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه، إذ أتى آتٍ فقال :هذا الحجاج قدم أميراٌ على العراق. فإذا به قد دخل المسجد معتماٌ بعمامة غطى بها أكثر وجهه، متقلداٌ سيفاً، متنكباٌ قوساٌ، يؤم المنبر، فقام الناس نحوه، حتى صعد المنبر، فمكث ساعة لا يتكلم، فقال الناس بعضهم لبعض: قبح الله بني أمية حيث تستعمل مثل هذا على العراق حتى قال عمير بن ضابيء البرجمي: ألاأحصبه لكم ? فقالوا: أمهل حتى ننظر، فلما رأى عيون الناس إليه حسر اللثام عن فيه ونهض وقال: أنا ابن جلا وطلاع الثـنـايا متى أضع العمامة تعرفوني ثم قال: يا أهل الكوفة، إني لأرى رؤوساٌ قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى، ثم قال : هذا أوان الشد فاشتـدي زيم قد لفها الليل بسواق حطـم ليس برلعي إبلٍ ولا غـنـم ولا بجزارٍ على ظهر وضم ثم قال : قد لفها الليل بعصلبـي أروع خراج من الدوي مهاجر ليس بأعرابي وقال : قد شمرت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا والقوس فيها وتـرٌ عـرد مثل ذراع البكر أو أشـد لابد مما ليس منـه بـد




إني والله يا أهل العراق، ما يقعقع لي بالشنان، ولا يغمز جانبي كتغماز التين. ولقد فرزت عن ذكاء، وفتشت عن تجربة، وإن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه نثر كنانته بين يديه، فعجم عيدانها، فوجدني أمرها عوداً. وأصلبها مكسراً، فرماكم بي. لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقدالضلال. والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. والخوف بما كانوا يصنعون. وإنى والله ما أقول إلا وفيت ولا أهم إلا أمضيت، ولا أخلق إلا فريت، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة. وإني أقسم بالله لا أجد رجلاً تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا ضربت عنقه يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين. فقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين سلامٌ عليكم " فلم يقل أحد منهم شيئاً، فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس، فقال : أسلم عليكم أمير المؤمنين، فلم تردوا عليه شيئاً هذا أدب ابن نهية أما والله لأؤدبنكم غير هذا الأدب أو لتستقيمن. اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين، فلما بلغ إلى قوله:" سلامٌ عليكم " لم يبق في المسجد أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام. ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم، فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبراً، فقال: أيها الأمير، إني من الضعف على ما ترى، ولي ابنٌ هو أقوى على الأسفار مني فتقلبه بدلاً مني. فقال الحجاج: نفعل أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير? قال: لا قال: هذا عمير بن ضابئ البرمجي الذي يقول أبوه: هممت ولم أفعل وكدت وليتنـي تركت على عثمان تبكي حلائله ودخل الشيخ على عثمان مقتولاٌ فوطىء بطنه، هلا فكسر ضلعين من أضلاعه، فقال ردوه ! فلما رد قال الحجاج: أيها الشيخ، هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بدلاٌ يوم الدار! إن في قتلك أيها الشيخ لصلاحاٌ للمسلمين :يا حرسي، اضربن عنقه. فجعل الرجل يضيق عليه أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، ففي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الأسدي: تجهز فإما أن تزور ابن ضابىءٍ عميراٌ وإما أن تزور المهلـبـا هما خطتا خسفٍ نجاؤك منهمـا ركوبك حوليا من الثلج أشهبـا فأضحى ولو كانت خراسان دونه رآها مكان السوق أو هي أقربا قوله:" أنا ابن جلا "، إنما يريد المنكشف الأمر، ولم يصرف "جلا " لأنه أرادالفعل فحكى، والفعل إذا كان فاعله مضمراٌ أو مظهراٌ لم يكن إلاحكاية، كقولك: تأبط شرأ، وكماقال الشاعر: كذبتم وبيت الله لاتأخـذونـهـا بني شاب قرناها تصر وتحلب وتقول: قرأت:" اقتربت الساعة وانشق القمر" القمر 1 لأنك حكيت، وكذلك الابتداء، تقول : قرأت:" الحمد لله رب العلمين" الفاتحة 2 0 وقال الشاعر: والله ما زيد بنام صاحبه وقوله : أنا ابن جلا وطلاع الثنايا لسحيم بن الرياحي، وإنما قاله الحجاج متمثلاً. وقوله: "وطلاع الثنايا "الثنايا: جمع ثنيةو الثنية: الطريق في الجبل. والطريق في الرمل يقال له: الخل، وإنما أراد به أنه جلد يطلع الثنايا في ارتفاعها وصعوبتها، كما قال دريد بن الصمة يعني أخاه عبد الله: كميش الإزار خارجٌ نصف ساقه بعيد من السوءات طلاع أنجـد والنجد: " ما ارتفع من الأرض، وقد مضى تفسير هذا. وقوله:" إني لأرى رؤوساٌ قد أينعت"، يريد أدركت، يقال : أينعت الثمرة إيناعاٌ وينعت ينعاٌ، ويقرأ :" انظروا إلى ثمره إذآ أثمر وينعه" الأنعام 99 و"وينعه" كلاهما جائز. قال أبو عبيدة: هذا الشعر يختلف فيه، فبعضهم ينسبه إلى الأحوص وبعضهم ينسبه إلى يزيد بن معاوية. قال أبو الحسن: الصحيح أنه ليزيد يصف جارية وهو: ولها بالمـاطـرين إذا أكل النمل الذي جمعا خرفة حتى إذا ربعت سكنت من جلقٍ بيعا في قباب حول دسكرةٍ حولها الزيتون قد ينعا قال أبو الحسن: أول هذه الأبيات :

طال هذا الهم فاكتنعا وأمر النوم فامتنعـا وبعد هذا ما أنشد أبو العباس، ويروى" بالماطرون". قال أبو العباس: وقوله: هذا أوان الشد فاشتدي زيم يعني فرساٌ أو ناقة، والشعر للحطم القيسي . وقوله: قد لفها الليل بسواق حطم فهو الذي لا يبقي من السير شيئاٌ، ويقال: رجل حطمٌ للذي يأتي على الزاد لشدة أكله، ويقال للنار التي لا تبقي: حطمةٌ . وقوله:" على ظهر وضم"، فالوضم: كل ما قطع عليه اللحم. قال الشاعر: وفتيان صدقٍ حسان الوجـو ه لا يجدون لـشـيء ألـم من آل المغيرة لا يشهـدو ن عند المجازر لحم الوضم وقوله : قد لفها الليل بعضلبي أي شديد. وأروع. أي ذكي. وقوله:"خراج من الدوي، يقول: خراجٍ من كل غماء شديدة ويقال للصحراء دوية، وهي التي لا تكاد تنقضي،وهي منسوبة إلى الدو، والدو: صحراء ملساء لاعلم بها ولا أمارة، قال الحطيئة: وأنى اهتدت والدو بيني وبينـهـا وما خلت ساري الليل بالدو يهتدي والداوية: المتسعة التي تسمع لها دوياٌ بالليل، وإنما ذلك الدوي من أخفاف الإبل تنفسح أصواتها فيها. وتقول جهلة الأعراب: إن ذلك عزيف الجن وقوله: والقوس فيها وترعرد فهو الشديد ويقال عرند في هذا المعنى. وقوله:"إني والله ما يقعقع لي بالشنان"، واحدها شن، وهو الجلد اليابس، فإذا قعقع به نفرت الإبل منه، فضرب ذلك مثلاٌ لنفسه، وقال النابغة الذبياني: كأنك من جمال بني أقيش يقعقع بين رجليه بشـن وقوله:"ولقد فررت عن ذكاء "، يعني تمام السن. والذكاء على ضربين: أحدهما تمام السن، والآخر الحدة حدة القلب، فمما جاء في تمام السن قول قيس بن زهير:" جري المذكيات غلاب". وقال زهير: يفضله إذا اجتهدا عليه تمام السن منه والذكاء وقوله :"فعجم عيدانها "، يقول: مضغها لينظر أيها أصلب، يقال : عجمت العود، إذا مضغته، وكذلك في كل شيء، قال النابغة: فظل يعجم أعلى الروق منقبـضـاٌ في حالك اللون صدق غير ذي أود والمصدر العجم، يقال عجمته عجماٌ: ويقال لنوى كل شيء: عجمٌ مفتوح، ومن أسكن فقد أخطاٌ، كما قال الأعشى: وجذعانها كلقيط العجم وقوله:" طالما ما أوضعتم في الفتنة"، الإيضاع: ضرب من السير. وقوله : فأضحى ولو كانت خراسان دونه يعني دون السفر رآها مكان السوق للخوف والطاعة. خبر ضابىء البرجمي مع عثمان وكان من قصة عمير بن ضابىء أن أباه ضابىء بن الحارث البرجمي وجب عليه حبسٌ عند عثمان رحمه الله وأدب وذلك أنه كان استعار من قوم كلباٌ فأعاروه إياه ثم طلبوه منه وكان فحاشاٌ فرمى أمهم به، فقال في بعض كلامه : وأمكم لا تتركوها وكلبكم فإن عقوق الوالدات كبير فاضطغن على عثمان ما فعل به فلما دعي به ليؤدب شد سكيناً في ساقه ليقتل بها عثمان، فعثر عليه، فأحسن أدبه، ففي ذلك يقول: وقائلةٍ إن مات في السجن ضابىء لنعم الفتى نخلو به ونواصـلـه وقائلة لايبعدن ذلـك الـفـتـى ولا تبعدن أخلاقه وشـمـائلـه وقائلة لايبـعـد الـلـه ضـابـئاً إذالكبش لم يوجد له من ينازلـه وقائلةٍ لا يبعـد الـلـه ضـابـئاٌ إذ الخصم لم يوجد له من يقاوله فلا تتبعيني إن هلـكـت مـلامةً فليس بعارٍ قتل من لاأ قاتـلـه هممت ولم أفعل، وكدت وليتنـي تركت على عثمان تبكي حلائله وما الفتك ما آمرت فيه ولا الذي تخبر من لاقيت أنك فـاعـلـه حديث أبي شجرة السلمي مع عمر بن الخطاب قال أبو العباس: وشبيه بقوله ما حدثنا به عن أبي شجرة السلمي وكان من فتاك العرب فأتى عمر بن الخطاب رحمه الله يستحمله، فقال له عمر: ومن أنت ? فقال :أنا أبو شجرة السلمي،فقال له عمر: أي عدي نفسه، ألست القاتل حيث ارتددت: ورويت رمحي من كتيبة خـالـدٍ وإني لأرجو بعدها أن أعـمـرا وعارضتها شهباء تخطر بالقـنـا ترى البيض في حافاتها والسنورا

ثم انحنى عليه عمر بالدرة، فسعى إلى ناقته فحل عقالها وأقبلها حرة بني سليم بأحث السير هرباٌ من الدرة، وهو يقول: قد ضن عنها أبو حفص بـنـائلـه وكل مخـتـبـط يومـاٌ لـه ورق مازال يضربني حتى خـذ يت لـه وحال من دون بعض الرغبة الشفق ثم التفت إلـيهـا وهـي حـانـية مثل الرتاج إذا ما لزه الـغـلـق أقبلتها الخل من شوران مجتـهـداٌ إني لأزري عليها وهي تنطـلـق ويروى أنه كان يرمي المسلمين يوم الردة فلا يغني شيئاٌ، فجعل يقول: ها إن رميي عنهم لمعـبـول فلا صريح اليوم إلا المصقول وقوله: وكل مختبط يوماٌ له ورق أصل هذا في الشجرة أن يختبطها الراعي.، وهو أن يضربها حتى يسقط ورقها، فضرب ذلك مثلاً لمن يطلب فضله، وقال زهير: وليس مانع قربى وذي نسـبٍ يوماً ولا معدم من خابط ورقا وقوله:" حتى خذيت له". يقول: خضعت له، وأكثر ما تستعمل العامة هذه اللفظة بالزيادة.، تقول: استحذيت له. وزعم الأصمعي أنه شك فيها، وأنه أحب أن يستثبت، أهي مهموزة أم غير مهموزة ? قال: فقلت لأعرابي: أتقول: استحذيت أم استحذأت ? قال: لاأقولهما، قلت: ولم فقال: لأن العرب لاتستخذي. وهذا غير مهموز. واشتقاقه من قولهم: أذن خذواء وينمة خذواء، أي مسترخية. قال أبو الحسن: الينمة: نبت مسترخٍ على وجه الأرض تأكله الإبل فتكثر عنه ألبانها. قال الأصمعي: وقلت لأعرابي: أتهمز الفارة ! قال: تهمزها الهرة. وقوله:" إني لأزري عليها "، يقول: أستحثها، يقال: زرى عليه: أي عاب عليه، وأزرى به أي قصر به، فيقول: إنها لمجتهدة، وإني لأزري عليها، أي أعيب عليها لطلبي النجاء والسرعة، وقال الأخطل: فظل يفديها وظلـت كـأنـهـا عقاب دعاها جنح ليلٍ إلى وكر وقوله:" ها إن رميي عنهم لمعبول "، يقول: مخبول مردود. والصريح: المحض الخالص، يقال ذلك للبن إذا لم يشبه ماء، ويقال عربي صريح ومولى صريح، أي خالص. خطبة لعمر بن الخطاب حين سمع أن قوماٌ يفضلونه على أبي بكر قال: وحدثني محمد بن إبراهيم الهاشمي في إسناد ذكره قال: بلغ عمر بن الخطاب رحمه الله أن قوماٌ يفضلونه على أبي بكر الصديق رحمه الله، فوثب مغضباٌ حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنىعليه، وصلى على نبيه ﷺ ثم قال : أيها الناس، إني سأخبركم عني وعن أبي بكر، إنه لما توفي رسول الله ﷺ اردتدت العرب، ومنعت شاتها وبعيرها، فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد ﷺ أن قلنا له: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله ﷺ كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة يمده الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك ومسجدك، فإنه لاطاقة لك بقتال العرب. فقال أبو بكر الصديق: أو كلكم رأيه على هذا ? فقلنا: نعم فقال: والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إلي من أن يكون هذا رأيي ثم صعد المنبر، فحمد الله وكبره وصلى على نبيه صلى عليه وسلم، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمداٌ فإن محمداٌ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت. أيها الناس، أإن كثر أعداؤكم، وقل عددكم، ركب الشيطان منكم هذا المركب? والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره المشركون. قوله الحق، ووعده الصدق،" بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهقٌ " الأنبياء18، و " كم من فئة قليلةٍ غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين" البقرة 249. والله أيها الناس. لو أفردت من جميعكم لجاهدتهم في حق جهاده حتى أبلي بنفسي عذراً أو أقتل قتيلاً، والله أيها الناس لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه، واستعنت عليهم الله وهو خير معينٍ. ثم نزل فجاهد في الله حق جهاده حتى أذعنت العرب بالحق . قوله:"كم من فئة" فهي الجماعة، وهي مهموزة، وتخفيف الهمز في هذا الموضع أن تقلب الهمزة ياءً، وإن كانت قبلها ضمة وهي مفتوحة قلبتها واواً نحو جؤنٍ تقول جونٌ.

وقوله:" لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه" على خلاف ما تتأوله العامة ولقول العامة وجهٌ قد يجوز، فأما الصحيح فإن المصدق إذا أخذ من الصدقة ما فيها ولم يأخذ ثمنها قيل: أخذ عقالاً، وإذا أخذ الثمن قيل: أخذ نقداً، قال الشاعر: أتانا أبو الخطاب يضرب طبله فرد ولم يأخذ عقالاً ولا نقـدا والذي تقوله العامة تأويله: لو منعوني ما يساوي عقالاً، فضلاً عن غيره وهذا وجه، والأول هو الصحيح، لأنه ليس عليهم عقال يعقل به البعير فيطلبه فيمنعه، ولكن مجازه في قول العامة ما ذكرنا. ومن كلام العرب: أتانا بجفنةٍ يقعد عليها ثلاثةٌ، أي لو قعد عليها ثلاثة لصلح. من أبيات للحطيئة حين ارتد بعض العرب وكان ارتداد من ارتد من العرب أن قالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة، فمن ذلك قول الحطيئة: ألا كـل أرمـاح قـصـارٍ أذلةٍ فداء لأرماحٍ نصبن على الغمـر فباست بني عبس وأستـاه طـيئٍ وباست بني دودان حاشا بني نصر أبوا غير ضربٍ يجثم الهام وقعـه وطعن كأفواه المزفتة الحـمـر أطعنا رسول الله إذ كان بـينـنـا فيا لهفتا، ما بال دين أبي بـكـر! أيورثها بكـراً إذا مـات بـعـده فتلك وبيت الله قاصمة الظهـر! فقوموا ولا تعطوا اللـئام مـقـادةً وقوموا ولو كان القيام على الجمر فدى لبني نصرٍ طريفي وتـالـدي عشية ذادوا بالرماح أبـا بـكـر قوله:" يجثم الهام وقعه"، إنما هو مثلٌ، يقال: جثم الطائر، كما يقال: برك الجمل، وربض البعير. وكان قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقرٍ عاملاً على صدقات بني سعدٍ، فقسم ما كان في يده من أموال الصدقات على بني منقرٍ، وقال: فمن مبلغ عني قريشـاً رسـالةً إذا ما أتتها محكمـات الـودائع حبوت بما صدقت في العام منقراً وأيأست منها كل أطلس طامـع قوله:"فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد"،فإنما خفض"كلا" على أنه توكيد لأسمائهم المضمرة، والظاهرة لا تكون بدلاً من المضمر الذي يعني به المتكلم نفسه، أو يعني به المخاطب. لايجوز أن تقول مررت بي زيدٍ، لأن هذه الياء لا يشركه فيها شريك فتحتاج إلى التبيين، وكذلك لا يجوز: ضربتك زيداً، لأن المخاطب منفرد بهذه الكاف، فأما الهاء نحو مررت به عبد الله، فيجوز لأنا نحتاج إلى أن يعرفنا مبيناً: من صاحب الهاء? لأنها ليست للذي يخاطبه فلا ينكر نفسه، وإنما يحدث به عن غائب فيحتاج إلى البيان. وقوله:"أصحاب محمد" اختصاص: وينتصب بفعل مضمر، وهو" أعني" ليبين من هؤلاء الجماعة، كما ينشد: نحن بني ضبة أصحاب الجمل أراد: نحن أصحاب الجمل، ثم عين من هم، لأن هذا قد كان يقع على من دون بني ضبة معه، وعلى من فوقها إلى مضر ونزار ومعد ومن بعدهم، وكذلك: نحن العرب أقرى الناس لضيف، ونحن الصعاليك لا طاقة لنا على المروءة. ويختار من الشعر: إنا بني منقر ذوو حسـبٍ فينا سراة بني سعد وناديها وقليل هذا يدل عل جميع هذا الباب، فافهم. ^ الجزء الثاني باب في المختار من أشعار المولدين قال أبو العباس: هذه أشعار اخترناها من أشعار المولدين حكيمة مستحسنة.يحتاج إليها للتمثل،لأنها أشكل بالدهر،ويستعار من ألفاظها في المخاطبات والكتب. لعبد الصمد بن المعذل قال ابن المعذل: تكلفني إذلال نفسـي لـعـزهـا وهان عليها أن أهان لتكـرمـا تقول سل المعروف يحيى بن أكثم فقلت سليه رب يحيى بن أكثمـا لبشار بن برد وقال بشار بن برد يذكر عبيد الله بن قزعة، وهو أبو المغيرة أخو الملوي المتكلم، قال : وقال المازني لم أر اعلم من الملوي بالكلام، وكان من أصحاب إبراهيم النظام : خليلـي مـن كـعـب أعـينـا أخـاكـمـا علـى دهـره إن الـكـريم مــعـــين ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنه بخل ابن قزعة إنه مخـافة أن يرجــى نـــداه حـــزين كأن عـبـيد الـلـه لـم يلـق مــاجـــداً ولـم يدر أن الـمـكـرمـات تـكـــون

فقل لأبي يحيى متى تدرك العلا وفي كل معروف عليك يمـين إذا جثته في حاجة سـد بـابـه فلم تلقـه إلا وأنـت كـمـين نظير قوله: وفي كل معروف عليك يمين قول جرير: ولاخير في مال عليه آلية=ولا في يمين عقدت بالمآثم لإسماعيل بن القاسم أبي العتاهية وقال إسماعيل بن القاسم: اطلع الله بجـهـدك عامداً أودون جهدك أعط مولاك كما تط لب من طاعة عبدك لمحمود الوراق وقال محمود: تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بـديع لو كان حبك صادقاً لأطعمته إن المحب لمن يحب مطيع وقال أيضاً: إني شكرت لظالمي ظلمـي وغفرت ذاك له على علمي ورأيت أسـدى إلـــي يداً لما أبان بجهله حـلـمـي رجعت إساءته عـلـيه وإح ساني مضاعـف الـجـرم وغدوت ذا اجر ومحـمـدة وغدا بكسب الظلم والإثـم فكأنما الإحسـان كـان لـه وأنا المسيء إليه في الحكم مازال يظلمني وأرحـمـه حتى بكيت له من الظـلـم اخذ هذا المعنى من قول رجل من قريش لرجل قال له:إني مررت بقوم من قريش من آل الزبير أو غيرهم يشتمونك شتماً رحمتك منه، قال : فسمعتني أقول إلا خيراً! قال: إياهم فارحم. وقال الصديق:رحمه الله لرجل قال له: لأشتمنك شتماً يدخل معك في قبرك،قال :معك والله يدخل ، لامعي. وقال ابن مسعود : إن الرجل ليظلمني فأرحمه. وقال رجل للشعبي كلاماً اقذع له فيه، فقال الشعبي : إن كنت صادقاٌ فغفر الله لي، وإن كنت كاذباٌ فغفر الله لك. ويروى انه أتى مسجداً فصادف فيه قوماً يغتابونه فأخذ بعضادتي الباب، ثم قال: هنيئاً مريئاً غير داء مخاطـر لعزة من أعراضنا ما استحلت وذكر ابن عائشة أن رجلاً من أهل الشام قال:دخلت المدينة فرأيت رجلاً ركباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولاثوباً ولا دابة منه، فمال قلبي إليه ، فسألت عنه ، فقيل: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، فامتلأ قلبي له بغضاً، وحسدت علياً أن يكون له أبن مثله ، فصرت إليه، فقلت له: أنت ابن أبي طالب ? فقال: أنا ابن ابنه فقلت: فبك وبأبيك أسبهما . فما انقضى كلامي قال لي: أحسبك غريباً. فقلت : أجل ، قال: فمل بنا ، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك ، أو إلى مال آسيناك ، أو إلى حاجة عاوناك ، قال: فانصرفت عنه ، ووالله ما على الأرض أحد احب إلي منه . لمحمود الوراق أيضاً وقال محمود الوراق: ياناظراً يرنو بـعـينـي راقـدٍ ومشاهداً للأمر غير مشـاهـد منيت نفسك ضلةً وأبـحـتـهـا طرق الرجاء وهن غير قراصد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درك الجنان بها وفور العـابـد ونسيت ان الـلـه اخـرج آدمـاً منها إلى الدنيا بـذنـب واحـد لابي نواس الحسن بن هانئ وقال الحكم للفضل بن الربيع: ما من يدٍ في الناس واحدةٍ كيدٍ أبو العباس مولاهـا نام الكرام على مضاجعهم وسرى إلى نفسي فأحياها قد كنت خفتك ثم أمننـي من أن أخافك خوفك الله فعفوت عني عفو مقتـدر حلت له نقم فألـغـاهـا لعبد الله بن محمد بن عيينه وقال عبد الله بن أبي عيينه لذي اليمينين: لما رأيتك قاعداً مستقـبـلاً أيقنت أنك للهمـوم قـرين فارفض بها وتعر من أثوابها إن كان عندك للقضاء يقـين مالا يكون فلا يكون بحـيلةٍ أبداً وما هو كائن سـيكـون يسعى الذكي فلا ينال بسعيه حظاً و يحظى عاجز ومهين سيكون ما هو كائن في وقته وأخو الجهالة متعب محزون الله يعلم أن فـرقة بـينـنـا فيما أرى شيء علي يهـون لصالح بن عبد القدوس وقال صالح بن عبد القدوس: إن يكن مابه أصبت جليلاً فذهاب العراء فيه أجل

كل آتٍ لاشك آتٍ وذو الجـه ل معنى و الغم والحز نفضل مكن الأبيات المنفردة وأنشد منشد من الأبيات المنفردة القائمة بأنفسها: إذا أنت لم تعطي الهوى قادك الهوى إلى بعض ما فيه علـيك مـقـال ومنها قول ابن وهيب الحميري: وإني لأرجو الله حتى كأنـنـي أرى بجميل الظن ما الله صانع وقال آخر: ويعرف وجه الحزم حتى كأنما تخاطبه من كل أمر عواقبـه وقال أشجع السلمي: رأي سرى وعيون الناس راقدة ما أخر الحزم رأي قدم الحذرا وقال آخر: فلله مني جانب لا أضيعه=وللهو مني والبطالة جانب وقال آخر: يرى فلتات الرأي مقـبـل كأن في اليوم عيناً على غد لعبد ا لصمد بن المعذل أيضاً وقال عبد الصمد بن المعذل: أمن على المجتـدي وما أتبع المن مـن كان لم يزل ما أتـى وما قد مضى لم يكن أرى الناس أحـدوثة فكوني حديثاً حسـن وقال أيضاً: زعمت عاذلتي أنـي لـمـا حفظ البخل من المال مضيع كلفتني عذرة الـبـاخـل إذا طرق الطارق والناس هجوع ليس لي عذر وعندي بـلـغة إنما العذر لمن لا يستـطـيع للحسن بن هانئ أبي نواس إليك غدت بي حاجة لم أبح بها اختف عليها شامتـاً فـأداري فأرخ عليها ستر معروفك الذي سترت به قدما على عـواري وقال أيضاً: قد قلت للعبـاس مـعـتـذراً من ضعف شكريه ومعترفـاً أنت امرؤ جللتنـي نـعـمـاً أوهت قوى شكري فقد ضعفا فإليك بـعـد الـيوم تـقـدمة لاقتك بالتصريح منكـشـفـاً لاتـحـدثـن إلـي عـارفة حسبي أقوم بشكر ما سلـفـا لدعبل بن علي الخز اعي أحببت قومي ولم أعدل بحـبـهـم قالوا تعصبت جهل قول ذي بهت دعني أصل رحمي إن كنت قاطعها لا بد للرحم الدنيا مـن الـصـلة فاحفظ عشيرتك الأدنين إن لـهـم حقاً يفرق بين الـزوج والـمـرة قومي بنوا مذحج والأزد أخوتـهـم وآل كيندة والأحـياء مـن عـلةٍ ثبت الحلوم فإن سلت حفائظـهـم سلوا السيوف فأرادوا كل ذي عنت لاتعرضن بمزح لامـرئٍ طـبـن ما راضه قلبه أجراه في الشـفة فرب قافـية بـالـمـزح جـارية مشؤومة لم يرد إنماؤهـا نـمـت إني إذا قلت بـيت مـات قـائلـه ومن يقال له والبـيت لـم يمـت وقال أيضاً: نعوني ولما ينعني غـير شـامـت وغير عدو قد أصيبت مقـاتـلـه يقولون إن ذاق الردى مات شعـره وهيهات عمر الشعر طالت طوائله سأقضي ببيتٍ يحمد النـاس أمـره ويكثر من أهل الرواية حامـلـه يموت ردي الشعر من قبل أهـلـه وجيده يبقـى وإن مـات قـائلـه لإسماعيل بن القاسم أيضاً وقال إسماعيل بن القاسم: يا من يعيب وعيبه متشـعـب كم فيك من عيب وأنت تعيب! لله درك كـيف أنـت وغـايةٌ يدعوك ربك عندها فتجـيب وقال أيضاً : يا علي بن ثابت بـأمـن مـنـي صاحب جل فقـده يوم بـنـتـا يا علـي بـن ثـابـت أي أنـت أين أنت أنت بين القبور حيث دفنتا قد لعمري حكيت لفي قصص المو ت وحركتني لهـا وسـكـنـتـا وقال أيضاً: صاحب كان لي هلك والسبيل التي سلـك يا علي بن ثـابـت غفر الله لي ولـك كل حي مـمـلـك سوف يفنى ومالـك وقال أيضاُ: طوتك خطوب دهرك كبعد نشرٍ كذاك خطوبه نـشـراً وطـيا فلو نشرت قواك لي المـنـايا شكوت إليك ما صنعـت إلـيا بكيتك يا أُخي بدمـع عـينـي فلم يغني البكاء عـلـيك شـيا كفى حزناً بدفـنـك ثـم إنـي نفضت تراب قبرك عـن يديا

وكانت في حياتك لي عضات وأنت اليوم أوعظ منك حـيا وكان إسماعيل بن القاسم لا يكاد يخلي شعر من تقدم من الأخبار والآثار فينظم ذلك الكلام المشهود،ويناوله أقرب متناول، ويسرقه أخفى سرقة. فقوله:وأنت اليوم أوعظ منك حيا، إنما أخذه من قول الموبذ لقباد الملك حيث مات ، فإنه قال في ذلك الوقت :كان الملك أمسى أن انطق منه اليوم. وهو اليوم أوعظ منه أمس . واحذ قوله: قد لعمري حكيت لي قصص المو ت وحركتني لهـا وسـكـنـت من قول نادب الإسكندر فإنه لما مات بكى من بحضرته فقال نادبه حركنا بسكونه. لإسماعيل بن القاسم أيضا وقال إسماعيل بن القاسم : ياعجباً للناس لو فكـرروا، حاسبوا أنفسهم أبـصـروا وعبروا الدنيا إلى غـيرهـا فإنما الدنيا لهم مـعـبـر الخير مما ليس يخفى هو ال معروف والشر هو المنكر والموعد الموت وما بعده ال حشر الموعـد الأكـبـر لافخر إلا فخر أهل التقـى غداً إذا ضمهم المحـشـر ليعلمنّ الناس ان الـتّـقـى البر كانا خير مـا يذخـر عجبت للإنسان في فخـره وهو غداً في قبره يقـبـر ما بال من أوّلـه نـطـفة وجـيفة آخـره يفـخـر! أصبح لا يملك تـقـديم مـا يرجو ولا تأخير ما يحـذر وأصبح الأمر إلـى غـيره في كل ما يقضى وما يقدر أما قوله: ياعجباً للناس لو فكـروا وحاسبوا أنفسهم أبصروا

فمأخوذ من قولهم: الفكرة مرآة تريك حسنك من قبيحك. ومن قول لقمان لابنه: يا بنيّ لعاقل أن يخلي نفسه من أربعة أوقات: فوقت منها يناجي فيه ربّه، وقت يحاسب فيه نفسه، ووقت يكسب فيه لمعاشه، ووقت يخلي فيه بين نفسه وبين ذاتها، ليستعين بذلك على سائر الأوقات. وقوله: وعبروا الدنيا إلى غيرها فإنما الدنيا لهم معبـر مأخوذ من قول الحسن: اجعل الدنيا كالقنطرة تجوز عليها ولا تعمرها. وقوله: الخـير مـمـا لـيس يخـفـى هو المعروف والشر هو المنكر مأخوذ من حديث عبد الله بن عمر بن العاص، قال : قال رسول الله ﷺ:"يا عبد الله كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس مرجت عهودهم وأماناتهم، وصار الناس هكذا".وشبه بين أصابعه، فقلت: مرني يا رسول الله، فقال "خذ ما عرفت" ودع ما أنكرت، وعليك بخويصّة نفسك، وإياك وعوامّها". قوله ﷺ:"في حثالة الناس "أما الحثالة فهو ما يبقى في الإناء من ردي الطعام، وضربه مثلاً. وقوله:"مرجت عهودهم".يقول : اختلطت وذهبن بهم كل مذهب، يقال: مرج الماء إذا سال ولم يكن له مانع، قال الله عز و جل:"مرج البحرين يلتقيان"الرحمن:19. وقوله: ليعلمن الناس إن التقـى والبر كانا خير ما يذخر مأخوذ من قول أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: " إذا حشر الناس في صعيد واحد نادى منادٍ من قبل العرش: ليعلمن أهل لا لموقف، من أهل الكرم اليوم? ليقم المتقون!ثم تلا رسول الله صلى الله وعليه وسلم:" عن أكرمكم عند الله أتقاكم " وقوله: ما بال من أوله نطفة وجيفة آخره يفخـر مأخوذ منقول علي بن أبي طالب رشي الله عنه: "وما ابن آدم والفخر إنما أوله نطفة،آخره جيفة، لا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه. لابن أبي عيينة وقال ابن أبي عيينة: ما راح يوم على حي ولا ابتـكـرا إلا رأى عبرة فيه إن اعـتـبـرا ولا أنت ساعة في الدهر فانصرمت حتى تؤثر في في قوم لهـا أثـرا إن اللـيالـي والأيام أنـفـسـهـا عن غير أنفسها لم تكتم الـخـيرا

فأخذ هذا المعنى حبيب بن أوس الطائي وجمعه في ألفاظ يسيرة فقال: عمري لقد نصح الزمان إنه لمن العجائب ناصح لا يشفق

فزاد بقوله:ناصح لا يشفق على قول ابن أبي عيينة شيئاً طريفاً، وهكذا يفعل الحاذق بالكلام. ولو قال قائل: إن أقرب ما تأخذ منه أبو العتاهية: ليعلمن الناس أن التقـى والبر كانا خير ما يذخر من قول خليل بن أحمد: قال أبو الحسن: زعم النسابون أنهم لا يعرفون أنهم منذ وقت النبي صلى الله وعليه وسلم إلى الوقت الذي ولد فيه احمد أبو الخليل أحداً سمي بأحمد غيره. وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخراً يكون كصالح إلى الأعمال لكان قد قال قولاً. وقال العباس بن الفرح: أملي من دونه أجلـي فمتى أفضي إلى إملي للخليل بن أحمد وقال الخليل بن أحمد، وكان مظر في النجوم فابعد ثم لم يرضها فقال: ابلغا عني المنـجـم أنـي كافر بالذي قضته الكواكب عالم،أن ما يكون ومـا كـا ن بحتم من المهيمن واجب لمحمد بن بشير يعيب المتكلمين قال محمد بن بشير يعيب المتكلمين، أنشدنيه الرياشي: يا سائلي عن مقالة الـشـيع وعن صنوف الأهواء والبدع دع من يقود الكلام نـاحـيةً فما يقود الـكـلام ذو وزع كل أناس بـد يّهـم حـسـن ثم يصيرون بعد للـشّـنـع أكثر ما فـيه أن يقـال لـه لم يك في قوله بمنقـطـع وأنشد الرياشي لغيره: قد نقّر الناس حتى أحدثـوا بـدعـاً في الدين بالرأي لم تبعث بها الرّسل حتى استخف بحق الله أكـثـرهـم وفي الذي حملوا من حقه شـغـل وقال محمد بن بشير: ويل لمن لم يرحـم الـلـه ومن تكون النار مـثـواه يا حسرتا في كل يوم مضى يذكرني الموت وأنـسـاه من طال في الدنيا به عمره وعاش فالموت قـصـاره كأنه قد قيل في مجـلـس قد كنت آتـيه وأغـشـاه صار البشيري إلـى ربـه يرحـمـنـا الـلـه وإيّاه وقال أيضاُ: أي صفو إلا إلـى تـكـدير ونـعـيم إلا إلـى تـغـيير وسـرورٍ ولـذّةٍ وحـبـورٍ ليس رهناً لنا بيوم عـسـير عجباً لي ومن رضاي بدنـيا أنا فيها على شفا تـغـرير! عالم لا أشك أني إلى الـلـه إذا متّ أو عذاب السـعـير ثم ألهو ولست أدري إلـى أي هما بعدة يصير مـصـيري أي يوم عليّ أفظـع مـن يو م به تبرز النّعـاة سـريري كلما مرّ بي على أهـل نـادٍ كنت حسناً بهمم كثير المرور قيل: من ذا على سرير المنايا قيل هذا محمد بـن بـشـير للحكمي أبي نواس أيضاُ وقال الحكمي أبو نواس: أخي ما بال قلبك ليس ينفـي كأنك لاتظن الموت حـقـاً ألا يا أبن الذين فنـوا وبـادوا أما والله ما ذهبوا لتبـقـى وما أحد بزادك منك أحظـى وما أحد بزادك منك أشقـى ولا لك غير تقوى الـلـه زادٌ إذا جعلت إلى اللّهوات ترقى ومما يستحسن من شعره قوله: لا أذود الطير عن شجر قد بلوت المر من ثمرة فمثل هذا لو تقدم لكان في صدور الأمثال، كذالك قوله أيضاً: فامض لاتمنن علـيّ يداً منك المعروف من كدرة وكان يقول : ذكر المعروف من المنعم إفساد له، وكتمانه من النعم عليه كفر له، وفي الشعر أبيات مختارة ، فمنها: وإذا مجّ القـنـا عـلـقـا وتراءى الموت في صورة راح في ثنيي مفاضـتـه أسد يدمى شبـا ظـفـره تتأبّى الـطـير غـدوتـه ثقة بالشبع مـن جـزره فاسل عن نوء تـؤمـلـه حسبك العباس من مطـره لا تعطّى عنـه مـكـرمة بربـا واد ولا خـمــره ذللت تلك الفجاج له=فهو مجتاز على بصره وقد عابوا عليه قوله: كيف لا يدنيك من أمـل من رسول الله من نفره وهو لعمري كلام مستهجن موضوع في غير موضعه ، لأن حق رسول الله صلى الله وعليه وسلم أن يضاف إليه، ولا يضاف إلى غيره، ولو اتسع متسع فأجراه في باب الحيلة لخرج على الاحتيال ، ولكنه عسر موضوع في غير موضعه ، وباب الاحتيال فيه أن، تقول: قد يقول القائل من بني هاشم لغيره من أفناء قريش: منا رسول الله صلى الله وعليه وسلم ، وحق هذا أ،ه من القبيل الذي أنا منه. فقد أضاف إلى نفسه، وكذلك يقول القرشي لسائر العرب ، كما قال حسان بن ثابت: مازال في الإسلام من آل هاشم دعائم عز لاترام ومـفـخـر بهاليل منهم جعفر وابـن أمـه عليّ ومنهم أحمد المتـخـيّر فقال: منهم كما قال من نفره ، من النفر الذين العباس هذا الممدوح منهم. وأما قول حسّان : منهم جعفر وابن أبن أمه عليّ ومنهم أحمد المتحيز فإن، العرب إذا كان العطف بالواو قدمت وأخرت ، قال الله تبارك وتعالى:" هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" التغبان2، وقال:" يا معشر الجن والإنس"الرحمن 33، وقال:" واسجدي واركعي مع الراكعين"آل عمران 43، ولو كان بثم أو بالفاء لم يصلح إلا تقديم المقدم، ثم الذي يليه واحداً: أحدا. وأما قوله في هذا الشعر: وكريم الخال من يمـنٍ وكريم العم من مضره فأضاف مضر إليه ، فهو كلام لا يمنع منه ممتنع ، قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يوم الحمل للأشتر وهو مالك بن الحارث أخذ النخع ابن مرو بن علة بن جلد وكان على الميمنة: احمل . في أصحابه فكشف من بإزائه، ثم قال لهاشم بن عتبة بن مالك أحد بني زهرة بن كلاب وكان على المسيرة احمل . فحمل في المضرية فكشف من بإزائه. فقال عليّ رضي الله عنه لأصحابه: كيف رأيتم مضري ويمني! ???????????????????????????????????????????????????????????????????????????????فأضاف القبيلتين إلى نفسه،قال جرير: إن الذين ابتنوا مجداً ومكـرمةً تلكم قريشي والأنصار أنصاري لإسحاق بن خلف البهراتي ومما يستحسن من أشعار المحدثين قول إسحاق بن خلف البهراتي، ونسبه في بني حنيفة لسباء وقع عليه، يقول لعلي بن عيسى بن مريم بن موسى بن طلحة الأشعري المعروف بالقمي: وللكرد منـك إذا زرتـهـم بكيدك يوم كيوم الـحـمـل ومازال عيسى بن موسى له مواهب غير النطاف المكل لسل السيوف وشق الصفوف لنقض الترات وضرب القلل ولبس العجاجة والخافـقـات تريك المنا برؤوس الأسـل وقد كشرت عن شبا نابـهـا عروس المنية بين الشعـل وجاءت تهادى وأبـنـاؤهـا كأن عليهم شروق الطفـل خروسٌ نطوق إذا استنطقت جهول تطيش على من جهل إذا خطبت أخذت مهـرهـا رؤوساً تحادر قبل النـقـل ألد إليه من المسـمـعـات وحث الكؤوسه في يوم طل وشرب المدام ومن يشتهـيه معاط له بمزاح الـقـبـل بعثنا النّواعج تحت الرحـال تسافه أشدقها في الـجـدل إذا ما حدين بمـدح الأمـير سبقن لحاظ المحثّ العجـل قوله: تريك المنا يريد المنايا وهذه كلمة تخف على ألسنتهم فيحذفونها، وزعم الأصمعي أنه سمع العرب تقول: درس المنا ، يريدون المنازل، وجاء في التخفيف أعجب من هذا، حدثنا بعض أصحابنا عن الأصمعي وذكره سيبويه في كتابه ولم يذكر قائله، ولكن الأصمعي قال: كان أخوان متجاوران لا يكلم كل واحد منهما صاحبه سائر سنته حتى يأتي وقت الرعي.فيقول أحدهما لصاحبه : ألاتا? فيقول الآخر: بلى فا ، يريد: ألا تنهض? فيقول الآخر، فأنهض . وحكى سيبويه في هذا الباب: بالخير خيراتٍ وإن شراً فا ولا أريد الشر إلا أن تـا يريد: وإن شراً فشر، ولا أريد الشر إلا أن تريد. وهذا خلاف ما تستعمله الحكماء، فإنه يقال: إن اللسان إذا كثرت حركته، رقت عذ بته. وحدثني أبو عثمان الجاحظ قال: قال لي محمد الجهم : لما كانت أيام الزّط أدمنت الفكر، وأمسكت عن القول، فأصابتني حبسةً في لساني. وقال رجل من الأعراب يذكر آخر منهم: كأن فيه لفـفـاً إذا نـطـق من طوال تحبيسٍ وهم وأرق

وقال رجل لخالد بن صفوان: إنك لتكثر، فقال: أكثر لضربين: أحدهما فيما لاتغني فيه القلّة، والآخر لتمرين اللسان ، فإن حبسه يورث العقلة. وكان خالد يقول: لا تكون بليغاً حتى تكلم أمتك السوداء في الليلة الظلماء، في الحاجة المهمة ، بما تكلم به في نادي قومك، فإنما اللسان عضوٌ إذا مرنته، مرن، وإذا أهملته خار، كاليد التي تخشنها بالممارسة، والبدن الذي تقويه برفع الحجر وما أشبه، والرّجل إذا عودته المشي مشت. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تزالون أصحاء ما نزعتم ونزوتم.فتزعم في القسي، نزوتم على طهور الخيل. وقال بعض الحكماء : لا ينبغي للعاقل إن يخلي نفسه من ثلاث في غير إفراط الأكل، والمشي، والجماع .فأما الأكل فإن الأمعاء تضيق لتركه، وكان ابن الزبير رحمه الله يواصل فيما ذكروا بين خمس عشرة من يوم وليلة،ثم يفطر على سمن وصبر ليفتق أمعاءه. قال أبو العباس: قال الأول: والمشي، إن لم تتعهده أوشكت ان تطلبه فلا تجده، والجماع كالبئر إن نزحت جمّت ، وإن تركت تحيّر ماؤها، وحق هذا كله القصد. وقوله: كأن عليهم شروق الطّفل يريد: تألق الحديد، كأنه شمس طالعة عليهم، وإن لم تكن شمس وأحسن من هذا قوله سلامه بن جندل:

كأن النّعام باض فوق رؤوسهم وأعينهم تحت الحديد جواحـم فهذا التشبيه المصيب: وأما قوله: أحب إليه من المسمعات فقد قال مثله القاسم بن عيسى بن إدريس أبو ذلف العجلي: يوماي يوم في أويس كالدمى لهوي، ويوم في قتال الديلـم هذا حليف غلائل مكـسـوة مسكاً وصافية كنضح العندم ولذاك خالصة الدروع وضمّرٌ يكسوننا رهج الغبار الأقتـم وليومهن الفضل لـولا لـذّة سبقت بطعن الدّيلميّ المعلم

وأول هذه القصيدة طريق مستملح، وهو:

طواه الهوى فطوى من عدل وحالف ذا الصبوة المختبل وأما قوله: تسافه أشداقها في الجدلفتسافه من السفه، وإنما يصفها بالمرح، زانها تميل ذا كذا مرة، كما قال رؤية:يمشي العرضنى في الحديد المتقنوكما قال الآخر: وإن آنست حسا من السوط عارضت

والجدل: جمع جديل وهو الزمام المجدول، كما تقول: قتيل ومقتول، وأدنى العدد أجدلة، كقولك: قضيب وقضب وأقضبة، وكذلك كثيب ورغيف وجريت، وفعلان في المثير ، يقال قضبان ورغيفان وجربان، ومثل قوله. تسافه أشداقها في الجدل قول حبيب بن أوس الطائي: سفيه الرمح جاهله إذا مـا بدا فضل السفيه على الحليم لإسحاق أيضاُ يمدح الحسن بن سهل ومما يستحسن من شعر إسحاق هذا قوله في الحسن بن سهل: باب الأمير عـراء مـا بـه أحـد إلا امرؤ واضع كفا عـلـى ذقـن قالت وقد أملت ما كـنـت آمـلـه هذا الأمير ابن سهل حاتم الـيمـن كفيتك الناس لا تلقى أخـا طـلـب بفيء دارك يستعدي على الـزمـن إن الرجاء الذي قد كـنـت آمـلـه وضعته ورجاء الناس في كـفـن في الله منه وجدوى كفـه خـلـفٌ ليس السدى والندى في راحة الحسن

وإسحاق هذا هو الذي يقول في صفة السيف: ألقى بجانـب خـصـره أمضى من الأجل المتاح وكأنـمـا ذر الـهـبـا ء عليه أنفاس الـرياح

إسحاق هذا هو الذي يقول في مدح العربية: النحو يبسط من لسان الألكن والمرة تكرمه إذا يلحـن وإذا طلبت من العلوم اجلها فاجلها منها مقيم الألسـن

وقال أبو العباس: واحسبه أخذ قوله: والمرء تكرمه إذا لم يلحن من حديث حدثناه أبو عثمان الخز اعي عن الأصمعي قال: كان يقال: ثلاثة يحكم لهم بالنبل حتى يدرى من هم: رجل رأيته راكباً، أو سمعته يعرب، أو شممت منه طيباً. وثلاثة يحكم عليهم بالاستصغار حتى يدري من هم. وهم: بالفارسية، أو رجل رأيته على ظهر طريق ينازع في القدر. لشاعر في عبد الله بن طاهر قال أبو العباس: أنشدني أحد الأمراء لشاعر من أهل الري يكنى أبا يزيد، شيئاً يقوله لعبد الله بن طاهر أحسن فيه وأصاب الفص، وقصد بالمدح إلى معدنه،واختاره لأهله:


اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعـاً في شاذ مهر ودع غمدان لليمن فأنت أولى بتاج الملك تلبـسـه من هوذة بن علي وابن ذي يزن فأحسن الترتيب جداً ، وإن كانت الملوك كلها تلبس التاج في ذلك الدهر.

وإنما ذكر ابن ذي يزن لقول أمية بن أبي الصلت الثقفي حيث يقول: اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفـعـاً في رأس غمدان داراً منك محلالاً

وقال الأعشى في هوذة بن علي ، وإن لم يكن هوذة ملكاً: من ير هوذة يسجد غير متئب إذا تعمم فـوق الـتاج أو وضعا له أكاليل بالـياقوت فصلهـا صواغها لاترى عـيبـاً ولاطبعاً

وقال أبو العباس: وحدثني التّوّزي قال: سمعت أبا عبيدة يقول عن أبي عمرو، قال : لم يتتوج معدي قط ، وإنما كانت التيجان لليمن، فسأليه عن هوذة بن علي الحنفي ، إنما خرزات تنظم له. قال أبو العباس: وقد كتب رسول الله ﷺ إلى هوذة بن علي يدعوه كما كتب إلى الملوك، وكان يجيز لطيمة كسرى في البر بجنبات اليمامة. واللطيمة: الإبل تحمل الطيب والبر. ووفد هوذة بن علي على كسرى بهذا السبب فسأله عن بنيه، فذكر منهم عدداً فقال: أيهم أحب إليك? فقال: الصغير حتى يكبر،والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يصح . فقال له كسرى: ماغذاؤك في بلدك? فقال: الخبز، فقال كسرى لجلسائه : هذا عقل الخيز، يفضله على عقول أهل البوادي الذين يغتذون اللبن والتمر. وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: لقد هممت ألا أقبل هدية ويروى : أن لا أتهب هبةً إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي . وروى بعضهم : أو دوسي وذلك أن أعرابياً أهدى إليه هدية فمن بها، فذكر رسول الله ﷺ أهل الأمصار تفضيلاً على أهل البوادي. لعبد الله بن محمد بن أبي عيينه وقال عبد الله بن محمد بن أبي عيينه يعاتب رجلاً من الأشراف: أتيتك زائراً لقضـاء حـق فحال الستر دونك والحجاب وعندك معشر فيهم أخ لـي كأن إخاءه الآل السـراب ولست بساقط في قدر قـوم وإن كرهوا كما يقع الذباب ورائي مذهب عن كل نـاء بجانبه إذا عـز الـذهـاب

وقال أيضاً: كنا ملوكـاً إذا كـان أولـنـا للجود والبأس والعلا خلـقـوا كانوا جبالاً عـزا يلاذ بـهـا ورائحاتٍ بالوبل تـنـبـعـق كانوا بهم ترسل السماء على ال أرض غياثاً ويشـرق الأفـق لا يرتق الراتقون إن فتـقـوا فتقاً ولا يفتقون مـارتـقـوا ليسوا كمعزى مطيرةٍ بـقـيت فما بها من سـحـابةٍ لـثـق والضعف والجبن عنـد نـائبةٍ تنوبهم والحـذار والـفـرق لهذا زمانٌ بالناس منـقـلـبٌ ظهراً لبطنٍ جـديده خـلـق الأسد فيه على بـراثـنـهـا مستأخراتٌ تـكـاد تـمـزق

وكان سبب قوله هذا الشعر أن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس كان له صديقاً ، وكان عبد الله بن محمد بن أبي عيينه من رؤساء من اخذ البصرة للمأمون في أيام المخلوع، وكان معاضداً لطاهر بن الحسين في حروبه، وكان إسماعيل بن جعفر جليل القدر، مطاعاً في مواليه وأهله،وكانت الحال بينهما ألطف حال، فوصله ابن أبي عيينه بذي اليمينين فولاه البصرة وولى ابن أبي عيينه اليمامة والبحرين وغوص البحر فلما رجعا إلى البصرة تنكر إسماعيل لابن أبي عيينه، فهاج بينهما من التباعد على مثال ما كان بينهما من المقاربة،ثم عزل ابن أبي عيينه فلم يزل يهجو من أهله من يواصل إسماعيل ، وكان أكبر أهله قدراً في ذلك الوقت يزيد بن المنجاب، وكان أعود قائم العين لم يطاع على علته إلا بشعر ابن أبي عيينه ، وكان منهم. وكان سيد أهل البصرة محمد بن عباد بن حبيب بن الملهب ، ومنهم سعيد بن المهلب بن المغيرة بن حرب بن محمد بن ملهب بن أبي صفرة، وكان قصيراً، وكان ابن عباد احول، فذلك حيث يقول ابن أبي عيينه في هذا الشعر الذي أمليناه: تستقدم النعجتان والـبـرق في زمن سرو أهله الملق

عور وحول ثالث لهم كأنه بين أسطرٍ لحق ولهم يقول ولاثنين ظن أنهما معهم، وقد مروا به يريدون إسماعيل بن جعفر: ألا قل لرهـطٍ خـمـسةٍ أو ثـلاثة يعدون من أبنـاء آل الـمـلـهـب على باب إسماعيل روحوا وبكـروا دجاج القرى مبثوثة حول ثعـلـب وأثنوا عليه بـالـجـمـيل فـإنـه يسر لكم حبا هو الحـب واقـلـب يلين لكم عنـد الـلـقـاء مـواربـاً يخالفكم منه بـنـاتٍ ومـخـلـب ولولا الذي تولونه لـتـكـشـفـت سريرته عن بغـضةٍ وتـعـصـب أبعد بـلائي عـنـده إذا وجـدتـه طريحاً كنصل القدح لمـا يركـب به صدأ قـد عـابـه فـجـلـوتـه بكفي حتى ضوؤه ضوء كـوكـب وركبته فـي خـوط نـبـع وريشة بقادمتي نسر ومـتـن مـعـقـب فما إن أتـانـي مـنـه إلا مـبـوأ إلي بنصل كـالـحـريق مـذرب ففللـت مـنـه حـده وتـركـتـه كهدية ثوب الخـز لـمـا يهـدب رضيتم بأخلاق الـدّنـي وعـفـتـم خلائق ماضيكم من الـعـم والأب وفي هذا يقول لطاهر بن الحسين: مالي رأيتك تدني منتكثٍ إذا تغيب مـلـتـاثٍ إذا حـضـرا إذا تنسم ريح الـغـدر قـابـلـهـا حتى إذا نفخت في انـفـه غـدراً 3 ومن يجيء على التقرب منك له=وأنت تعرف فيه الميل والصعرا أحلك الله مـن قـحـطـان مـنـزلةً في ا لرأس حيث احل السمع والبصرا فلا تضع حق قحطان فتغـضـبـهـا ولاربـيعة كـلا لا ولا مـضــرا أعط الرجال على مقدار أنفـسـهـم وأول كلا بما أولـى ومـا صـبـرا ولا تقولن وإنـي لـسـت مـن أحـد لا تمحق النيرين الشمس والـقـمـرا وقول له في أخرى: هو الـصـبـر والـتـسـلــيم لـــلـــه والـــرضـــا إذا نـــزلـــت بـــي خـــطة لا أشـــاؤهـــــا إذا نـحـن أبـنـا ســـالـــمـــين بـــأنـــفـــس كرام رجـــت أمـــراً فـــخـــاب رجـــاؤهـــا فأنـفـسـنــا خـــير الـــغـــنـــيمة إنـــهـــا تؤوب وفـــيهـــا مـــاؤهـــا وحـــياؤهــــــا هي الأنفس الكبر التي إن تقدمت أو استأخرت فالقتل بالسيف داؤها سيعلم إسماعيل انه عداوتي له ريق أفـــعـــى لايصــــــاب دواؤهـــــــا ولما حمل إسماعيل مقيداً ومعه أبناه أحدهما في سلسلة مقروناً معه، وكان الذي تولى ذلك أحمد بن أبي خالد في قصة كانت لإسماعيل أيام الخضرة فقال ابن أبي عيينه في ذلك: مرّ إسماعـيل وابـنـا ه معاً فـي الأسـراء جالساً في محملٍ ضـن كٍ على غير وطـاء يتغنى القيد في رجلـي ه ألـوان الـغـنــاء باكـياً لا رقـأت عـين اه من طول البـكـاء يا عقاب الدّجن في الأم ن وفي الخوف ابن ماء وقد كان تطير عليه بمثل ما نزل به، فمن ذلك قوله: لا تعدم العزل يا أبا الـحـسـن ولا هزالاً في دولة الـسـمـن ولا انتقـالاً مـن دار عـافـيةٍ إلى ديار الـبـلاء والـفـتـن ولا خروجاً إلى القفـار مـن ال أرض وترك الأحباب والوطـن كم روحه فيك لـي مـهـجـرةٍ و دلجةٍ في بـقـية الـو سـن في الحر والقرّ كي تولى على ال بصرة عين الأمصار والـمـدن إني أحـاجـيك يا أبـا حـسـنٍ ما صورةٌ صورت فلم تـكـن? وما بهيّ في العين مـنـظـره لو وزنوه بـا لـزّفّ لـم يزن? ظاهـره رائعٌ وبـاطـنـــه ملآن مـن سـوءٍ ومـن درن وهذا الشعر اعترض له فيه عمر بن زعبل، مولى بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وكان منقطعاً إلى إسماعيل وولده، وكان لا يبلغ ابن أبي عيينه في الشعر ولا يدانيه، ومن أمثل شعره وما اعترض له به قوله: إني أحاجيك ما حنيفٌ على ال فطرة باع الرباح بالـغـبـن وما شييخٌ من تحت سـدرتـه معلقٌ نعله على غـصـن? ما سيوفٌ حمـرٌ مـصـقـلةٌ قد عرّيت من مقابض السفن? وما سهـامٌ صـفـرٌ مـجـوّفةٌ تخشى خيوط الكتان والقطـن? وما ابن ماءٍ إن يخرجوه إلى الأر ض تسل نفـسـه مـن الأذن? وما عقاب زوراء تلـحـم مـن خلف فتهوي قصداً على سنن? لها جناحـان يحـفـزان بـهـا نيطاً إليها بـجـذوتـي وسـن يا ذا اليمينين اضرب عـلاوتـه يدفع و ماني في النار في قرن فأجاب إبراهيم السواق مولى آل المهلب وكان مقدماً في الشعر بأبيات لا أحفظ اكثرها، منها: قد قـــبـــل مـــا قـــيل فـــي أبـــي حـــســـــــن فانـــتـــحـــروا فـــي تـــطـــاول الـــزمـــــــن وهذا السواق هو الذي يقول لبسر بن داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب: سماؤك تمطر الذهبا وحـــربـــك تـــلـــتـــظـــي لـــهــــبـــــــا وأي كـــــــتــــــــــــيبةٍ لاقـــــــــــــــت ك لـــم تـــســـتـــحـــســـن الـــهـــربـــــــا ومن شعره السائر: هبيني يا معذبـتـي أسـأت وبالهجران قبلـكـم بـدأت فأين الفضل منك فدتك نفسي عليّ إذا أسأت كما أسـأت! ولابن أبي عيينه في هذا المعنى أشعار كثيرة في معاتبات ذي اليمينين وهجاء إسماعيل وغيره، سنذكرها بعد في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. ومن شعره المستحسن قوله في عيسى بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان تزوج امرأة منهم يقال لها فاطمة بنت عمر بن حفص هزارمرد، وهو من ولد قبيصة بن أبي صفرة، ولم يلده المهلب، وكان يقال لأبي صفرة ظالم ين سرّاق: أفاطم قد زوجت عيسى فـأيقـنـي بذل لـديه عـاجـلٍ غـير آجـل فإنك قد زوجت من غـير خـبـرةٍ فتى من بني العباس ليس بعـاقـل فإن قلت من رهط النبـي فـإنـه وإن كان حر الأصل عبد الشمـائل فقد ظفرت كفاه مـنـك بـطـائل وما ظفرت كفاك منـه بـطـائل وقد قال فيه جعـفـر ومـحـمـدٌ أقاويل حتى قالـهـا كـل قـائل وما قلت ما قـالا لأنـك أخـتـنـا وفي السر منا والذرا والكـواهـل لعمري لقد أثبته فـي نـصـابـه بأن صررت منه في محلل الحلائل إذا ما بنو العباس يومـاً تـبـادروا عرا المجد وابتاعوا كرام الفضائل رأيت أبا العباس يسمو بـنـفـسـه إلى بيع بياحاتـه والـمـبـاقـل يرخم بيض العام تحـت دجـاجـه ليخرج بيضاً من فراريج قابـل وقال أبو العباس: وولد عيسى من فاطمة هذه لهم شجاعةٌ ونجدةٌ وشدة أبدان، وفاطمة التي ذكرها هي التي كان ينسب بها أبو عيينه أخو عبد الله ويكني عنها بدنيا ، ومن ذلك قوله لها: دعوتك بالقرابة والجـوار دعاء مصرحٍ بادي السرار لأني عنك مشتغل بنفسـي ومحترقٌ عليك بغير نـار وأنت توفرين وليس عنـدي على نار الصبابة من وقار فأنت لأن ما بك دون ما بي تدارين العـيون ولا أدري ولو والله تشتاقين شـوقـي جمحت إلي خالعة العذار وقال عبد الله يعاتب ذا اليمينين: من مبلغ عنـي الأمـير رسـالةً محصورةً عندي عن الإنـشـاد كل المصائب قد تمر على الفتى فتهون غير شماتة الـحـسـاد وأظن لي منهـا لـديك خـبـيثةً ستكون عنـد الـزاد آخـر زاد مالي أرى أمري لـديك كـأنـه من ثقله طـود مـن الأطـواد! وأراك ترجيه وتمضـي غـيره في سـاعة الإصـدار والإيراد الله يعـلـم مـا أتـيتـك زائراً من ضيق ذات يد وضيق بـلاد لكن أتـيتـك زائراً لـك راجـياً بك رتـبة الآبـاء والأجــداد قد كان لي بالمصر يومٌ جـامـعٌ لك مصلحٌ فيه لـكـل فـسـاد ودعوت منصوراً فأعلـن بـيعةً في جمع أهل المصر والأجنـاد في الأرض منفسحٌ ورزق واسع لي عنك في غوري وفي إنجادي وقال أيضاً يعاتبه: أيا ذا الـيمـينـين إن الـعـتـا ب يغري صدوراً ويشفي صدوراً

وكنت أرى أن تـرك الـعـتـا ب خـير وأجـدر ألا يضـيرا إلى أن ظننت بأن قد ظـنـنـت بأني لنفسي أرضى ألا الحقـيرا فأضمرت النفس في وهمـهـا من الهم هما يكد الـضـمـيرا ولابد لـلـمـاء فـي مـرجـل على النار مـوقـدة أن يفـورا ومن أشرب اليأس كان الغـنـي ومن أشرب الحرص كان الفقيرا علام وفـيم أرى طـاعـتــي لديك ونصري لك الدهر بـورا ألم أك بالمصير أدعو الـبـعـيد إليك وأدعو القريب العـشـيرا ألـــم اك أول آتٍ أتــــاك بطاعة من كان خلفي بـشـيرا وألزم غرزك فـي مـاقـط ال حروب عليها مقيمـاُ صـبـوراً ففـيم تـقـدم جـــفـــالةً إليك أمـامـي وأدعـي أخـيرا كأنك لـم تـر أن الـفـتـى ال حمـي إذا زار يومـاً أمــيرا فقـدم مـن دونـه قـبـلـــه ألست تـراه يسـخـطٍ جـديراً! ألست ترى أن سـف الـتـراب به كـان أكـرم مـن أن يزورا ولست ضعيف الهوى والـمـدى أكون الصبا وأكـون الـدبـورا ولكن شهـاب فـإن تـرم بـي مهما تجد كوكبي مـسـتـنـيراً فهل لك في الإذن لـي راضـياً فإني أرى الإذن غنمـاً كـبـيرا وكان لك الله فيما ابـتـعـثـت له من جهاد ونصـر نـصـيراً ولاجـعـل الـلـه فــي دولةٍ سبقت إلـيهـا وريح فـتـورا فإن ورائي لـي مـذهـبـــاً بعيداً من الأرض قاعـاً وقـورا به الضب تحسـبـه بـالـفـلاة إذا خفق الآل فـيهـا بـعـيرا ومالاً ومصراً عـلـى أهـلـه يد الله مـن جـائر أن يجـورا وإني لـمـن خـير سـكـانـه وأكثرهم بـنـفـيري نـفـيراً وقال عبد الله لعلي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وكان دعاه إلى نصرته حين ظهرت المبيضة فم يجبه ، فتوعده علي، فقال عبد الله: أعلي إنك جاهل مغرور=لاظلمةٌ لك، لا ولا لك نود أكتبت توعدني إذا استبطأتنـي إني بحربك ما حييت جـدير فدع الوعيد فما وعيدك ضائري أطين أجنحة البعوض يضـير وإذا ارتحلت فإن نصري للألى أبوهم المهدي والمنـصـور نبتت عليه لحومنـا ودمـاؤنـا وعليه قدر سعينا المشـكـور وقال عبد الله قتل داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب من قتل بأرض السند بدم أخيه المغيرة بن يزيد: أفنى تميماً سعدها و ربابهـا بالسند قتل مغيرة بـن يزيد صعقت عليهم صعقةٌ عتكيةٌ جعلت لهم يوماً كيوم ثمـود ذاقت تميمٌ عركتين عذابـنـا بالسند من عمر ومـن داود قدنا الجياد من العراق إليهـم مثل القطا مستـنةً لـورود يحملن من ولد المهلب عصبةً خلقت قلوبهم قلوب أسـود وفي المغيرة يقول في قصيدة مطولة: إذا كر فيهم كرةً أفـر جـوالـه فرار بغاث الطير صادفن أجـدلا وما نيل إلا من بعيد بـحـاصـبٍ من النيل والنشاب حتى تـجـدلا وإني لمثن بالـذي كـان أهـلـه أبو حاتم إن ناب دهر فأعضـلا فتى كان يستحيي من الذم أن يرى له مخرجاً يوماً عليه ومـدخـلاً وكان يظن الموت عاراً على الفتى يد الدهر إلا أ، يصاب فيقـتـلا منيّة أبناء الـمـهـلـب أنـهـم يرون بها حتماً كتاباً مـعـجـلاً وقد أطلق الله اللسان بقتـل مـن قتلنا به منهم ومـنّ وأفـضـلا أناخ بهـم داود يصـرف نـابـه ويلقي عليهم كلـلاً ثـمّ كـلـلاً يقتلهم جوعاً إذا ما تـحـصـنـوا وتقربهم هوج المجانيق جـنـدلا وهذا الشعر عجيب من شعره: وفي هذه القصة يقول: أبت إلا بكاءً وانتحابـا وذكرا للمغيرة واكتئاباً

ألم تعلم بـأن الـقـتـل ورد لنا كالماء حين صفا وطابـا وقلت لها: قري وثقي بقولي كأنك قد قرأت به كـتـابـا فقد جاء الكتاب به فقـولـي ألا لا تعدم الرّأي الصّوابـا جلبنا الخيل من بغداد شعـثـاً عوا بس تحمل الأسد الغضابا بكل فتى أعزّ مـهـلّـبـيّ تخال بضوء صورته شهابـاً ومن قحطان كل أخي حفاظٍ إذا يدعى لـنـائبـه أجـايا فما بلغت قرى كرمان حتـى تخدّد لحمها عنهـا فـذابـا وكان لهنّ في كـرمـان يوم أمر على الشراة بها الشرابا وإنّا تاركـون غـداً حـديثـاً بأرض السّند سعداً والرّبابـا تفاخر بابن أحورهـا تـمـيمٌ لقد حان المفاخر لي وخابـا وفي مثل هذا البيت الأخير يقول أبو عيينه: أعاذل صه لست من شيمتي وإن كنت لي ناصحاً مشفقا أراك تـفـرقـنـي دائبـاً وما ينبغي لي أ، أن أفرقـا أنا ابن الذي شاد لي منصبـاً وكان السّماك إذا حـلـقـا قريع العراق وبطريقـهـم وعزهم المرتجى المتّـقـى فمن يستطيع إذا مـا ذهـب ت أنطق في المجد أن ينطقا أنا ابن المهلب مـا فـوق ذا لعالٍ إلى شرفٍ مرتـقـى فدعني أغلب ثياب الصـبـا بجدّتها قبل أن تـخـلـقـا قال أبو الحسن: وهذا شعر حسنٌ، أوله: ألم تنه نفسك أن تعـشـقـا وما أنت والعشق لولا الشّقا أمن بعد شربك كأس النّهـى وشمك ريحان أهل النّـقـا عشقت فأصبحت في العاشقي ن أشهر من فرس أبلـقّـا ثم قال: أعاذل صه لست من شيمتي ثم قال بعد قوله فدعني أغلي ثياب الصّبا أدنياي من غمر بحر الهوى خذي بيدي قبـل أن أغـرقـا أنا لك عبدٌ فكـونـي كـمـن إذا سره عـبـده أعـتـقـا وقال أبو الحسن: قوله "أنا لك عبدٌ" فوصل بالألف، فهذا إنما يجوز في الضرورة، والألف تثبت في الوقف لبيان الحركة، فلم يحتج إلى الألف، زمن أثبتها في الوصل قاسه على الوقف للضرورة، ظن كقوله: فإن يك غثّاً أو سميناً فإنّني=سأجعل عيينة لنفسه مقنعا لأنه إذا وقف على الهاء وحدها، فأجرى الوصل على الوقف، وأنشدوا قول الأعشى: فكيف أنا وانتـحـال الـقـوا ف بعد المشيب كفى ذاك عاراً والرواية الجيدة: فكيف يكون انتحـالـي ال قواف بعـد الـمـشـيب سقى الله دنيا على نـأيهـا من القطر منبعقـاً ريّقـاً ألم أخدع النّاس عن حبّهـا وقد يخدع الكيس الأحمقـا بلى وسبقـتـهـم إنّـنـي أحب إلى المجد أن اسبقـا ويوم الجنازة إذا أرسـلـت على رقبةٍ أن جيء الخندقا إلى السال فاختر لنا مجلساً قريباً وإياك أن تخـرقـا هذا مما يغلط فيه عامة أهل البصرة، يقولون:السال بالخفيف، وإنما هو السال يا هذا، وجمعه سلاّن، وهو الغالّ وجمعه غلاّنٌ، وهو الشّقّ الخفيّ في الوادي: فكنّا كغصنـين مـن بـانةٍ رطيبين حدثان ما أورقـا فقالت لترب لها استنشـديه من شعره الحسن المنتقى فقلت أمرت بكتـمـانـه وحذرت إن شاع أن يسرقا فقالت بعيشك! قولـي لـه تمتّع لعلّك إن تـنـفـقـا قوله: لعلك أن تنفقا اضطرار، وحقه لعلك تنفق. لأن لعلّ من أخوات إن فأجريت مجراها، ومن أتى بأن فلمضارعتها عسى، كما قال متمم بن نويرة: لعلك يوماً أن تـلـم مـلـمةٌ عليك من الللاّئي يدعنك أجدعا وهو كثير. قال أبو العباس: وزعم أبو معاذ النميري أنه يعتاد عبد الله بن محمد بن أبي عيينة، ويكثر المقام عنده، وكان راوية للشعره، وأم أبن أبي عيينة بن المهلب يقول لها:خيرة وهي من بني سلمة الخير بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة، فأبطأت عليه أياماً فكتب إلي:

تمادى في الجفاء أبو معاذ وراوغني ولاذ بلا ملاذ ولولا حق أخوالي قشـير أتته قصائد غير الـلّـذاذ كما راح الهلال بن حرب به سمة على عنق وحاذ

يعني محمد بن حرب بن قبيصة بن مخارق الهلالي، وكان من أقعد الناس. ولقبيصة بن المخارق صحبة لرسول الله ﷺ، وكان قد سار إليه فأكرمه وبسط له رداءه وقال: "مرحباً بخالي"!، فقال: يا رسول الله، رق جلدي، ودق عظمي، وقلي مالي، وهنت على أهلي! فقال له رسول الله ﷺ:"لقد أبكيت بما ذكرت ملائكة المساء". ومحمد بن حرب هذا ولي شرطة البصرة سبع مرات، وكان على شرطة جعفر بن سليمان على المدينة، وكان كثير الدب عزيزة،فأغضب ابن أبي عيينة في حكم جرى عليه بحضرة إسحاق بن عيسى - وكان على شرطته إذا ذاك - ففي ذلك يقول عبد الله بم أبي عيينة:

بأخوالي وأعمامي أقـامـت قريشٌ ملكها وبها تـهـاب متى ما أدع أخوالي لحـرب وأعمامي لنائبـه أجـابـوا أنا أبن أبي عيينة فرع قومي وكعب والدي وأبي كـلاب خلا ابن عكابة الظربان سهل له فسو تصاد به الضّبـاب وآخر من هلال قد تداعـى فصار كأنه الشّيء الخراب

باب نبذ من أقوال الحكماء قال أبو العباس: كان ابن شبرمة إذا نزلت به نازلةٌ قال: سحابة ثم تنقشع. وكان يقال: أربع من كنوز الجنة: كتمان المصيبة، وكتمان الصدقة، وكتمان الوجع. قال عمر بن الخطاب رحمه الله: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت. للعتبي يذكر ابناً له مات وقال العتبّي محمد بن عبد الله، يذكر ابناً له مات: أضحت بخدّي للدّموع رسـوم أسفاً عليك وفي الفؤاد كلـوم والصبر يحمد فيا لمصائب كلها إلا علـيك فـإنـه مـذمـوم

وقال أبو العباس: وأحسب أنّ حبيباً الطائي سمع هذا فاسترقه في بيتين: أحدهما قوله في إدريس بن بدر الشامي: دموع أجابت داعي الحزن همّـع توصل منّا عن قلوب تـقـطّـع وقد كان يدعى لابس الصّبر حازماً فأصبح يدعى حازماً حين يجـذع والآخر قوله: قالوا الرّحيل! فما شككت بأنهـا نفسي عن الدنيا تـريد رحـيلاً الصّبر اجمل غـير أن تـلـذّذاً في الحب أحرى أن يكون جميلاً وقال سابق البربري: وإن جاء ما لا تستطيعان دفـعـه فلا تجرعا مما قضى الله واصبرا وقال آخر أيضاً: اصبر على القدر المجلوب وارض به وإن أتاك بما لا تشتـهـي الـقـدر فما صفا لامـرئٍ عـيشٌ يسـرّ بـه إلاّ سيتبـع يومـاً صـفـوة كـدر

خالد بن صفوان مع بلال بن أبي بردة وكان خالد بن صفوان يدخل على بلال بن أبي بردة يحدثه فيلحن، فلما كثر ذلك على بلال قال له: أتحدثني أحاديث الخلفاء، وتلحن لحن السقّاءات!وقال التّوّزيّ: فكان خالد بن صفوان بعد ذلك يأتي المسجد ويتعلم الإعراب، وكفّ بصره فكان إذا مرّ به موكب بلال يقول: ما هذا? فيقال له: الأمير، فيقول خالد: سحابة صيفٍ عن قليل تقشّع فقيل ذلك لبلال،فاجلس معه من يأتيه بخبرة، ثم مرّ به بلال، فقال خالد كما كان يقول، فقيل ذلك لبلال،فأقبل على خالد فقال:لا تقشّع والله حتى تصبيك منها بشؤبوب بردٍ! فضربه مائتي سوط. وقال بعضهم: بل أمر به فديس بطنه. قوله:بشؤبوب مهزوم، وهو الدّفعة من المطر بشدة، وجمعه شآبيب.وقال النابغة يخاطب القبيلة: ولا تلاقي كما لاقت بنو أسدٍ فقد أصابهم منها بشؤبـوب يريد ما نال بني أسد من غارة النعمان عليهم، وضرب الشؤبوب مثلاً للغارة، والغارة تضرب لذلك مثلاً، كما يقال شنّ عليهم الغارة، أي صبها عليهم ، قال ابن هرمة: كم بازلٍ قد وجأت لبّتها بمستقبلّ الشؤبوب أو جمل يريد ما وجأها به من جديدة، يقول: لمّا وجأتها دفعت بشؤبوب من الدم، فكأنه قال: بسنان مستهل الشؤيوب، أما ما أشبه بذلك. خالد بن صفوان وسليمان بن علي وكان خالد بن صفوان أحد من إذا عرض له القول قال،فيقال إن سليمان بن علي سأله عن ابنيه جعفر ومحمدٍ، فقال:كيف إحمادك جوار همايا أبا صفوان?فقال: أبـو مـالـكٍ جـارٌ لـهـا وابـن بـرثـنٍ فيا لك جاري ذلّة وصغار???????????! ?????ش قوله: أبو مالك، صوابه أبو نافع وهو مولى لعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. فأعرض عنه سليمان، من أحلم الناس وأكرمهم، وهو في الوقت الذي أعرض فيه عنه والي البصرة وعم الخليفة المنصور، والشعر الذي تمثل به خالد ليزيد بن مفرّغ الحميري، قال: سقى الله داراً لي وأرضاً تركتها إلى جنب داري معقل بن يسار أبو مالكٍ جارٌ لها وابن بـرثـنٍ فيالك جاري ذلّة وصـغـار! وكان الحسن يقول: لسان العاقل من وراء قلبه: فإن عرض له القول نظر، فإن كان له أن يقول قال، وإن كان عليه القول أمسك،ولسان الأحمق أمام قلبه،فإذا عرض له القول قال، كان عليه، أو له. وخالدٌ لم يكن يقول الشّعر.ويروى أنه وعد الفرزدق شيئاً فأخّره عنه، وكان خالد أحد البخلاء، فمر به الفرزدق فهدّده،فامسك عنه حتى جاز الفرزدق، ثم أقبل على أصحابه فقال: عن هذا قد جعل إحدى يديه سطحاً، وملأ الأخرى ثم أقبل على أصحابه فقال: إن هذا قد جعل إحدى يديه سطحاً، وملأ الأخرى سلحاً، وقال: إن عمرتم سطحي، وإلا نضحتكم بسلحي! من أخبار إياس بن معاوية وقال إياس بن معاوية المزنّي أبو واثلة - وكان أحد العقلاء الدّهاة الفضلاء - لخالد: لا ينبغي أن نجتمع في مجلس، فقال له خالد: وكيف يا أبا واثلة? فقال:لأنك لا تحب أن تسكت، وأنا لا أحب أن أسمع! وخاصم إلى إياس رجلٌ رجلاً في دينٍ وهو قاضي البصرة، فطلب منه البينة، فم يأته بمقنع، فقيل للطالب: استجر وكيع بن أبي سودٍ حتى يشهد لك، فإن إياساً لا يجترئ على رد شهادته، ففعل، فقال وكيعٌ: فهم إياسٌ عنه فأقعده إلى جانبه، ثم سأله عن حاجته، فقال: جئت شاهداً، فقال له: يا أبا المطرف، أشهد كما تفعل الموالي والعجم? أنت تجل عن هذا? فقال:إذن والله لاأشهد، فقيل لوكيع بعد: إنما خدعك، فقال أولى لابن اللّخناء! شهد رجل من جلساء الحسن بشهادة، فأتاه الحسن فقال: يا أبا واثلة، لم رددت شهادة فلان? فقال: يا أبا سعيد، إن الله تعالى يقول:" ممّن ترضون من الشهداء "البقرة:282 وليس فلان ممن أرضى. من أخبار أبي دلامة واختلف نصرانيّ إلى أبي دلامة مولى بني أسد يتطبّب لابنٍ له، فوعده إن برأ على يديه أن يعطيه ألف درهم، فبرأ ابنه، فقال للمتطبّب: إن الدراهم ليست عندي، ولكن والله لوصّلنّها إليك، ادّع على جاري فلان هذه الدراهم فإنه موسر، وأنا وابني نشهد لك، فليس د ون أخذها شيء، فصار النصرانيّ بالجار إلى ابن شبرمة، فسأله البينة، فطلع عليه أبو دلامة وابنه، ففهم القاضي، فلمال جلس بين يديه قال أبو دلامة: إن النّاس غطّوني تغطّيت عنهم وإن يحثوني كان فيهم مباحـث وإن حفروا بئري حفرت بئارهم ليعلم قومٌ كيف تلك النّـبـائث فقال ابن شبرمة: من ذا الذي يبحثك يا أبا دلامة? ثم قال للمدّعي : قد عرفت شاهديك! فخل عن خصمك، ورح العشيّة إليّ، فراح إليه فغرمها من ماله. من أخبار عبيد الله بن الحسن العنبري وشهد أبو عبيدة عند عبيد الله بن الحسن العنبري على شهادة ، ورجل عدل . فقال عبيد الله للمدّعي: أما أبو عبيدة فقد عرفته، فزدني شاهداً. وكان عبيد الله أحد الأدباء الفقهاء الصّلحاء. وزعم ابن عائشة قال: عتبت عليه مرة في شيء، قال : فلقيني يدخل من باب المسجد يريد مجلس الحكم، وأخرج فقلت معرضاً به: طمعت بليلى ان تريع وإنّمـا تقطع أعناق الرجال المطامع فأنشدني معرّضاً تاركاً لما قصدت له: وباينت ليلى في خلاءٍ ولم يكن شهود على ليلى عدولٌ مقانع وكان ابن عائشة يتحدث عنه حديثاً عجيباً، ثم عرف مخرج ذلك الحديث.وذكر ابن عائشة ، وحدثني عنه جماعة لا أحصيهم كثرة: أن عبيد الله بن الحسن شهد عنده رجل من بني نهشل على أمر أحسبه ديناً فقال له: أتروي قول الأسود بن يعفر: نام الخلي فما أحسن رقادي. فقال له الرجل : لا! فردّ شهادته وقال: لو كان في هذا خير روى شرف.
💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥
ج3.


من أخبار سوار بن عبد الله فحدثني شيخ من الأزد حديثاً ظننت أن عبيد الله إياه قصد، قال: تقدم رجل إلى سوّار بن عبد الله وسوّار ابن عم عبيد الله بن الحسن-يدّعي داراً، وامرأةٌ تدافعه وتقول لسوّار: إنها والله خطّةٌ ما وقع فيها كتاب قط. فأتى المدعي بشاهدين يعرفهما سوّار، فشهدا له بالدار، وجعلت المرأة تنكر إنكاراً يعضده التصديق، ثم قالت: سل عن الشهود، فإن الناس يتغيرون، فردّ المسألة، فحمد الشاهدان. فلم يزل يريّث أمولاهم، ويسأل الجيران، فكلّ يصدّق المرأة، والشاهدان قد ثبتا، فشكا ذلك إلى عبيد الله. فقال له عبيد الله: أنا أحضر مجلس الحكم معك فآتيك بالجليّة إن شاء الله تعالى، فقال للشاهدين: ليس للقاضي أن يسألكما كيف شهدتما، ولكن أنا أسألكما. قال : فقالا: أراد هذا أن يحجّ فأدارنا على حدود الدار من خارج، وقال: هذه داري، فإن حدث بي حادث فلتبع ولتقسم على سبيل كذا، قال: أفعندكما غير هذه الشهادة? قالا: لا، فقال: الله أكبر!وكذا ولو أدرتكما على سوّار، وقلت لكما مثل هذه المقالة، أكنتما تشهدان بها لي? ففهما أنهما قد اغترّا، فكان سوّار إذا سأل عن عدالة الشاهد غفلة فاختبره بهذا وما أشبهه.وحدثني أحد أصحابنا أن رجلاً من الأعراب تقدم إلى سوّار في أمر فلم يصادف عنده ما يحبّ، فاجتهد فلم يظفر بحاجته، قال: فقال الأعرابي، وكانت في يده عصاً: رأيت رؤيا ثمّ عبّرتهـا وكنت للأحلام عبّارا بأنّني أخيط في ليلتـي كلباً فكان الكلب سوّار ثم انحنى على سوّار بالعصا فضربه حتى منع منه، قال: فما عاقبه سوّار بشيء. قال: وحدّثت أن أعرابياً من بني العنبر سار إلى سوّار فقال: عن أبي مات وتركني وأخاً لي- خطين في الأرض- ثم قال: وهجينا- وخط خطّا ناحية- فكيف نقسم المال? فقال: أههنا وراثٌ غيركم? قال: لا، قال: المال بينكم أثلاثاً، فقال: لا أحسبك فهمت عني! إنه تركني وأخي وهجيناً لنا، فقال سوّار: المال بينكم اثلاثاً، قال: فقال الأعرابي: أيأخذ الهجين كما آخذ، وكما يأخذ أخي! قال: أجل! فغضب الأعرابي، قال: صم أقبل على سوّار فقال:تعلم والله إنك قليل الخالات بالدّهناء، فقال سوّار: إذا لا يضيرني ذلك عند الله شيئاً. أنفة عقيل بن علفة وكان عقيل بن علّفة من المغيرة والأنفة على ما ليس عليه أحدٌ علمناه، فخطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته على أحد بنيه، وكانت لعقيل إليه حاجات فقال: أما إذ كنت فاعلاً فجنّبني هجاءك.وخطب إليه ابنته إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة-وهو خال هشام بن عبد الملك ووالي المدينة، وكان أبيض شديد البياض- فردّه عقيلّ وقال: رددت صحيفة القرشيّ لما أبت أعراقه إلاّ احمرارا وكانت حفصة بنت عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله قد ميت عنها، فخطبها جماعة من قريش، أحدهم عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وأحدهم إبراهيم بن هشام، فكان أخوها محمد بن عمران،إذا دخل إلى إبراهيم بن هشام أوسع له وأنشده: وقالوا يا جميل أتى أخوهـا فقلت أتى الحبيب أخو الحبيب أحبك أن نزلت جبال حسمى وأن ناسبت بثينة من قـريب وهذا الشعر لجميل بن عبد الله بن معمر الذري ، فأما جميل بن معمرٍ الجمحيّ فلا نسب بينه وبين معمر، أي ليس بينه و بين أبٌ آخر، وكانت له صحبةٌ، وكان خالصاٌ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه. عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب ويروى عن عبد الرحمن عوف أنه قال: أتيت باب عمر بن الخطاب رحمه الله، فسمعه ينشد بالرّكبانيّة: وكيف ثواني بالمـدينة بـعـدمـا قضى وطرأ منها جميل بن معمر فلما استأذنت عليه قال لي: أسمعت ماقلت? فقلت: نعم!فقال: إنا إذا خلونا قلنا ما يقول الناس في بيوتهم. قال ش: وهم أبو العباس رحمه الله في هذا، وإنما القصة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي سمععبد الرحمن بن عوف ينشد: لأبي خراش وكان قد قتل أخاه جميل بن معمر وكان جميل بن معمر الجمحيّ قتل أخا لبي خراش الهذلي يوم فتح مكة وأتاه من ورائه وهو موثق، فضربه، ففي ذلك يقول أبو خراش:

فأقسم لو لاقيتـه غـير مـوثـقٍ لآ بك بالعرج الضّباع النّـواهـل لكان جميل أسوأ النّـاس صـرعةً ولكنّ أقران الظهور مـقـاتـل فليس كعهـد الـدّار يا أم مـالـكٍ ولكن أحاطت بالزقاق السّلاسـل وعاد الفتى كالكهل ليس بـقـائل سوى الحق شيئاً فاستراح العواذل قوله:أسوء الناس صرعة، أي الهيئة التي يصرع عليها كما تقول: جلست جلسة وركبت ركبة، وهو حسن الجلسة والرّكبة، أي الهيئة التي يجلس عليها ويركب عليها، وكذلك القعدة والنّيمة. وقوله لآبك، أي لعادك، وأصل هذا من الإياب و الرّجوع، قال الله تبارك وتعالى:" إنّ إلينا إياهم"الغاشية25،وقال عبيد بن الأبرص: وكلّ ذي غيبةٍ يؤوب وقوله:بالعرج، فهو ناحية من مكة، به ولد عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفّان، فسمّي العرجيّ، ويقال: بل كان له مال بذلك الموضع، فكان يقيم فيه. وقال ش: هذا وهم من أبي العباس رحمه الله، وأما صوابه فعبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان رضي الله عنه. والنّواهل فيه قولان:أحدهما العطاش وليس بشيء والآخر الذي قد شرب شربةً فلم يرو، فاحتاج إلى ان يعلّ، كما قال امرؤ القيس: إذا هنّ أقساطٌ كرجل الدّبى أو كقطا كاظمة النّاهـل وقوله: احتطت بالرقاب السلاسل، يقول: جاء الإسلام فمنع من الطلب بالأوتار إلا على وجهها. وكان أمير البصرة وقاضيها، وفي ذلك يقول رؤية: وأنت يا ابن القاضيين قاض،وكان بلال يقول: عن الرجلين ليقدّمان إليّ فأجد أحدهما على قلبي أخفّ فاقضي له. بلال بن أبي بردة وعمر بن عبد العزيز ويروى أن بلالاً وفد على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، فسدك" ش: معناه لصق" بساريةٍ من المسجد، فجعل يصلّي إليها ويديم الصلاة، فقال عمر بن عبد العزيز للعلاء بن المغيرة بن البندار: عن يكن سرّ هذا كعلانيته فهو رجل أهل العراق غير مدافع ، فقال العلاء: أنا آتيك بخبره، فاتاه وهو يصلي بين المغرب والعشاء، فقال: اشفع صلاتك فإن لي إليك حاجةً، ففعل، فقال العلاء: قد عرفت حالي من أمير المؤمنين، فإن أنا أشرت بك على ولاية العراق فما تجعل لي? قال: عمالتي سنة، وكان مبلغها عشرين ألف ألف درهم، قال: فاكتب لي بذلك، قال: فارقدّ بلال إلى منزله، فأتى بداوة وصحيفة فكتب له بذلك. فأتى العلاء عمر بالكتاب، فلما رآه، كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان والي الكوفة أما بعد: فإن بلالاً غرّنا بالله، فكدنا نغترّ، فكسبناه فوجدناه خبثاً كلّه، والسلام.ويروى أنه كتب إلي عبد الحميد: إذا ورد عليك كتابي هذا فلا تستعن على عملك بأحد من آل أبي موسى. شعر ذي الرمة في بلال قال أبو العباس: وكان بلال داهيةً لقناً أدبياً، ويقال: إن ذا الرّمة لمّا أنشده: سمعت، النّاس ينتجعون غيثاً فقلت لصيدح انتجعي بلالاً تناخي عند خير فتى يمـانٍ إذا النّكباء ناوحت الشّمـالاً فقلت سمع قوله: فقلت لصيدح انتجعي بلالا،قال: يا غلام، مر لها بقتّ ونوىّ، أراد أن ذا الرّمّة لايحسن المدح. قوله:سمعت الناس ينتجعون حكاية، والمعنى إذا حقّق إنما هو سمعت هذه اللفظة، أي قائلاً يقول: الناس ينتجعون غيثاً، ومثل هذا قوله: وجدنا في كتاب بني تـمـيمٍ أحقّ الخيل بالرّكض المعار فمعناه: وجدناه هذه اللفظة مكتوبة، فقوله:"أحق الخيل" ابتداء، "والمعار" خبره، وكذلك "الناس" ابتداء،و"ينتجعون" خبره. ومثل هذا في الكلام : قرأت "الحمد لله رب العالمين"، إنما حكيت ما قرأت، وكذلك قرأت على خاتمه "الله أكبر" يا فتى، فهذا لا يجوز سواه. وقوله:"إذا النكباء ناحت الشّمالا" فإن الرياح أربع، ونكباواتها أربع، وهي الريح التي تأتي من بين ريحين فتكون بين الّمال والصّبا، أو الشّمال والدّبور، أو الجنوب والدّبور،أو الجنوب والصّبا، فإذا كانت النّكباء تناوح الشمال فهي آية الشتاء. ومعنى "تناوح" تقابل، يقال: تناوح الشّجر إذا قابل بعضه بعضاً، وزعم الأصمعي أن النائحة بهذا سمّيت، لأنها تقابل صاحبتها. وقال ي فلو كنت ممتدحاً لـلـنّـوال فتى لامتدحت عليه بـلالاً ولكنّني لسـت مـمّـن يريد بمدح الرّجال الكرام السّؤالا سيكفي الكريم إخاء الكـريم ويقنع بالود مـنـه نـوالا ومن احسن ما امتدح به ذو الرّمة بلالا، قوله: تقول عجوزٌ مدرجي متروّحاً على بيتها من عند أهلي وغاديا اذو زوجةٍ بالمصر أم ذو خصومةٍ أراك لها بالبصرة العام ثاويا فقـلت لها: لا عن أهلي لجيرةٌ لأكثبة الدّهنا جميعاً وماليا وما كنت مذ أبصرتني في خصومة أرجع فيها يا ابنة الخير قاضي ولكنّني أقبلت من جانبي قساٌ أزور فتى نجداً كريماً يمانيا من آل أبي موسى عليه مهابةٌ تفادي أسود الغاب منـه تفاديا مرمّين من ليثٍ عليه مهابة تفادى أسود الغاب منه تفاديا وما الخرق منه يرهبون ولا الخنى علـيهم ولكن هيبةٌ هي ماهـيا وقوله مدرجي يقول: مروري، فأما قولهم في المثل : خير من دبّ ومن درج ، فمعناه: منحيي ومن مات ، يريدون: من دب على وجه الأرض ومن درج منها فذهب. وقوله:أراك لها بالبصرة العام ثاويا، فإنه في هذا المعنى: ثوى الرجل فهو ثاوٍ،يا فتى، إذا أقام، وهي أكثر ، ويقال : أثوى فهو فهو مثوٍ يا فتى، وهي أقل من تلك ، قال الأعشى: أثوى وقـصـر لـيلةً لـيزوّدا فمضى وأخلف من قتيله موعداً

وقوله:قسا، فهو موضع من بلاد بني تميم. وقوله : لأكثبة الدهنا، فأكثبةٌ جمع كثب، وهو أقل العدد، والكثير كثبانٌ والدّهنا من بلادي بني تميم، ولم أسمع إلا القصر من أهل ا لعلم والعرب، وسمعت بعد من يروي مدّها ولا أعلافه ن قال ذو الرمة: حنّت إلى نعم الدّهنا فقلت لهـا أمي هلالاً على التوفيق والرّشد يعني هلال بن أحوز المازني، وقال جرير: بازٍ يصعصع بالدّهنا قطاً جونا وقوله: كأنهم الكروان أبصرن بازيا. فالكروان جماعة كروانٍ، وهو طائر معروف ، وليس هذا الجمع لهذا الاسم بكماله، ولكنه على حذف الزيادة، فالتقدير: كراً وكروانٌ، كما تقول : أخٌ وإخوانٌ وورلٌ وورلانٌ، وبرق وبرقانٌ، والبرق أعجمي ولكنه قد أعرب وجمع كما تجمع العربية، واستعمل الكروان جمعاً على حذف الزيادة، واستعمل في الواحد كذلك، تقول العرب في مثلٍ من أمثالها: أطرق كرا أطرق كرا إنّ النّعام في القـرى يريدون الكروان. وقوله: من آل أبي موسى ترى القوم حوله، فقال: ترى، ولم يقل ترين، وكانت المخاطبة أولاً لامرأة، ألا تراه يقول: ومما كنت مذ أبصرتني في خصومةٍأراجع فيهالا يا ابنة الخير قاضياً ثم حوّل المخاطبة إلى رجل، والعرب تفعل ذلك، قال الله عز وجل:"حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيبةٍ"يونس22، فكأن التقدير والله اعلم كان للناس، ثم حولت المخاطبة إلى النبي ﷺ. وقال عنترة بن شدّاد: شطّت مزار العاشقين فأصبحت عسراً عليّ طلابك ابنة مخرم وقـــال جـــــرير: ما للمنازل لا تجيب حزننا أصممن قدم المدى قبـلـينـا وترى العواذل يبتدرن ملامتـي وإذا اردن هواك عـصـينـا قال أولاً لرجل، ثم قال:سوى هوالك.وقال آخر: فدىً لك والدي وسراة قومي ومالي إنه منـه أتـانـي على تحويل المخاطبة: وقوله:مرمّين، يريد سكوتاً مطرقين،بقال: أرم إذا أطرق ساكناً. وقوله:تفادى أسود الغاب معناه تفتدي منه بعضها ببعض. الخبر أن سليمان بن عبد الملك أمر بدفع عيال الحجاج ولحمته إلى يزيد بن المهلب فتفادى منهم ، تأويله: فدى نفسه من ذلك المقام بغيره. وقوله: وما الخرق منه يرهبون ولا الخنى عليهم ولكن هيبة هـي مـاهـيا إذا رفعت هيبة فالمعنى: ولكن أمره هيبةٌ، كما قال الله عز وجل:"لم يلبثوا ولا ساعة من نهار بلغٌ"الأحقاق35 ، أي ذلك بلاغ، ومثله قوله عزّ وجل:"طاعةٌ وقولٌ معروفٌ" محمد21، يكون رفعة على ضربين ، أحدهما أمرنا طاعة وقول معروف، والوجه الآخر طاعةٌ وقولٌ معروف أمثل.ومن نصب هيبة أراد المصدر،أي ولكن يهاب هيبةً.


وأحسن ما قيل في هذا المعنى: يغضي حياءً ويغضي من مهابته فما يكلّم إلا حـين يبـتـسـم وقال الفرزدق، يعني يزيد بن المهلب: وإذا الرّجال رأوا بزيد رأيتهمخضع الرّقاب نواكس الأبصار وفي هذا البيت شيء من يستطرفه النحويون، وهو أنهم لا يجمعون ما كان من فاعل نعتاً على فواعل،لئلا يلتبس بالمؤنث، لا يقولون: ضارب وضوارب،وقاتل وقواتل،لأنهم يقولون في جمع ضاربة: ضوارب،وقاتلة: قواتل، ولم يأت ذلك إلا في حرفين: إحداهما في جمع فارس: فوارس، لأن هذا مما لا يستعمل في النساء فأمنوا الالتباس ، ويقولون في المثل : هو هالك في الهوالك، فاجروه على اصله فقال: نواكس الأبصار،ولا يكون مثل هذا أبداً إلا في ضرورة. باب لجرير وقد نزل بقوم من بني العنبر فلم يقروه قال جرير ونزل بقوم من بني العنبر بن تميم فلم يقروه حتى اشترى منهم القرى فانصرف وهو يقول: يا مالك بن طريفٍ إنّ بيعـتـكـم رفد القرى مفسدّ للديّن والحسـب قالوا نبيعكه بيعاً فقـلـت لـهـم بيعوا الموالي واستحيوا من العرب لولا كرام طريفٍ ما غفرت لكـم بيعي قراي ولا أنسأتكم غضبـي هل أنتم غير أو شابٍ زعـانـفـهٍ ريش الذّنابى وليس الرأس كالذّنب وقوله: يا مالك بن طريف فمن نصب، فإنما هو على انه جعل ابناً تابعاً لما قبل، كالشيء الواحد، وهو أكثر في الكلام إذا كان اسماً علماً منسوباً إلى اسم علم،ابن مع ما قبله بمنزلة الشيء الواحد، ومثل ذلك:يا حكم بن المنذر بن الجارود، ومن وقف على الاسم الأول ، ثم جعل الثاني نعتاً لم يكن في الأول إلا الرفع، لنه مفرد نعت بمضاف، فصار كقولك: يا زيد ذا الجمة. وقوله ولا أنساكم غضبي، يقول : لم أؤخره عنكم، يقال:نسأ الله في أجلك، وأنسأ الله أجلك، والنّسيء من هذا ، ومعناه تأخير شهر عن شهر، وكانت النّسأة من بني مدلج بن كنانة ، فأنزل الله عز وجلّ" إنما النّسىء زيادةٌ في الكفر"التوبة37 لأنهم كانوا يؤخرون الشهور، فيحرمون غير الحرام، ويحلّون غير الحلال، لما يقدّرونه من حروبهم وتصرّفهم، فاستوت الشهور لمّا جاء الإسلام، وأبان ذلك رسول الله ﷺ في قوله:"إن الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّموات والأرض" وقوله: هل انتم غير أو شابٍ زعانفةٍ، فالأشابة جماعة تدخل في قوم وليست منهم، وإنما هو مأخوذ من المر الأشب، أي المختلط، ويزعم بعض الرواة ان اصله فارسي أعرب، يقال بالفارسية: وقع القوم في آشوب أي في اختلاط، ثم تصرّفت فقيل: تأشّب النبت، فصنع منه فعل.وأما الزّعانف فأصلها أجنحة السّمك، قال أوس بن حجر: ومـــــــــــــــازال يفــــــــــــــــــري الـــــــــــــــــــــــــــــــشـــــــــــــــــــــــــــــــدّ حـــــــــــــــــــــــــــــــتّـــــــــــــــــــــــــــــــى كـــــــــــــــــــــــــــــــأنـــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــا قوائمـــــــــــــــــــــــــــــــه فـــــــــــــــــــــــــــــــي جـــــــــــــــــــــــــــــــانـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيه زعــــــــــــــــــــــــــــــــــانـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف وتزعم الرّواة أن ما أنفت منه جلّة الموالي هذا البيت ، يعني قول جرير:بيعوا الموالي واستحيوا من العرب، لأنه حطّهم ووضعهم ، ورأى أن الإساءة إليهم غير محسوبة عيباً. ومثل ذلك قول المنتجع لرجل من الأشراف: ما علّمت والدك? قال: الفرائض، قال: ذلك قول المنتجع لرجل من الأشراف: ما علّمت والدك? قال: الفرائض، قال: ذلك علم الموالي لا أبالك! علمهم الرجز، فإنه يهرّث أشداقهم. ومن ذلك قول الشّعبيّ ومر بقوم من الموالي يتذكرون النحو فقال، لئن أصلحتموه إنكم لأوّل أفسده! ومن ذلك قول عنترة: فما وجدنا بالفروق أشابةً ولا كـــــــــــــــــــــــــــــــشـــــــــــــــــــــــــــــــفـــــــــــــــــــــــــــــــاً ولادعـــــــــــــــــــــــــــــــينـــــــــــــــــــــــــــــــا مــــــــــــــــــــــــــــــــــوالـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــياً ومن ذلك قول الآخر: يسمّوننا الأعراب العرب اسمنا

يريد أسماؤهم عندنا الحمراء، وقول العرب: ما يخفى ذلك على الأسود والحمر. يريد العربيّ والعجميّ. وقال المختار لإبراهيم بن الأشتر يوم خازر وهو اليوم الذي قتل فيه عبيد الله بن زياد:إن عامّة جندك هؤلاء الحمراء، وإن الحرب إن ضرّستهم هربوا، فاحمل العرب على متون الخيل، وأرجل الحمراء أمامهم. ومن ذلك قول الأشعث بن قيس لعلي بن أبي طالب رحمه الله، وأتاه يتخطى رقاب الناس، وعليّ على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين، غلبتنا هذه الحمراء على قربك، قال: فركض عليّ المنبرٌ برجله، فقال صعصعة بن صوجان العبديّ: مالنا ولهذا? يعني الشعث، ليقولنّ أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر، فقال عليٌّ من يعذرني من هذه الضّياطرة، يتمرّغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار، ويهجّر قومٌ للذّكر، فيأمرني إن أطردهم، ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين، والذي فلق الحبة، وبرأ النّسمة، ليضربنّكم على الدّين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً. قوله: الضياطرة واحدهم ضيطرٌ وضيطارٌ، وهو الأحمر العضل الفاحش، قال خداش بن زهير: وتركب خيلٌ لا هوادة بـينـهـا وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر وإنما قال جريرٌ لبني العنبر:هل أنتم غير أو شابٍ زعانفةٍ، لأن النّسّابين يزعمون ان العنبر بن عمرو بن تميم، إنما هو ابن عمرو بن بهراء، وأمّهم أم خارجية البجليّة التي يقال لها في المثل:أسرع من نكاح أمّ خارجة، فكانت قد ولدت في العرب في نيّفٍ وعشرين حياً من آباءٍ متفرقين، وكان يقول لها الرجل:خطبٌ? فتقول: نكحٌ! كذلك قال يونس بن حبيب، فنظر بنوها إلى عمرو بن تميم قد ورد بلادهم ، فأحسّوا بأنه أراد أمتهم، فبادروا إليه ليمنعوه تزوّجها، وسبقهم لأنه كان راكباً، فقال لها: إنّ فيك لبقيّة? فقالت:إن شئت...، فجاؤوا وقد بنى عليها، ثم نقلها بعد إلى بلده، فتزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيراً، وأولدها عمرو بن تميم أسيّداً والجهيم والقليب، فخرجوا ذات يوم يستقون فقلّ عليهم الماء، فأنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأ الدلو إذا كانت للهجيم وأسيّد والقليب، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب، فقال العنبر: قد رابني من دلوي اضطرابها والنّأي عن بهراء واغترابها إلا تجيء ملأى يجيء قرابها فهذا قول النّسّابين. وبروى أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال يوماً لعائشة رحمها الله، وقد كانت نذرت أن تعيق قوماً من ولد إسماعيل، فسبي قوم من بني العنبر، فقال لها رسول الله ﷺ:"إن سرّك ان تعتقي الصميم من ولد إسماعيل فأعتقي من هؤلاء". فقال النّسّابون: فبهراء من قضاعة، وقد قيل قضاعة من بني معدّ، فقد رجعوا إلى إسماعيل. ومن زعم أن قضاعة من بني مالك بن حمير وهو الحق قال: فالنسب الصحيح في قحطان الرّجوع إلى إسماعيل وهو الحق وقول المبّرزين من العلماء: غنما العرب المتقدمة من أولاد عابر، ورهطه عاد وطسم وجديس وجرهموالعماليق، فاما قحطان عند أهل العلم، فهو ابن الهميسع بن تيمن بن نبت بن قيذار بن إسماعيل ﷺ، فقد رجعوا إلى إسماعيل ، وقد قال رسول الله ﷺ لقوم من خزاعة وقيل من الأنصار:"ارموا يا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً " . ليحيى بن نوفل يهجو العريان بن الهيثم قال يحيى بن نوفل: يهجو العريان بن الهيثم بن الأسود النّخعيّ، وكان العريان تزوج زباد من ولد هانئ بن فبيصة الشيباني، وكانت عند الوليد بن عبد الملك فطلقها، فتزوجها العريان، وكان ابن نوفل له هجّاءً، فقال: أعريان ما يدري امرؤ سيل عنكم أمن مذحجٍ تدعون أم مـن إياد! فإن قلتم من مذحج إنّ مذحـجـاً لبيض الوجوه غير جدّ جـعـاد وانتم صغار الهام حدلٌ كأنـمـا وجوهكم مـطـلـيّةٌ بـمـداد فإن قلتم الحيّ اليمانون أصلـنـا وناصرنا فـي كـل يوم جـلاد فأطول بأيرٍ من مـعـدّ ونـزوةٍ نزت بإيادٍ خـلـف دار مـراد لعمر بني شيبان إذ ينكـحـونـه زباد لقد ما قـصّـروا بـزياد أبعد الوليد أنكحوا عبد مـذحـجٍ كمنزيةٍ عـيراً خـلاف جـواد

وأنكحها لا في كفاء ولا غنى زياد أضلّ الله سعـي زياد قوله:أمن مذحج تدعون أم من إياد، فبنو مذحج بنو مالك بن زيد بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ ين يشجب بن يعرب بن قحطان. و إياد بن نزار بن معد بن عدنان ، ويقال:إن النّخع وثقيفاً أخوان من إياد. فأما ثقيف فهو قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوا زان بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن النصر، فهذا قول قوم. فأما آخرون فيزعمون ان ثقيفاً من بقايا ثمود، ونسبهم غامض على شرفهم في أخلاقهم، وكثرة مناكحهم قريشاٌ.وقد قال الحجاج على ا لمنبر: تزعمون أنّا من بقايا ثمود، والله عزّ وجل يقول:" وثمودا فما أبقى "النجم51. وقال الحجاج يوماً لبي العسوس الطائي:أيّ أقدم? أنزول ثقيف الطائف أم نزول طيّىء الجبلين? فقال أبو العسوس: إن كانت ثقيف من بكر بن هوزان فنزول طيّىء الجبلين قبلها، وغن كانت ثقيف من ثمود فهي اقدم، فقال الحجاج: يا أبا العسوس، اتّقني فإني سريع الخطفة للأحمق المهتوّك! فقال أبو العسوس: يؤدّبني الحجـاج تـأديب أهـلـه فلو كنت من أولاد يوسف ما عدا وإني لأخشى ضـربةً ثـقـفـيّة يقدّ بها ممّن عصاه الـمـقـلّـدا على أنني مـمّـا أحـاذر آمـنٌ إذا قيل يوماً قد عتا المرء واعتدى المغيرة بن شعبة وهند بنت النعمان بن المنذر وقد كان المغيرة بن شعبة، وهو والي الكوفة، سار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر، وهي فيه عمياء مترهّبةٌ، فاستأذن عليها، فقيل لها: أمير هذه المدرة بالباب، فقالت: قولوا له: أمن ولد جبلة بن الأيهم أنت? قال:لا،قالت: أمن ولد المنذر بن ماء السماء?قال:لا، قالت فمن أنت? قال: المغيرة بن شعبة الثقفي، قالت: فما حاجتك? قال: جئتك خاطباً، قالت:لو كنت جئتني لجمال أو مال لأطلبتك، ولكنك أردت أتتشرّف بي في محافل العرب ، فتقول: نكحت ابنة النعمان بن المنذر ،وإلاّ فأيّ خير في اجتماع أعور وعمياء! فبعثت إليها: كيف كان أمركم? فقالت : سأختصر لك الجواب...أمسينا مساءً، وليس في الأرض عربيّ إلا هو يرغب إلينا ويرهبنا، ثم أصبحنا وليس في الأرض عربيّ إلا ونحن نرغب إليه ونرهبه، قال: فما كان أبوك يقول في ثقيف? قالت: اختصم إليه رجلان منهم،أحدهما ينميها إلى إياد، والآخر إلى بكر بن هوزان فقضى بها للإياديّ، وقال: إنّ ثقيفاً لم تكن هوازناً ولتناسب عامراً ومازنا يريد عامر بن صعصعة ومازن بن منصور، فقال المغيرة: أما نحن فمن بكر بن هوزان، فليقل أبوك ما شاء! في رثاء الأشتر وقالت أخت الأشتر، وهو مالك بن الحارث النّخعيّ تبكّيه، وهذا الشعر رواه أبو اليقضان، و كان متعصباً: أبـــعـــد الأشـــتـــر الـــنّـــخـــعـــــيّ نـــــــرجـــــــو مكـــاثـــرةً ونــــــقـــــــطـــــــع بـــــــطـــــــن واد! ونـــصـــحـــب مـــذحـــجـــاً بـــــــإخـــــــاء صـــــــدق وإن نـــــنـــــــســـــــب فـــــــنـــــــحـــــــن ذرا إياد ثقـــيفٌ عــــــمّـــــــنـــــــا أبـــــــو أبـــــــينـــــــا وإخـــوتـــنــــــا نـــــــزار أولـــــــو الـــــــسّـــــــداد قوله : وانتم صغار الهام حدلٌ، فلأحدل المائل العنق، يقال: قوس حدلاء إذا اعوجّت سيتها، قال الراجز: لها متاعٌ ولهاةٌ فارض حدلاء كـــالـــزقّ نـــــحـــــــاه الـــــــمـــــــاخـــــــض وأما قوله:زباد يا فتى، فله باب نذكره على وجهه باستقصاء بعد فراغنا من تفسير هذا الشعر. وقوله:لقد ما قصّروا. فما زائدة، مثل قوله تعالى:" ممّا خطيتهم أغرقوا " نوح 25، ولو قال: لقدماً قصّروا لم يكن جيداً، ودخل الوليد في الذم. وقوله "كمنزيةٍ عيراً خلاف جواد " يقول : بعد جواد، قال الله عزّ وجل:" فرح المخلّفون بمقعدهم خلف رسول الله " التوبة81.وقوله:لافي كفاء يقال: هو كفؤك وكفؤك وكفيئك وكفاؤك، وإذا كان عديلك في شرف أو ما أشبه، كما قال الفرزدق: وتنكح في أكفانها الحبطات، أول هذا البيت: بنو دارم اكفاؤهم آل مسمع، وآل مسمع: بيت بكر بن وائل، و الحبطات هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم، وإنما قال هذا الفرزدق حين بلغة ان رجلاً من الحبطات خطب امرأة من بني دارم بن مالك، فأجابه رجل من الحبطات: أما كان عبّادٌ كفيئاً لـدارم بلى ولأبياتٍ بها الحجرات

عبّاد، يعني بني هاشم، وقد تقدم هذا البيت للفرزدق في مواضع، وقال الله عزّ وجل:" ولم يكن لّه كفواً أحداً " الإخلاص:4، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لأمنعنّ النساء إلا من الأكفاء، وتحدّث أصحابنا عن الأصمعي عن إسحاق بن عيسى. قال: قلت لأمير المؤمنين الرّشيد أو المهديّ: يا أمير المؤمنين، من أكفاؤنا? قال: أعداؤنا، يعني أميّة، وزيادٌ الذي ذكر .كان أخاها ". هذا التفسير ما كان من المؤنث على فعال مكسور الآخر. وهو على أربعة أضرب، والأصل واحد. قال أبو العباس: اعلم أنه لا يبنى شيء من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنث معرفة معدولٌ عن جهته، وهو في المؤنث بمنزلة فعل، نحو عمر و قثم في المذكر، وفعل معدول في حال المعرفة عن فاعلٍ وكان فاعلٌ ينصرف، فلما عدل عنه فعل لم ينصرف، وفعال معدول عن فاعلة لا ينصرف في المعرفة فعدل إلى البناء،لأنه ليس بعد ما لا ينصرف إلا المبنيّ، وبني و بني على الكسر لأن في فاعلة علامة التأنيث، وكان أصل هذا أن يكون إذا أردت به الأمر ساكناً كالمجزوم من الفعل الذي هو في معناه، فكسرته لالتقاء الساكنين، مع ما ذكرنا من علامة التأنيث والكسر مما يؤنث به فلم يخل من العلامة، تقول للمرأة:أنت فعلت، فالكسر علامة التأنيث، وكذلك إنك ذاهبة، ضربتك يا امرأة، فمما لا يكون إلا معرفة مكسوراً ما كان اسماً للفعل نحو نزال يا فتى، ومعناه انزل وكذلك تراك زيداً أي اتركه، فهما معدو لان عن المتاركة والمنازلة، وهما مؤنثان معرفتان، يدلك على التأنيث القياس الذي ذكرنا، قال الشاعر تصديقاً لذلك: ولنعم حشو الدّرع أنـت إذا دعيت نزال ولجّ في الذّعر فقال:دعيت لما ذكرته لك من التأنيث، وقال الآخر،وهو زيد الخيل: وقد علمت سلامة انّ سيفي كريهٌ كلّما دعـيت نـزال وقال الشاعر: تراكها من إبـل تـراكـهـا أما ترى الموت لدى أوراكها أي اتركها. وقال آخر: حذار من كي أركبه نظار، فهذا باب من الأربعة: ومنها إن يكون صفة غالبة تحلّ محل الاسم، نحو قولهم للضّبع: جعار يا فتى، وللمنية حلاق يا فتى، لأنها حالقة، والدليل على التأنيث بعد ما ذكرنا قوله: لحـــــــقـــــــت حـــــــلاق بـــــــهـــــــم عـــــــلـــــــــــــى أكـــــــــــــــســـــــــــــــائهـــــــــــــــم ضرب الــــــــــرّقـــــــــــــــاب ولا يهـــــــــــــــمّ الـــــــــــــــمـــــــــــــــغـــــــــــــــنـــــــــــــــم وتقول في النداء يا فساق ويا خباث ويا لكاع، تريد يا فاسقة ويا خبيثة ويا لكعاء، لأنه في النداء في موضع معرفةٍ كما تقول للرجل: يا فسق ويا خبث ويا لكع، فهذا بابٌ ثانٍ. ومن ذلك ما عدل عن المصدر نحو قوله يذمّ الخمر: جماد لها جماد ولا تقولي طوال الـــــــــــــــدّهـــــــــــــــر مـــــــــــــــا ذكـــــــــــــــرت حـــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــاد وقال النابغة الذبيانيّ: إنّا اقتسمنا خطّتيننا بـينـنـا فحملت برّدة واحتملت فجار يريد : قولي لها جموداً، ولا تقولي لها حمداً، هذا المعنى، ولكنه عدل مؤنثاً. وهذا باب ثالث. والباب الرابع ان تسمى امرأةً، أو شيئاً مؤنثاً باسم تصوغه على هذا المثال، نحو رقاش وحذام وقطام وما أشبه ذلك، فهذا مؤنث معدول عن راقشة وحاذمة وفاطمة، إذا سمّيت به، وأهل الحجاز يجرونه على قياس ماذكرت، لأنه معدول في الأصل وسمّيي به، فنقل إلى مؤنث كالباب الذي كان قبله، فلم يغيروه، فعلى ذلك قالوا:اسق رقاش إنها سقّايه، وقال آخر: إذا قالت حذام فصدّقوها فإنّ القول ما قالت حذام

وينشدون: وأقفر من سلمى شراء فيذبل، كذا وقع، والصحيح فقد أقفرت سلمى شراء، لأن قبله: تأبّد من أطلال جمرة مأسل، والشعر للنّمر بن تولبٍ: وأما بنو تميم فإذا أزالوه عن النعت فسمّوا به صرفوه في النكرة، ولم يصرفوه في المعرفة، وسيبويه يختار هذا القول، ولا يرادّ القول الاخر، فيقول: هذه رقاش قد جاءت، وهذه غلاب قد جاءت، وهذه غلاب أخرى، زلا اختلاف ببين العرب في صرفه إذا كان نكرة، وفي إعرابه في المعرفة، وصرفه في النكرة إذا كان اسماً لمذكر، نحو رجل تسميه نزال أو رقاش أو حلاق، فهو في النكرة إذا كان اسماً لمذكر، نحو رجل تسميه نزال أو رقاش أو حلاق، فهو بمنزلة رجل سميته بعناق أو أتانٍ، لن التأنيث قد ذهب عنه، فاحتج سيبويه في تصحيح هذا القول بأنك لو سمّيت شيئاً بالفعل الذي هو مأخوذ منه لعربنه، نحو أنزل وأضرب، لو سميت بهما رجلاً لجرى مجرى إصبع وأحمد إثمدٍ، ونحو ذلك فهذا يحيط بجميع هذا الباب. ???لامرأة من بني عامر بن صعصعة زوجت في طيّىء قال أبو العباس، وقالت امرأة أحسبها من بني عامر بن صعصعة زوجت في طيىء. لا تحمدنّ الدّهر أخت أخالها لـهـا ولا ترثينّ الدّهر بـنـتٌ لـوالـد هم جعلوها حيث ليسـت بـحـرّةٍ وهم طرحوها في الأقاصي الأباعد ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنما النكاح رقٌّ لينظر امرؤٌ من يرقٌّ كريمته. وعلى هذا جاءت اللغة، فقالوا كنا في إملاك فلانٍ، وفي ملك فلان، وفي ملك فلان، وفي ملكة فلان. وفي ملكان فلان، ويقول الرجل: ملكت المرأة وأملكنيها وليّها، ومن ذلك أنّ يمين الطلاق إذا وقع فيها حنثٌ غنما يكون محلّها محلّ الإقرار بترك ما كان يملكه كالعتاق. وقال رسول الله:"أوصيكم بالنساء فإنهنّ عندكم عوانٍ" أي أسيراتٌ، ويقال، عني فلانٌ في بني فلان إذا أقام فيهم اسيراً،ويقال: فلان يفكّ العناة، وأصل التغنية التذ ليل،وأصل الإسار الوثاق، ويقال للقتب مأسور إذا شدّ بالقدّ، هذا أصل هذا، فأما المثل في قولهم: إنما فلان غلٌّ قملٌ، فإنهم كانوا يتخذون الغلال من القدّ، فكانت تقمل. لرجل يذكر امرأة زوجت من غير كفء وقال رجل يذكر امرأةً زوّجت من غير كفء: لقـد فـرح الـواشـون أن نــال ثـــعـــلـــبٌ شبـيهة ظـبـيٍ مـقـلـتـاهـــا وجـــيدهـــا أضـرّ بـهـا فـقـد الـولـيّ فـأصــبـــحـــت بكـــف لـــئيم الـــوالـــدين يقـــودهـــا الرجل يعير إبراهيم بن النعمان بن بشير ورد إبراهيم عليه ولما زوّج إبراهيم بن النعمان بن بشيرٍ الأنصاريّ يحيى بن أبي حفصة مولى عثمان بن عفّان ابنته على عشرين ألف درهم قال قائل يعيّره: لعمري لقد جلّلت نفسك خـزيةً وخالفت فعل الأكثر ين الأكارم ولو كان جدّاك الّلذان تتابـعـا ببدرٍ لما رامـا ضـيع الألائم فقال إبراهيم بن النعمان يردّ عليه: ما تركت عشرون ألـفـاً لـقـائل مقالاً فلا تـحـفـل مـلامة لائم وإن أك قد زوّجت مولى فقد مضت به سنّةٌ قبلـي وحـبّ الـدّراهـم للقلاخ بن حزن يخاطب يحيى بن أبي حفصة ورد عليه وتزوّج يحيى بن أبي حفصة وهو مروان الشاعر، ويزعم النسّابون أن أباه كان يهودياً أسلم على يدي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يحيى من أجود الناس، وكان ذا يسار، فتزوج خولة بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم سيد الوبر بن سنان بن خالد بن منقر، ومهرها خرقاً، ففي ذلك يقول القلاخ بن حزنٍ: لم أر أثوابـاً أجـرّ لـخـزيةٍ وألأم مكسـواً وألأم كـاسـيا من الخرق الّلاتي صببن عليكم بحجرٍ فكنّ المبقيات البوالـيا فقال يحيى بن أبي حفصة يجيبه: تجاوزت حزناً رغبةً عن بناته وأدركت قيساً ثانياً من عنانيا يقال ذلك للسّابق إذا تقدّم تقدّماً بيّناً فبلغ الغاية، فمن شأنه أن يثني عنانه فينظر إلى الخيل، وقال الشاعر: فمـن يفـخـر بـمـثـل أبــي وجـــدّي يجـيء قـبـل الـسّـوابـق وهـو ثـانـي يريد ثاني عنانه، وقال القلاح في هذه القصة: نبّئت خولة قالت حين أنكحها لطالما كـنـت مـنـك الـعـار أنـتـظـر

أنكحت عبدين ترجو فضل مالهمـا في فيك ممّا رجوت الترب والحجر للّـه درّ جـيادٍ أنـت سـائسـهـا برذنتها وبها التحجـيل والـغـرر وقال جرير يعيّرهم: رأيت مقاتل الطلبات حلّـى فروج بناته كمر الموالـي لقد أنكحتم عـبـداً لـعـبـدٍ من الصّهب المشوّهة السبال فلا تفخر بقـيسٍ إنّ قـيسـاً خرئتم فوق أعظميه البوالي وقال آخر في مثل هذه القصة: ألا يا عباد الله قـلـبـي مـتـيّمٌ بأحسن من صلّى وأقبحهم بعـلا يدبّ على أحشائهـا كـلّ لـيلةٍ دبيب القرنبى بات يقرو نقاً سهلا القرنبى: دويبةٌ على هيئة الخنفس متقّطعة الظّهر، وربما كان في ظهر نقطة حمراء، وفي قوائمها طول الخنفس، وهي ضعيفة المشي. للفرزدق في عطية أبي جرير قال الفرزدق يعني عطيّة أبا جرير: قرنبى يحكّ قفا مقرفٍ لئيمٍ مآثـره فـعـدد وفي هذا الشعر يقول: ألم تـر أنّـا بـنـي دارم زرارة منّا أبو مـعـبـد ومنّا الّذي منع الـوائدات وأحيا الوئيد فـلـم تـوأد ألسنا بأصحاب يوم النّسار وأصحاب ألوية المربـد السنا الّذين تمـيمٌ بـهـم تسامي وتفخر في المشهد وناجية الخير والأقرعـان قبرٌ بكاظـمة الـمـورد إذا ما أتى قـبـره عـائدٌ أناخ على القبر بالأسعـد أيطلب مجد بـنـي دارم عطيّة كالجعـل الأسـود ومجد بـنـي دارمٍ دونـه مكان السّماكين والفرقـد قوله:ألم تر أنّا بني دارم منصوب على الاختصاص، وقد مضى تفسيره.وزرارة الذي ذكر،هو زرارة بن عدس بن زيد بت عبد الله بن دارم، وكان زرارة يكنى أبا معبدٍ، وكان له بنون: معبدٌ، ولقيطٌ، وحاجبٌ وعلقمة، والمأمون.ويزعم قوم أن المأمون هو علقمة، ومنهم شيبان بن زرارة وابنه يزيد بن شيبان النسّابة، وكان حاجبٌ أذكر القوم.ورووا أن عبد الملك ذكر يوماً يني دارم فقال أحد جلسائه: يا أمير المؤمنين! هؤلاء قوم محظوظون! فقال عبد الملك: أتقولون ذلك وقد مضى منهم لقيط بن زرارة ولم يخلّف عقباً، ومضى القعقاع بن معبد بن زرارة ولم يخلّف عقباً، ومضى محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة ولم يخلّف عقباً! والله لا تنسى العرب هؤلاء الثلاثة أبداً.وكان لقيط بن زرارة قتل يوم جبلة، وأسر حاجب فنودي، فزعم أبو عبيدة أنه لم يكن عكاظيٌّ أغلى فداء من حاجب، وكان أسره زهدمٌ العبسيّ، فلحقه ذو الرقيبة القشريّ، وبنو عبس يومئذ نازلةٌ في بني عامر بن صعصعة، فأخذه ذو الرقيبة بعزّة، وأنه في محل قومه فقال حاجب: لمّا تنازعني الرجلان خفت أن أقتل بينهما، فقلت: حكماني في نفسي، ففعلا فحكمت بسلاحي وركابي لزهدم، وبنفسي لذي الرقيبة، وكان حاجب يكنى أبا عكرشة، وكان أحلم قومه، وفي ذي الرقيبة يقول الشاعر: ولقد رأيت القائلين وفعلهم فلدي الرقيبة مالكٍ فضل كفّاه متلفةٌ ومـخـلـفةٌ وعطاؤه متدفّقٌ جـزل ففدي حاجبٌ، وقتل في ذلك اليوم لقيطٌ، واسر عمرو بن عمرو بن عدس فلذلك يقول جرير يعيّر الفرزدق، لن الفرزدق من بني مجاشع بن دارم، وقد مضى ذكر هذا في الكتاب، ولجرير في قيسٍ خؤولة. للفرزدق يهجو جريراً وجواب جرير عليه فلما هجا الفرزدق قيساً في أمر قتيبة بن مسلم الباهليّ، قال: أتاني وأهلي بـالـمـدينة وقـعةٌ لآل تمـيم أقـعـدت كـلّ قـائم كأن رؤوس النّاس إذا سمعوا بهـا مشدّخةٌ هـامـاتـهـا بـالأمـائم وما بين من لم يعط سمعاً وطـاعةً وبين تميم غير حـرّ الـحـلاقـم أتغضب عن أذنا قـتـيبة حـزّنـا جهاراً ولم تغضب لقتل ابن خازم وما منهما غلا نقلـنـا دمـاغـه إلى الشّام فوق الشّاحجات الرّواسم تذبذب في المخلاة تحت بطونـهـا محذّفة الأذناب جلـح الـمـقـادم وما أنت من قيس فتنبـح دونـهـا ولا من تميم في الرؤوس الأعاظم

تخوّفنـا أيام قـيسٍ ولـم تـدع لعيلان أنفا مستقيم الـخـياشـم لقد شهدت قيسٌ فما كان نصرها قتيبة إلاّ عضّهـا بـالأبـاهـم وقال جرير يجيبه: أباهل ما أحببت قتل ابن مسلـم ولا أن تروعوا قومكم بالمظالم ثم قال يخوّف الفرزدق: تحضّض يا أبن القين قيساً ليجعـلـوا لقومك يومـاُ مـثـل يوم الأراقـم كأنك لم تشهد لقـيطـاً وحـاجـبـاً وعمرو بن عمروٍ إذ دعوا يا ل دارم ولم تشهد الجونين والشّعث ذا الصّفـا وشدّات قيس يوم دير الـجـمـاجـم فيوم الصّفا كنتم عـبـيداً لـعـامـر وبالحنو أصبحتم عبـيد الـلّـهـازم إذا عـدّت الأيام أخـزين درامـــاً وتخـزيك يا أبـن الـقـين أيام دارم أما قول الفرزدق: كأن رؤوس الـــــــــــــــــــــــــــــــنّـــــــــــــــــــــــــــــــاس إذ ســـــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا مشـــــــــــــــــــــــــــــــدّخةٌ هـــــــــــــــــــــــــــــــامـــــــــــــــــــــــــــــــاتـــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالأمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــائم فإن الشّجاع مختلفة الحكام، فإذا كانت الشّجّة شقيقا يدمى فهي الدامية، وإذا أخذت من اللحم شيئاً فهي الباضعة، وإذا أمضت في اللحم فهي المتلاحمة، فإذا هشمت العظم فهي الهاشمة، وإذا كان بينها وبين العظم جليدةٌ رقيقة فهي السمحاق، من أجل تلك الجليدة يقال ما على ترب الشاة من الشّحم إلا سماحيق، أي طرائق، فإذا خرجت منها عظام صغار فهي المنقّلة وإنذما أخذ ذلك من النّقل وهي الحجارة الصغار فإذا أوضحت عن العظم فهي الموضحة، فإذا خرقت العظم وبلغت أمّ الدّماغ وهي جليدةٌ قد ألبست الدماغ فهي الآمّة، وبعض العرب يسميها أمّ المأمومة، واشتقاق ذلك إفضاؤها إلى أم الدماغ ولا غاية بعدها، قال الشاعر يحج مأمومةً في قعرها لجفٌ قاســـــــــــــــــــــــــت الـــــــــــــــــــــــــــــــطـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيب قـــــــــــــــــــــــــــــــذاهـــــــــــــــــــــــــــــــا كـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــغـــــــــــــــــــــــــــــــاريد وقال ابن غلفاء الهجيميّ يردّ بن عمرو بن اللصّق في هجائه بني تميم: فإنك من هجاء بني تـمـيم كمزداد الغرام إلى الغـرام هم تركوك أسلح من حبارى رأت صقراً وأشرد من نعام وهم ضربوك امّ الرّأس حتى بدت أمّ الشّؤون من العظام إذا يأسونها جشأت إلـيهـم شرنبثة الـقـوائم أم هـام وابن خازم هو عبد الله بن خازم السّلميّ، وهو أحد غربان العرب في الإسلام، وكان من أشجع الناس، وقلته بنو تميم بخرسان، وكان الذي ولي قتله منهم وكيع بن الدّورقيّة القريعيّ.وقوله:فوق الشاحجات، يعني البغال. والرّسيم: ضرب من السير، وإنما عنى ههنا بغال البريد، لقوله: محذّفة الأذناب جلح المقادم كما قال امرؤ القيس: علـــــــــــــــــــــــــــــى كـــــــــــــــــــــــــــــــل مـــــــــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــــــــــــــــــــصـــــــــــــــــــــــــــــــوص الـــــــــــــــــــــــــــــــذّنـــــــــــــــــــــــــــــــابـــــــــــــــــــــــــــــــى مـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــاودٍ بريد الـــــــــــــــــــــــــــــــسّـــــــــــــــــــــــــــــــرى بـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــلّـــــــــــــــــــــــــــــــيل مـــــــــــــــــــــــــــــــن خـــــــــــــــــــــــــــــــيل بـــــــــــــــــــــــــــــــربــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا وكانت برد ملوك العرب في الجاهلية الخيل. أما قول جرير: الجونين، فقد مضى ذكرهما، ويوم دير الجماجم، يريد الحجّاج في وقعته بدير الجماجم بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكنديّ، وقوله:وبالحنو أصبحتم عبيد اللّهازم ، فاللّهازم بنو قيس بن ثغلبة، وبنو ذهل بن ثعلبة، وبنو تيم اللآت بن ثعلبة، وبنو عجل بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل، وبنو مازن بن صعب بن عليّ، ثم تلهزمت حنيفة لجيم فصارت معهم، وأما علقمة بن زرارة فإنه قتله بنو ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجب أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجبٌ أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال حاجبٌ في ذلك: فإن تقتلوا منّا كريماً فإنّنا أبـــــــــــــــــــــــــــــــأنـــــــــــــــــــــــــــــــا بـــــــــــــــــــــــــــــــه مـــــــــــــــــــــــــــــــأوى الـــــــــــــــــــــــــــــــصّـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــيك أشـــــــــــــــــــــــــــــــيمـــــــــــــــــــــــــــــــا قتـــــــــــــــلـــــــــــــــنـــــــــــــــا بــــــــــــــــــه خـــــــــــــــــــــــــــــــير الـــــــــــــــــــــــــــــــضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعـــــــــــــــــــــــــــــــات كـــــــــــــــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــا ضبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة قـــــــــــــــــــــــــــــــيس لاضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة أضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

وكانت برد ملوك العرب في الجاهلية الخيل. أما قول جرير: الجونين، فقد مضى ذكرهما، ويوم دير الجماجم، يريد الحجّاج في وقعته بدير الجماجم بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكنديّ، وقوله:وبالحنو أصبحتم عبيد اللّهازم ، فاللّهازم بنو قيس بن ثغلبة، وبنو ذهل بن ثعلبة، وبنو تيم اللآت بن ثعلبة، وبنو عجل بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل، وبنو مازن بن صعب بن عليّ، ثم تلهزمت حنيفة لجيم فصارت معهم، وأما علقمة بن زرارة فإنه قتله بنو ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجب أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجبٌ أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال حاجبٌ في ذلك: فإن تقتلوا منّا كريماً فإنّنا أبـــــــــــــــــــــــــــــــأنـــــــــــــــــــــــــــــــا بـــــــــــــــــــــــــــــــه مـــــــــــــــــــــــــــــــأوى الـــــــــــــــــــــــــــــــصّـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــيك أشـــــــــــــــــــــــــــــــيمـــــــــــــــــــــــــــــــا قتـــــــــــــــلـــــــــــــــنـــــــــــــــا بــــــــــــــــــه خـــــــــــــــــــــــــــــــير الـــــــــــــــــــــــــــــــضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعـــــــــــــــــــــــــــــــات كـــــــــــــــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــا ضبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة قـــــــــــــــــــــــــــــــيس لاضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة أضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا وكـــــــان يقـــــــال لأشـــــــيم: مـــــــأوى الـــــــصّـــــــعـــــــالـــــــيك، وضـــــــبـــــــيعة أضـــــــخـــــــم الـــــــذي ذكـــــــر هـــــــو ضـــــــبـــــــيعة ابـــــــن ربـــــــيعة بـــــــن نـــــــزار رهـــــــط الـــــــمـــــــتـــــــلـــــــمّـــــــس. هــــــــــــــذا لـــــــــــــــقـــــــــــــــبـــــــــــــــهـــــــــــــــم.

وأما معبد بن زرارة فإن قيساً أسرته يوم رحرحان، فساروا به إلى الحجاز فأتى لقيطٌ في بعض الأشهر الحرم ليفيه، فطلبوا منه ألف بعير فقال لقيط: إنّ أبانا أمرنا أن لانزيد على المائتين، فتطمع فينا ذؤبان العرب، فقال معبد: يا أخي، افدني بمالي فإني ميتٌ. فأبى لقيطٌ، وأبى معبد أن يأكل أو يشرب، فكانوا يشحون فاه، ويصبّون فيه الطعام والشراب لئلا يهلك فيذهب فداؤه، فلم يزل كذلك حتى مات، فقال جرير يعيّر الفرزدق وقومه بذلك: تركتم بوادي رحرحان نساءكـم ويم الصّفا لاقيتم الشعب أوعرا سمعتم بني مجدٍ دعوا يا ل عامر فكنتم نعاماً عند ذاك منـقّـرا وأسلمت القلحاء في الغل معبداً ولاقى لقيط حتفه فتـقـطّـرا قوله: سمعتم بني مجدٍ دعوا يا ل عامرٍ، يعني مجد بنت النضر بن كنانة ولدت ربيعة بن عامر بن صعصعة، وولده بنو كلاب وبنو كعب بن عامر بن ربيعة. والقلحاء لقب، والقلح ان تركب الأسنان صفرةٌ تضرب إلى السواد، ويقال لها الحبرة لشدة تأثيرها، أنشدني المازني: لســـــــــــــــــــــــــــــــت بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــديّ عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى فـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيه حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرةٌ ولـــــــــــــــــــــــــــــــســـــــــــــــــــــــــــــــت بـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــدي حـــــــــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــــــــــــــــــــيبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر وزعم أبو الحسن الأخفش، أن العرب تقول في هذا المعنى: في أسنانه حبرة، وليس ذلك بمعروف، ولم يأت اسم على فعل إلا إبل وإطل.وقوله:ولاقى لقيط حتفه فتقطّرا، يقال قطّره لجنبيه وقتّره، لغتان، لأن التاء من مخرج الطاء، فإن رمى به على رأسه قيل نكته. رجع التفسير إلى شعر الفرزدق الأول:أما قوله: ومنّا الذي منع الوائدات، فإنه يعني جدّه صعصعة بن ناجية بن عقالٍ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات، ولم يكن هذا في جميعها إنما كان في تميم بن مرّ، ثم استفاض في جيرانهم، فهذا قول واحد. وقال قوم آخرون: بل كان في تيم وقيس وأسدٍ وهذيل وبكر بن وائل، لقول رسول الله ﷺ: " اللّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف". وقال بعض الرواة: اشدد وطدتك، والمعنى قريب يرجع إلى الثّقل، فأجدبوا سبع سنين حتى أكلوا الوبر بالدم، فكانوا يسمونه العلهز، ولهذا أبان الله عز وجل تحريم الدم، ودلّ على ما من أجله قتلوا البنات فقال:" ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ"الإسراء31، وقال:"ولا يقتلن أولادهنّ " الممتحنة:12، فهذا خبيرٌ بيّن ان ذلك للحاجة، وقد روى بعضهم أنهم غنما فعلوا ذلك أنفةً. إغارة النعمان بن المنذر على تميم وذكر أبو عبيده بن المثنّى إن تميماً منعت النعمان الإتاوة، وهي الديان، فوجه إليهم أخاه الريّان بن المنذر، وكانت للنعمان خمس كتائب، إحداها الوضائع وهم قوم من الفرس كان كسرى يضعهم عنده عدّة ومدداً، فيقيمون سنة عند الملك من ملوك لخم، فإذا كان في رأس الحول ردّهم إلى أهليهم وبعث بمثلهم، وكتيبة يقال لها الشّبهاء وهي بيت الملك، وكانوا بيض الوجوه، يسمّون الأشاهب. وكتيبة ثالثة يقال لها الصنائع وهم صنائع الملك أكثرهم من بكر ين وائل. وكتيبة رابعةٌ يقال لها الرهائن وهم قوم كان يأخذهم من كل قبيلة فيكونون رهناً عنده ثم يوضع مكانهم مثلهم. والخامسة دوسر وهي كتيبة ثقيلة تجمع فرساناً وشجعاناً من كل قبيلة، فأعزاهم أخاه، وجلّ من معه بكربن وائل، فاستاق النّعم وسبى الذّراريّ، وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكريّ: لمّا رأوا راية النعمان مـقـبـلةً قالوا ألا ليت أدنى دارنا عـدن يا ليت أمّ تميم لم تكن عـرفـت مرّا وكانت كمن أودى به الزمن إن تقتلونا فـأعـيارٌ مـجـدّعةٌ أو تنعموا فقديماً منكم المـنـن منهم زهير وعتّابٌ ومحتـضـرٌ ابنا لقيط وأودى في الوغى قطن يقول النعمان في جواب هذا: للـه بـــكـــرٌ غـــداة الـــرّوع لـــو بـــهـــم أرمـى ذرا حـضـنٍ زالــت بـــهـــم حـــضـــن إذ أرى أحـداً فـي الـــنّـــاس أشـــبـــهـــهـــم إلاّ فـوارس خـامـــت عـــنـــهـــم الـــيمـــن وهذا هبر طويل، فوفدت إليه بنو تميم فلما رآها أحب البقيا ، فقال: ما كان ضرّ تميماً لو تغمّدها من فـضـلـنـا مـــا عـــلـــيه قـــيس عـــيلان

فأناب القوم وسألوه النساء، فقال النعمان: كل امرأة اختارت أباها ردّت إليه، وغن اختارت صاحبها تركت عليه. فكلّهن اختارت أباها، إلا ابنة لقيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها عمرو بن المشمرج، فنذر قيس ألاّ تولد له ابنةٌ إلا قتلها. فهذا شيء يعتلّ به من وأد، ويقول: فعلناه أنفةً، وقد أكذب ذلك بما أنزل الله تعالى في القرآن. وقال ابن عباس رحمة الله في تأويل هذه الآية: وكانوا لا يورثون، ولا يتخذون إلا من طاعن بالرّمح ومنع الحريم يريد الذّكران. وفود صعصعة بن ناحية على رسول الله وروت الرواة: إن صعصة بن ناجية لما أتى رسول الله ﷺ، قال: يا رسول الله، إني كنت أعمل عملاً في الجاهلية أفينفعني ذلك اليوم? قال: وما عملك? قال: أضللت ناقتين عشرا وين، فركبت جملاً، ومضيت في بغائهما. فرفع لي بيتٌ حريدٌ، فإذا شيخ جالس بفناء الدار، فسألته عن الناقتين، فقال: ما نارهما? قلت: ميسم بني دارم، فقال: هما عندي وقد أحيا الله بهما قوماً من أهلك، من مضر. فجلست معه ليخرجا إليّ، فإذا عجوز قد خرجت من كسر البيت، فقال لها: ما وضعت? فإن كان سقباً شاركنا في أموالنا وإن كانت حائلاً وأدناها. فقالت العجوز: وضعت أنثى! فقلت أتبيعها? قال: وهل تبيع العرب أولادها?، قلت، إنما اشتري منك حياتها، ولا أشتري رقّها، قال: فبكم? قلت: احتكم، قال: بالناقتين والحمل، قال: قلت: ذاك لك، على أن يبلّغني الجمل وإيّاها. قال : ففعل، فآمنت بك يا رسول الله، وقد صارت لي سنّةٌ في العرب، على أن أشتري كل موءودة فقد أنقذها، فقال رسول الله ﷺ:" لا ينفعك ذلك، لأنك لم تبتغ به وجه الله وإن تعمل في إسلامك عملاً صالحاً ثبت عليه ". وكان ابن عباس يقرا:" وإذا الموءودة سألت بأي ذنب قتلت " التكوير:8 -9 . وقال أهل المعرفة في قول الله عزّ وجل :" وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت " إنما تسأل تبكيتاً لمن فعل ذلك بها، كما قال الله تعالى:" يا عيسى ابن مريم ء أنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله " المائدة:116.وقوله:وئدت، إنما هو أثقلت بالتراب، يقال للرجل: اتّئد أي تثبّت. وتثقّل، كما يقال: توفّر، قال قصيرٌ صاحب جذيمة: ما لــــــلـــــــجـــــــمـــــــال مـــــــشـــــــيهـــــــاً وئيداً أجـــــــنـــــــدلآً يحـــــــمـــــــلـــــــن أم حـــــــــــــديدا أم صرفاناً بارداً شديداَ، وقوله: أضللت ناقتين عشرا وين، أضللت، ضلّتا مني، وتحقيقه: صادفتهما ضالتين، كما قال: أو وجد شيخ أضلّ ناقته حين تـــولـــىّ الـــحـــجـــــيج فـــــــانـــــــدفـــــــعـــــــوا والعشراء:الناقة التي قد ا أتى عليها منذ حملت عشرة أشهر، وإنما حمل الناقة سنةٌ.وقوله:ما نارهما? يريد ما وسمهما? كما قال: قد سقيت آبالهم بـالـنّـار والنّار قد تشفي من الأوار أي عرف وسمهم فلم يمنعوا الماء.وقوله: فإذا بيت حريد،يقول: متنحّ عن الناس، وهذا من قولهم: انحرد الجمل، إذا تنحى من الإناث فلم يبرك معها، ويقال في غير هذا الموضع:حرد حردة، أي قصده، قال الراجز: قد جاء سيلٌ جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المـغـلّة وقالوا في قوله عزّ وجل:" وغدوا على حريد قادرين "القلم 25 ،أي: على قصدٍ كما ذكرنا. وقالوا: هو أيضاً على منع ، من قولهم: حاردت الناقة إذا منعت لبنها، وحاردت السّنة إذا منعت مطرها، والبعير الحرد: هو الذي يضرب بيده، وأصله الامتناع من المشي. وأما قوله: .................................... وقـبـرٌ بـكـاظـمة الـمـورد إذا مـا أتـى قـبـره خـــائفٌ أناخ على الـقـبـر بـالأسـعـد فإنه يعني قبر أبيه غالب بن صعصعة بن ناحية، وكان الفرزدق يجير من استجار بقبر أبيه، وكان أبوه جواداً شريفاً. ودخل الفرزدق البصرة في إمرة زياد، فباع إبلاً كثيرة وجعل يصرّ أثمانها، فقال له رجل: إنك لتصرّ أثمانها، ولو كان غالب بن صعصعة ما صرّها. ففتح الفرزدق تلك الصّرر ونثر المال. وبلغ الخبر زياداً فطلبه، فهرب الفرزدق، وله في هربه حديث طويل، واستجارته بسعيد بن العاس بالمدينة، نذكره بعد هذا عن شاء الله. جماعة استجاروا بقبر غالب فممّن استجار بقبر غالب فأجاره الفرزدق امرأة من بني جعفر بن كلاب، خافت لما هجا الفرزدق بني جعفر بن كلاب أن يسمّيها ويسبّها، فعاذت بقبر أبيه، فلم يذكر لها اسماً ولا نسباً، ولكن قال في كلمته التي يهجو فيها بني جعفر بن كلاب: عجوزٌ تصلي الخمس عاذت بغالب فلا والّدي عاذت به لا أضيرهـا ومن ذلك أن الحجاج لما ولّى تميم بن زيد القينيّ السّند، دخل البصرة فجعل يخرج من أهلها من شاء، فجاءت عجوز إلى الفرزدق فقالت: إني استجرت بقبر أبيك، واتت منه بحصياتٍ، فقال لها: وما شأنك! فقالت: إن تميم ابن زيد خرج بابن لي معه ولا قرّة لعيني ولا كاسب لي غيره، فقال لها: وما أسم ابنك? فقالت :خنيسٌ، فكتب إلى تميم بن زيد مع بعض من شخص: تميم بن زيد لا تكوننّ حاجـتـي بظهر فلا يعيا عليّ جوابـهـا وهب لي خنيساًواحتسب فيه منّه لعترة أم ما يسوغ شـرابـهـا أتتني فعاذت يا تميم بـغـالـب وبالحفرة السّافي عليها ترابهـا وقد علم الأقوام انّـك مـاجـدٌ وليثٌ إذا ما الحرب شبّ شهابها فلما ورد الكتاب على تميم، تشكّك في الاسم فقال: أحبيش? أم خنيسٌ? ثم قال: انظروا من له مثل هذا الاسم في عسكرنا? فأصيب ستة ما بين حبيش و خنيس فوجّه بهم إليه. ونهم مكاتب لبنى منقر، ظلع بمكاتبته، فأتى قبر غالب فاستجار به، وأخذ منه حصيات فشدّهنّ في عمامته، ثم أتى الفرزدق فاخبره، وقال :إني قد قلت شعراً، فقال: هاته، فقال: بقبر ابن ليلى غالب عذت بعدمـا خشيت الرّدى أو ان اردّ على قسر بقبر امرئ تقري المئين عظـامـه ولم يك غلاّ غالبـاً مـيّتٌ يقـري فقال لي استقدم أمـامـك إنّـمـا فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر فقال له الفرزدق: ما اسمك? قال: لهذم، قال: يالهذم، حكمك مسمّطاً، قال: ناقة كوماء سوداء الحدقة، قال: يا جارية، اطرحي إلينا حبلاً، ثم قال: يا لهذام اخرج بنا إلى المريد، فألقه في عنق ما شئت. فتخير العبد على عينه، ثم رمى الحبل في عنق ناقةٍ وجاء صاحبها، فقال له الفرزدق: اغد عليّ في ثمنها، فجعل لهذا يقودها والفرزدق يسوقها حتى إذا نفذ بها من بيوت إلى الصحراء، صاح به الفرزدق: يا لهذام، قبح الله أخسرنا???! قوله: تقري المئين عظامه، يريد أنهم كانوا ينحرون الإبل عند قبور عظامهم، فيطعمون الناس في الحياة وبعد الممات، وهذا معروف في أشعارهم.وقوله:ولم يك إلا غالباً ميتٌ يقري، فإنه نصب غالباً لأنه استثناء مقدم، وإنما انتصب الاستثناء المقدم لما أذكره لك، إن حق الاستثناء إذا كان الفعل مشغولاً به أن يكون جارياً عليه، لا يكون فيه إلا هذا، تقول : ما جاءني إلا عبد الله، وما مررت إلا بعبد الله. فإن كان الفعل مشغولاً بغيره فكان موجباُ، لم يكن في المستثنى إلا النصب، نحو جاءني إخوتك غلا زيداً، كما قال تعالى:" فشربوا منه إلا قليلاً منهم " البقرة: 249، ونصب هذا على معنى الفعل، وإلا دليلٌ على ذلك. فإذا قلت: جاءني القوم، لم يؤمن أن يقع عند السامع أن زيداً أحدهم، فإذا قال:إلا زيداً، فالمعنى لا أعني فيهم زيداً، وأو أستثني ممن ذكرت زيداً.

ولسيبويه فيه تمثيل ، والذي ذكرت أبين منه، وهو مترجم عما قال، غير مناقض له . وإن كان الأول منفياً جاز البدل والنصب، والبدل أحسن، لأن الفعل الظاهر أولى بأن يعمل من المختزل الموجود بدليل، وذلك قولك: ما أتاني أحدٌ إلا زيدٌ، وما مررت بأحدٍ إلا زيدٍ، والفصل بين المنفي والموجب، أن المبدل من الشيء يفرّغ له الفعل، فأنت في المنفي إذا قلت: ما جاءني إلا زيدٌ، لأنه بدل من أحد، و الموجب لا يكون فيه البدل، لأنك إذا قلت : جاءني إخوتك إلا زيداً، لم يجز حذف الأول، لا نقول: جاءني إلا زيد، وإن شئت إن تقول في النفي: ما جاءني أحد إلا زيد جاز، ونصبه بالاستثناء الذي شرحت لك في الواجب. والقراءة الجيدة " ما فعلوه إلا قليلٌ منهم " النساء:66، وقد قرئ "إلا قليلاً منهم " البقرة:429، على ما شرحت لك في الواجب، والقراءة الأولى.فإذا قدّمت المستثنى بطل البدل، لأنه ليس قبله شيء يبدل منه، فلم يكن فيه إلا وجه الاستثناء، فتقول: ما جاءني إلا أباك أحدٌ، وما مررت إلا أباك بأحدٍ. وكذلك تنشد هذه الأشعار، قال كعب بن مالك الأنصاري لرسول الله ﷺ: الناس ألبٌ علينا فيك ليس لـنـا إلا السّيوف وأطراف القنا وزر وقال الكميت بن زيد: فمالي إلا آل أحـمـد شـيعةٌ ومالي إلا مشعب الحق مشعب لا يكون إلا هذا، وليونس قول مرغوب عنه، فلذلك لم نذكره. وقوله: فقال لي استقدم أمامك، مخبرٌ عن الميّت بالقول، فإن العرب وأهل الحكمة من العجم تجعل كلّ دليل قولاً، فمن ذلك قول زهير:أمن أم أوفى دمنةٌ لم تكلّم، وإنما كلامها عنده ان تبين بما يرى من الآثار فيها، من قدم أهلها وحدثان عهدهم. ويروى عن بعض الحكماء أنه قال: هلاّ وقفت على المعاهد والجنان، فقلت: أيها الجنان، من شقّ أنهارك، وغرس أشجارك ، وجنى ثمارك? فإنها إن لم تجبك حوراً أجابتك اعتباراً! وأهل النظر يقولون في قول الله عزّ وجل:" قالتا أتينا طائعين "فصلت:11، لم يكن كلامٌ، غنما فعل عزّ وجل ما أراد فوجد، قال الراجز: قد خنق الحوض وقال قطني سلا رويداً قد ملأت بطني ولم يكن كلامٌ، إنما وجد ذلك فيه. وكذلك قوله: فقال لي استقدم أمـامـك إنـمـا فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر أي: قد جرّب مثل هذا منك في المستجير بقبره.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق